
يسعدنا أن تزف إلى القرّاء والمهتمين بالشأن العلمي والفكري والاجتماعي خبر صدور صدور العدد الثاني ربيع الأول 1447هـ / سبتمبر 2025م ل “مجلة علماء إفريقيا”، المجلة العلمية النصف سنوية لاتحاد علماء إفريقيا.
(النسخة الإلكترونية)
👈🏻👈🏻👈🏻 مجلة علماء إفريقيا العدد الثاني ربيع الأول 1447هـ سبتمبر 2025م

مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم | عنوان الخطبة | معد الخطبة | التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
238 | رمضان صالح العجرمي حفظه الله | 27 /03/1447هـ الموافق 19/09/2025م | الأمانة العامة |
الموضوع: “ الإيمان بالقدر ”
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ آل عمران 102..
أمّا بعد:
فإنَّ خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهَدْي هَدْي محمد ﷺ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، و﴿ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ الأنعام: 134.
أيها المسلمون: يقول الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]، ويقول سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وقال سبحانه مبينًا علمه بكل ما سيقع، وأن كل شيء من القدر مكتوب عنده: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج: 70]، ويقول النبي ﷺ: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيرِه وشرِّه)، فهذه أركان الإيمان الستة: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيرِه وشرِّه.
أيها المسلمون عباد الله، في السنن من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال لابن له: ((يا بني، إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، يا بني، إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، يا بني، إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: من مات على غير هذا، فليس مني)).
- وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة))
- ففي هذه الأحاديث يؤصل النبي صلى الله عليه وسلم أصلًا عظيمًا من أصول عقيدة المؤمن، وركنًا من أركان الإيمان؛ وهو الإيمان بالقضاء والقدر؛ خيره وشره.
- فما هو الإيمان بالقضاء والقدر؟ وما هي حقيقته وأدلته من الكتاب والسنة؟ وما هي مراتبه؟ وما هي الثمرات المرجوة من تحقيق الإيمان به؟ هذا ما نتعرف عليه بإذن الله تعالى من خلال هذه الوقفات.
أولًا: معنى الإيمان بالقدر وحقيقته:
- هو أن تؤمن أن الله تعالى قدَّر مقادير الخلائق، وما يكون من الأشياء والحوادث قبل أن تكون؛ فقد علم الله تعالى بها قبل أن تكون، وكتبها عنده فهي كائنة لا محالة.
ثانيًا: الأدلة من الكتاب والسنة:
- فإن الأدلة على ذلك من القرآن الكريم كثيرة؛ منها: قول الله تعالى: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ الأحزاب: 38 ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ القمر: 49. ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ الحجر: 21، ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ الفرقان: 2. ﴿ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ﴾ الأنفال: 42.
- وأما الأدلة من السنة؛ فإن الإيمان بالقدر ورد في أعظم حديث في الإسلام، وهو حديث جبريل الطويل الذي ذكر فيه أركان الإيمان الستة: ((وتؤمن بالقدر؛ خيره وشره))، وكان ذلك في آخر حياة النبي ﷺ والذي قال فيه: ((فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم))؛ فمعرفته من الدين وهو واجب على سبيل الإجمال.
- ولا يستقيم إيمان العبد حتى يؤمن بالقدر؛ فقد رُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أنه سُئل عن أناس ينكرون القدر؟ فقال: والذي نفس ابن عمر بيده، لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبًا، ثم أنفقه في سبيل الله ما قبِله الله منه حتى يؤمن بالقدر))؛ ثم ذكر حديث جبريل.
ثالثًا: مراتب الإيمان بالقضاء والقدر؛ وهي أربع مراتب:
1- مرتبة العلم: وهي الإيمان بعلم الله المحيط بكل شيء الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وأن الله قد علم جميع أحوال خلقه، قبل أن يخلقهم، وعلم ما هم عاملون بعلمه القديم؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ الأنعام: 59، وقال تعالى: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ يونس: 61، وقال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ هود: 6.
- بل إن الله تعالى علِم ما كان، وما هو كائن، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف سيكون من الممكنات المستحيلات.
- أما علمه لما كان؛ فقد أخبرنا سبحانه وتعالى عن أدق تفاصيل الأمم السابقة وأحوالها.
- وأما علمه لما هو كائن؛ فإنه سبحانه وتعالى مطلع على خلقه لا تخفى عليه خافية.
- وأما علمه لما سيكون؛ فقد أخبرنا سبحانه وتعالى عن أدق تفاصيل الدار الآخرة.
- وأما علمه لما لم يكن لو كان كيف سيكون، سواء من الممكنات أو المستحيلات؛ فمن الممكنات لقول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ الأنفال: 23]، وقوله تعالى: ﴿ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا ﴾ التوبة: 47]، ومن المستحيلات؛ قال الله تعالى عن أهل النار: ﴿ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ الأنعام: 28.
2– مرتبة الكتابة: وهي الإيمان بأن الله تعالى كتب مقادير جميع الخلائق في اللوح المحفوظ؛ فقد كتب الآجال والأعمار، والأرزاق والسعادة، والشقاء والفرح والحزن؛ كما قال الله تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ الحديد: 22، وقال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ الحج: 70.
- فقد كتب ذلك قبل خلق السماوات والأرض؛ كما قال النبي ﷺ: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن تخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة))؛ رواه مسلم
- وتأمل معي هذا الحديث العظيم الذي ينبغي أن يحفظه كل مؤمن: ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل المَلَك، فينفخ فيه الروح، ويُؤمر بأربع كلمات؛ بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد)).
3– مرتبة الإرادة والمشيئة: وهي الإيمان بأن كل ما يجري في هذا الكون هو بمشيئة الله سبحانه وتعالى النافذة؛ فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يخرج عن إرادته شيء سبحانه وتعالى؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ الأنعام: 17 ، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ الكهف: 23، 24 .
- وهنا توضيح: وهو أن للعبد مشيئة وإرادة تتحقق بها أفعاله؛ كما قال تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ﴾التكوير: وقال تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ البقرة: 286؛ وهذه المشيئة والقدرة والإرادة غير خارجة عن قدرة الله تعالى ومشيئته؛ فهو الذي منح العبد ذلك، وجعله قادرًا على التمييز والاختيار؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ التكوير: 29.
4- مرتبة الخلق: وهي الإيمان بأن الله تعالى خالق كل شيء، ومن ذلك أفعال العباد وإرادتهم وقدرتهم ومشيئتهم؛ فلا يقع في هذا الكون شيء إلا وهو خالقه؛ كما قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ الزمر: 62، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ الصافات: 96 فإن أفعال العباد تنسب إليهم على جهة الفعل والكسب، والله تعالى خالقهم وخالق أفعالهم على جهة الخلق.
نسأل الله العظيم أن يملأ قلوبنا إيمانًا وزيادة يقين.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين
ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر:
1- راحة النفس والقلب والطمأنينة، وعدم الحزن على ما مضى وما فات؛ فلا يقلق ولا يحزن المؤمن، بفوات محبوب، ولا حصول مكروه؛ لأنه يعلم أن الله تعالى هو المقدَّر للأشياء والحوادث قبل وقوعها، وقد كتبها سبحانه وتعالى قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وقد علمها وقدرها وأنه لا راد لقضائه.
- فإذا تقرر ذلك، فإنه يحصل للعبد الطمأنينة وراحة البال؛ واسمع لهذه الآية الكريمة التي تبعث في النفوس الطمأنينة، وتزرع في القلوب هذه المعاني الطيبة؛ قال الله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ﴾ الحديد: 22- 23، وقال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ التغابن: 11. قال علقمة رحمه الله: “هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويُسلِّم“.
- فالمؤمن بالقضاء والقدر إذا حلت به مصيبة أو بلاء، لا يحصل منه سخط ولا جزع، فلا يصدر منه إلا ما يرضى ربه ومولاه سبحانه وتعالى؛ كما قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ البقرة: 156.
- ولذلك كان التوجيه النبوي والإرشاد عند حلول أقدار الله تعالى المؤلمة: ((احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كذا، لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل))؛ يا لها من عقيدة وإيمان نحتاج أن نعلمها لنسائنا وأولادنا: (قدَّر الله وما شاء فعل)
- ولذلك كان رسول الله ﷺ يربي صغار الصحابة قبل كبارهم رضي الله عنهم؛ بل ويربي الأمة كلها على مثل هذه المعاني: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف))؛ رواه الترمذي.
- لأن الإنسان علمه قاصر لا يعلم أين الخير من الشر، فقد يحصل له مكروه، وفي باطنه رحمة له، وقد يحصل له ما يحبه ويهواه، لكن في باطنه نقمة وعذاب، واسمع بقلبك وعقلك هذه الآيات الكريمة؛ قال الله تعالى: ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ النساء: 19
2– ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر: القناعةُ والرضا بأقدار الله تعالى، مع الأخذ بالأسباب المشروعة؛ ففي الحديث الصحيح: ((وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس))، ويقول عمر رضي الله عنهما: “لا أبالي إن أصبحت فيما أحب أو على ما أكره؛ لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره”، ولما مات ولد للفضيل بن عياض رحمه الله ضحك، فقيل له: أتضحك وقد مات ولدك؟ فقال: ألا أرضى بما رضيه الله تعالى لي.
3- ومنها: تطهير القلب من أمراض الحسد والحقد، والغل والضغينة؛ لأنها أمراض قلبية ذميمة، صاحبها ينازع القدر، ويعترض على أقدار الله تعالى؛ فإن الله تعالى قدَّر أن يكون هذا غنيًّا، وهذا فقيرًا؛ لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ﴾ الزخرف: 32.
4- ومنها: الصبر على أقدار الله تعالى المؤلمة، والشكر على النعم والسراء، ومن ثَمَّ فلن يعدم الخير؛ ففي الحديث الصحيح: ((عجبًا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له))؛ رواه مسلم.
- وهذا سر عظيم من أسرار القوة والثبات على الشدائد؛ وهو سر انتصار أهل الإيمان عندما استقرت هذه المعاني في قلوبهم: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ التوبة: 51.
- ونختم بقصة هذه المرأة السوداء التي تربت على عقيدة القضاء والقدر؛ ففي صحيح مسلم عن عطاء بن أبي رباح، قال لي ابن عباس: ((ألا أريك امرأةً من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء؛ أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصُرَع، وإني أتكشَّف، فادعُ الله لي، قال: إن شئتِ صبرتِ، ولكِ الجنة، وإن شئتِ دعوت الله أن يعافيكِ، فقالت: بل أصبر، وقالت: إني أتكشف، فادع الله لي ألا أتكشف، فدعا لها))
نسأل الله العظيم أن يقوِّي إيماننا، وأن يجعلنا ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتُلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.
فلنحقق أيها المسلمون الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ولنحذر أن نكون من المنافقين أو الغافلين، ولنعمل الأعمال الصالحة التي تصدق الإيمان، ولنتواصى بالحق، وهو الإيمان والعمل الصالح، نتواصى بالقرآن والسنة، ولنتواصى بالصبر على طاعة الله، والصبر عن المعاصي، والصبر على الأقدار المؤلمة، ونعلم أنها بقضاء الله وقدره، وبذلك نكون من الفائزين بالجنة.
اللهم حبِّبْ إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكَرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، اللهم أتْمِم لنا نورنا، واغفر لنا وارحمنا، اللهم إنا نسألك الرضا بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زيِّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداةً مهتدين، اللهم إنا نسألك الجنة وما قَرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قَرَّب إليها من قول أو عمل، اللهم اجعلنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.
اللهم وصل وسلم على نبينا محمد وأهل بيته وأزواجه وذريته.

الأمين العام وبعض الأعضاء يشاكون في الاجتماع العمومي لتجمّع أهل السنة والجماعة في مالي
في يوم السبت 13 سبتمبر 2025م شارك الأمين العام لاتحاد علماء إفريقيا وبعض الأعضاء في الاجتماع العمومي لتجمّع أهل السنة والجماعة في مالي، وذلك في المقرّ الرئيسي بموسى بوغو – بماكو المزيد…

الأمين العام وبعض الأعضاء يشاكون في الاجتماع العمومي لتجمّع أهل السنة والجماعة في مالي
في يوم السبت 13 سبتمبر 2025م شارك الأمين العام لاتحاد علماء إفريقيا وبعض الأعضاء في الاجتماع العمومي لتجمّع أهل السنة والجماعة في مالي، وذلك في المقرّ الرئيسي بموسى بوغو – بماكو
فبعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم وكلمة شكر وترحيبية من اللجنة القيادية.
دار الحديث حول عرض التقارير عن الجولات التي أُجريت في الأقاليم والدوائر،
وكانت نتائجها كما يلي:
• حثّ الناس على الالتزام بالدستور والخطة الخمسية.
• الدعوة إلى كل ما من شأنه توحيد الصف السني.
• التأكيد على الاستعداد لدعم التجمّع ماديًا ومعنويًا، لا سيما من خلال شراء بطاقات العضوية الجديدة.
• الدعاء للإمام الشيخ محمود ديكو – حفظه الله – ولجميع الأئمة بأن يفرّج الله عنهم.
وكذلك كلمة إرشادية وتوجيهية حول أهمية النفقة،
• الاعتصام بين أهل السنة والجماعة، وتعزيز الثقة والكرامة فيما بينهم.
• دعم التجمّع قدر المستطاع في جميع مجالات العمل.
• التنسيق بين الأثرياء أنفسهم لدعم التجمّع، وإنشاء أوقاف خاصة لذلك.
واختتم الاجتماع بالدعاء
وإليكم بعض اللقطات من الاجتماع مع خالص الشكر والتقدير وتحيات مكتب الأمانة العامة قسم الإعلام والمعلوماتية

تهنئة خاصة في إعادة انتخاب معالي الشيخ إبراهيم توفا رئيسا لمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا.
في تطور ملحوظ ومتقدم لأوضاع المسلمين في إثيوبيا تم إنتخاب اللجنة التنفيذية للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا، وتجددت الثقة في فضيلة الدكتور الشيخ الحاج إبراهيم توفا حيث تم انتخابه رئيسًا للمجلس الأعلى مرة المزيد…

تهنئة خاصة في إعادة انتخاب معالي الشيخ إبراهيم توفا رئيسا لمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا.
في تطور ملحوظ ومتقدم لأوضاع المسلمين في إثيوبيا تم إنتخاب اللجنة التنفيذية للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا، وتجددت الثقة في فضيلة الدكتور الشيخ الحاج إبراهيم توفا حيث تم انتخابه رئيسًا للمجلس الأعلى مرة أخرى، مع انتخاب القيادات العليا والأعضاء التنفيذيين الذين سيديرون المجلس الأعلى لمدة 5 سنوات، وذلك في يوم السبت 6/9/2025 م و يتكون من 195 عضوًا يمثلون جميع القطاعات والمناطق.
ومعالي الشيخ إبراهيم توفا عضو في اتحاد علماء إفريقيا.
وبهذه المناسبة السعيدة يتقدم اتحاد علماء إفريقيا باسم رئيسه و جميع أعضائه بالتهنئة لمعالي الشيخ الدكتور الحاج إبراهيم توفا وأعضاء القياة العليا للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا كافة .
سائلين المولى عز وجل أن يوفقهم في أداء المهام المنوطة بهم في القيام بأمور المسلمين في هذا البلد الذي يحتضن مقر الاتحاد الإفريقي.
مع خالص الشكر والتقدير وتحيات مكتب الأمانة العامة .

مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم | عنوان الخطبة | معد الخطبة | التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
237 | مكتب الأمانة العامة/ قسم المشاريع | 19 /03/1447هـ الموافق 12/09/2025م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” أركان الإيمان ”
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ آل عمران 102.
﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾ أي: واتقوا الأرحامَ أن تقطعوها ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ النساء 1.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. مَن يطعِ اللهَ باتِّباعِ كتابِه، ويطعِ الرسولَ باتِّباع سُنَّتِه، فقد فاز فوزًا عظيمًا.
أمّا بعد:
فإنَّ خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهَدْي هَدْي محمد ﷺ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، و﴿ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ الأنعام: 134.
أيها المسلمون: يقول الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]، ويقول سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وقال سبحانه مبينًا علمه بكل ما سيقع، وأن كل شيء من القدر مكتوب عنده: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج: 70]، ويقول النبي ﷺ: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيرِه وشرِّه)، فهذه أركان الإيمان الستة: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيرِه وشرِّه.
إخوة الإسلام: الإيمان اعتقادٌ وقولٌ وعمل، اعتقادٌ بالقلب، وقولٌ باللسان، وعملٌ بالجوارح، يزيدُ بالطاعات، وينقصُ بالمعاصي، فليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب وصدَّقَتْه الأعمال الصالحة، فمن آمن وعمل صالحًا في سرِّه وعلانيته فهو المهتدي الصادق، ومن أظهر الإيمان وأبطن الكفر والمعاصي فهو المنافق، ولا يدخل الجنة إلا من كان مؤمنًا يعمل الأعمال الصالحة في سرِّه وعلانيته، قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأنعام: 48]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴾ [الطلاق: 11]، وقال تبارك وتعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ .المائدة: 5.
أيها المصلّون: الإيمان بالله أن نؤمن بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، فنؤمن بأن الله هو الربُّ الخالق المالك المدبِّر لجميع ما في الكون، وأنه وحده الإله الحق المستحق للعبادة دون ما سواه، وكل معبود غيره فعبادتُه باطلة، قال الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62]، ونؤمن بأسماء الله الحسنى وصفاتِه الكاملة العليا، قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [طه: 8]، وقال سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، فالله واحد أحد، لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ الشورى: 11، ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 – 4]، الصمد الكامل في صفاته، المقصود في حاجات عباده، فالله هو الواحد الذي لا مثيل له، ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]، هو الخالق وما سواه عبدٌ مخلوق، ﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾ الشعراء: 213، ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ الجن: 18.
أيها المسلمون: والإيمان بالملائكة أن نؤمن بأن الله خلقهم من نورٍ لعبادته وتنفيذ أوامره، وأنهم: ﴿ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ الأنبياء: 26، 27، ﴿لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء: 19، 20]، وقد وكَّلهم الله بأعمال يقومون بها بأمره ومشيئته، كما قال تعالى: ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ﴾ [النازعات: 3 – 5]، فمنهم جبريل، وكَّله الله بالوحي ينزله من عند الله على من يشاء من أنبيائه، ومنهم ميكائيل، وكَّله بالمطر والنبات، ومنهم ملَكُ الجبال الموكَّل بها، ومنهم ملائكة موكَّلون بالأجِنَّة في أرحام الأمهات، ومنهم الملائكة الموكَّلون بكتابة الأعمال، كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 – 12]، ومنهم ملَكُ الموت، وكَّله الله بقبض الأرواح، وله أعوانٌ من الملائكة، ومنهم الملائكة الموكَّلون بالإنسان في قبره، ومنهم مالِكٌ خازنُ النار، وله أعوانٌ يتولَّون عذابَ أهلِ النار، وهم الزبانية، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ المدثر: 31.
أيها المسلمون: والإيمان بجميع الرُسُل واجبٌ، فنؤمن بكل رسول أرسله الله، قال الله تعالى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 136، 137]، فاليهود والنصارى آمنوا ببعض الرُّسُل وكفروا ببعض، وهذا كفرٌ مبين، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 150 – 152]، فيجب أن نؤمن أن الله تعالى بعث رُسُله لهداية الناس، وأقام بهم الحُجَّة، ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15]، وهم أكملُ الناس عقلًا، وأعظم إيمانًا، وأكثرهم صلاحًا، مؤتمنون صادقون، وهم بشرٌ كانوا يعبدون الله، ويدعون الناس إلى عبادة الله، ولم يدَّعُوا لأنفسهم شيئًا من الألوهيَّة، ولا يدَّعون علم الغيب، ولا التصرُّف في الكون، وخاتمُهُم محمدٌ سيدُ الأنبياء والمرسلين لا نبيَّ بعده، ويجب على جميع الناس الإيمانُ به واتِّباعُه، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، بعثه الله للإنس والجن، والعرب والعَجَم، ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ الأعراف: 158.
ونؤمن بأن دين الإسلام الذي أرسل الله به رسولَه محمدًا ﷺ هو الدين الذي ارتضاه لعباده، ولا يقبل الله من أحدٍ دينًا سواه، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ آل عمران: 85.
عباد الله: والإيمان باليوم الآخر هو الإيمان بيوم القيامة الذي يبعث الله فيه عباده أحياء للحساب والجزاء، فنؤمن بقدرة الله على بعث عباده بعد أن صاروا ترابًا وعِظامًا، فهو على كل شيء قدير، فيقوم الناس من قبورهم لربِّ العالمين، ﴿ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ الأنبياء: 104، ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [النحل: 40]، فيجمع الله الأوَّلين والآخرين في أرض المحشر، ﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 47، 48]، فيحاسب الله الخلائق يوم القيامة، ويُعطى كلُّ إنسان صحيفة أعماله بيمينه أو بشماله وراء ظهره، ﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ الإسراء: 13، 14.
وتُوزنُ أعمال العباد، ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ الأعراف: 8، 9، ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ الزلزلة: 1 – 8.
ونؤمن بكل ما جاء في القرآن والسُّنَّة من أخبار ذلك اليومِ وأهوالِه، وأشدُّ ذلك المرورُ على الصراط المنصوب على جهنم، قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾ [القمر: 6 – 8]، فيُدعى الناسُ إلى المرور على الصراط، وهو كما قال النبي ﷺ: (مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ، المُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ، وَكَأَجَاوِيدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا)، ويُعطى كلُّ مؤمن نورًا على قدر أعماله الصالحة التي عملها في الدنيا، فمنهم مَنْ نورُه كالجبل، ومنهم مَنْ نورُه كالشجرة، ومنهم مَنْ نورُه كطرفِ إصبعِه، يُضيءُ مرةً ويُطفَأ أخرى، قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ الحديد: 12 – 15.
اللهم الطف بنا عند المرور على الصراط، وثبِّت أقدامنا، وأتمم لنا نورنا، واغفر لنا وارحمنا، اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي جعل الجنة ثوابًا للمؤمنين الصالحين، وجعل النار مثوى الكافرين والفُجَّار والمنافقين، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى.
أما بعد:
فيا أيها الناس، الدنيا أمد، والآخرة أبد، فلنتَّقِ الله، ولنستعد ليوم لقائه، ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ العنكبوت: 4 – 6.
أيها المسلمون: الإيمان يدعو صاحبه للخشوع والتوبة، والاستعدادِ للقاء ربه، قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ الحديد: 16.
أيها النّاس: ومن أركان الإيمان أن نؤمن بالقدر خيره وشرِّه، وهو تقدير الله تعالى للمقادير بما سبق به علمُه، واقتضته حكمتُه، قال الله تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3]، وقال جَلَّ جلالُه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، فكل شيء بقضاء وقدر حتى الحياة والموت، كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴾ [آل عمران: 145]، بل ما من حشرة فما فوقها من الدوابِّ إلا وقد كتب الله رزقها، ويعلم أين تستقر في حياتها في مسكنها، وأين تكون بعد موتها، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6]، فكل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ، ولا تسقط ورقة من أي شجرة في أي بقعة في أي لحظة إلا بتقدير الله ومشيئته، وذلك مكتوب عنده، كما قال الله تعالى: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59]، وقال الله سبحانه: ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ [الأحزاب: 38]، والله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم بكل ما سيكون في حياتنا، وبعد موتنا، أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾ محمد: 19.
إخوة الإيمان: كلُّ شيء خلقه الله في الكون قد علم الله بوقوعه قبل أن يقع، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، قال الله سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج: 70]، ولا يكون شيءٌ في السماوات والأرض إلا بمشيئة الله وتقديره، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وكل شيء في الكون فقد خلقه الله، ولا خالقَ إلا اللهُ وحده.
عباد الله: القدر سرُّ الله في خلقه، يجب الإيمان به من غير تكلف، فهو كالشمسِ لا يزداد الناظر إليها إلا ضعفًا في بصره، ولا يجوز الاحتجاج بالقدر على المعاصي، فقد جعل الله للعبد اختيارًا وقدرة ومشيئة، وأمره أن يفعل الخير ويترك الشر، فإن فعل الخير باختياره ومشيئته فقد علم الله ذلك منه، وإن اختار الشر فقد علم الله ذلك منه، فالقدر سابقٌ لا سائق، ومشيئة العبدِ تحت مشيئةِ الله، كما قال الله تعالى: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ التكوير: 27، 28.
أيها المسلمون: هذه أركان الإيمان الستة التي يجب علينا الإيمان بها: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فمن آمن بها علمًا وعملًا فهو من الفائزين، وله الحياة الطيبة في الدنيا، والثواب العظيم في الآخرة، وإن حقق المسلمون الإيمان نصرهم الله على أعدائهم، ولا نجاة لنا من الخسران في الدنيا والآخرة إلا بتحقيق الإيمان والأعمال الصالحة، قال الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وقال سبحانه: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، وقال: ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 – 3]، أقسم الله بالعصر وهو الزمن، كما يقال: عصر النبي، وعصر الصحابة، والعصر الحاضر والماضي، والله يقسم بما شاء، أقسم بالعصر ليؤكد لنا هذا الخبر المخيف، أقسم أن جميع الناس في خسارة، جميع الناس إلى النار والعياذ بالله، إلا من اتصف بأربع صفات، ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾.
فلنحقق أيها المسلمون الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ولنحذر أن نكون من المنافقين أو الغافلين، ولنعمل الأعمال الصالحة التي تصدق الإيمان، ولنتواصى بالحق، وهو الإيمان والعمل الصالح، نتواصى بالقرآن والسنة، ولنتواصى بالصبر على طاعة الله، والصبر عن المعاصي، والصبر على الأقدار المؤلمة، ونعلم أنها بقضاء الله وقدره، وبذلك نكون من الفائزين بالجنة.
اللهم حبِّبْ إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكَرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، اللهم أتْمِم لنا نورنا، واغفر لنا وارحمنا، اللهم إنا نسألك الرضا بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زيِّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداةً مهتدين، اللهم إنا نسألك الجنة وما قَرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قَرَّب إليها من قول أو عمل، اللهم اجعلنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.
اللهم وصل وسلم على نبينا محمد وأهل بيته وأزواجه وذريته.

مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم | عنوان الخطبة | معد الخطبة | التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
236 | أَسْبابُ ظُهُورِ الْبِدَع | مكتب الأمانة العامة/ قسم المشاريع | 12/03/1447هـ الموافق 05/09/2025م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” أَسْبابُ ظُهُورِ الْبِدَع ”
الْحمدُ للهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ، تَعَالَى وَتَنَزَّهَ عَنِ الشَّبِيْهِ وَالنَّظِيرِ وَالْمُعِينِ وَالظَّهِيرِ، أَحْمَدُهُ سُبْحانَهُ وَأَشْكُرُهُ، أَعْطَى الْكَثِيرَ، وَتَجاوَزَ عَنِ التَّقْصِيرِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْبَشِيرُ النَّذِيرُ، وَالسِّرَاجُ الْمُنِيرُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبارَكَ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهمْ بِإِحْسانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ.
أمّا بعد
عِبادَ اللهِ: اتقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ الاعْتِصامَ بالكِتابِ والسُّنَّةِ نَجاةٌ مِنَ الوُقُوعِ في الْبِدَعِ والضَّلالِ، قالَ تَعالَى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: 153]، قال ابنُ مَسْعودٍ t: خَطَّ لَنا رسولُ اللهِ r خَطًّا، فقالَ: «هذا سَبِيلُ اللهِ»، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، ثُمَّ قالَ: «وَهَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْها شَيْطانٌ يَدْعُو إِلَيْه» ، ثُمَّ تَلَا ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [رواه أحمد والدارميُّ] .
فَمَنْ أَعْرَضَ عنِ الكِتابِ والسُّنَّةِ تَنازَعَتْهُ الطُّرُقُ الْمُضِلَّةُ، والبِدَعُ الْمُحْدَثَةُ والبِدْعَةُ هِي: ما يَتَقَرَّبُ بِه العَبْدُ إلى اللهِ بِغَيْرِ ما شَرَعهُ اللهُ، وَلَا شَرَعَهُ رَسُولُهُ r، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ تَحْرِيمًا شَدِيدًا، حَتَّى لَوْ صَلَحَتْ نِيَّةُ فاعِلِها أَوْ مُعْتَقِدِها؛ لِقَوْلِهِ r: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ» [رواه النسائي، وصححه الألباني]، وَقَدْ شَدَّدَ الشَّرْعُ فِي تَحْرِيمِها؛ لِأَنَّها زَيادَةٌ في الدين، الذي أَتَمَّ الله عَلَيْنا النِّعْمَةَ بكماله ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة:3].
قال السَّلَفُ: (الشَّيْطانُ أَفْرَحُ بِالبِدْعَةِ مِن الْمَعْصِيَةِ، لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ يُتابُ مِنْها، والبِدْعَةَ لا يُتابُ مِنْها).
وَصَدَقُوا في ذلك، فإِنَّ مُرْتَكِبَ المعاصِيَ، وَإِنِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً يَعْلمُ أَنَّه عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَأَنَّه عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ إِذَا لَمْ يَتُبْ، وَأَمَّا مَنْ يَتَقَرَّبُ إلى اللهَ بِالبِدَعِ فإنه يَرَى أَنَّه يَتَعَبَّدُ اللهَ بِعَمَلِهِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْه، وَيَتَفانَى فِي الدَّعْوةِ إلى بِدْعَتِهِ، وَأَخْطَرُ مِنْ ذلك أَنَّهُ يَتَّبِعُهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَيُصَدِّقُونَه، وَيُحْسِنُونَ الظَّنَّ بِه، وَيُدافِعُونَ عَنْه؛ لِأَنَّهُ مِنْ وِجْهَةِ نَظَرِهِمْ يَدْعُو إِلَى اللهِ، وَهَذا هُوَ مَكْمَنُ الخَطَر! انْظُرُوا إلى مَا يَفْعَلُهُ الْمُتَصَوِّفَةُ وَغَيْرُهُم، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَبَرُّكِ بِالأَشْخاصِ والأَماكِنِ والبِقاعِ، وَتعْظِيمِ القُبُورِ، والغُلُوِّ فِي أَصْحابِها، انْظُرُوا إلى الخَوَارِجِ وما يَفْعَلُونَه بِالْمُسلِمينَ، مِنْ سَفْكِ الدِّماءِ، وَقَتْلِ الأبْرِياءِ، واسْتِحْلالِ الدَّمِ الحَرامِ، بِاسْمِ الجِهادِ وَنُصْرَةِ الدِّينِ، إنَّهُم يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم عَلَى خَيْرٍ وهُدًى، وأَسبابُ ظُهُورِ البِدَعِ يا عِبادَ اللهِ كَثيرَةٌ مِنْها:
1 ــ الجَهْلُ بِأَحْكامِ الدِّينِ: وَكُلَّمَا امْتَدَّ الزَّمَنُ وَبَعُدَ النَّاسُ عَنْ آثارِ الرِّسالَةِ قَلَّ العِلْمُ وَفَشَا الجَهْلُ، قالَ رسولُ اللهِ r: «إِنَّ اللهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ قُلُوبِ العِبادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَماءِ، حَتَّى إذا لَمْ يُبْقِ عالِمًا اتَّخَذَ الناسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»، فَلَا يُقاوِمُ البِدَعَ إلا العِلْمُ والعُلَماءُ.
2 ــ وَمِنْ أَسْبابِ ظُهُورِ البِدَعِ اتِّباعُ الْهَوَى: فَمَنْ أَعْرَضَ عَنِ الكِتابِ والسُّنَّةِ اتَّبَعَ هَواه، كَمَا قال تعالى: ﴿فإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص:50]، والبِدَعُ إنَّمَا هِيَ نَسِيجُ الْهَوَى الْمُتَّبَعِ.
3 ــ التَّعَصُّبُ لِلْآراءِ والرِّجالِ: فَإِنَّه يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ واتِّباعِ الدَّلِيلِ وَمَعْرِفَةِ الحَقِّ، قالَ تعالَى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ [البقرة:170].
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا.. وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عَظِيمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أمَّا بَعْدُ
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.
عِبادَ اللهِ: المحَبَّةُ الصَّادِقَةُ لِرَسُولِ اللهِ r، تَكُونُ بِالِاتِّباعِ وَالِاقْتِداءِ وَالتَّأَسِّي بِهِ حَيْثُ قالَ تَعالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّه وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم﴾ [آل عمران:31]، فَهَلْ تَكْفِي لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الْعامِ كُلِّهِ يُعَبَّرُ فِيها عَنْ هَذِهِ المحَبَّةِ لِرَسُولِ اللهِ r بِالْأَذْكارِ وَالْقَصائِدِ؟ فَهَذا الِاحْتِفالُ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ r، وَلَمْ يَفْعَلْهُ الصَّحابَةُ الْكِرامُ رِضْوانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ مَعَ ما فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ عَظِيمِ المحَبَّةِ لِرَسُولِ اللهِ r، إِنَّما تَمَثَّلَتْ مَحبَّتُهُمُ الصَّادِقَةُ فِي اتِّباعِ السُّنَّةِ، وَالْعَمَلِ بِها، وَتَطْبِيقِها، وَالدِّفاعِ عَنْها، وَنَشْرِها.
عِبَادَ اللهِ: اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْأَمِينِ، فَقَالَ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيْلِ:
﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا﴾ الأحزاب 56.
اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ، وَارْضَ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الَّذِينَ قَضَوا بِالْحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ:
أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الْآلِ وَالصَّحَابةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنَّا مَعَهُم بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَدِمِ الْأَمْنَ وَالِاسْتِقْرَارَ فِي بِلَادِنَا وَبِلَادِ الْـمُسْلِمِينَ، وَاصْرِفْ عَنَّا وَعَنْهُمْ كُلَّ شَرٍّ وَبَلَاءٍ، وَاكْفِنَا وَإِيَّاهُمْ سَائِرَ الْأَهْوَاءِ وَالْأَدْوَاءِ.
اللَّهُمَّ اِرْحَمْ وَالِدِينا كَمَا رَبَّوْنا صِغارًا، وَأَعِنَّا عَلَى بِرِّهِمْ أَحْياءً وَأَمْواتًا. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
﴿سُبۡحَـٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَمَّا یَصِفُونَ * وَسَلَـٰمٌ عَلَى ٱلۡمُرۡسَلِینَ * وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الصافات 180-182]