مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
123 | أصناف الزّكاة ومصارفها | د. عثمان صالح تروري ـــ عضو الاتحاد في مالي | 24/01/1445هـ الموافق11/08/2023م | الأمانة العامة |
الموضوع:“ أصناف الزكاة ومصارفها “
الحمد لله الملك الوهاب الرحيم الرحمن التواب خلق الناس كلهم من تراب وهيأهم لما يكلفون بما أعطاهم من العقول والألباب وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له بلا شك ولا ارتياب وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أنزل عليه الكتاب تبصرة وذكرى لأولي الألباب صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآب وسلم تسليما. أما بعد:
فيا أيها الناس: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله -رحمكم الله- حيثما كنتم، فهو سبحانه يعلم ما أخفيتم وما أعلنتم، وزكوا نفوسكم بالتوبة وطهروها، وأيقظوها من سِنَة الغفلة وذكّروها أن لكم موعداً لن تُخلَفوه، وموقفاً بين يدي ربكم لا بد أن تقفوه، ولسوف تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، ثم توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. ]يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران 30
أيها المؤمنون: لقد شرع الله الزكاة على عباده، وجعلها ركنا من أركان الإسلام، وقرينة للصلاة عماد الدين ]وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ[ البقرة 43 وجعلها مربطا من مرابط الأخوة في الله، قال تعالى: ]فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [التوبة 11، وهي وصية الأنبياء قال تعالى:
]وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا[ مريم 54-55
وإن في منع الزكاة أو عدم صرفها على غير وجهها المشروع لمفاسد طامة، مفاسد دنيوية وأخروية، فردية وجماعية، ومن ذلكم:
* أنه ممحق لبركة المال: وملحق بصاحبه وسمة النفاق والفسوق، وهو معرض صاحبَه للوعيد في المحشر وفي النار، قال تعالى ]وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [ التوبة 34-35
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r (مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ ثُمَّ تَلَا لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ الْآيَةَ) البخاري.
لقد فرض الله الزكاة في أموال مخصوصة، وبيان ذلك كالتالي:
أولا : في الثروة الحيوانية :
العدد من وإلى | الواجب |
30 – 39 | عجل تبيع |
40 – 59 | مسنة |
60 – 69 | تبيعان |
1 / في البقر: إذا ملك المسلم ثلاثين بقرة إلى تسع وثلاثين وجب عليه فيها عجل تبيع (ما تم له سنة)، وإذا ملك أربعين إلى تسع وخمسين وجب عليه فيها مُسِنَة (ما تم له سنتان)، وإذا ملك ستين إلى تسع وستين وجب عليه فيها عجلان تبيعان، وإذا ملك سبعين إلى تسع وسبعين وجب عليه فيها مسنة وتبيع، ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة، وهكذا مهما بلغت، وهذا جدول يوضح كيفية زكاة البقر.
2 / الغنم: إذا ملك المسلم أربعين رأساً من الغنم إلى مائة وعشرين وجب عليه فيها شاة، فإذا زادت واحدة إلى مائتين ففيها شاتان، فإذا زادت واحدة إلى ثلاثمائة وتسع وتسعين ففيها ثلاث شياه، فإذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه، إلى أربعمائة وتسع وتسعين ففيها خمس شياه، ثم في كل مائة شاة وهكذا مهما بلغت:
العدد من وإلى | الواجب |
40 – 120 | شاة |
121 – 200 | شاتان |
201 – 399 | ثلاث شياه |
400 – 499 | أربع شياه |
500 – 599 | خمس شياه |
ثانيا: الذهب والفضة: إذا بلغ الذهب 85 غراما فما فوقها قسمها صاحبه على عشرة ثم على أربعة، أو قسمه على أربعين، فالحاصل هو زكاته، فمثلا من عنده 100 غرامات لو قسمها على ما سلف كان الناتج 2.5 ، فهذا زكاته.
أما الفضة فلو بلغ 595 غراما قسمها مثل الذهب، فمثلا من كان عنده 1000 غراما من الفضة لو قسمها كما سبق كان الناتج 25غراما، فهذا زكاته.
ثالثا: ما في حكم الذهب والفضة : وهي :
1 / العملات الورقية، فنصابها مثل نصاب الذهب أو الفضة، وفي عملة سيفا يقدر النصاب ب3.315.000 فرنك سيفا تقريبا بقيمة الذهب، من كان عنده هذه القيمة وما فوقها يقسمها على عشرة ثم على أربعة أو على أربعين فالحاصل هو الواجب. أما عن قيمة الفضة يقدر النصاب ب 327.250 فرنك سيفا تقريبا. تاريخ الحساب 03/8/203م
2/ عروض التجارة: وهي البضائع التي جهزت وعرضت للبيع، فنصابها مثل نصاب الذهب أو الفضة، وحسابها مثل حساب أحدهما: فمثلا من حاسب بضائعه ووجد أنها بلغت النصاب قسمها على عشرة ثم على أربعة أو على أربعين فالحاصل هو زكاته إن شاء أخرجه من البضاعة وإن شاء أخرجه من المال النقدي.
رابعا: الثروة الزراعية: فهي عند حصادها فإذا بلغت 675 كلغرام، قسمها على عشرة، فمثلا من حصل على 1000 كلغرام وقسمها على عشرة فالحاصل هو 100 كلغرام فهذا زكاته.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله على المصطفى
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله، وراقبوه في سركم وعلنكم، وأخرجوا حقوق الله رازقِكم من أموالكم من قبل أن يأتي يوم يحاسبكم فيه ربكم وما منكم إلا ويكلمه بدون ترجمان.
أيها المؤمنون: اعلموا – رحمكم الله – أن الزكاة شرعت لتحقيق مصالح يكمن فيها إسعاد المجتمع المسلم بأسره، ونظرا إلى أن الله خالقنا هو أعلم بأحوال العباد من أنفسهم، فإنه قد تكرم بتحديد وجوه صرف الزكاة في محكم تنزيله، فقال سبحانه ]إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [ التوبة 60
فقد حصرها في ثمانية أبواب لا تاسعة لها، وبيانها فيما يلي:
1 – 2: الفقراء والمساكين: وهما صنفان متداخلان، وقد ذكر العلماء تعريفات كثيرة لهما ومن خلالها يمكن تحديد المراد بهما بما يلي: أن المستحق للزكاة باسم الفقر أو المسكنة هو أحد الاثنين الآتيين: – من لا مال له ولا كسب أصلا، – من له مال أو كسب لا يقع موقعا من كفايته وكفاية من يعوله. فيعطى هذان الصنفان من الزكاة ما يغنيهما وما فيه كفايتهما كما ثبت ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ( إذا أعطيتم فأغنوا ).
3: العاملون عليها: ويراد بهم الذين يعملون في جهاز إدارة الأموال الزكوية، من جباة، وكتاب، وحراس ….. وليس الذين يعملون معك في جمع أموالك. فيعطى للعامل على الزكاة ما يقابل عمله وينزه يده من أموال المسلمين.
4: المؤلفة قلوبهم: وهم الذين يراد تأليف قلوبهم بالاستمالة إلى الإسلام أو التثبيت عليه .. وقد اختلف العلماء في دخول الكفار فيهم، والراجح لدينا عدم دخولهم فيهم.
5: وفي الرقاب: ويراد به عون المكاتب المسلم على سداد مال مكاتِبه ليصبح حرا، أو شراء الرقيق المسلم بمال الزكاة وإطلاق سراحه من الرق، وهذا الباب وسيلة من الوسائل التي اتخذها الإسلام للقضاء على الرق.
6: الغارمون: وهم المسلمون الذين تحملوا الديون وتعذر أداؤها فأصبحوا ملزمين بهذه الديون، وهم صنفان:
الغارم لنفسه: وهو من تحمل الدين لمصلحة نفسه، ويشترط في دفع الزكاة له شرطان: 1ــ أن يكون قد استدان في طاعة أو أمر مباح. 2ــ أن يكون في حاجة إلى ما يقضي به دينه.
- الغارم لغيره: وهو من تحمل حمالة مشروعة في إصلاح ذات البين وعجز عن سداها، وقد رأى بعض العلماء أن هذا الصنف يعطى وإن لم يكن عاجزا.
ويعطى للغارمين بصنفيهم ما يقضون به ديونهم.
مسألة: هل يجوز قضاء دين الغارم الميت بالزكاة ؟
للعلماء في ذلك قولان كما ذكر النووي، ولكن الراجح عندنا الجواز لعموم لفظ الغارم الوارد في الآية، ولصياغة التعبير حيث عبر الله تعالى ب ( في ) في شأن الغارمين ( في الرقاب ) وما قبلها عبر فيها ب ( اللام ) وهي تفيد الملكية. ولقوله صلى الله عليه وسلم ( أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا ضَياعا فإلي وعلي)
7: في سبيل الله: ويراد به الغزو وما فيه المصالح الشرعية العامة التي هي ملاك أمر الدين والدولة، ومن ذلك: خدمة العلم الشرعي والعلماء، وإعداد الدعاة، وكفالتهم
8: ابن سبيل: ويراد به المسافر المسلم المنقطع، ويشترط في دفع الزكاة إليه: أن يكون سفره غير معصية، وأن يكون محتاجا. ويعطى من الزكاة ما يوصله مقصده.
فهذه هي وجوه صرف الزكاة، ولا يعطى للكافر شيء من الزكاة وإن كان قريبا، ولا للوالدين وإن علو، ولا للأولاد، ولا من الزوج لزوجته، ولكن يعطى الأقرباء الآخرين المسلين إذا كانوا من جملة هذه الأصناف الثمانية.
فاتقوا أيها المؤمنون، وأخرجوا حقوق الله من أموال الله الذي جعلكم أمناء مستخلفين عليها، ]وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال 28
وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله صلاة وسلاما أتمين أكملين ما زكى مزك ونال رضا ربه، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة وعن سائر صحابته. اللهم أكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضك عمن سواك، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليقاً