المؤتمر الدولي الثاني حول الإعلام والإرهاب: الوسائل والاستراتيجيات نظمتها جامعة الملك خالد بأبها
المهرجان الخطابي للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية
المؤتمر العام الأول لخريجي جامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم السودان
المؤتمر العام الأول لخريجي جامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم السودان
الملتقى الدعوي العلمي الخامس في نيامي.
زيارة المندوب الجهوي للجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي لمنطقة الساحل وشمال إفريقيا لمكتب الأمانة العامة لاتحاد علماء إفريقيا
مشاركة بعض أعضاء اتحاد علماء إفريقيا في الملتقى الثقافي الثاني حول المساجد بالخرطوم – السودان
الندوة العلمية الدولية حول حماية السكان المدنيين في النزاعات المسلحة في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني المنعقد في النيجر بتاريخ 15-نوفمبر-17
لمؤتمر العام الثاني للاتحاد بمكة المكرمة اليوم الثلاثاء 3-4 ذو الحجة 1439ه الموافق ل 14-15 أغسطس 2018 برعاية لجنة الدعوة في إفريقيا
المؤتمر العام الثاني
المؤتمر العام الثاني
رمضان 1442هـ
عيد الفطر المبارك 1442هـ /2021م
تهنئة عيد الأضحى المبارك 1442هـ / 2021
حرمة شهر الله المحرم وعاشوراء
الخطبة الأولى
الحمد لله جعل التقوَى خيرَ زاد، أحمدهُ – سبحانه – وأشكرُه، والشكرُ حقٌّ واجبٌ له على كلِّ العباد، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ولا نظيرَ ولا أنداد، وأشهدُ أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، شفيعُ المُوحِّدين يومَ التناد، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبِه ذوي البرِّ والتُّقَى والرشاد.
فأعِدُّوا لهذا اليوم عُدَّتَه، وخذُوا له أُهبَتَه. فمن صدَقَ يقينُه جدَّ، ومن علِمَ قُربَ الغايةِ استعدَّ.
عبادَ الله: إنَّ إشراقَ شمسِ شهرِ اللهِ المُحَرَّم هو مطلعُ عامٍ جديدٍ، وبدايةُ مرحلةٍ من مراحِلِ العمر، تبعثُ على السعادةِ والغِبطَة، وتُشيعُ السُّرورَ في جنَبَاتِ النفس، أن منَّ الله على عبده، فأمدَّ له في أجَلِه، وأطالَ في عُمُره، حتى أدرَكَ ما قعَدَ بغيره الأجلُ عن إدراكِه، وحظِيَ بما حُرِمَ منه من أمسى رَهِينَ قبره، من أهلِه وإخوانِه وأحبَّته وعُشرائِه.
وتلكَ نعمةٌ ما أجلَّها، ومنَّةٌ ما أعظَمَها، وما أعظمَ حقَّ المُنعِم بها – سبحانه – في وجوبِ الشُّكرِ له عليها، باغتِنام فُرصَتها لاستِصلاحِ ما فسَد، وتدارُكِ ما فاتَ، واستِكمالِ ما نقَص، بالسعيِ إلى التَّرقِّي في مدارجِ الباقياتِ الصالحات، واستِباقِ الخيرات.
وإن خيرَ ما يقَعُ به الشُّكرُ لله ربِّ العالمين المُنعِم بهذا الإمدادِ والفُسحةِ في الأجل: أن يبدأُ المسلمُ عامَه بالصيام التي تُرَوَّضُ فيه النفسُ على كبحِ جِماحِها إزاءَ الشهوات المُحرَّمة، والنَّزَواتِ والشطَحَات، وتسمُو به لبلوغِ الكمالاتِ الروحية، وتغدُو به أقربَ إلى كلِّ خيرٍ يُحبُّه الله ويرضَاه، وأبعَدَ عن كلِّ شرٍّ حذَّر منه ونهى عنه.
وإنَّ للصيام في هذا الشهر – يا عباد الله – مزِيَّةً وفضلًا عظيمًا، أخبَرَ عنه رسولُ الهُدى – صلواتُ الله وسلامُه عليه -، بقوله في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلمُ بن الحجاج – رحمه الله – في “صحيحه”، عن أبي هريرةَ – رضي الله عنه -، أن رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (أفضلُ الصيامِ بعدَ رمضان: شهرُ اللهِ المُحَرّم، وأفضلُ الصلاةِ بعدَ الفريضة: صلاةُ الليل).
والصومُ حين يقعُ في شهرٍ حرامٍ فإن الفضلَ يقترِنُ فيه بالفضلِ، فيتأكَّدُ فعلُه بشرفِه في ذاتِه، وبشرفِ زمانِه، وإن آكَدَ الصيامِ في هذا الشهرِ: صومُ يومِ عاشوراء، ذلك اليوم الذي نصرَ الله فيه موسى – عليه وعلى نبيِّنا أفضلُ الصلاة والسلام -، ومن معه من المؤمنين، على الطاغيةِ فرعون الذي عَلَا في الأرض، وجعلَ أهلهَا شِيعًا يستضعِفُ طائفةً منهم، يُذبِّحُ أبناءَهم، ويستحيِي نساءَهم، والذي تمادَى به الطغيانُ حتى بلَغَ به أن قال لهم: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾، وقال لهم: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾.
فكان عاقِبتَه الإهلاكُ بالغرَقِ في اليَمِّ جزاءَ استِكبارِه، واستِكبارِ جنوده في الأرض بغيرِ الحقِّ، وكان أن قَصَّ الله نبأَ نهاية طُغيانه، وقَطعِ دابرِ ظُلمِه في قرآنٍ يُتلَى؛ ليكونَ عبرةً للمُعتِبِرين، وذِكرَى لمن كان له قلبٌ أو ألقَى السمعَ وهو شهيد.
عباد الله: إن يومَ عاشوراء، مع كونِه يومَ النصرِ لموسى وقومِه، على الطاغيةِ فرعون وقومِه، فإنه مع ذلك من أيامِ الله التي جعلَ لها من الفضل العظيم ما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمامُ مُسلم بن الحجاج – رحمه الله – في “صحيحِه”، عن أبي قتادةَ – رضي الله عنه -، أن رجُلًا سألَ النبيَّ ﷺ عن صيامِ يومِ عاشوراء، فقال ﷺ: (إني أحتسِبُ على الله أن يُكفِّر السنةَ التي قبلَه)، ومن السُّنَّة – يا عبادَ الله -: أن يُصامَ يومٌ قبلَه، أو يومٌ بعدَه.
فخُذُوا بحظِّكم من هذا الخير، وعظِّموا ما عظَّمَه الله من أيامٍ، باتِّباع سُنَّةِ خيرِ الورَى – صلواتُ الله وسلامُه عليه -، واقتِفاءِ أثَره، والاهتِداءِ بهَديِه، والحَذَرِ من الابتِداعِ في دينِ الله ما لم يأذَن به الله، وما لم يشرَعه رسولُ الله ﷺ ، ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب: 71.
نفعَني اللهُ وإياكم بهدي كتابِه وبسُنَّة رسولِه ﷺ، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافَّةِ المسلمين من كل ذنبٍ، إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفُسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهَ وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم عليه وعلى آله وصحبِه، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فيا عباد الله:
أخرج الإمامُ مسلمٌ في “صحيحه” بإسنادِه، عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما -، أنّه لما قيل لرسولِ الله ﷺ: إن هذا اليوم – يعني: يوم عاشُوراء -، إن هذا اليوم تُعظِّمُه اليهودُ والنصارَى، قال ﷺ: (لئِن بقِيتُ إلى قابِلٍ لأصُومَنَّ التاسِعَ)، فلم يأتِ العام القابِل حتى تُوفِّي رسولُ الله ﷺ.
وفي “صحيحِ الإمام مسلمٍ” أيضًا، عن الحكمِ بن الأعرج أنه قال: انتهيتُ إلى ابنِ عباس – رضي الله عنهما – وهو مُتوسِّدٌ رِداءَه في زمزمَ. فقلتُ له: أخبِرْني عن صومِ يوم عاشوراءَ، فقال: “إذا رأيتَ هلالَ مُحرَّمٍ فاعدُدْ، وأَصبِح اليومَ التاسعِ صائِمًا”، قلتُ: هكذا كان رسولُ اللهِ ﷺ يصُومُه؟ قال: “نعم”.
وقد استشكلَ قومٌ هذا، مع ثُبوتِ الأمرِ بصومِ يومِ عاشوراء، وهو اليومُ العاشرُ من شهرِ اللهِ المُحرَّم، ومن تأمَّلَ مجموعَ روايات حديثِ ابن عباسٍ – رضي الله عنهما – تبيَّن له وجهُ الصوابِ فيه، وارتفَعَ عنه الإشكالُ، وتبيَّن له أيضًا سَعةُ علمِ ابن عباسٍ – رضي الله عنهما -، ودِقَّةُ فقهِه.
فإنه كما قال الإمامُ ابن القيم – رحمه الله -: “إنه لم يجعَل عاشوراء هو اليومَ التاسع؛ بل قال للسائِلِ: صُم اليوم التاسع، واكتَفىَ – رضي الله عنهما – بمعرفَةِ السائِلِ أن يومَ عاشوراء هو اليومُ العاشر، الذي يَعُدُّه الناسُ كلُّهم أنه يوم عاشوراء.
فأرشَدَ السائِلَ إلى صيام التاسع منه، وأخبَرَ أن رسولَ الله ﷺ كان يصُومُه كذلك؛ إما لأنه الأَولَى، أو أنه أخبَرَ بفعلِ النبي ﷺ، لأنه – عليه الصلاة والسلام – أمرَ به، وعزَمَ على صيامِه في المستقبل، وكلُّ هذه الآثار يُصدِّقُ بعضُها بعضًا، ويُؤيِّدُ بعضُها بعضًا.
فاتَّقُوا الله – عباد الله -، واغتنِمُوا هذا الفضلَ العظيم، واحرِصُوا على إدراكِ هذا الخير العَمِيم، وخُذُوا منه بأوفرِ النصيبِ تفُوزُوا بالأجرِ الكريمِ، والثوابِ الجزيل، من الجوادِ الكريم، ذي الإجلالِ والإكرام، والطَّولِ والإنعام.
واذكُرُوا على الداوم أن الله تعالى قد أمرَكم بالصلاةِ والسلامِ على خير الأنام، فقال في أصدقِ الحديث وأحسنِ الكلام:
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائِه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائِرِ الآلِ والصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا أكرم الأكرمين.
أضف تعليقاً