مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
201   وقفة مع الإسراء والمعراج د. عثمان صالح تروري ـــ عضو الاتحاد في مالي 23 /07 /1446هـ  الموافق 24/01/2025م الأمانة العامة

 

الموضوع: ” وقفة مع الإسراء والمعراج ”

 

الحمد لله أثنى على عبدِه ورسولِه محمّد في غير موضع من محكم كتابِه، وامتدحه بجميل خلقه وكريم آدابِه، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو ربّنا الرحمن آمنا بِه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله أنزل عليه الذكر وحفظه على مرّ الدهر وتعاقب أحقابه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى الطيبين الطاهرين آله، وعلى الأبرار المكرمين أصحابِه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما طلت شمس نهار وأضاء كوكبُ شهابِه.

 

معاشر المسلمين أوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته, فلا يعلم الله في قلوبكم ما لا يرضيه وهو العليم بذات الصدور, ولا يسمع في أقوالكم ما لا يرضيه وكفى به سميعا, ولا يرى في أعمالكم ما لا يرضيه فإنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[  آل عمران (102)

 

أيها المؤمنون : إن مما أكرم الله به نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم وفضله على سائر الرسل أن أعطاه الإسراء والمعراج، وشرفه بالوصول إلى سدرة المنتهى، فرأى من آيات ربه الكبرى.

وإن حادثة الإسراء والمعراج ثابتة بنصوص الكتاب والسنة، قال تعالى ]  سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[  الإسراء (1)

وذكر البخاري رحمه الله في صحيحه حديث المعراج ، قال : حدثنا هُدبة بن خالد حدثنا همام بن يحيى حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حدثهم ليلة أسري به قال (( بَيْنَما أنا في الحَطِيم مُضْطَجِعاً إِذْ أتانِي آتٍ فَقَدَّ ما بَيْنَ هَذِهِ إلى هَذِهِ فاسْتَخْرجَ قَلْبِي ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيماناً فَغُسِلَ قَلْبِي بِماءِ زَمْزَمَ ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أعيدَ ثُمَّ أُتِيتُ بِدابَّةٍ دُون البَغْلِ وفَوْقَ الحِمارِ أبْيَضَ يُقالُ لَهُ البُراقُ يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أقْصَى طَرْفِهِ فَحُمِلْتُ عليهِ فانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أتَى السَّماءَ الدُّنْيا فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هذا قالَ جِبْرِيلُ قِيلَ ومَنْ مَعَكَ قالَ مُحَمَّدٌ قيلَ وقَدْ أُرْسِلَ إليهِ قالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَباً بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ فإذا فيها آدَمُ فَقالَ هذا أبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عليه فَسَلَّمْتُ عليه فَرَدَّ السَّلامَ ثُمَّ قالَ مَرْحَباً بالنَّبِيِّ الصَّالِحِ والابْنِ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أتَى السَّماءَ الثَّانِيَةَ فاسْتَفْتَحَ فَقيلَ مَنْ هذا قالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ قالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَباً بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إذا بِيَحْيَى وَعِيسَى وهُما ابْنا الخَالَةِ قالَ هذا يَحْيَى وعِيسَى فَسَلِّمْ علَيْهِما فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ثُمَّ قالا مَرْحَباً بالأخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي إلى السَّماءِ الثالِثَةِ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هذا قالَ جِبْرِيلُ قِيلَ ومَنْ مَعَكَ قالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وقدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ قال نَعَمْ قِيلَ مَرْحَباً بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إذا يُوسُف قال هذا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قالَ مَرْحَباً بالأَخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بي حَتَّى أتَى السَّماءَ الرَّابِعَةَ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذا قالَ جِبْرِيلُ قِيلَ ومَنْ مَعَكَ قالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وقَدْ أُرْسِلَ إليْهِ قالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَباً بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إذا إِدْرِيسُ قالَ هَذا) – (ادْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ ثُمَّ قالَ مَرْحَباً بالأَخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بي إلى السَّماءِ الخامِسَةِ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذا قالَ جِبْرِيلُ قِيلَ ومَنْ مَعَكَ قالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أرْسِلَ إِلَيْهِ قالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَباً بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إذَا هارُونُ قالَ هَذَا هارُون فسَلِّم عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عليهِ فَرَدَّ ثُمَّ قالَ مَرْحَباً بالأَخِ الصَّالح والنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي إلى السَّماءِ السَّادِسَةِ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قالَ جِبْرِيلُ قِيلَ ومَنْ مَعَكَ قالَ مُحَمَّدٌ قيل وقدْ أرْسِلَ إِلَيهِ قالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَباً بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فَلَما خَلَصْتُ فإِذا مُوسى قالَ هذا مُوسَى فَسَلِّمْ عليهِ فَسَلَّمْتُ عليهِ فَرَدَّ ثُمَّ قالَ مَرْحَباً بالأَخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ فَلمَّا تَجاوَزْتُ بَكَى قِيلَ لَهُ ما يُبْكِيكَ قال أبْكِي لأَنَّ غُلاماً بُعِثَ بَعْدَي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي ثُمَّ صَعِدَ بِي إلى السَّماءِ السَّابِعَةِ فاسْتَفَتَحَ قِيلَ مَنْ هَذا قالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إليهِ قالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَباً بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إذا إبْرَاهِيمُ قالَ هذَا أبُوكَ إبْراهِيمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتَ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلامَ فقالَ مَرْحَب اً بالابْنِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ المُنْتَهَى فإذا نَبْقُها مِثْلُ قِلالِ هَجَرَ وإذا وَرَقُها مِثْلُ آذانِ الفِيَلَةِ قالَ هَذِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهَى وإذا أرْبَعَةُ أنْهارٍ نَهْرانِ باطِنانِ ونَهْرانِ ظاهِرانِ قُلْت ما هَذانِ يا جِبْرِيلُ قالَ أمَّا الباطِنانِ فَنَهْرانِ في الجَنَّةِ وأما الظَّاهِرانِ فالنِّيلُ والفُراتُ ثُمَّ رُفِعَ لِيَ البَيْتُ المَعْمُورُ فَقُلْتُ يا جِبْرِيلُ ما هذا قالَ هَذا البَيْتُ المَعْمُورُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ إذا خَرَجُوا مِنْهُ لم يَعُودُوا إليهِ آخِرَ ما عَلَيْهِمْ ثُمَّ أُتِيتُ بإِناءٍ مِنْ خَمْرٍ وإِناءٍ مِنْ لَبَنٍ وإِناءٍ مِنْ عَسَلٍ فأخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ هِيَ الفِطْرَةُ الَّتي أنْتَ عَلَيْهَا وأُمَّتُكَ ثُمَّ فُرِضَ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلاةً كُلَّ يَوْمٍ فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ على مُوسَى فَقالَ بِمَ أمرْتُ قلْتُ أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كلَّ يَوْمٍ قالَ إنَّ أُمَّتَكَ لا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ وإِنِّي والله قد جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وعالَجْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ أشَدَّ المُعالَجَةِ فارْجِعْ إلى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْراً فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى فَقالَ مِثْلَهُ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْراً فَرَجِعْتُ إلى مُوسى فَقَالَ مِثْلَهُ فَرَجعتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْراً فَرَجَعْتُ إِلى مُوسَى فقالَ مِثْلَهُ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْراً فأُمِرْت بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ فَقَالَ مِثْلَهُ فَرَجَعْتُ فأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ قالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وإنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعالَجْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ أشَدَّ المُعالَجَةِ فارْجِعْ إلى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ قُلْتُ سألْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَلَكِنْ أرْضَى وَأُسَلِّمُ فَلَمَّا جاوَزْتُ نادَانِي مُنادٍ أمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبادِي)

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده, وصلى الله على نبينا محمد وسلم

أيها المؤمن فهذا هو الإسراء والمعراج يجب الإيمان به يقينا, وهناك ثلاث مسائل متعلقة به هي:

المسألة الأولى: هل كان الإسراء والمعراج بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه :

نعم ،قال ابن كثير ما ملخصه : كان الإسراء والمعراج يقظة بالروح والجسد ومن أدلة ذلك :

1ـ افتتاح السورة بسبحان وهذا لا يأتي إلا لعجب عظيم

  1. ذكر البراق والبراق لا يحمل إلا جسدا

3ـ إنكار قريش له والرؤى لا تنكر عادة

المسألة الثانية: متى وقعت حادثة الإسراء والمعراج ؟

قال ابن حجر ما ملخصه : وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى متى كانا :
فقيل أنها ليلة الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ولم تعين السنة ، وقيل أنها قبل الهجرة بسنة ، فتكون في ربيع الأول ، ولم تعين الليلة ، وقيل قبل الهجرة بستة عشر شهراً ، فتكون في ذي القعدة ، وقيل قبل الهجرة بثلاث سنين ، وقيل بخمس ، وقيل : بست .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( أنه لم يقم دليل معلوم لا على شهرها , ولا على عشرها , ولا على عينها , بل النقول منقطعة مختلفة , ليس فيها ما يقطع به . نقله ابن القيم عنه في الزاد 1 / 57 .

 

المسألة الثالثة : هل شرع في مناسبته شيء يتقرب به إلى الله؟

لم يشرع في ليلة الإسراء والمعراج عبادة ولا احتفال, فهي ليلة لم يثبت تعيينها, ولو فرضنا  على أنه ثبت تعيين ؛ فإنه لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من صحابته أو التابعين لهم بإحسان أنهم جعلوا لليلة الإسراء مزية عن غيرها ، فضلاً عن أن يقيموا احتفالاً بذكراها , لو كان ذلك من السنة لما اختلف العلماء في تعيينها. فعليكم بما ثبت عن نبيكم ففي ذلك هداية ورضا من الرحمن.

 

ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على الرحمة المهداة , والنعمة المسداة , فإن من صل عليه مرة واحدة صل الله بها عشرا, اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه وسلم , اللهم أكفنا بحلالك عن حرامك , وبطاعتك عن معصيتك , وبحبك وحب رسولك عن حب من سواكما , وأذقنا حلاوة الإيمان بطاعتك وطاعة رسولك صلى الله عليه وسلم . اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , يارب العالمين , وصل الله وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين , والحمد لله رب العالمين .

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *