| مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
| رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
| 250 | حقوق آل البيت | الشيخ .خالد بن علي المشيقح | 21/06/1447هـ الموافق 12/12/2025م | الأمانة العامة |
الموضوع: “حقوق آل البيت”
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:102 . أما بعد:
عباد الله! الشريف في ذاته يفيض بالشرف على من حوله، والكريم في معدنه يسري كرمه في المحيطين به، وكذلك بعض البشر تفيض بركة على من حولها، وتتعداها إلى غيرها، كثير من سلالة إبراهيم عليه السلام غدوا أنبياء، وأنصار عيسى عليه السلام صاروا حواريين، وصحابة محمد ﷺ شرفوا بالصحبة، وأزواجه أمهات المؤمنين ونسله استحقوا وصف الشرف والسادة.
فلكرم النبي – ﷺ – كرمت ذريته، ولشرفه شرف آل بيته، وكانت مودة آل بيته ومحبته جزءاً من عقيدة أهل السنة والجماعة، رعوها على مر الزمان كما رعوا باقي الشريعة، وأقاموها كما أقاموا بقية أحكام الدين.
آل النبي – ﷺ – بالمعنى الخاص هم أقاربه الذين حرمت عليهم الصدقة وأزواجه وذريته، خلافاً لما يدعيه الرافضة، فهم يضيفون ويدخلون في آل النبي – ﷺ – الأئمة الاثنا عشرية، وهذا لم يرد فيه نص.
عباد الله! مذهب أهل السنة والجماعة في آل النبي – ﷺ – معرفة قدرهم، وبذل المودة لهم، ومحبتهم وموالاتهم، شهدت بذلك عقائدهم المدونة وتفاسيرهم المبسوطة، وشروحات السنن وكتب الفقه، كيف لا وهم وصية نبينا محمد – ﷺ -، هم وصيته وهم بقيته، يقول عليه الصلاة والسلام: “أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي” (رواه مسلم) وقال عليه الصلاة والسلام: “فاطمة سيدة نساء أهل الجنة” (رواه البخاري.
و أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: { قَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: ” أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ” فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ } وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي – ﷺ – قال للحسن: “اللهم إني أحبه فأحب من يحبه“، وقال الله -عز وجل- في كتابه الكريم وقرآنه العظيم: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ الأحزاب:33، ومعلوم أن هذه الآية نزلت في أزواجه عليه الصلاة والسلام؛ لأن ما قبلها وما بعدها كله خطاب لهن رضي الله عنهن.
وفي الصحيحين أن النبي – ﷺ – قال لأصحابه: “قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد“، وهذا يفسر اللفظ الآخر للحديث: “اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد“، فالآل هنا هم الأزواج والذرية خلافاً لما عليه الرافضة قبحهم الله، فإنهم لا يدخلون أزواجه في آله عليه الصلاة والسلام.
عباد الله! هذه بعض فضائل آل بيت النبوة كما حفظتها كتب السنة، والتزمها أهل السنة والجماعة، أنزلوهم منازلهم اللائقة بهم من غير إفراط ولا تفريط، ففي صحيح البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، أن أبا بكر -رضي الله تعالى عنه- قال: “ارقبوا محمداً في أهل بيته“، وفي الصحيحين أن أبا بكر -رضي الله عنه- قال لـعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: “والذي نفسي بيده! لقرابة رسول الله – ﷺ – أحب إليّ أن أصل من قرابتي“، وفي صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- شهد بالرضا لـعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- والسبق والفضل.
ولما وضع عمر -رضي الله عنه- الديوان بدأ بأهل النبي – ﷺ -، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول لـلعباس: “والله لإسلامك أحب إليّ من إسلام الخطاب؛ لحب النبي – ﷺ – لإسلامك“، كما استسقى عمر -رضي الله عنه- بدعاء العباس، وأكرم -رضي الله عنه- عبد الله بن العباس وأدخله مع الأشياخ، كل ذلك في صحيح البخاري وغيره.
وقد روى إمام أهل السنة أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- في فضائل أهل البيت، وحفظ للأمة أحاديث كثيرة منها ما رووا عن عبد المطلب بن ربيعة -رضي الله عنه-، أن النبي – ﷺ – قال لعمه العباس: “والله لا يدخل قلب مسلم إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي“.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: “ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويحبون أهل بيت رسول الله – ﷺ – ويتولونهم، ويحفظون وصية رسول الله – ﷺ – فيهم، حيث قال: “أذكركم الله في أهل بيتي” (رواه مسلم.
وقال الطحاوي -رحمه الله تعالى-: “ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان، ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله – ﷺ – وأزوجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برأ من النفاق“.
إن مذهب أهل السنة والجماعة زيادة حبهم وتعظيمهم واقتفاء أثرهم، والدفاع عنهم وعن منهجهم، وعن منهج أهل بيت النبي – ﷺ -، وقد اتخذوا ذلك ديناً وقربة إلى الله -عز وجل-، قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-: “لآله حق لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والولاء والموالاة ما لا يستحقه سائر قريش، وقريش يستحقون ما لا يستحقه غيرهم من القبائل“.
وقال -رحمه الله تعالى- في موضع آخر: “وقد أوجب الله لأهل بيت رسول الله – ﷺ – على الناس حقوقاً، فلا يجوز لمسلم أن يسقط حقوقهم ويظن أنه من التوحيد، بل هو من الغلو والجفاء، ونحن ما أنكرنا إلا ادعاء الألوهية فيهم، وإكرام مدعي ذلك“، انتهى كلامه.
ومن ممن تطرفوا في حقهم كروا على مسائل العقيدة فحرفوها، كل ذلك تحت شعار محبة آل البيت، ثم أخذوا يعيثون فساداً في بقية شرائع الدين، وأطاعوا شيوخهم في التحليل والتحريم بلا هدى، حتى صاروا كمن قال الله فيهم: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ التوبة:31، فعظموا المشاهد وعطلوا المساجد، ناهيك عن أكل أموال الناس بالباطل، واستحلال فروج الحرائر، وتكفير عموم الأمة، وكن العداوة والبغضاء للعرب الذين هم مادة الإسلام وأصل الإسلام، كل هذا يحدث ويكون تحت لافتات النصرة لآل بيت نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وآل البيت بريئون من أعمالهم وعقائدهم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه. عباد الله! ولآل بيت محمد – ﷺ – حقوق أجملها بما يلي:
أولا: حقهم في الخمس والفيء كما قال الله عز وجل ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ الأنفال: 41 ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: “فآل بيت النبي – ﷺ – لهم من الحقوق ما يجب رعايتها، فإن الله جعل لهم حقاً في الخمس والفيء، وأمر بالصلاة عليهم، مع الصلاة على رسوله – ﷺ -، لكن ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أن آل بيت النبي – ﷺ – إذا حرموا من الخمس والفيء وانقطع ذلك عنهم فإنه يجوز لهم أن يأخذوا الصدقة“.
ومن حقوقهم: اليقين الجازم بأن نسب رسول الله – ﷺ -، ونسب ذريته هو أشرف الأنساب، قال النبي – ﷺ -: “إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم“.
وأيضاً من حقوقهم: تحريم الزكاة عليهم، وذلك لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ، ففي الصحيح أن النبي – ﷺ – قال: “إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس“، لكن كما سبق إذا منعوا من الخمس والفيء فإن الزكاة جائزة لهم كما نص عليه ابن تيمية -رحمه الله-، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: “وأما تحريم الصدقة عليهم، فحرمت عليه -عليه الصلاة والسلام- وعلى أهل بيته؛ تكميلاً لتطهيرهم، ودفعاً للتهمة عنهم“.
ومن حقوقهم: زيادة محبتهم ومودتهم ونصرتهم، قال الله عز وجل: (﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ الشورى:23 .
ومن حقوقهم: الدفاع عنهم. ومن حقوقهم: بغض شانئهم ومبغضهم. ومن حقوقهم: معرفة فضلهم وسابقتهم. ومن حقوقهم: الصلاة عليهم.
عباد الله! وقد تسترت الرافضة بادعاء حبهم وموالاتهم، وأنهم وحدهم القائمون بهذا الحق، في حياتهم وبعد مماتهم، وأما سائر المسلمين فإنهم يعادون آل البيت ويكرهونهم، وبالغوا -قبَّحهم الله- في ذلك مبالغة واسعة، كان لها أثرها في القديم والحديث، وربوا أتباعهم وأولادهم على ذلك، ثم غالوا في حب علي -رضي الله عنه- حتى جعلوا له شيئاً من الألوهية طائفة منهم، كما أنهم بالغوا في كراهية من سواهم من صحابة رسول الله – ﷺ -، والحق الذي لا يشك فيه أي مسلم أن الرافضة أكثر الناس استغلالاً لمكانة آل البيت، والمتاجرة فيهم، أحياءاً وأمواتاً، ويتسترون وراء ذلك لهدم الإسلام والنيل من القرآن، ادعاء تحريفه، وتكفير الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-.
وهم كما ذكر ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-: “أنهم كالقرامطة، فإن القرامطة لما أرادوا الدخول على الناس، وأرادوا تقرير مذهبهم دخلوا على الناس من باب محبة آل بيت النبي – ﷺ -، ثم بعد ذلك يغرسون في عقول أتباعهم أن أغلب آل البيت كفار، فإذا سئلوا: ما الدين الصحيح؟ قالوا: ما عليه الحكماء، ويقصدون بذلك مذهب الفلاسفة، إخوان الصفا الذي هو مذهبهم والذي هو كفر بواح“.
فأهل السنة والجماعة ولله الحمد وسط في آل بيت النبي – ﷺ -، بين الناصبة الذين ينصبونهم العداء، وبين الرافضة الذين يغلون فيهم، بل يعرفون لهم حقوقهم التي تقدمت، ويؤمنون بالله عز وجل، ويعتقدون ذلك شريعة يدينون الله عز وجل بامتثاله.
اللهم إنا نسألك محبتك، ومحبة نبيك محمد – ﷺ -، ومحبة آل بيته، اللهم إنا نؤمن بحبك وحب نبيك محمد – ﷺ -، وحب آل بيته، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
















































أضف تعليقاً