مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
214 تَعْظِيم قَدَر الصَّلَاة قسم المشاريع 20 /10 /1446هـ  الموافق 18/04 /2025م الأمانة العامة

 

 

الموضوع: ” تَعْظِيم قَدَر الصَّلَاة “

 

الحَمْدُ للهِ، ذي العِزَّةِ القَاهِرَة، والحِكْمَةِ البَاهِرة، لا إلهَ إلَّا هُو، لَه الحَمْدُ فِي الأُولى والآخِرَة، أحمدُه سُبحَانَهُ وأشكرُهُ عَلَى نِعَمِهِ البَاطِنَةِ والظَّاهِرَة، وأشهدُ أن لا إلَه إلَّا اللَّه وحدَهُ لا شَرِيك لَه شهادةَ الحقِّ وَالْيَقِين، وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه أعلَى منارَ الدِّين، صلَّى اللهُ عَلَيْه، وَعَلَى آلهِ وصَحبِه، وسلَّمَ تسليمًا كَثِيرًا.

أمّا بعد:

عبادَ اللَّه: فأُوْصِي نَفْسِي وإيَّاكُم بتقوَى اللهِ عزَّ وَجُلّ، اتَّقوا اللهَ رَحِمَكمُ اللَّه، فمَنِ اتَّقى اللهَ نَجَا، وَمَنّ عَصَاه خَاب وشقى، وسَوفَ يُبعَثُ النَّاس فِي يُوم عَظِيم، فأعِدُّوا لذلكَ اليَومِ عُدَّتَهُ، ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ البقرة 281.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُون: أوَّلُ صِفَةٍ للمُتَّقينَ فِي كتابِ اللَّه؛ بعدَ الإيمَانِ بالغَيب، إقَامةُ الصَّلاة: ﴿الْم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ البقرة 3. وأوَّلُ وَاجِبٍ بعدَ التَّوحِيد: الصَّلاة؛ قالَ اللهُ لِمُوسَى عَلَيْه السَّلَام مِنْ غَيرِ وَاسِطَة: ﴿ِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾، وقالَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لمُعاذٍ : (فَلْيَكُنْ أوَّلَ مَا تَدعُوهُمْ إلَيْه : عِبَادَةُ اللهِ عزَّ وجَل، فَإِذَا عَرَفُوا اللهَ فأَخْبِرْهُمْ أنَّ اللهَ فَرَضَ عَليْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَومِهِمْ ولَيلَتِهِمْ) مُتَّفَق عَلَيْه .

 

أَحَبُّ أعمَالِ بَني آدمَ إِلَى اللَّه: الصَّلاة، سُئِلَ النبيُّ ﷺ: أيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّه ؟ قَال: (الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِها)، قَيْل: ثُمّ أيٌّ؟ قَال: (ثُمّ بِرُّ الوَالِدَين) قالَ ابنُ حَجَرٍ رَحِمَه اللَّه: (الصَّبرُ عَلَى المُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَات، وأدَاؤُها فِي أوقَاتِها، والمُحَافَظَةُ عَلَى برِّ الوالدَين؛ أَمْرٌ لازِمٌ مُتكرِّرٌ دائمٌ؛ لا يَصْبِرُ علَى مُراقَبَةِ أمرِ اللهِ فيهِ إلَّا الصدِّيقُون).

 

مَنْ أرَادَ تَحقِيقَ السَّعادَة، وكَثْرَةَ الرِّزْق، والبَرَكةَ فِيْه، والعَوَاقِبَ الحَسَنَة، وإجَابَةَ الدُّعاء؛ فإنَّ مَطْلُوبَهُ: فِي الصَّلاةِ، والاصْطِبَارِ عَلَيْهَا. كمَا قالَ تعالَى عَنْ زكريَّا عَلَيْه السَّلَام بعدَ أنْ دَعَا ربَّه: ﴿ِفَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ.. ﴾ آ عمران 39، وقالَ جَلَّ وعَلا: ﴿ِوَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ طه 132.

 

عِبادَ اللَّه: ومِنْ عَظِيمِ قَدْرِ الصَّلاةِ عِندَ ربِّكُمْ جَلَّ فِي عُلَاه: أنْ عَظَّمَ سُبحَانَهُ كلَّ عَمَلٍ مُتَعَلِّقٍ بالصَّلاة؛ فالوُضُوءُ لِلصَّلاة؛ يُكَفِّرُ الخَطَايا، (ومَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ أَو رَاحَ؛ أعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الجنَّةِ نُزُلاً كلَّمَا غَدَا أَو راحَ)، وكلُّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاةِ حَسَنَة، تَرفَعُكَ عِندَ اللهِ دَرَجَة، والأُخْرَى تَضَعُ عَنْكَ سَيِّئة، ومَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ دَعَتْ لَهُ المَلائِكةُ تَقُول: اللهُمَّ صَلِّ عَلَيْه، اللهُمَّ ارحَمْه، مَا لَم يُحْدِث. ورَكْعَتَا الفَجْر؛ أيْ: سُنَّتُها؛ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا ومَا فِيهَا فَكَيْف بفريضتها و(أَحَبُّ البِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا)…أوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَليهِ العَبدُ يَومَ القِيامَةِ مِنْ عَمَلِهِ: صَلَاتُه، فإنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفلَحَ وأَنجَحَ، وإنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ واللهِ وخَسِرَ، هِي صِلَتُكَ الوَاصِلَةُ بالمولَى سُبحَانَه، ولذلكَ فهِيَ مِنْ أعظَمِ أسبَابِ دُخُولِ الجنَّة، ورُؤيةِ وَجْهِ اللهِ الكَرِيم، قالَ : (إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُم؛ كمَا تَرَونَ هذَا القَمَرَ لا تُضَامُونَ فِي رُؤيتِه؛ فإنِ اسْتَطَعْتُمْ ألَّا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قبلَ طُلوعِ الشَّمْسِ وقبلَ غُرُوبِها فَافْعَلوا) مُتَّفَق عَلَيْه . فأعلَى مَا فِي الجنَّةِ رُؤيةُ اللَّه، وَمَنّ أَعْظَم أَسْبَاب حُصُولِهَا الصَّلَاة وَخَاصَّة هَاتَانِ الصَّلاتَان: الفَجْرُ والعَصْر.

﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾.

 

بارَكَ اللهُ لِي وَلِكَم فِي القرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعَنِي وإيَّاكُم بِمَا فيهِ مَن الآياتِ والذكرِ الْحَكِيم، أَقُول قَوْلِيّ هَذَا، وأستغفرُ اللَّه لِي وَلِكَم ولسائرِ المُسلمينَ وَالْمُسْلِمَات مَن كلِّ ذنبٍ، فاستغفِروه، إنَّه هُو الْغَفُور الرَّحِيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحَمْدُ للهِ عَلَى إحسَانِه، وصلَّى اللهُ عَلَى عَبْدِهِ ورسُولِهِ الدَّاعي إِلَى رِضْوَانِه، صلَّى اللهُ عَلَيْه، وَعَلَى آلهِ وأصحَابِه، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْد:

عِبادَ اللَّه: أوْجَبَ اللهُ علَى الرِّجَالِ أداءَ الصَّلاةِ جَمَاعةً فِي المسَاجِد، فقالَ سُبحَانه: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، وهَمَّ بتَحْرِيقِ بُيُوتِ المُتَخَلِّفينَ عَنْ صَلاةِ الجَمَاعة، وَلَمّ يُرخِّصْ لِرَجُلٍ أعمَى لا قَائِدَ لَه، وَبَيْتِه بَعِيد عَن الْمَسْجِد وَطَرِيقِه لِلْمَسْجِد تحفه الْهَوَامّ وَالسِّبَاع بالتَّخَلُّفِ عَنْ صَلاةِ الجَمَاعة؛ بَلْ قالَ لَه: (هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بالصَّلاة؟). قالَ: نَعَم، قالَ: (فأَجِبْ) فَكَان بَعْد ذَلِك لا يَتَخَلَّف عَن صلاةٍ بَل كَان مؤذناً لِرَسُول اللَّه فِي مَسْجِدِه أَلَا وَهْو الصَّحَابِيّ الْجَلِيل عَبْد اللَّه بن أَم مَكْتُوم.

كيفَ يَطْمَئِنُّ فِي حَيَاتِه: السَّاهِي عَنْ صَلَوَاتِه؟!، وكيفَ يَهْنَأُ فِي مَعَاشِه؟ مَنْ يَنَامُ عَنْ صَلَوَاتِهِ فِي فِرَاشِه؟!، بَلْ كيفَ يَرجُو المُضَيِّعُ للصَّلوَات: الهِدَايةَ مِنَ اللهِ إِلَى الخَيراتِ والبَركَات، وَقَد أَخَلَّ بأعظَمِ أركَانِ دِينِهِ بعدَ التَّوحِيد. ألَا فاتَّقوا اللهَ عِبادَ اللَّه، تَعَاهَدُوا أَهْلِيكُمْ ومَنْ تَحتَ أيْدِيكُم؛ بالمُحَافَظَةِ علَى الصَّلوَات، عَلِّمُوهُمْ أركَانَها وشُرُوطَها، وآدابَ الوُقوفِ بينَ يَدَيْ المولَى جَلَّ فِي عُلَاه. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾، مَنْ ضَيَّعَ صَلَاتَهُ فمَاذا يَرتجِي، ومَنْ حَافَظَ عَلَيها وأقَامَهَا فمَاذَا فَقَد.

ألَا فاتَّقوا اللهَ عِبادَ اللَّه، وأَقِيمُوا الصَّلاةَ للهِ كمَا أَمَر.

رِضَا المولَى عَنْ عَبْدِهِ: فِي الصَّلاة، تُكَفِّرُ السيِّئات، تَرفَعُ الدَّرَجَات، جَامِعَةٌ لِكُلِّ خيرٍ، تَنْهَى عَنْ كُلِّ شرٍّ، فِيهَا صَلَاحُ الحَالِ وَالْمَآل، وفيها التَّوفِيقُ وسَعَادَةُ البَال، ورَغَدُ العَيْشِ وبَرَكَةُ المَال، وطُمَأنِينَةُ البُيُوت، وانْشِرَاحُ الصُّدور، وصَلَاحُ الذُّريَّة. يَقولُ تَعَالَى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ طه 132.

 

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّد، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَحَبَّتَهُ وَاتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً، اللَّهُمَّ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَأَسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ وَأَدْخِلْنَا فِي شَفَاعَتِهِ وَاجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيم، وَوَالِدِينَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والْمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، اللَّهُمّ أعزَ الإسلامَ والمسلمينَ وأذلَ الشركَ والمشركينَ، ودَمِّرْ أعداءَك أعداءَ الدِّينِ، وَأَرِنَا فِيهِم يومًا عَجْائبَ قُدرتِك يَا ربَّ الْعَالَمِين، اللَّهُمّ انصرْ أُمَّةَ محمدٍ وأَخرجْهم مَن الظلماتِ إِلَى النورِ.

اللَّهُمّ احْفَظ المسلمينَ فِي كلِ مكانٍ يَا ربَّ العالمينَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ فِي نَفْسِهِ وَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَى نَحْرِهِ، وَاجْعَلُهُ عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ يَا حَيُّ يَا قَيُّوم، اللَّهُمَّ وَحِّدْ صُفُوفَهُم وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُم عَلَى الْقُرْآنِ والسُّنَّةِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.  اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *