مشروع خطب الجمعة في إفريقيا

رقم الخطبة

عنوان الخطبة

معد الخطبة

تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة

المراجعة والنشر

244

السبع الموبقات

الشيخ .سعيد محسن الشمري

09/05/1447هـ  الموافق 31/10/2025م

الأمانة العامة

الموضوع: ” السبع الموبقات “

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ النساء: 1. أما بعد:

فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

عباد الله: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)   رواه البخاري برقم 2615، ومسلم برقم 89.

يحذر النبي صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه من الوقوع في الذنوب الْمُهلِكة، والكبائر العظيمة التي تُوبِق صاحبها وتُهلِكه، فالواجب على المسلم أن يبتعد عنها وما يقرب إليها، ويحذر الوقوع فيها، ويحذر إخوانه من ارتكابها، فمن وقع فيها فقد ظلم نفسه، وعرَّضها لعذاب الله تعالى ومَقْتِهِ.

 

أعظم هذه الموبقات المهلكات الشرك بالله عز وجل: حيث إن الشرك أعظم ذنب عُصِيَ الله تعالى به، وأعظم ما نهى الله عنه، وحقيقته صرف عبادة من العبادات إلى غير الله عز وجل، أو ما صرف ما لله تعالى لغيره، أو هو أن يجعل لله شريكًا في عبادته، أو شريكًا في ربوبيته، أو شريكًا في أسمائه وصفاته. 

 

الشرك أكبر الكبائر وأعظم الذنوب: قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ النساء: 48. وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ المائدة: 72

 

يترك المرء الشرك – صغيره وكبيره – لا يتوكل إلا على الله عز وجل، لا يخلص العبادة إلا لله عز وجل، لا يرائي في عبادة الله عز وجل، لا يدعو إلا الله عز وجل، لا يستغيث ولا يستعين ولا يسأل إلا الله عز وجل، لا يحلف إلا بالله عز وجل، لا ينذر إلا لله عز وجل.

 

ومن أعظم الْمُوبقات السِّحْر:  السحر الذي هو شرٌّ وبلاء وفساد وكفر بالله عز وجل، والساحر شيطان كافر بالله عز وجل؛ حيث إنه لا يسحر إلا بالاستعانة بغير الله تعالى، يسجد لغير الله – أي الساحر – يستغيث بغير الله عز وجل، يستعين بالشياطين، يستنفع بهم ويستنفعون به، وأثَرُ السحر يظهر على بدن الإنسان وعقله، يفرقون بين المرء وخليله، وبين المرأة وزوجها.

 

قال تعالى: ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾ البقرة: 102، ولكن ضرر السحر لا يقع إلا بإذن الله تعالى، ولا يضر إلا أن يشاء الله عز وجل: ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ … ﴾ البقرة: 102.

 

والساحر مُفْسِد شيطان، يجب على وليِّ الأمر قتله. عن جندب رضي الله عنه قال: (حدُّ الساحر ضربة بالسيف )  رواه الترمذي، قال المناوى: صحيح غريب، قال الذهبي في الكبائر: الصحيح أنه من قول جندب،

ولا يجوز للمسلم أن يأتي إلى السَّحَرة ونحوهم من العرافين والكهنة والمشعوذين.

 

عن جابر بن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول، فقد كَفَر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.) رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، خَلَا عُقْبَةَ بْنَ سِنَانٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ؛ 

عن نافع، عن صفية، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أتى عرَّافًا فسأله عن شيء، لم تُقبَل له صلاة أربعين ليلةً (مسلم: السلام (2230)، وأحمد (4 /68،5/380)

يحفظ المرء نفسه من شر السحرة الأفَّاكين بالتوكل على الله عز وجل، وتفويض الأمر إلى الله عز وجل، والمحافظة على الصلوات، والأذكار الواردات، وسورة البقرة.  عن زيد، أنه سمع أبا سلام، يقول: حدثني أبو أمامة الباهلي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركَها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلة(  رواه مسلم (1/ 553/ 804) قال معاوية: بلغني أن البطلة: السحرة.  أعاذنا الله عز وجل من شر السَّحَرة الفَجرة.

 

ومن أعظم الموبقات قتل النفس التي حرَّم الله عز وجل إلا بالحق:  عن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَزوالُ الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم(    أخرجه الترمذي (1395)، تحقيق الألباني: صحيح، غاية المرام (439)

قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ النساء: 93، ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ الإسراء: 33.

حرمة المؤمن عند الله عز وجل عظيمة، ينتقم الله عز وجل لعباده الذي قُتِلوا ظلمًا وعدوانًا “بشِّرِ القاتل بالقتل”.

 

يقِرُّ الله عز وجل عيون المؤمنين بهلاك الظالم الغاشم عاجلًا بإذن الله تعالى؛ فالإنسان بنيان بناه الله عز وجل وأكرمه بأنواع الكرامة، فلا يُعتدى عليه، بل من أشار على مؤمن بحديدة لعنته الملائكة حتى يضعها، فكيف إذا قتله؟!

نسأل الله تعالى أن ينتقم من النُّصَيرية الحاقدة، وأن ينصر إخواننا في الشام.

 

ومن أعظم الموبقات – عباد الله – الربا:  الربا كبيرة من الكبائر، وصاحبها ملعون محارب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

الربا سبب الانهيار والفقر وغضب الله تعالى. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ البقرة: 278.

 

عن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لعن الله آكِلَ الربا، ومُوكله، وشاهديه، وكاتبه)) النسائي: (8/147)، ورواه مسلم (1958)

عن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما ظهر في قوم الزنا والربا، إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله جل وعلا))  رواه أحمد (3809)، تعليق الشيخ الألباني: حسن لغيره؛ (3/ 51)

 ثم لتعلموا – عباد الله – أن من محاسن الدينِ الأمرَ بالإحسان إلى اليتامى، والقيام بشؤونهم، ورعاية أموالهم، وحفظها لهم، وحذَّر الله عز وجل من أكل أموال اليتامى ظلمًا. قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ النساء: 10.

 

فمن كان عنده يتيم وهو دون البلوغ، فَلْيُحسن إليه، وله أن يأخذ من مال اليتيم بالمعروف إن كان فقيرًا.

قال تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ النساء: 6.

 

ومن الموبقات التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث التولي يوم الزحف:  فإذا التقى الصفَّان، وزحف الجيش إلى العدو يريد قتاله، فإنه يحرم الفرار إلا متحرِّفًا لقتال، أو متحيزًا إلى فئة، وإذا فرَّ بلا عذر، فقد باء بغضب من الله عز وجل، ومأواه جهنم، وبئس المصير. قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ .الأنفال: 16. فالأصل في المجاهد الشجاعة والإقدام، فلا يقع في قلبه هلع ولا فزع، بل يقوي قلبه بالله تعالى.

 

وأما الموبقة السابعة التي ذكرها النبي فهي قذف المحصنات الغافلات: قذفهن ورمْيُهن بالفاحشة، ولا فرق بالحكم بين من قذف مؤمنةً، أو من قذف مؤمنًا، ولكن الله عز وجل ذكر المؤمنات المحصنات الغافلات؛ لأن أغلب القذف يقع على النساء المحصنات العفيفات الغافلات عن الفواحش، وقد كتب الله عز وجل على من قذف الحدَّ في الدنيا.

 

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ النور: 4. المؤمن يحفظ لسانه، ولا يشيع الفاحشة؛ لأن القذف إشاعة للفواحش.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب يغفر لكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم؛ أما بعد:

 

فاتقوا الله عباد الله، واعملوا بطاعة الله، واجتنبوا معصية الله، توبوا إلى الله عز وجل، وأنيبوا إليه بالإيمان والعمل الصالح.

دعاكم ربكم إلى التوبة من الذنوب والآثام؛ فبابُ التوبة مفتوح.

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِرْ)   أخرجه أحمد (3 /117)، تعليق الشيخ الألباني: حسن لغيره؛ .

 

توبوا إلى الله عز وجل توبةً خالصةً لله عز وجل، ناصحةً لله عز وجل. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ التحريم: 8.  التوبة نور للعبد من ظلمات الذنوب والمعاصي. –  التوبة تجديدٌ للقلب وتطهير له.

 

التوبة تزكية للنفس –  رزقني الله وإياكم التوبةَ النصوح، وثبَّتنا وإياكم على دينه القويم، وأن يعيذنا وإياكم من الشيطان الرجيم، وأن يتوفانا وإياكم على الإسلام والسُّنَّة، غير مبدِّلين ولا مُغيِّرين.

 

 

مشروع خطب الجمعة في إفريقيا

رقم الخطبة

عنوان الخطبة

معد الخطبة

تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة

المراجعة والنشر

243

خطورة الزنا وسبل الوقاية منه

د. علي وفا علي

02/05/1447هـ  الموافق 24/10/2025م

الأمانة العامة

الموضوع: ” مخاطر الزنا وسُبُل الوقاية منه”

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وخاتم النبيين، سيدنا محمد بن عبدالله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الأكرمين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم  أما بعد:

 

عبادا الله: فاتقوا الله واعلموا أن الإسلام دين العفة والطهر والنقاء، والعزة والقوة؛ ولذا حرم الله تعالى الفواحش ما ظهر منها وما بطن؛ لأن الفواحش مصدر الضعف والهلاك والذل والهوان؛ فقال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ الأعراف: 33.  وأشد أنواع الفواحش وأخطرها : الزنا، تلك الجريمة المنكرة والفاحشة المدمرة التي تؤدي إلى الهلاك والهوان، والفقر والمرض، وغضب الله تعالى ومقته؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات – أي: المهلكات – وذكر منها الزنا) .

 

عباد الله إن للزنا خطورة وعقوبته: علينا معرفتها فهي جريمة عظيمة تعدل القتل في الشناعة وسوء المصير، فالزاني المحصَن إذا ثبت زناه استُبيح دمه، فكان مثله في الحكم عليه مثل المرتد ومثل قاتل النفس؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة))، أيها المسلمون ليس هناك أكبر من هذه الجرائم الثلاث؛ لذلك كان الفاعل لواحدة منها مستباح الدم.

 

ولخطورة الزنا جاء مقرونًا في القرآن الكريم بالشرك والقتل، ووعد الله فاعله بمضاعفة العذاب عليه إلا أن يتوب من جرمه؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ﴾ الفرقان: 68 – 70

 

ولقد اقترن حال الزاني بحال المشرك في كتاب الله؛ قال الله تعالى: ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ النور: 3.، وليس هذا عجيبًا؛ لأن آثار الزنا وعواقبه وخيمة جدًّا على الفرد والجماعة، وعلى الزاني والزانية، وعلى زوجها وأهلها وولدها، وما ينتج عن السفاح من حمل، فهو جناية عليه وعلى المجتمع بأسره، فكم دمر الزنا بيوتًا وهدم مجتمعات! وكم أذلَّ من أناس! وكم أدخل على أناس من ليس منهم! وكم أخذ من الميراث من ليس له حق فيه! حتى قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: “لا أعلم بعد القتل ذنبًا أعظم من الزنا”؛ ومن ثَمَّ لا يجتمع الزنا والإيمان؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن …))؛ متفق عليه.  

 

ومن العقوبة أيضًا أن يذوق الزاني ذلَّ تلك المعصية في أهله؛ لأنه دَيْنٌ لا بد من أدائه؛ فقد جاء في الحديث الذي رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بَرُّوا آباءكم تبرَّكم أبناؤكم، وعفُّوا تعفَّ نساؤكم)) ، فيا من يحاول الوقوع في الزنا، أو وقع فيه ولم يتب، كن على يقين وثقة بأن ساعة القصاص قريبة، وأن الديان موجود، فكما تدين تدان، وبالكيل الذي تكيل به لغيرك تكتال لنفسك، فالجزاء من جنس العمل ولو بعد حين

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه ومن اقتفى أثرهم.

عباد الله بعد أن عرفنا خطورة الزنا وعقوبته، علينا أن معرفة سبل  الوقاية منها، إن الذي يمنع وقوع هذه الجريمة، ويضيِّق دائرتها هو ما أمر به الإسلام من أحكام وآداب وعقائد وأخلاق؛ وقد قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ الإسراء: 32. والمعنى: ابتعدوا عن أسباب الزنا، وعن المواضع التي يُحتمل فيها الوقوع في الزنا لِتَقُوا أنفسكم من شره وسوء مصيره.

 

ومن أسباب الوقاية من الزنا

. 1 قوة الإيمان بالله تعالى وتذكر الآخرة؛ لذا وجب على العبد ليعصم نفسه من الفواحش أن يقويَ إيمانه بالله، وأن يتقيَه ويخشاه ويحسن مراقبته لله سبحانه، ويستحضر هيبة الله وعظمته، ويتذكر وعيده وعذابه لمن خالف أمره وارتكب ما نهاه عنه، فإذا ملأت مخافة الله سبحانه قلب العبد، كان مبتعدًا عن نواهيه أشد البعد؛ يقول سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ ﴾ الأعراف: 201، 202.، وقد ضرب الله لنا مثلًا بيوسفَ عليه السلام الذي تواجدت حوله دواعي الجريمة، ولكنه استعصم بالله، و﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ يوسف: 23.

 

. 2 التزام النساء بالملابس السابغة المحتشمة التي هي كرامةٌ لهنَّ وحماية من الأذى؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾ الأحزاب: 59.

  1. 3. أدب غض البصر، وكف العيون الخائنة من البحث عن العورات؛ قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ النور: 30، 31، فغضُّ البصر والسمع عما يثير الغرائز والشهوات من أغانٍ ماجنة، وأفلام عاهرة، وصور عارية – نجاةٌ للعبد وراحة لقلبه وعقله؛ لأن مدَّ البصر والسمع للشهوات هي الخطوات الأولى التي يقود بها الشيطان أولياءه للوقوع في الزنا.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، ويصدِّق ذلك أو يكذِّبه الفَرْجُ))؛ مسند أحمد.

 

. 4 عدم الخلوة بين الرجل والمرأة غير ذات المَحْرَمِ طهارة لقلوبهم وقلوبهن؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ الأحزاب: 53. وفي الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم محذِّرًا: ((ولا يخلونَّ رجلٌ بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما))؛ مسند أحمد.

وأخطر الخلوة تكون من الأقرباء؛ لأن دخولهم على البيت معتادٌ من غير نكير، فكان الخطر منهم أكبر والفتنة أمكن؛ لذا قال صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت))؛ متفق عليه، والحمو: هو قريب الزوج.

 

. 5 المباعدة بين مجالس الرجال ومجالس النساء حتى في المساجد دور العبادة، فللرجال أماكنهم وللنساء أماكنهن.

 

. 6 منع الاختلاط المحرم في أماكن التعليم والعمل وكل مجال يقود إلى الفتنة.

 

. 7 تيسير سبل الزواج؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ النور: 32، والتزام العفاف لمن لا يقدر على تكاليف النكاح؛ قال تعالى: ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ النور: 33، فمن عفَّ عن الحرام خوفًا من الله تعالى، أغناه الله تعالى ورزقه الحلال، فمن ترك شيئًا لله، عوَّضه الله خيرًا منه.

. 8 التزام الاستئذان والاستئناس؛ حتى لا تقع عين المسلم على عورات أو تلتقيَ بمفاتن.

. 9 تجنب الحديث عن الفواحش وأصحابها؛ لأن كثرة أخبارها تدعو النفوس إلى التهاون بها واستسهالها، ولا تزال تتكرر حتى تصير متداولة مألوفة غير مستنكرة؛ وقد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ النور: 19.

 

10 . تجنب أصدقاء السوء الذين يزينون الحرام، ويتكلمون في الحرام، ويستسهلون الحرام، ويدلون عليه، فكم من صالح وصالحة من أسرة طيبة فسد وفسدت حياته بسبب صديق أو صديقة فاسدة! فصديق السوء ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ﴾ الحشر: 16.

 

 اللهم حبِّبْ إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكَرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، اللهم أتْمِم لنا نورنا، واغفر لنا وارحمنا، اللهم إنا نسألك الرضا بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زيِّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداةً مهتدين، اللهم إنا نسألك الجنة وما قَرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قَرَّب إليها من قول أو عمل، اللهم اجعلنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.

اللهم وصل وسلم على نبينا محمد وأهل بيته وأزواجه وذريته.

 

الآل والأصحاب أحباء لا أعداءمن مؤلفات ومنشورات الأعضاء
صدرت الطبعة الثانية لكتاب : الآل والأصحاب أحباء لا أعداء للبروفسور عبد الرزاق عبد المجيد آلارو رئيس لجنة البحوث والدراسات والترجمة في مكتب إدارة اتحاد علماء إفريقيا

نفعه الله به والأمة الإسلامية قاطبة

مشروع خطب الجمعة في إفريقيا

رقم الخطبة

عنوان الخطبة

معد الخطبة

تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة

المراجعة والنشر

242

الحقوق الزوجية

د. محمود بن أحمد الدوسري

25/04/1447هـ  الموافق 17/10/2025م

الأمانة العامة

الموضوع: ” الحقوق الزوجية”

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

 

عبادا الله فاتقوا الله واعلموا أن هناك حقوق مشتركة تجب لكل واحدٍ من الزوجين تجاه الآخَر، فمِنْ أهمِّ الحقوق المشتركة بينهما:

  1. المعاشرة بالمعروف: فيُعاشِر كلٌّ من الزوجين صاحِبَه معاشرةً حسنة، فلا يؤذيه بالفعل ولا بالقول ولا بما يُستنكر شرعاً ولا عُرفاً ولا مروءة، وإنما بالصبر والرحمة واللُّطف والرِّفق. قال الله تعالى: ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]، فالمودة والرحمة هي أصلُ حُسْنِ الصحبة، والمعاشرة بالمعروف، وهي سِرُّ السعادة بين الزوجين.

  2. المُناصحة بينهما: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» رواه البخاري ومسلم. وبعض الأزواج يظن أنَّ قيام المرأة بالنصيحة له نوع من التطاول على حقِّه، وخَدش لكرامته، وللقوامة عليها، وهذا خطأ فادح؛ لأن التناصح مأمور به شرعاً.

  3. حقُّ الإنجاب: وهو أمْرٌ فِطري عند الرجل والمرأة، وينبغي لِمَنْ زهِدَ منهما في الولد أن يُراعي حقَّ الآخَر؛ ولهذا رأى الفقهاء – لَمَّا تحدَّثوا عن العَزْل – أن يكون بإذن الزوجة؛ مراعاةً لِحَقِّها في قضاء الوَطر، وحقِّها في الولد.

أيها المسلمون.. إنَّ الأصل في حقوق الزوجة على زوجها قولُ الله تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]؛ وقوله: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا» حسن – رواه الترمذي.

 

ومن حقوق الزوجة على زوجها:

  1. المهر: لقوله تعالى: ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ﴾ [النساء: 4]، والمهر نوع من أنواع الهدية، يُقدِّمه الرجل بين يدي عقد الزواج.

  2. النفقة والسكن المُناسب: النفقة تلزم الزوجَ من حين عقد النكاح، يُعِدُّ له السكنَ المُناسب والمتاع، ويُوفِّر لها الطعامَ والشراب والكِسْوَة، ولا تُلزَم الزوجة بالنفقة ولو كانت ذاتَ مال – إلاَّ أنْ تتطوع به عن طِيبِ نفسٍ منها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» رواه مسلم.

ولقوله تعالى: ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ﴾ [الطلاق: 6] أي: على قَدْرِ سعتكم وطاقتكم؛ فإنْ كان مُوسِراً يُوَسِّع عليها في المسكن والنفقة، وإنْ كان فقيرًا فعلى قَدْرِ الطاقة؛ ولقوله تعالى: ﴿ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا ﴾ [الطلاق: 7.

  1. تعليمُها أمورَ دينها: لأنَّ الزوج راعٍ ومسؤول عن رعيته، ويأذن لها أنْ تحضر مجالس العلم، وهو أمر يتساهل فيه كثير من الأزواج، ونَسُوا قولَه تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]؛ وقوله تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132].

  2. الصَّبر عليها: والعفوُ عنها، ومراعاة ما فيها من قصورٍ فِطري، والتغافل عما يصدر عنها؛ رحمةً بها وشفقةً عليها، وعملاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» رواه البخاري ومسلم. وهو داخل في المعاشرة بالمعروف.

  3. أنْ يرعاها إذا مَرِضَتْ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما؛ قَالَ: تَغَيَّبَ عُثْمَانُ – رضي الله عنه – عَنْ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [رقية] وَكَانَتْ مَرِيضَةً. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ» رواه البخاري. وكذلك يُساعدها فيما ثَقُل عليها من الحمْل، وعند الوضع.

عباد الله.. ومن حقوق الزوجة – إجمالاً: طلاقة الوجه، والكلمة الطيبة. ويجلس معها ويؤانسها ويُسامرها. ويتزيَّن ويتجمَّل لها. ويُسلَّم عليها إذا دخل البيت. ويحترم أهلها. ويصونها، ويحفظها، ويجعلها تشعر بالأمان معه. ويمنعها من جميع أنواع الفساد؛ ومن ذلك التبرج والسفور. ولا يمنعها من زيارة أهلها وأقاربها. ويُحْسِن الظنَّ بها، ولا يتخوَّنها. ويحفَظ هيبتها وكرامتها أمام الناس، ولا يعاملها معاملة الإماء. ويعمل على إعفافها، وتلبية رغباتها. ويُلاطفها ويُلاعبها ويُضاحكها. ويَستشيرها، ويحترم رأيها. ويَغار عليها ويصونها، ويحفظ عِرْضَها. ويَسْمُر معها يُحدِّثها ويستمع إلى حديثها. ولا يغيبَ عنها أكثر من أربعة أشهر. ولا يهجرها – إذا هجرها – إلاَّ في البيت. ويعدل بينها وبين الزوجة الأُخرى – إنْ كان معدِّداً. ولا يضايقها ليُكرِهَها على المُفارقة والتَّنازل عن حقها. ولا يُخرِجها من بيتها وقت العدة، ولا تَخرج هي كذلك. ويُنْفِق عليها ويُوفِّر لها سكناً إذا كان طلاقها رجعيًّا – كذا لو كانت حاملاً.

الخطبة الثانية

الحمد لله… عباد الله.. ومن حقوق الزوج على زوجته:

  1. طاعته في غير معصية: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ؛ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» صحيح – رواه الترمذي. قال ابن تيمية – رحمه الله: (وليس على المرأة – بعد حقِّ اللهِ ورسوله – أوجَبَ من حقِّ الزوج) مجموع الفتاوى، (32 /260).

  2. الاعتدال في الغَيرة: للمرأة أنْ تغار على زوجها – ولا سيما إنْ كان مُعدِّداً – ولكنْ في حدود الغَيرة المقبولة، ولقد كَثُرت المشاكل في البيوت؛ بسبب الغَيرة الغير مُنضبظة، فينبغي على الزوجة أن تُهذِّب غيرَتَها؛ فلا تتعمَّق في التجسس والتحسس، والتدقيق والمراقبة، فينهدم عشُّ الزوجية.

  3. أنْ تحفظَه في غيابه: في نفسها وماله وولده؛ فلا تُدنِّس عِرْضَ زوجها، ولا تُضيع مالَه وولدَه؛ لأنها مؤتمنةٌ على ذلك، والرجل لا يعلم، فإذا خانَتْ هانَتْ، والخيانةُ الزوجية – من الطرفين – يترتَّب عليها فسادٌ في الدنيا والآخرة.

  4. ألاَّ تخرُجَ من بيته إلاَّ بإذنه: أمَرَ اللهُ النساءَ بلزوم البيت والقرار فيه؛ كما في قوله سبحانه: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» رواه البخاري ومسلم. فيُفهم من الحديث: أنها إذا أرادت الخروجَ لا بد أنْ تستأذن، وأنَّ للزوج منعَ زوجته من الخروج إلاَّ ما استُثْنِيَ شرعاً.

  5. أنْ تقوم بخدمته وخدمة أولاده: لأنَّ الخدمة واجبةٌ عليها؛ في حدود استطاعتها، وعليها أنْ تصبر على ما تُعانيه من تَعَبٍ ومشقة، ويدلُّ عليه حديث عليٍّ – رضي الله عنه؛ أنَّ فاطمةَ – رضي الله عنها؛ بنتَ رسول الله أتت النبيَّ تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فسألته خادماً، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا – أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا – فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ» رواه البخاري ومسلم.

وكانت نساء الصحابة – رضي الله عنهن – يخْدِمْنَ أزواجهن في بيوتهن وخارج بيوتهن إذا دعت الحاجة؛ بل كانت النساء إلى عهدٍ قريب يفعَلْنَ ذلك، ولا خيرَ في حدوث إشكالٍ بين الزوجين بسبب خدمة البيت، والخيرُ في تعاونهما جميعاً.

  1. ألاَّ تتصدَّق من ماله إلاَّ بإذنه: لما جاء عن أبي أمامة – رضي الله عنه – قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لاَ تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا». فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلاَ الطَّعَامَ؟! قَالَ: «ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا» صحيح – رواه أبو داود. فإنْ كان المُتَصَدَّقُ به يسيراً، من عادة الزوج أنْ يسمح بمثله؛ فللزوجة التصدُّق به، دون إذنه.

ومن حقوق الزوج – إجمالاً: ألاَّ تُدخِلَ أحداً في بيته إلاَّ بإذنه. ولا تُرهِقَه بالإكثار من النفقات. وتتزين له. وتشكره وتعْتَرِف بفضله ولا تجحده. وتصبر على فقره، وتُنفِق عليه – إنْ كانت غَنِيَّة. وتُحافِظ على كرامته ومشاعره في حضوره وغيابه. وتُوَفِّر له سُبُلَ الراحة النفسية والجسدية. وتُحْسِن استقباله عند قدومه من خارج المنزل. ولا تَمْتَنِع إذا دعاها للفراش. ولا تصوم نفلاً – وهو شاهد – إلاَّ بإذنه. ولا تطلب الطلاقَ بغير سببٍ شرعي صحيح. وتسترضيه إذا غضب. وتُعينه على الخير وتدله عليه.

 

مشروع خطب الجمعة في إفريقيا

رقم الخطبة

عنوان الخطبة

معد الخطبة

تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة

المراجعة والنشر

241

أحكام الطلاق والطلاق السني

د. خالد بن سعود الحليبي

18/04/1447هـ  الموافق 10/10/2025م

الأمانة العامة

الموضوع: ” أحكام الطلاق و الطلاق السني “

 

 ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ سبأ: 1، أحمده، وأشكره، وأتوب إليه، وأستغفره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا. أما بعد

 

فاتقوا الله -عباد الله- وأطيعوه ﴿  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾  ﴿  وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾   واستمسكوا بهدي نبيكم تلقوه يوم القيامة شفيعًا.

 

أيها الأحبة في الله: شرع الله الزواج ليكون هدأة للإنسان، وسكنًا لجسده وروحه، قال الله -تعالى-: (﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ الروم: 21.

والأصل فيه أن يكون مستقرًّا دائمًا حتى وفاة أحد الزوجين، ولِمَ لا (﴿ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظا ﴾  النساء: 21. 

 

ومع ذلك، فمن رحمته بأمة الإسلام: أن شرع لها الطلاق، و”حلُّ قيد النكاح أو بعضه”؛ أي بعض قيد النكاح إذا طلَّقها طلقة رجعيَّة، ولذلك اتفق العلماء على أصل مشروعيَّته، إلا أنَّ جمعًا من العلماء ذهبوا إلى أنَّ الأصل في الطلاق الحظر والمنع؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “إنَّ الأصل في الطلاق الحظر، وإنما أُبيح منه قدر الحاجة”  مجموع الفتاوى: 32/ 293.

وقال رحمه الله أيضًا: “ولولا أنَّ الحاجة داعيةٌ إلى الطلاق لكان الدليل يقتضي تحريمه كما دلَّت عليه الآثار والأصول، ولكنَّ الله -تعالى- أباحَه رحمةً منه بعبادِه؛ لحاجتهم إليه أحيانًا” مجموع الفتاوى: 32/ 89.

 

ولكون الطلاق أصبح شائعًا للأسف الشديد، حتى بتنا نرى من الحالات سنويًّا يصعب عدها، فأصبح من الواجب بيان أحكامه التي تسرِي بحسب الأحكام الشرعيَّة الخمسة: “الوجوب، والاستحباب، والتحريم، والكراهة، والإباحة”؛ تبعًا للحال التي يكون عليها الزوجان، وفيما يَلِي بيانها بإيجاز:

 

الحالة الأولى: كون الطلاق واجبًا: وذلك كطَلاق الْمُولِي، وهو مَن حلف على الامتناع عن جماع زوجته؛ حيث يُمهَل أربعة أشهر، فإنْ رجَع وإلا وجَب عليه الطلاق.

 ففي هذه الأحوال يجبُ إيقاع الطلاق، وإن امتنع الزوج عن ذلك أثم،

 

 الحالة الثانية: يكون الطلاق مستحبًّا إذا تعذَّرتِ العِشرة بين الزوجين، أو صعُبت، ولذلك صور، منها:

  1. : لو كانت الزوجة مُفرِّطة في حقوق الله -تعالى- الواجبة عليها؛ كالصلاة ونحوها، ولم يُجْدِ معها نصحٌ ووعظ.: الطلاق في حال الشقاق واستحالة العشرة الطيِّبة بين الزوجين،3. : إذا طلبت الزوجة المخالعة، وأصرَّت على هذه المطالبة، وتعذَّرت العشرة، ففي هذه الحال يُستحبُّ للزوج أنْ يطلق منعًا للضَّرر.

الحالة الثالثة: يكون الطلاق مُباحًا: عند الحاجة إليه؛ لسوء خُلق المرأة، وسوء عشرتها، أو التضرُّر بها من غير حُصول المصالح المقصودة في النكاح.

 

الحالة الرابعة: يكونُ الطلاق مكروهًا: إذا لم يكن ثمة حاجة إليه؛ لما فيه من إلحاق الضرر بالزوج وزوجته، والحِرمان من مصالح النكاح من غير حاجةٍ إليه، ولأنَّه مزيلٌ للنكاح المشتمِل على المصالح المندوب إليها فيكون مكروهًا، وقيل: هو محرم.

 

الحالة الخامسة: يكون الطلاق محرَّمًا: في حال إيقاعه على وجهٍ غير مشروع، كما لو طلَّقَها وهي حائض أو نُفَساء، أو في حال طهرٍ حصَل فيه جماع، أو طلَّقها ثلاث طلقات جميعًا -في رأي بعض العلماء- وهو الطلاق البدعي، وسيأتي بيانُه وصُوَرُه في مسائل لاحقة -بإذن الله تعالى-.

 

وينبغي لمن فكَّر في الطَّلاق، أو استُشِير فيه أنْ يستحضر هذه الأقسام الخمسة في أمْر الطلاق؛ كيلا يعجل في أمرٍ يُستحبُّ فيه التأنِّي، ولا يتأخَّر في أمر يتطلَّب العزم والإقدام؛ إذا تحقَّقت المصلحة الشرعيَّة فيه، وانعقدت الأسباب التي تُوجِبُه، ولكلِّ حالةٍ ما يُناسبها من الحكم.

على أن المؤمن يأخذ بالمأثور: “ما خابَ منِ استخارَ، ولا ندمَ منِ استشارَ، ولا عالَ منِ اقتصدَ”، فقد ثبت أن تسعين في المائة من الذين استشاروا لم يُطَلِّقوا، وأن تسعين في المائة من الذين طلَّقُوا لم يستشيروا، وقد تيسر ذلك بوجود مراكز أُسَرِيّة مختصة، ومكاتب الدعوة والإرشاد التي أُوكلت إليها فتاوى الطلاق، والله -تعالى- يقول في شأن الطلاق: (﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرا﴾  الطلاق: 1

فالعجلة تعقب الندامة، وآثار الطلاق أكبر وأكثر من أن تُحْصَر، فقد يتسبب في قطيعة الأرحام، وفشل تربية الأولاد، والاضطرابات النفسية، والجريمة، وأكثر من ذلك.

 

عباد الله: والطلاق ينقسمُ من حيث موافقته أو مخالفته للسُّنَّة إلى ثلاثة أقسام: طلاق سني، وطلاق بدعي، وطلاق لا سُنَّة فيه ولا بدعة.

 

فأما الطلاق السُّنِّي: فيمكن تعريفه بأنَّه: ما أذن الشرع فيه، ووافق أمر الله وأمر رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في إيقاعه صفةً وعددًا. وليس المقصود من وصف هذا الطلاق بالسني أنَّه مسنونٌ مستحبٌّ، بل المراد بَيان الوقت المشروع لإيقاع الطلاق بحيث يكون إيقاعه -عند العزم عليه- في الوقت المشروع وعلى الصفة المشروعة، وإذا التزَمَ الزوج المطلِّق بهذا الوقت المشروع في حال طلاقه فإنَّه يُثاب على التِزامِه بالأحكام الشرعيَّة التي حدَّدت الوقت الذي يكون فيه الطلاق مشروعًا.

 

أمَّا بالنسبة للوقت: فهو أنْ يكون في طهرٍ لم يحصل فيه جماع، أو في حال كون الزوجة حاملاً وقد تبيَّن كونها حاملاً.  وأمَّا بالنسبة للعدد: فإنَّ الطلاق السني: أنْ يكون بطلقةٍ واحدة فقط حتى تنتهي العدَّة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾  الطلاق: 1، قال الطبري: “يعني تعالى ذكره: إذا طلقتم نساءكم فطلِّقوهن لطُهرهن الذي يحصينه من عدَّتهن طاهرًا من غير جماع، ولا تُطلِّقوهن بحيضهنَّ الذي لا يعتددن به من قُرئهن” [انظر: تفسير الطبري: 23/ 431].

 

قال ابن مسعود -رضِي الله عنه-: “مَن أراد الطلاق الذي هو الطلاق فليُطلِّقها تطليقةً ثم يدعها حتى تحيض ثلاث حِيَض” [أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 4/ 5.

وعن سالم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّه طلَّق امرأته وهى حائضٌ، فذكر ذلك عمرُ للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال: “مُرْهُ فليُراجِعْها، ثم ليُطلِّقها طاهرًا أو حاملاً” [صحيح مسلم: 1471.

ومن هنا يتبين الفهم الخاطئ أن الحامل لا يقع عليها الطلاق، بل هي التي يقع عليها بلا خلاف بين أهل العلم.

اللهم فقّهنا في ديننا، وارزقنا السعادة في أسرنا، واكفنا شر شرارنا. عباد الله: توبوا إلى الله واستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله يتوب على من تاب، وأشهد أن لا إلا الله الواحد الوهاب، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله خيرُ من عبد ربه وأناب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. أما بعد: 

 

عباد الله: وأمَّا أدلَّة الطلاق السني من حيث العدد -وهو أنْ يكون بطلقةٍ واحدة- فكثيرةٌ منها: قول الله -تعالى-:   ﴿  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ الطلاق: 1 . 

 

ووجه الاستدلال: أنَّ الله -جلَّ وعلا- أمَر في الآية الأولى بالطلاق للعدَّة، وأمَر المطلِّق بالطلاق طلقةً واحدةً رجعيَّةً، فمَن تعدَّى ما حدَّ الله له بالطلاق الثلاث فقد ظلم نفسه؛ لأنَّه لا يدري لعلَّ الله يُحدِثُ بعد ذلك أمرًا؛ وهو الرغبة في الرجعة، فكان في ذلك تحريض على طلاق الواحدة والنَّهي عن الثلاث، ثم بيَّن سبحانه في الآية الثانية أنَّ مَن طلَّق كما أمره الله يكون له مخرج في الرجعة في العدَّة، أو أنْ يكون كأحد الخُطَّاب بعد العدَّة،

وورَد عن محمود بن لبيد قال: “أُخبر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن رجلٍ طلَّق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فغضب ثم قال صلَّى الله عليه وسلَّم: “أيُلعَبُ بكتاب الله وأنا بين أظهركم”  رواه النسائي وصححه الألباني في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام: 261. 

 

ووجه الاستدلال: أنَّ غضب النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عندما أُخبر عن تَطلِيق ذلك الرجل لامرأته ثلاث طلقات جميعًا، دليلٌ على حُرمة جمع الثلاث؛ لأنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا يغضب إلا لحرام. 

 

وورد عن عمر -رضِي الله عنه-: أنَّه كان إذا أُتِي برجلٍ طلق ثلاثًا أوجعه ضربًا. 

وعن علي -رضِي الله عنه- قال: “لو أنَّ الناس أصابوا حدَّ الطلاق ما ندم رجلٌ على امرأةٍ، يطلقها واحدة، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حِيَض” أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 4/ 5.

وعن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- أنَّه أتاه رجل فقال: إنَّ عمِّي طلَّق امرأته ثلاثًا، فقال: “إنَّ عمَّك عصى الله، فأندمه الله، فلم يجعل له مخرجًا” .أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: 7/ 337.. 

وقد دلَّت هذه الآثار بمجموعها على أنَّ الصحابة -رضوان الله عليهم- يرَوْن تحريم طَلاق الثلاث مجموعةً، وأنَّ هذا الطلاق معصيةٌ لله -تعالى- وخلافٌ السُّنَّة. 

 

والخلاصة -إخوتي في الله-: أنَّ طلاق السُّنَّة الذي يجبُ التقيُّد به طاعةً لله -تعالى- ورسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لمن عزَم على الطلاق: أنْ يكون الطلاق في حال طُهْرٍ لم يحصل فيه جماع، أو في حال الحمل الذي تبين، وأنْ يكون بطلقةٍ واحدة فقط، وألا يتبعها بطلقةٍ أخرى حتى تنتهي عدَّتها. 

نسأل الله -تعالى- أنْ يُفقِّهنا في الدِّين، وأنْ يُعلِّمنا ما ينفَعُنا، والله -تعالى- أعلمُ. 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وأهلك الزنادقة والكافرين، وآمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلهم هداة مهتدين، حببهم لرعاياهم، وحبب رعايهم لهم، واجعل اللهم ولايات المسلمين فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين.

 

مشروع خطب الجمعة في إفريقيا

رقم الخطبة

عنوان الخطبة

معد الخطبة

تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة

المراجعة والنشر

240

النكاح أركانه وشروطه

الدكتور بن علي بن عبد العزيز الشبل

11/04/1447هـ  الموافق 03/10/2025م

الأمانة العامة

النكاح أركانه وشروطه

الحَمْدُ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيْه، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شهادةً نرجو بها النجاة والفلاح، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله عبده المصطفى ونبيه المجتبى، فالعبد لا يُعبد كما الرسول لا يُكذَّب، فاللهم صلِ وسلم عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن سلف من إخوانه من المرسلين، وسار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

 

عباد الله!فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

عباد الله!يقول الله جَلَّ وَعَلا: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

إن من كمال هذه الشريعة ومن يسرها وسماحتها أن شرعت النكاح، ورغَّبت فيه، وحثت عليه، ولهذا في النكاح مقاصد عظيمة، أعظمها قضاء الوطر؛ ففي الصحيحين) يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء (  يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».

من مقاصد النكاح العظيمة تحقيق النسل بهذه الفطرة التي جعلها الله جَلَّ وَعَلا في هؤلاء الخلق.

ومن مقاصد النكاح أيضًا إيجاد المودة بالعشرة بين الزوجين، في تكوين هذه اللبنة الأساسية في المجتمع الذي ينشأ منه الأولاد والبنات، ثم الأحفاد والأجيال التي بعدها.

 

والنكاح يا عباد الله! له في شريعة الإسلام أركانٌ وشروط، فأركانه ثلاثة، وشروطه أربعة.

أركان النكاح:

الزوجان الخاليان من الموانع، فلا رضاعة بينهم ولا أخوة نسبٍ أو أبوةٍ بينهم، فإنه لا يصح في شريعتنا نكاح الأخت من النسب أو من الرضاعة، وكذلك نكاح الأب أو نكاح البنت، فإن هذا من أعظم المحرمات، ولا يوجد هذا إلا في شرائع الوثنيين من المجوس وأمثالهم.

الركن الثاني من أركان النكاح: الإيجاب؛ وهو قول ولي المرأة للرجل: زوجتك موليتي فلانة.

الركن الثالث: القبول؛ بأن يقول الزوج أو وليه إن كان صغيرًا أو وكيله إن كان غائبًا: قبلنا هذا الزواج، فهذه هي أركان النكاح الثلاثة.

 

أما شروطه فهي أربعة:

  • أولها: تعيين الزوجين؛ فيقال: زوجنا فلانًا من فلانة باسمهما، ولا يكون هذا بقول بعض الناس: زوجت ابني من إحدى بناتك إذا كان له أبناءٌ كثر وكان ذلك له بناتٌ كثر، فلا بد من تعيين الزوجين.

  • الشرط الثاني: لا بد من رضاهم؛ بأن يرضى الزوج بالزوجة وترضى المرأة بزوجها؛ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تُنكح البكر حتى تُستأمر ولا تُنكح الثيب حتى تُستأذن»في البكر إذنها صماتها، وفي الثيب إذنها كلامها،قيل: ما إذنها؟ قال): «في البكر إذنها صماتها، وفي الثيب إذنها كلامها (  ولهذا لا يصح أن تُجبَر البنت على النكاح على ابن عمها، أو على قريبها وهي لا تريده، إذا كانت بالغة، أما من كانت دون البلوغ فإن أباها أشفق عليها وله أن يجبرها إذا كان في هذا مصلحةٌ ظاهرةٌ لها في نكاحها.

  • الشرط الثالث من شروط النكاح: هو تعيين الولي؛ فلا نكاح في شريعة الإسلام إلا بولي، من ولي المرأة؟ وليها أولًا أبوها، ثم وصيه، ثم جدها وإن علا، ثم ابنها وإن نزل، ثم أخوها الشقيق، ثم أخوها لأب، ثم عمها الشقيق، ثم عمها لأب، ثم ابن عمها الشقيق، ثم ابن عمها لأب، الأقرب فالأقرب، إلى ألا يكون للمرأة وليٌ بأن تكون مقطوعة من النسب كله فيكون وليها الحاكم الشرعي وهو القاضي، فلا نكاح في الإسلام إلا بولي، والله جَلَّ وَعَلا يقول: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ﴾ [النور: 32]، وهذا الخطاب موجهٌ لكم أيها الأولياء، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صح عنه من غير وجهٍ أنه قال: «لا نكاح إلا بوليٍ وشاهدي عدل (ا نكاح إلا بوليٍ وشاهدي عدل» ) ، وقال عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام: «أيما امرأةٍ نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطلٌ باطلٌ باطل.

  • الشرط الرابع من شروط النكاح: وجود الشاهدين العدلين، فهما ظاهران في العدالة لا يكونان متلبسان بكبيرة وفسق، يخرجانهما عن العدالة، وأولى ما يكون هؤلاء الشهود من محارم المرأة الذين يعرفون رضاها بهذا الزوج، لأن النكاح عقدٌ عظيمٌ في الإسلام، فلا بد من توثيقه بهذه الشهادة.

هذه يا عباد الله هي شروط النكاح وهي أركانه، فإذا تخلف ركنٌ من أركانه فالنكاح باطل، وإذا تخلف شرطٌ من شرائطه فالنكاح فاسد.

  • واعلموا -رحمني الله وإياكم- أنه يستحب في النكاح إعلانه وإظهاره وهو إشهاره؛ فإن عبد الرحمن بن عوفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي وجهه أثر صفرة، قال: ما هذه يا عبد الرحمن؟ قال: إني تزوجتُ يا رسول الله، فقال عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام: أولم ولو بشاة، وهذه الوليمة هي إشهار هذا النكاح حتى ترتفع الريبة، كيف يصاحب هذا الرجل هذه المرأة ولم يعلم الناس بنكاحهما، نعم الإشهار شرطٌ لكن الإشهار والإعلان هو مستحبٌ ما لم يبلغ حد السرف، والترف، وحد المفاخرة، فيقع عندئذٍ أصحابه في المحرم، قال الله جَلَّ وَعَلا: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾[الأعراف: 31]، وقال جَلَّ وَعَلا: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 27].

  • واعلموا -رحمني الله وإياكم- أنه لا يجوز في إعلان النكاح الضرب عليه بالطبول، أو بالأزمرة أو بغيرها مما يلعب به الناس، فإن هذه كلها من المعازف المحرمة، التي قال فيها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث أبي مالك الأشعري: «ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحرى والحرير والخمر والمعازف» أخرجه البخاري في صحيحه تعليقًا. والله جَلَّ وَعَلا ذمَّ الذين يشترون بآيات الله ثمنًا قليلًا، ذمهم وعابهم، وقد حلف ابن مسعودٍ أنه الغناء، والغناء يكون غناءً بالكلام الفاحش، كما يكون غناءً بمصاحبته آلات المعازف، ولا يصح في النكاح إلا الدف للنساء خاصة، بشرط ألا يسمعه الرجال، فإن سمعوه وقع الجميع في الإثم.

  • فاتقوا الله جَلَّ وَعَلا وابنوا حياتكم وحياة أولادكم على أسسٍ شرعية، ليحل عليهم توفيق الله جَلَّ وَعَلا، واحذروا مقته وسخطه وعقوباته بما يختلقه الناس، بما يقلد به بعضهم بعضًا من معاصيه، سواءً في حد العرس، أو فيما يعدونه فيه من الأطعمة، أو فيما يكون فيه مصاحبًا له من المحرمات.

نفعني الله وَإِيَّاكُمْ بالقرآن العظيم، وما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه كان غفارًا.

الخطبة الثانية

 

الحَمْدُ للهِ عَلَىٰ إحسانه، والشكر له عَلَىٰ توفيقه وامتنانه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إعظامًا لشانه، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الداعي إِلَىٰ رضوانه، صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وعَلَىٰ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ إِلَىٰ يوم رضوانه، وَسَلّمَ تَسْلِيْمًا كَثِيْرًا أَمَّا بَعْدُ:-

فاعلموا أن من منكرات الأفراح الظاهرة الشهيرة ما يتعلق بالنساء، ويا الله كم يقع فيهن وبينهن ومنهن أنواعٌ من المنكرات لا يرتضيها العقلاء، فضلًا عن أن ترتضيها شريعة الله الغراء، ومن ذلك يا عباد الله السرف في ما يكون من أطعمتهم من حلوى بأنواعها، وعصائر، وفطائر بأشكالها، فضلًا عن ما يكون فيها من الذبائح والولائم، والله جَلَّ وَعَلا نهانا عن البطر ونهانا عن السرف.

 

من منكرات النساء أيضًا ما يتعلق بدخول الرجال عليهن، ولا سيما عند الزفة والتشريعة، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إياكم» أي أحذركم، «إياكم والدخول على النساء»، قيل: يا رسول الله، أفرأيت الحمو –والحمو هو أخو الزوج أو قريبه-قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الحمو الموت»  فإذا كان الحمو هو الموت إذًا غيره من باب أولى وأشد وأنكى.

 

ومن منكرات النساء في الأفراح يا عباد الله، وكذلك في مجامعهن في حفلاتهن وعزائمهن اللباس العاري، سواءٌ كان شفافًا أو كان ضيقًا أو كان قصيرًا، وهذا مما بُليت به نساء المسلمين، تقليدًا للفاجرات والكافرات وغير المسلمات، وقد حذرنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك تحذيرًا عظيمًا فقال كما جاء في صحيح مسلم من حديث ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صنفان من أهل النار لم أرهما؛ رجالٌ معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون الناس ونساءٌ كاسياتٌ عاريات مائلاتٌ مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يروحون رائحة الجنة»، كيف تكون المرأة كاسيةً عارية؟ تلبس لباسًا لكنه لا يستر عورتها، ولا يغطي مفاتنها إما أنه شفافٌ أو أنه مقطعٌ يظهر أكثر ظهرها أو صدرها أو بطنها، أو أنه مشقوقٌ يظهر ساقيها وفخذيها، أو يكون ضيقًا فيصف تقاطيع جسمها، وهذا مما بُليت به النساء كثيرًا، ولم يسلم من ذلك إلا من سلمه الله.

 

وهذا إن كان متوجهًا للنساء خاصة، إلا أنه لكم أيها الأولياء من الآباء والإخوان والأزواج متوجهٌ إليكم لأنكم رعاة، وكلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، كما قاله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

ومن المنكرات المتعلقة بالأفراح يا عباد الله هذا السرف العظيم من النساء فيما يتعلق بالتزين والزيين في شعورهن وفي وجوههن وفي أبدانهن، وكذلك ما يتعلق برسم الحواجب، وكذلك ما يتعلق بتركيب الرموش الصناعية أو الأظافر الصناعية، وكل هذا من المحرمات؛ فقد لعن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الواشمة والمستوشمة، ولعن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الواصلة والمستوصلة، ولعن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناشرة، فهذه كلها محرمات يقلد فيها النساء بعضهن بعضًا بدعوى أنها تغير من شكلها أو تتجمل، وتجملها ليس لزوجها وإنما للنساء حتى يقلن: ما أحسنها، وما أجمل لبسها، وما أحسن زينتها.. وما إلى ذلك. هذه منكراتٌ عظيمة، فاتقوا الله، واحذروها يا عباد الله.

 

ثم اعلموا أنه جاء في الصحيحين عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الله لما خلق الرحم ارتفعت فصار لها أنينًا تحت العرش، فقال جَلَّ وَعَلا: «وعزتي لأنصرنكِ»، وقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة (أي من قطيعة الرحم)، فقال جَلَّ وَعَلا: “لأصلن من وصلك، ألا ترضين أن أصل من وصلك؟ وأن أقطع من قطعك؟» قالت: رضيتُ، قالت: رضيت.

ثم اعلموا رحمني الله وإياكم أن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار، ولا يأكل الذئب إلا من الغنم القاصية.

 

 )إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ الأحزاب 56

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، اللهم عزًا تعز به الإسلام وأهله، وذلًا تذل به الكفر وأهله، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعزُّ فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا ذا الجلال والإكرام، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، عباد الله! إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، اذكروا الله يذكركم، واشكروه عَلَىٰ نعمه يزدكم، ولذكر اللَّه أَكْبَر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

الأستاذ كافومبا كيتاالأستاذ كافومبا كيتا

غينيا كوناكري

20250926_143805زيارة الأستاذ الدكتور عبد المحسن بن زبن المطيري رئيس مجلس إدارة جمعية آيات الخيرية بالكويت لمقر الأمانة العامة لاتحاد علماء إفريقيا.

استقبلت الأمانة العامة برئاسة الأمين العام الدكتور سعيد محمد بابا سيلا ومساعد الأمين العام لشؤون المالية الشيخ الدكتور إبراهيم كونتاو المدير العام لمنظمة الفاروق  في مالي والمدير التنفيذي المزيد…

زيارة الأستاذ الدكتور عبد المحسن بن زبن المطيري رئيس مجلس إدارة جمعية آيات الخيرية بالكويت لمقر الأمانة العامة لاتحاد علماء إفريقيا.

استقبلت الأمانة العامة برئاسة الأمين العام الدكتور سعيد محمد بابا سيلا ومساعد الأمين العام لشؤون المالية الشيخ الدكتور إبراهيم كونتاو المدير العام لمنظمة الفاروق  في مالي والمدير التنفيذي الدكتور عمر بامبا فضيلة الأستاذ الدكتور عبد المحسن بن زبن المطيري رئيس جمعية آيات الخيرية ومرافقه الدكتور سمير عبد الله الأمين كوجو، وبحضور  المدير التنفيذي  لمنظمة الفاروق الدكتور يحي غوري، وذلك مساء يوم الجمعة 04/04/1447ه الموافق 26/09/2025م؛
وقد استهدفت هذه الزيارة الوقوف على مشروع مقر الاتحاد وتعزيز العلاقات الودية والتعاونية مع الاتحاد
.
وإليكم بعض اللقطات من الزيارة مع خالص الشكر والتقدير وتحيات مكتب الأمانة العامة لاتحاد علماء إفريقيا قسم الإعلام والمعلوماتية

1758912886109الأمين العام والمدير التنفيذي وكثير من الأعضاء يشاركون في الموتمر الدولي حول اللغة العربية  والحضارة الإسلامية بإفريقيا جنوب الصحراء
شارك الأمين العام الدكتور سعيد محمد بابا سيلا والمدير التنفيذي الدكتور عمر بامبا وكثير من الأعضاء في بلد المقر في الموتمر الدولي حول اللغة العربية المزيد…