يقول السائل :

غاب عنها زوجها لمدة ستة أشهر وزيادة و لا تعرف أين سافر، ولايتصل بها الزوج، ولايعطيها نفقاتها، و هي لا تستطيع التحمل أكثر من هذا، فما هو رأي الشرع في هذا ؟

جواب الشيخ -حفظه الله- :

اختلف الفقهاء اختلافا كبيراً في المدة التي تلزم المرأة انتظارها عند فقد زوجها وانقطاع أخباره، من مائة وعشرين سنة كما في قول الأحناف إلى أربع سنوات في قول المالكية ورواية عن الشافعية،، حيث نظر الأحناف إلى المدة التي لا تتجاوزها حياة الإنسان عادة.. بينما نظر الآخرون إلى أطول مدة الحمل، فإذا بقيت أربع سنوات تأكد أنها ليست حاملا.
ثانيا: اجتهادات العلماء في هذا الباب مما يتغير مع الزمان، فاستطلاع الأخبار أربع سنوات كثير جدا مع وسائل الاتصال الحديثة، كما أن التأكد من حملها لا يحتاج إلى انتظار تلك المدة، مع توفر الوسائل الطبية الكاشفة عن الحمل.
ثالثا: يجب أن يعلم أن هذه المسألة من مسائل القضاء، ولا يبت فيها بالفتوى، فإذا وجد قضاء شرعي قائم وجب الرجوع إليه ، وإلا وجب الرجوع إلى جماعة المسلمين.
رابعا: إذا كانت الزوجة المذكورة قد تضررت بغياب زوجها، لعدم النفقة أو المعاشرة، فلها رفع أمرها إلى جماعة المسلمين أو مركز إسلامي في بلد إقامتها، لأن جماعة المسلمين تقوم مقام القاضي إن عدم حقيقة أو حكما ، قال الدسوقي المالكي في حاشيته: ” من جملة أمر الغائب: فسخ نكاحه لعدم النفقة، أو لتضرر الزوجة بخلو الفراش، فلا يفسخ نكاحه إلا القاضي ما لم يتعذر الوصول إليه ـ حقيقة أو حكما ـ … وإلا قام مقامه جماعة المسلمين، كما ذكر ذلك شيخنا العدوى.”
لكن لا يحكم بالطلاق إلا بعد البحث عن الزوج بواسطة وسائل البحث المتاحة والمناسبة ، فإن استوفي البحث ولم يأت بدون عذر شرعي مع طلب الزوجة حكم عليه بالطلاق.. ثم تعتد عدة الوفاة، ثم تتزوج إن أرادت. .
وبهذا يتبين لك أن الحكم مناط بطلب المرأة دون التعويل على مدة أصلا ، فمتى نفذ صبرها لتضررها بسبب غياب زوجها جاز لها رفع القضية إلى القضاء.
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *