سائل يسأل ويقول:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد

أنا فلسطيني الجنسية مقيم في السويد، تزوجت من زوجتي قبل 8 أعوام وهي فلسطينية الجنسية مقيمة في مدبنة عمان بالاردن الشقيق. تم الزواج في الاردن زواج شرعي وبعد ذلك قمت بتسجيل الزواج في السويد لاجل اتمام معاملة لم الشمل.

قبل حوالي العامين تطورات المشاكل الزوجية الى المحاكم السويدية وبعد مدة تم طلاق في المحاكم السويدية مع العلم ان في تلك الفترة كنت أنا وزوجتي نحاول اصلاح الامر بيننا ولم تكن لدي اي نية بالطلاق على اعتبار تمسكي باصلاح ذات البين لسلامة اسرتنا خصوصا وان لدينا 3 بنات صغار العمر. وبناءا على تجاوب زوجتي كان واضح عدم نيتها هي الاخرى بتفكك الاسرة ورغبتها باصلاح ذات البين وبعد اتفاقنا على ضرورة حل الخلافات والحفاظ على الاسرة ولمدة طويلة كنا نتعاشر معاشرة الازواج بعد صدور الطلاق المدني، كلانا نظرنا للوضع القانوني لحالتنا بالسويد على انه شيء ثانوي يمكن تعديله لاحقا لكن الاهم هو اذابة الخلافات حتى نصلح الامور بيننا بشكل نهائي.

بعد مدة وبدون مقدمات اخبرتني زوجتي اننا بحكم المطلقين لان الطلاق المدني المقرر من المحكمة يوقع الطلاق الشرعي بيننا، وكانت قد بنت كلامها على فتوى من شيخ من مشايخ السويد. شرحت لها ان الزواج والطلاق لهم احكام خاصة وان الطلاق المدني من المحكمة السويدية لايوقع الطلاق الشرعي وحتى يتم لابد من قاض مسلم وفي حالة السويد عند تعذر وجوده يتم الطلاق عند شيخ مخول من الرابطة الاسلامية. و شرحت لها عدم صحة مانقل اليها وحاولت شرح الاسباب منها ان زواجنا تم من البداية زواج شرعي ولم يتم من الاساس كزواج مدني بمحكمة سويدية، واضفت انه باعترافها خلال النقاش ان الزواج لابد ان يتم بطريقة شرعية لوجود احكام خاصة تتعلق به ولا يكفي الزواج المدني بالمحاكم السويدية اذا فالامر سيان بالنسبة للطلاق. واجازة الطلاق المدني كموقع للطلاق الشرعي وفي نفس الوقت عدم اجازة الزواج المدني كبديل للزواج الشرعي هو تناقض واضح.

واضفت لها نقطة مهمة بعد استقصاء مدة يومين وتتعلق بالفتوى  الصادرة عن مشايخ السويد وهي ان بعد اكتشاف حالات كثيرة بين العائلات المهاجرة في البلدان الاوروبية يقوم فيها الزوجان بالتحايل على الدولة من خلال الطلاق بالمحاكم حتى يحصلوا على مساعدات حكومية، وهو مايعتبر غش وخداع مرفوض شرعا وقانونا نتيجة لذلك تم اصدار هذه الفتوى بعد الضغط من قبل الحكومة  للحد من حالات الخداع والغش الحاصلة من بعض الازواج.

وجدير بالذكر ان الطلاق الصادر من المحكمة السويدية في حالتنا لم يكن بغرض تحايل او لمنفعة فانا والحمد لله ادير شركة خاصة بي ولم احصل على اي مساعدة مالية من الدولة خلال فترة زواجنا كاملة.

حالة زواجي مثال صارخ على التهديد بالضياع لاسرة كاملة واطفال نتيجة هذه الفتاوى الصادرة هنا  لذلك انا بامس الحاجة للحصول على جواب واضح مما لا شك فيه عن الحكم الشرعي بما يخص الوضع الشرعي بيني وبين زوجتي. فمصير اسرة متوقف على جوابكم وقد اتفقت مع زوجتي على ان ائتيها بالجواب الشرعي قريبا.

لكم جزيل الشكر والسلام عليكم ورحمة الله  

الجواب:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الرحمة ورسول الهدى محمد بن عبد الله ورسوله. وبعد

أولا:

قضايا الطلاق المختلف فيها بين الزوجين لا يفصل فيها إلا عن طريق القضاء إذا تعذر الإصلاح ، وأما الفتوى فليس هذا موضوعها.

ثانيا:

قضيتكم هذه تعتريها عدة ملابسات تحتاج إلى فك رموزها :

1- كيف للمحكمة أن توقع طلاقا دون طلبكما ؟ حيث ذكرت أنكما كنتما على وشك التصالح فصدر الحكم، وهذا القول لا يتفق مع قولك :(( وجدير بالذكر ان الطلاق الصادر من المحكمة السويدية في حالتنا لم يكن بغرض تحايل او لمنفعة فانا والحمد لله ادير شركة خاصة بي…))

فظاهر هذا الكلام أن طلب الطلاق كان من جهتكما أو أحدكما، لا للتحايل بل لرغبة جادة في الانفصال .

2- إذا كان الطلاق صدر بناء على طلب الطرفين أو أحدهما وصدرت وثيقة الطلاق فهل وقعتما على الوثيقة جريا على عادة بعض المحاكم ؟

3- إن كان القضاء المدني – وهو الموجود وقد لجأتما إليه معا أو أحدكما – فكيف أبحتما لأنفسكما الاستمرار على المعاشرة ؟

4- رجوع المرأءة إلى شيخ من شيوخ السويد للاستفتاء يزيد الأمر تعقيدا حيث إن علماء كل بلد هم الأولى بالفتيا في مسائلها.. مع أن مسائل الطلاق يبت فيها بالقضاء والتصالح.

ثالثا:

إن لجنة الفتوى والإرشاد في اتحاد علماء إفريقيا متخصصة بالدرجة الأولى في قضايا القارة الإفريقية لكننا مع ذلك لا نرى مانعا من توجيه النصح والإرشاد لإخواننا المسلمين في كل مكان إن هم طلبوا ذلك ، فنقول وبالله التوفيق :

1- إذا كان طلاق المحكمة صدرت بناء على طلب مقدم ثم جرى بينكما معاشرة زوجية في العدة وكان الطلاق هو الأول أو الثاني بينكما فإن تلك المعاشرة تقوم مقام الرجعة الشرعية ..

2- إذا لم يكن الأمر كذلك وكان الشيخ الذي أفتى بنقض الزوجية مفتيا على جهة الاجتهاد الفردي فننصحكما بالرجوع إلى جهة إسلامية محلية منظمة فيها اجتهاد جماعي لعرض القضية عليها، والتراضي بما يصدر منها من حكم.

3- هذا المكتوب من جهتنا ليس فتوى ولا حكما بل هو توجيه وإرشاد يمكن الاستنارة به لاتخاذ ما تريانه مناسبا لحالكما وفق قواعد الشرع وضوابطه.

والله أعلم والرد إليه أسلم 

                                                                            رئيس لجنة الفتوى والإرشاد في اتحاد علماء إفريقيا

                     الدكتور محمد أحمد لوح               

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *