مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
182 | مظاهر محبة النبي ﷺ | مكتب الأمانة العامة | 09 /03/1446هـ الموافق 13/09/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” مظاهر محبة النبي ﷺ ”
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، المبعوث بالدين القويم، والصراط المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين. وإماما للمتقين. فظهر نور الفرقان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
عباد الله: إن محبة الرسول ﷺ تعتبر ركنا أصيلا من أركان الإيمان، يتوقف على وجوده وجود الإيمان لقول ﷺ الذي أخرجه البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}.
فلما كثر المدعون لمحبته ﷺ طلب الله البينة من المحبين قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ آل عمرن (31) ولهذه المحبة ” مظاهر وآثار على السلوك” وإن كان الحب من أعمال القلوب إلا أنه لا بد وأن يظهر آثاره على الجوارح قولاً وفعلاً. ولما كان الحب أمرا يمكن أن يستتر وراء الدعاوي والمزاعم ويقع في الاشتباه، كان لا بد من التميز بين الصادق فيه وبين الدعيّ الكاذب، يعني من مسلكا صحيحا ومن انحرف عن مسلك الصواب.
أيها المسلمون: لطالما استغلت دعوى الحب لله ولرسول ﷺ أو حب الصالين لتسويغ ألوان من البدع وضروب من الغلو وجعلها مقبولة لدى الناس بدعوة المزعومة. كان لزاما علينا التعرف على علامات ومظاهر محته ﷺ لذا نذكر بعضاً من أهمها:
- طاعة الرسول ﷺ واتباعه:
إن أقوى شاهد على صدق الحب هو موافقة المحب لمحبوبه، وبدون يصير الحب دعوى كاذبة. وأكبر دليل على صدق الحب لرسول الله ﷺ هو طاعته واتباعه، كما جعل الله سبحانه وتعالى دليلاَ على حبه في قوله: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ آل عمران (31) فتبين من هذا أن الاتباع هو عظم شاهد صدق المحبة بل هو من أجل ثمارها.
فلما كثر المدعون طلب اله منهم البينة لأن البينة على من ادعى. القياس هو أن من يقتدي به ويعمل بأوامره ويتجنب نواهيه من السنة، ويتأدب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه، فأعلم أنه هو المحب الصادق. وأما من يدعي المحبة وهو لا يتمثل بأوامره وسننه فهو كاذب في محبته.
كما قال الشاعر في عجز البيت : إن المحب للمحب مطيع.
- تعظيم النبي وتوقيره والأدب معه:
تعظيم النبي هو ما يقتضيه مقام النبوة والرسالة من مال الأدب وتمام التوقير، فعلى قدر المعرفة يكون التعظيم. فالتعظيم بالقلب يكون بالاعتقاد وباللسان يكون بالثناء عليه بما هو أهله، بما أثنى به عليه ربه أو مما أثني به على نفسه، ومنه الصلاة والسلام عليه، كما يشمل الأدب في الخطاب معه والحديث عنه صلى الله عليه وسلم. وأما تعظيمه بالجوار فيشمل العمل بطاعته وتجريد متابعته وموافقته في حب ما يحبه، والسعي في إظهار دينه، ونصرة شريعته، والذب عنه وصون حرمته.
عباد الله أين نحن من هذه النقطة في محبته.
وعليه يكون أساس التعظيم للرسول وقاعدته التي يبنى عليها هو: تصديقه فيما أخبر ، وطاعته فيما أمر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وعبادة بما شرع. ومن ترك هذه القاعدة يكون بين على إحدى الطرفين: الجفاء أو التفريط في حقوقه ﷺ.
مثال الجفاء في حقه: كالطعن في صدقه أو أمانته وعدالته، كما فعل ذو الخويصرة روي البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ: { بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ, وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا , أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ , وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اعْدِلْ، فَقَالَ: وَيْحَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ , لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ “، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لَيَّ فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ , وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ , يَقْرءُونَ الْقُرْآنَ لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُمْ , يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ…..} الحديث صحيح البخاري
ومثل الجفاء في عدم التأدب في الحديث والكلام: هو ما يفعله بعض الشعراء عند مدح الحكام والعلماء والوجهاء بصفات الرسول ﷺ الخاصة به، كقول المعري مثلا:
لولا انقطاع الوحي بعد محمد ** قلنا محمد عن أبيه بديل
هو مثله في الفضل إلا أنه ** لم يأته برسالة جبريل
سبحان الله من يكون مثل الرسول في الفضل ؟!!!!
وفي المقابل عدم الغلو فيه: الغلو في النبي ﷺ ورفعه فوق مرتبته التي وضعه الله عليها، وذلك كاعتقاد أنه يعلم الغيب مطلقا او إن وجوده سابق لهذا العالم وأن من نوره خلق الكون كله إلى غير ذلك من الاعتقادات الباطلة التي لم ترد في الكتاب ولا السنة،
قال تعالى ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الأعراف (157)
ومن الجفاء في حقه رفع الصوت عند قبره ، وكذلك رفع آراء بعض البشر ومذاهبهم على أقواله وسنته صلى الله عليه وسلم.
- و من علامات حبه ﷺ: كثرة تذكره وتمني رؤيته والشوق إلى لقائه، السبب إلى ذلك معرفته حق المعرفة. إن من أحب شيئا أكثر من ذكره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: { مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا، نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ } صحيح مسلم
- ومنه محبة قرابته وآل بيته وأزواجه. أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: { قَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: ” أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ” فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ}
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ أَبُوبَكْرٍ: {ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ} . الذين ينتسبون إليه حقيقة.
- ومن مظاهر محبته محبة سنته والداعين إليها: من الصاحبة ومن أتى بعدهم على منهاجهم إلى يومنا هذا وتوليهم والدفاع عنهم ومعرفة قدرهم. قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ الحشر (10)
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ……
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبة وسلم
عباد الله بعد معرفتنا هذه العلامات لحبه أصبح لدينا الميزان نفرق به بين المحبة الحقيقية والمزيفة.
عباد الله و ثمرات المحبة: تعني الأثار التي يبقيها المحبة.
فمن أعظمها وجود حلاة الإيمان في القلب: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: { ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ كمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ، وَأَنْ يُحِبَّ الرَّجُلَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ} معجم الأوسط
ومنها يجعلك تكثر الصلاة والسلام عليه.
وفي الآخرة المرؤ مع من أحب : أخرج البخاري بسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: { أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ: مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا» قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاَةٍ وَلاَ صَوْمٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»}
قال تعالى : ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ التوبة (24)
اللهم إنا نسألك حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبًّا يُبَلِّغُنِا حُبَّكَ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن واهدنا إلى صراطك المستقيم وارحمنا يا أرحم الراحمين.
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الواهب.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
181 | صفة الصلاة النبي ﷺ | مكتب الأمانة العامة | 03/03/1446هـ الموافق 06/09/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” صفة الصلاة النبي ﷺ ”
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه بلغ الرسالة وأدّ الأمنة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم.
أما بعد:
لبيان المنهَج الوضَّاح الذي كانَ عليه سلَفُنا الصالحُ – رحمهم الله – يجب أن نتعلم ديننا بالأدلةـ، ومما يجهله كثير من العامة الصلاة وما يتعلق بها، عليه بدأنا سلسلة في فقه الصلاة ، فقدمنا خطبة بعنوان: شروط صحة الصلاة، وهذه الخطبة الثانية بعنوان:
صفة صلاة النبي ﷺ صلاة الرسول ﷺ هي أعدل صلاة، وأكمل صلاة -عليه الصلاة والسلام- فيقول: صلوا كما رأيتموني أصلي كان يصلي صلاة فيها الطمأنينة، وفيها الركود، والخشوع، عليه الصلاة والسلام:
عباد الله لا بد للمصلي من أن ينوي الصلاة التي قام إليها وتعيينها بقلبه، كفرض الظهر أو العصر، أو سنتهما مثلاً، وهو ركن. وأما التلفظ بها بلسانه فبدعة مخالفة للسنة، ولم يقل بها أحد من متبوعي المقلدين من الأئمة.
2- ثم يكبر تكبيرة الإحرام بقوله:” الله أكبر” ويرفع يديه مع التكبير أو قبله، أو بعده، كل ذلك ثابت في السنة.
ثم يستفتح قبل القراءة، والأغلب يستفتح بقوله: اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، هكذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سأله عن سكوته بعد التكبير؛ فقال: إنه يقول هذا الدعاء، في صلاة الفريضة، وهكذا النوافل، وإن استفتح بالحديث الآخر: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك فحسن، كله طيب.
3- ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقرأ الحمد، الفاتحة يقرؤها قراءة مرتلة ومطمئنة، يعطي الحروف حقها، فإذا قال: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] قال: آمين، في الجهرية، يجهر كالمغرب والعشاء والفجر والجمعة، وفي السر يسرها بينه وبين نفسه،
4- ثم يقرأ ما تيسر من السور، أو الآيات، كان يطول في الفجر، يقرأ من طوال المفصل، وفي المغرب تارة بالطوال، فقد قرأ بالطور في المغرب، وقد قرأ بالأعراف في الركعتين في بعض الأحيان، وقرأ بالمرسلات في المغرب، والغالب يقرأ بالقصار، قصار المفصل، مثل: إِذَا زُلْزِلَتِ وَالْعَادِيَاتِ وإِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وما أشبه ذلك: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا فالمؤمن يفعل كما فعل النبي ﷺ تارة يطول، وتارة يقرأ بالقصار في المغرب.
وفي العشاء والظهر والعصر بالأوساط، يقرأ بالأوساط مثل: لَمْ يَكُنِ، مثل: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى، وأشباه ذلك، في العشاء، وفي الظهر وفي العصر، وتكون الظهر أطول بعض الشيء من العصر، هذه سنته، عليه الصلاة والسلام.
- 5 ثم يركع و يطمئن ولا يعجل، ويسبط ظهره ولا يصوب ولا يشخص رأسه، ويأتي بالتسبيح: (سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم) خمس مرات، سبع مرات، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) في الركوع، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) ويركد يضع يديه على ركبتيه، يسوي رأسه مع ظهره معتدلًا مطمئنًا،
6- ثم يرفع رأسه قائلًا: (سمع الله لمن حمده) إذا كان إمامًا، أو منفردًا، وإن كان مأمومًا يرفع يقول: (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا لك الحمد) ثم يكمل: (حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد) وربما زاد -عليه الصلاة والسلام- بعد هذا: «أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» يعني: يطول في هذا الركن يعتدل، ويطمئن.
الخطبة الثانية
7- ثم يسجد، ويعتدل في السجود على أعضائه السبعة: أطراف قدميه وركبتيه وكفيه ووجهه، يجعل جبهته وأنفه على الأرض، ويعتدل، يرفع بطنه عن فخذيه، يجافي عضديه عن جنبيه، يرفع ذراعيه عن الأرض يعتمد على كفيه، يطمئن ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ويكررها خمسًا، أو سبعًا، أو عشرًا، ويقول: (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني) (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره) (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) .
يدعو في السجود، كان النبي ﷺ يدعو في السجود، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم يعني: حري أن يستجاب لكم، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء.
فالسنة أن يطمئن في السجود، ويكثر من الدعاء في السجود مع قوله: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، خمس مرات، سبع مرات، في الركوع: سبحان ربي العظيم، في السجود: سبحان ربي الأعلى، مع الدعاء مع قوله: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) لا يعجل.
ثم يجلس بين السجدتين، ويطمئن، ويركد، ولا يعجل، يقول: (رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني واجبرني وارزقني وعافني).
بين السجدتين يطمئن، ويجلس على رجله اليسرى، يفرشها، ويجلس عليها، وينصب اليمنى إذا استطاع ذلك،
ثم يسجد الثانية مثل الأولى، يطمئن فيها، ويقول فيها مثلما قال في الأولى، هكذا صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي آخرها
8- بعد الثنتين يجلس للتحيات يقرأ: التحيات إلى قوله: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ َلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.) ثم ينهض إلى الثالثة، وإن صلى على النبي ﷺ فهو أفضل، النبي ﷺ ربما نهض، وربما صلى على النبي ﷺ ثم نهض إلى الثالثة.
ثم يقرأ في الثالثة الحمد فقط، هكذا روى أبو قتادة الأنصاري عن النبي ﷺ: أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة في الظهر والعصر بفاتحة الكتاب في الثالثة والرابعة، وهكذا في الثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء بالفاتحة، وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر بعض الشيء زيادة بعض الأحيان؛ فلا بأس؛ لحديث أبي سعيد الوارد في ذلك. لكن الأفضل والأكثر يكون الفاتحة وحدها، لكن إن زاد في بعض الأحيان في الثالثة والرابعة من الظهر بعض الآيات، أو بعض السور؛ فلا بأس؛ لأنه ورد في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد ما يدل على أنه ربما زاد في الثالثة والرابعة من الظهر بعد الفاتحة، بعض الشيء، عليه الصلاة والسلام.
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . اللهم صل على محمد وآله وصحبه والتابعين لهم يإحسان إلى يوم الدين.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
180 | شروط الصلاة | مكتب الأمانة العامة | 25/02/1446هـ الموافق 30/08/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” شروط الصلاة ”
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه بلغ الرسالة وأدّ الأمنة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم.
أما بعد:
عباد الله: لتصحيحِ المسارِ، وإبراز المعالِم الحقَّة وتجلِيَة الشِّعار، وبيان المنهَج الوضَّاح الذي كانَ عليه سلَفُنا الصالحُ – رحمهم الله – يجب أن نتعلم ديننا بالأدلةـ، ومما يجهله كثير من العامة شروط صحة الصلاة، وهي:
1 ـ طهارة الخبث و الحدث الأكبر والأصغر: لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ المائدة 06
وقال ابن عرفة: من شروط الصلاة رفع الحدثين أو التيمم وطهارة الخبث في ثوبه وبدنه ومكانه
2ـ ستر العورة: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ الأعراف 31
ومنه حديث استئذان أبوبكر وعمر ثم لما اسئذن عثمان ستر فخذه e
وهي من الرجل ما بين السرة إلى الركبة فإن لم يجد إلا إزارا اتزر به أو ثوبا واسعا التحف به.
والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها والساتر الحصيف لا الشاف ومن لم يجد إلا حريرا أو نجسا صلى به.
3ـ الإسلام: بناء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وهو المشهور فتجب الصلاة على الكافر ولا تصح منه بالإجماع لفقد الإسلام. وقيل إنه شرط في الوجوب والصحة وإذا أسلم الكافر والمرتد لم يجب عليهما قضاء ما خرج وقته من الصلوات في حال الكفر ويجب عليهما أن يصليا ما أسلما في وقته.
4 ـ دخول وقت الصلاة: فلا تجب الصلاة قبل الوقت إجماعا ولا تصح أيضا لقوله تعالى:
﴿ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ النساء103
ومنه حديث عمر أن أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَقُولُ (نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ نزل ….) الحديث المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم
عباد الله بما أن دخول الوقت شرط من صحة الصلاة شرط فإن تأخيرها يعتبر إثما عظيما، ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ مريم 59
5ـ من شروط الصلاة استقبال القبلة (الكعبة) مع الأمن و القدرة: والقدرة ليخرج المريض والمجاهد والمربوط ومن تحت الهدم وقولنا: والذكر ليخرج الناسي وقال ابن عرفة: واستقباله الكعبة فرض في الفرض إلا لعجز قتال أو مرض أو ربط أو هدم أو خوف لصوص أو سباع انتهى. ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ البقرة (150)
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: ” (( صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ eإِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ: ﴿ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 150]، فَنَزَلَتْ بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَحَدَّثَهُمْ بِالْحَدِيثِ فَوَلَّوْا وُجُوهَهُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ)) قال ابن بشير في باب صلاة المريض: فإن عجز عن استقبال القبلة بنفسه حول إليها فإن عجز عن تحويله سقط حكم الاستقبال.
6ـ العقل فلا تجب على مجنون: ولا تصح صلاة المجنون ولا السكران. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ النساء 43
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبة وسلم.
عباد الله إن من شروط صحة الصلاة
وأما شروط الوجوب دون الصحة فاثنان.
1ـ البلوغ: فلا تجب على من لم يبلغ لكن تصح منه الصلاة ويؤمر بها بالسبع ويضرب عليها عشرا كما جاء في السنة: عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال قَال : رَسُولُ اللَّهِ e: (مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ و هم أبناءُ سبعِ سِنِينَ ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عشرِ سِنِينَ ، وفَرِّقُوا بينهم في المضاجعِ). صحيحه الألباني
- 2. عدم الإكراه فلا تجب على من أكره على تركها لكن تصح منه إن فعلها وإن لم يصلها وجب عليه قضاؤها عند زوال الإكراه.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغُرِّ الميامين، ومن سار على نهجهم واتبعهم يا رب العالمين، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
179 | مكانة الصلاة في الإسلام | الشيخ صلاح بن محمد البدير | 24/02/1446هـ الموافق 23/08/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” مكانة الصلاة في الإسلام ”
إنَّ الحمدَ لله، نَحمَدُهُ سبحانه ونستعينُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصبحه، ومَن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
إن تقوى الله أفضل مكتسب، وطاعته أعلى نسب، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ آل عمران102.
ولقد أنعم الله عليكم بنعم سابغة، وآلاء بالغة، نعم ترفلون في أعطافها، ومنن أسبلت عليكم جلابيبها، وإن أعظم نعمة، وأكبر منّة: نعمة الإسلام والإيمان، يقول تبارك وتعالى: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ الحجرات17،
فاحمدوا الله كثيرا على ما أولاكم وأعطاكم، وما إليه هداكم، حيث جعلكم من خير أمة أخرجت للناس، وهداكم لمعالم هذا الدين الذي ليس به التباس، ألا وأن من أظهر معالمه، وأعظم شعائره، وأنفع ذخائره: الصلاة، ثانية أركان الإسلام، ودعائمه العظام، هي بعد الشهادتين آكد مفروض، وأجل طاعة، وأرجى بضاعة، من حفظها حفظ دينه، ومن أضاعها فهو لما سواها أضيع، يقول النبي ﷺ: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة).
جعلها الله قرة للعيون، ومفزعا للمحزون؛ فكان رسول الله ﷺ إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، ويقول عليه الصلاة والسلام: (وجعلت قرة عيني في الصلاة، وكان ينادي: “يا بلال أرحنا بالصلاة”.
إن الصلاة هي أكبر وسائل حفظ الأمن، والقضاء على الجريمة، وأنجع وسائل التربية على العفة والفضيلة: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ العنكبوت 45.
وهي سر النجاح، وأصل الفلاح، وأول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله فإن صلحت فقد أفلح، وإن فسدت فقد خاب وخسر.
والمحافظة عليها عنوان الصدق والإيمان، والتهاون بها علامة الخذلان والخسران، طريقها معلوم، وسبيلها مرسوم، “من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة”.
ومن حافظ على هذه الصلوات الخمس ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وعلم أنهن حق من عند الله وجبت له الجنة نفحات ورحمات وهبات وبركات؛ بها تكفر السيئات، وترفع الدرجات، وتضاعف الحسنات، يقول رسول الهدى ﷺ : (أرأيتم لو أن نهرا باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) متفق عليه.
إن من أكبر الكبائر وأبين الجرائر: ترك الصلاة تعمدا، وإخراجها عن وقتها كسلا وتهاونا، يقول النبي ﷺ: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) رواه أحمد. وقال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة) رواه مسلم، وقال النبي ﷺ: (من ترك الصلاة لقي الله وهو عليه غضبان) رواه البزار، ويقول رسول الله ﷺ محذرا ومنذرا: (لا تتركن صلاة متعمدا فمن فعل ذلك فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله) رواه الطبراني.
إن التفريط في أمر الصلاة من أعظم أسباب البلاء والشقاء ضنك دنيوي وعذاب برزخي وعقاب أخروي، يقول جل وعلا: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ مريم 59.
أيها المسلم: كيف تهون عليك وأنت تقرأ الوعيد الشديد في قوله جل وعلا: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ الماعون 4-5.
كيف تتصف بصفة من صفات المنافقين الذين قال الله عنهم: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ النساء 142
والصلاة عبادة عظمى لا تسقط عن مكلف بحال ولو في حال الفزع والقتال، ولو في حال المرض والإعياء ما عدا الحائض والنفساء، يقول تبارك وتعال: ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ * فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ البقرة 238 – 239.
قلت ما سمعت وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، هادي عباده للطريق القويم والصراط المستقيم، وصلِّ اللهم وسلم على خير الخلق أجمعين وقائدهم على الصراط المستقيم.
أما بعد:
أيها المسلمون: جاءت الأدلة الشرعية الصحيحة الصريحة ساطعة ناصعة متكاثرة على وجوب صلاة الجماعة على الرجال حضرا وسفرا، يقول جل وعلا: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ البقرة 43، ويقول تبارك وتعالى لنبيه وهو في ساحة القتال: ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ﴾ النساء 102.
ويقول عبد الله بن مسعود -رَضي الله عنه: (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى بها يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) رواه مسلم.
لقد اشتد غضب رسول الله ﷺ على المتخلفين عن جماعة المسلمين، فقال عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا يصلى بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) متفق عليه، يقول أبو هريرة -رَضي الله عنه: (لأن تمتلىء أذنا ابن آدم رصاصا مذابا خير له من أن يسمع النداء ولا يجيب)، وقال ﷺ: (من سمع المنادي بالصلاة فلم يمنعه من اتباعه عذر لم تقبل منه الصلاة التي صلى، قيل: وما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض) رواه أبو داود وغيره.
يا من يأتي المساجد في فتور وكسل ويقضي وقتا قليلا على ملل: أما علمت أن المساجد بيوت الله وأحب البقاع إليه جل في علاه، يقول النبي ﷺ: (المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة) رواه الطبراني، وقال عليه الصلاة والسلام: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم، ورجل قلبه معلق بالمساجد) متفق عليه.
فيا من يتوانى ويتثاقل ويتساهل ويتشاغل: لقد فاتك الخير الكثير، والأجر الوفير، يقول النبي -صلى الله عليه وسلمَ: (من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح) متفق عليه.
ومن تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته أحداها تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة، وإن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله -نعوذ بالله من الخذلان والخسران: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ النور 36 – 38.
اتقوا الله في أبنائكم قرة عيونكم فإنهم أمانة في أعناقكم، مروهم بالمحافظة على الصلوات، وحضور الجمع والجماعات، رغبوهم ورهبوهم وشجعوهم بالحوافز والجوائز، نشئوهم على حب الآخرة، وكونوا لهم قدوة صالحة: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ طـه 132، يقول رسول الله ﷺ: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين) أخرجه أحمد.
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم فقد أمركم بذلك ربكم في محكم تنزيله وقال سبحانه:
)إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ الأحزاب 56
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته وكل من سلك مسلكه واهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين …
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطن باطلا وارزقنا اجتنابه …………………..والحمد لله رب العالمين.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
178 | أركان الإسلام | الشيخ أحمد علوان الشهيمي | 12/02/1446هـ الموافق 16/08/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” أركان الإسلام ”
إنَّ الحمدَ لله، نَحمَدُهُ سبحانه ونستعينُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصبحه، ومَن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد ﷺ، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وكلًّ ضلالة في النار.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ النساء 1﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران 102
عباد الله، ما قام بناء إلا بأركانه، فإن اختل أحد هذه الأركان تهاوى البناء وتداعى، وقوة البناء وضَعفه من قوة أركانه ومتانتها، وكذلك يكون الضعف، ففي صحيح البخاري قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : (بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ).
الإسلام هو الدين وأركانه خمس بها يقوم، وعليها يكون بناؤه، فمن حقَّقها على ما أمر الله به ورسوله، قام دينه، وصح إيمانه، فإن أخلَّ بشيءٍ منها تهاوى دينه، ولهذا كان كفار قريش لعلمهم بمعنى (لا إله إلا الله)، ما رَضُوا أن يقولوها؛ لأنها تلزمهم بإخلاص الدين لله وحده؛ قال تعالى على لسانهم: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ ص 5.
وشهادة أن محمدًا رسول الله تقتضي تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن تكون عبادة الله تباعًا لما جاء به من عند ربه، ففي صحيح مسلم أن رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، فلا تصح العبادة إلا بهذين الشرطين الإخلاص والمتابعة.
إنَّ الشهادتين يدخل بها المرء الإسلام، وهي مفتاح الجنة؛ قال رسول الله ﷺ: (من كان آخرُ كلامهِ لا إله إلا اللهُ دخل الجنة)؛ رواه أبو داود.
أما عمود الدين الذي عليه يقوم، فقَالَ ﷺ: (َأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ)؛ رواه النسائي
فهي أظهر أركانه وأكثرها تَكرارًا في اليوم والليلة، فهي الصلاة، وإقامتها أن تكون كاملة الشروط والأركان والواجبات، لا يختل منها شيء كما أقامها رسول الله ﷺ القائل: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) رواه البخاري.
وأن يؤديها حيث ينادى بها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ أَعْمَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الصَّلَاةِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ قَالَ لَهُ: (أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَجِبْ) النسائي
وحذَّر الله عباده من التهاون في أدائها: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ الماعون 4-5
وفي صحيح مسلم قال رَسُولَ اللهِ ﷺ: (تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا)، كحال من يضع المنبه على وقت العمل ليقوم وقد مضى وقت الصلاة، وقد: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ النساء 3، وفي صحيح مسلم قال النَّبِيَّ ﷺ: (إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ).
والركن الثالث: حق الله في المال أن تؤديه لمستحقيه بالمقدار المخصص لكل صِنفٍ في وقته : ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ الأنعام 14.
أما الرابع: فهو الصيام لله؛ كما في “صحيح البخاري” من الحديث القدسي قَالَ اللَّهُ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ).
والركن الخامس: هو حج بيت الله الحرام، واستجابةً لنداء أبينا إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ الحج 27. ويكون على مَن له استطاعة؛ لقوله تعالى: ﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ آل عمران 97
فإن مرَّ على العبد وقت الحج وهو عنده الاستطاعة، وجَب عليه الحج، وأَثِمَ على تفريطه، فلا يعلم ما يحدث له بعد ذلك من موانع أو صوارف تَمنعه من الحج.
قلت ما سمعت وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، هادي عباده للطريق القويم والصراط المستقيم، وصلِّ اللهم وسلم على خير الخلق أجمعين وقائدهم على الصراط المستقيم.
أما بعد:
أيها المؤمنون، هذه أركان الإسلام الخمسة التي بُنيَ عليها الدين، فمن أقامها صلح دينه، فلا ينبغي لعاقلٍ أن يفرطَ في شيء منها، ويحرص كل الحرص على تعلُّمها وتعليمها لمن وكَّله الله أمره: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)، وأن يقيموها كما أمر الله بها ورسوله؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ العنكبوت 69
وصلوا وسلموا على نبيكم فقد أمركم بذلك ربكم في محكم تنزيله وقال سبحانه:
)إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ الأحزاب 56
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته وكل من سلك مسلكه واهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين …
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطن باطلا وارزقنا اجتنابه …………………..والحمد لله رب العالمين.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
177 | التشاؤم بشهر صفر | د. عثمان صالح تروري ـــ عضو الاتحاد في مالي | 05/02/1446هـ الموافق 08/08/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” التشاؤم بشهر صفر ”
الحمد لله الذي لا إله غيره، ولا رب سواه، أحمده سبحانه، من توكل عليه كفاه، ومن لاذ بجنابه حفظه وحماه، وسدده وتولاه، ومن تعلق بغيره فليس له من دونه ولي يتولاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، هو الملك الكبير، السميع البصير، الحكيم الخبير، له ملك السماوات والأرض وما بينهما، وهو علي كل شيء قدير.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه الله رحمة للعالمين، وإماماً للمتقين، فثبت به قواعد الملة الحنيفية، وأقام به الدين، وهدم به معالم الوثنية وعقائد الجاهلية ومناهج المغضوب عليهم والضالين، وحرر به الإنسانية من رق العبودية للطواغيت من الكهنة والعرافين، والسحرة والمنجمين، وترك الأمة على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك إلى يوم الدين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الصالحين بالهدى والدين إلى يوم يبعثون.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واغتبطوا بفضله ورحمته سبحانه واشكروه، إذ أكرمكم بدين الإسلام الذي أكمله وارتضاه، وأتم به النعمة على من له هداه، وجعله الدين الخالد إلى يوم يلقاه، فلا يقبل من أحد ديناً سواه )وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[ آل عمران 85
أيها المسلمون: إن أساس دين الإسلام أن يسلم المرء وجهه لله، وأن يتحرر من رق العبودية لمن سواه، قال تعالى: )وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[ لقمان 22، وقال تعالى: )وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا[ النساء 125، وقال تعالى: )بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ[ البقرة 112
وإسلام الوجه لله هو إخلاص القصد لوجهه، وإفراده وحده بعبادته، اعترافاً بربوبيته وإلهيته وكماله في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فلا ند له ولا سمي له ولا كفء له ولا شريك له في ألوهيته وعبادته، كما أنه لا شريك له في ربوبيته وكماله في ذاته وأفعاله وصفاته.
أيها المسلمون: إن الاعتقاد الصحيح يفرض على المرء أن يكون مقبلاً على ربه، متوجهاً إليه، مؤمناً به، متوكلاً عليه، مخلصاً له في العبادة رغبة ورهبة إجلالاً له، ورجاء له ومحبة، وخوفاً منه ورهبة…
أيها المسلمون: إن من لازم الإخلاص لله تعالى وصدق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتجنب المرء كل ما يؤثر في اعتقاده أو ينافي إيمانه، ومن ذلك: التشاؤم والتطير بالحوادث والكائنات، وهو مـحرم مخل بالتوحيد، قال صلى الله عليه وسلم: (لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَةَ، وَلاَ صَفَرَ) أخرجه الشيخان
وقال عليه الصلاة والسلام: (الطِّيَرَةُ شِرْك، الطِّيرة شركٌ، الطيرة شِرْكٌ).أخرجه أبو داود وصححه الحاكم، وقال في حديث عبد الله بن عـمـــرو:
(مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ) رواه أحمد وصححه الألباني
أيها المؤمنون: إنما جعل التطير شركاً لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعاً أو يدفع ضرراً؛ فكأنهم أشركوه مع الله ـ تعالى ـ وهذا الاعتقاد منافٍ لـقـولـه تعالى: )وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ[ يونس 107
فالله هو النافع الضار، وهذه الكائنات خلق مثل بني آدم، ولا تدل على المخبَّأ من الأمور بوجه.
أيها المسلمون: إن التشاؤم من خصال الجاهلية، ومن فاسد عقائد أهل الشرك والوثنية، والإنسان إذا فتح على نفسه باب التشاؤم فإنه تضيق عليه الدنيا، ويصـير يتخيل كل شيء أنه شؤم، حتى إنه يوجد أناس إذا أصبح وخرج من بيته ثم قابله رجل ليس له إلا عين واحدة تشاءم، وقال: اليوم يوم سوء وأغلق دكانه، ولم يبع ولـم يشتَرِ… ـ والـعـيـاذ بالله.
بارك الله لي ولكم في الوحيين، ووفقني وإياكم لسلوك هدي سيد الثقلين، أقول ………………
الخطبة الثانية:
الحمد لله المتفرد بتدبير الأمور، والصلاة والسلام على خير من حرر القلوب والأجسام من الشرور
أيها المؤمنون: اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واحذروا غضب الجبار، فإنَّ أجسادكم على حرّ النار لا تقوى، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[ آل عمرا ن 102
عباد الله ها نحن في شهر من أشهر الله تعالى، وهو شهر صفر، وإن هذا الشهر مما يتشاءم به بعض الناس، فإن ذلكم من الخرافة والبدع، فيسمونه بما لم يسمه الله به ورسوله، ويمتنعون فيه عن كثير من أعمال الخير، فلا ينكحون فيه، ولا يسافرون فيه، ولا ينتقلون إلى بيوتهم الجديدة فيه، ولا يبدءون فيه أمورهم الهامة … معتقدين أنه شهر سوء وأن ما أنشئ فيه من الأعمال يمحق خيره، فهذا كله من الضلال في الاعتقاد، وقد سبق لنا بيان حكم التشاؤم بالكائنات، فليس لشهر صفر ملك شر ولا خير، فإلى الله وحده يرجع الأمر كله، فاعبدوه واشكروه، ولا تحرموا ما أحله لكم، ولا تتركوا أنكحتكم في هذا الشهر متشائمين به، فمن فعل ذلك فقد ردته الطيرة عن حاجته، وقد سبق لنا في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ).
فالشهور كلها شهور الله، وقد يتفاضل بعضها على بعض رحمة من الله لعباده لرفع دراجاتهم كتفاضل شهر رمضان، ولكن ليس من بينها شهر شؤم، فاتقوا الله ربكم واعملوا صالحا، واعلموا أن الأيام والشهور خزائن لأعمالكم و شهداء لكم أو عليكم يوم الوقوف بين يدي رب العالمين، فخيرها ما عمرتموه بالطاعة، وشرها ما اقترفتم فيه المعاصي.
وتوكلوا على الله ربكم يكفكم، )وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ…[ الطلاق 3، )…وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ[ المجادلة 10.
وصلوا وسلموا على نبيكم فقد أمركم بذلك ربكم في محكم تنزيله وقال سبحانه:
)إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ الأحزاب 56
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته وكل من سلك مسلكه واهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين …
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطن باطلا وارزقنا اجتنابه …………………..والحمد لله رب العالمين.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
176 | ثمار التوحيد وعواقب الشرك | د. محمد أحمد لوح ـــ عضو الاتحاد في السنغال | 27/02/1446هـ الموافق 02/08/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع:” ثمار التوحيد وعواقب الشرك”
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد لا إله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فأوصيكم ونفسي أيها المؤمنون بتقوى الله في السر والعلن، وتقوى الله أمر عظيم لأن حقيقته أن تطيع أمر الله عز وجل في جميع أحوالك على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله عز وجل في جميع أحوالك وجميع تقلباتك تخشى عقاب الله على علم وعلى نور من الله عز وجل.
أيها الإخوة المؤمنون إن قلب المؤمن لا يصلح إلا بتعظيم الله عز وجل، لا يصلح ولا يثبت على الإيمان ولا يستقيم على ذلك إلا بتحقيق التوحيد لله عز وجل، فكلما قوي العبد في الإخلاص لله وفي توحيده لربه وفي تحقيقه الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله- كلما قوي في تحقيق ذلك- ثبت على الإيمان، وقوي على مغالبة الشيطان، وكان قيامه في عقد الإيمان قياماً قوياً صحيحاً.
أمر الله عز وجل عباده بتحقيق التوحيد له وبإخلاص الدين له فقال: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ الزُّمر 11 وقال عز وجل: ﴿أَلَا للهِ الدِّينُ الخَالِصُ﴾ الزُّمر 3. وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ التوبة 31 وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ البيِّنة 5
وهذا الأصل العظيم عليه قامت السموات والأرض ومن أجله خلق الجن والإنس: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ الذاريات 56.
وهذا الأمر العظيم من أجله بعثت الرسل ومن أجله خلقت الجنة وخلقت النار، ومن أجله قام الجهاد ورفعت ألويته، ومن أجله حاق بالذين كفروا سوء ما عملوا، ومن أجله نصر الله المؤمنين، لهذا وجب على المؤمنين أن يسعوا سعياً جاداً في تحقيق الإخلاص لله، في تحقيق التوحيد لله عز وجل بأن تكون عبادتهم لله عز وجل وحده دون ما سواه فطاعة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم تبع لطاعة الله عز وجل: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾ النساء 80.
أيها المؤمنون: إن العبد المؤمن إذا حقق التوحيد فإنه يحصل على فضل عظيم من الله في الدنيا وفي الآخرة، لهذا بين الله عز وجل لعباده المؤمنين فضل تحقيق التوحيد وأنه أعظم ما يتقرب العبد به إلى ربه عز وجل، ومن فضل التوحيد أنك بقدر تحقيقك للتوحيد وإخلاصك لله وبعدك عن الشرك الظاهر والباطن بقدر ذلك يكون لك الأمن وتكون لك الهداية اسمع قول الحق جل جلاله: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ الأنعام 82، لما نزلت هذه الآية شق ذلك على الصحابة وقالوا: يا رسول الله أينا لا يظلم نفسه؟ فقال: (ليس الذي تذهبون إليه، الظلم الشرك ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح ﴿لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ لقمان 13 (رواه الشيخان)، فهذه الآية فيها وعد من الله عز وجل بأن المحققين للتوحيد المبتعدين عن الشرك بأنواعه لهم الأمن في الدنيا والآخرة، ولهم الهداية في الدنيا والآخرة ، وهذه من ثمرات التوحيد؛ لهذا ترى المؤمن الموحد أكثر الناس أمناً في الدنيا وأكثر الناس أمناً يوم القيامة ألم تسمع قول الله عز وجل في المؤمنين: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ الأنبياء 103، نعم المؤمن المسدَّد إذا خاف الناسُ في الدنيا فإنه لا يخاف لأن في قلبه من الإخلاص لله والتوحيد ما يجعله في أمن وأمان، وكذلك إذا خاف الناسُ يوم القيامة من النار إذا برزت الجحيم فإنه لا يخاف ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ﴾ الأنبياء 101 – 102، نعم أيها المؤمنون هذا الأمر العظيم يجب علينا أن نفقهه وأن نسعى في تحقيقه ألا وهو إخلاص الدين لله وهذا بعض فضله في هذه الآية، أن أهل التوحيد الخالص لهم الاهتداء، والهداية مراتب وأهلها فيها درجات ولهذا كان أعظم الناس هداية الأنبياء والمرسلون لأنهم حققوا الإخلاص والتوحيد لله عز وجل.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين والمؤمنات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
فأيها المؤمن: كذلك إذا حققت الإخلاص في قولك وعملك وابتعدت عن الشرك في أقوالك وأعمالك فإن لك فضلا عظيماً وهو أنك تغفر لك الذنوب التي هي فيما بينك وبين الله عز وجل، جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (قال الله عز وجل: عبدي إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا – يعني بملء الأرض خطايا – ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً أتيتك بقرابها مغفرة) متفق عليه، فالموحد يغفر له ذنبه، وبتحقيق (لا إله إلا الله ) تكون لك يوم القيامة بطاقة إذا وضعت في كفة الحسنات طاشت سجلات السيئات، لثقل هذه الكلمة لكن لمن حققها وعمل بمعناها وتيقن بذلك وعمل بمقتضاها، وابتعد عن الشرك كله فإن نور لا إله إلا الله لا يعدله شيء، يحرق الشهوات ويحرق الشبهات في الدنيا وكذلك يحرق أثر الشهوات وأثر الشبهات في الآخرة حين توضع الموازين وحين يلقى الناس حسابهم.
كذلك أهل الإخلاص في الدنيا يمن الله عليهم بأنه يصرف عنهم السوء والفحشاء ألم تسمع إلى قول الله في حق يوسف عليه السلام: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ﴾ يوسف 24 (في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب: مخلِصين) يعني: الذين أخلصوا أعمالهم وأقوالهم وحققوا التوحيد لله فيصرف عنهم السوء والفحشاء.
وكذلك من فضل التوحيد على أهله أن الناس إذا أصابتهم المصائب وحلت بهم العقوبات فإن أهل الإخلاص وأهل التوحيد هم أهل النجاة قال عز وجل: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ العَذَابِ الهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ فصِّلت 17- 18، فإذا أصاب الناس ما أصابهم فإن أهل التوحيد هم أهل النجاة.
إذا علمت أيها المؤمن بعض فضل التوحيد فاعلم أن الله عز وجل لا يغفر لمن أشرك به ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ النساء 48 ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ النساء 116، وإذا لم يرض الله عز وجل إلا التوحيد ولا يغفر الشرك فإن عقاب أهل الشرك عظيم، بل إن عقابهم الخزي في الدنيا وعذاب النار في الآخرة ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ الحج 31، وقال عز وجل: ﴿وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ المائدة 72.
أيها الإخوة المؤمنون: إذا تبين لنا أن حق الله هو توحيده وأن فضل التوحيد عظيم وأن عقاب الشرك عظيم فإننا بحاجة دائمة إلى تعلم التوحيد وإلى الخوف من الشرك فإن التوحيد والإخلاص لا يدرك بدون علم، وإذا كان الله عز وجل أمر نبيه بالعلم بالتوحيد فنحن مأمورون من باب أولى اسمع قول الله جل جلاله ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ﴾ محمد 19 فالعلم بالتوحيد أمره عظيم ولهذا لا يسوغ لنا أن يقول القائل منا فهمنا التوحيد وفهمنا أنواعه دون أن يكرر ذلك و دون أن يراجع ذلك بين الحين والآخر، ودون أن يطلع على كلام أهل العلم فيه؛ لأن هذا ليس من باب الترف العلمي بل هو باب حق الله جل جلاله فإذا تعلمناه وكررناه فإنما ذلك لأهميته، ولكونه حق الله عز وجل على العبيد .
اللهم جنِّبنا الشرك بجميع أنواعه، وارزُقنا التوحيد الخالص، وأمِتْنا عليه، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
175 | هجرة النبي-ﷺ- | الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله | 19/01/1446هـ الموافق26/07/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع:“ هجرة النبي-ﷺ-“
الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والشكر له على ما أولانا من واسع كرمه وفضله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدى من هدى بفضله، وأضل من أضل بحكمته وعدله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى من جميع خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وصحبته، وسلم تسليما.
أما بعد:
ففي هذا الشهر شهر ربيع الأول من العام الثالث عشر من البعثة، وصل النبي ﷺ إلى المدينة مهاجرا من مكة البلد الأول للوحي، وأحب البلاد إلى رسول الله ورسوله، خرج من مكة مهاجرا بإذن ربه، بعد أن قام بمكة ثلاث عشرة سنة، يبلغ رسالة ربه، ويدعو إليه على بصيرة، فلم يجد من أكثر قريش وأكابرهم سوى الرفض لدعوته، والإعراض عنها، والإيذاء الشديد للرسول -ﷺ-، ومن آمن به، حتى آل الأمر بهم إلى تنفيذ خطة المكر والخداع لقتل النبي -ﷺ-، حيث اجتمع كبراؤهم في دار الندوة، وتشاوروا ماذا يفعلون برسول الله -ﷺ-، حين رأوا أصحابه يهاجرون إلى المدينة، وأنه لا بد أن يلحق بهم، ويجد النصرة والعون من الأنصار الذين بايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه أبناءهم ونساءهم، وحينئذ تكون له الدولة على قريش، فقال عدو الله أبو جهل: الرأي أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جلدا، ثم نعطي كل واحد سيفا صارما، ثم يعمدوا إلى محمد فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه، ونستريح منه، فيتفرق دمه، في القبائل فلا يستطيع بنو عبد مناف، يعني عشيرة النبي -ﷺ- أن يحاربوا قومهم جميعا، فيرضون بالدية، فنعطيهم إياها.
الله أكبر، هكذا يخطط أعداء الله للقضاء على رسول الله، وبهذا القدر من المكر والخديعة، ولكنهم يمكرون ويمكر الله، كما قال الله -عز وجل-:
﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾[الأنفال: 30].
فأعلم الله نبيه -ﷺ- بما أراد المشركون، وأذن له بالهجرة، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- قد تجهز من قبل للهجرة إلى المدينة، فقال له النبي -ﷺ-: “على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي“[البخاري (2176) أبو داود (4083) أحمد(6/198)].
فتأخر أبو بكر -رضي الله عنه- ليصحب النبي -ﷺ-.
قالت عائشة -رضي الله عنها-: فبينما نحن في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة في منتصف النهار، إذا برسول الله -ﷺ- على الباب متقنعا، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر، فدخل النبي -ﷺ-، وقال لأبي بكر: “أخرج من عندك” فقال: إنما هم أهلك بأبي أنت وأمي، فقال النبي -ﷺ-: “قد أذن لي في الخروج” فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال: يا رسول الله فخذ إحدى راحلتي هاتين، فقال النبي -ﷺ-: “بالثمن” [البخاري (3694) أبو داود (4083) أحمد (6/198)].
ثم خرجا رسول الله -ﷺ- وأبو بكر، فأقاما في غار جبل ثور ثلاث ليال، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، وكان غلاما شابا ذكيا واعيا، فينطلق في آخر الليل إلى مكة، فيصبح مع قريش، فلا يسمع بخبر حول النبي -ﷺ- وصاحبه إلا وعاه، حتى يأتي به إليهما حين يختلط الظلام، فجعلت قريش تطلب النبي -ﷺ- من كل وجه، وتسعى بكل وسيلة، ليدركوا النبي -ﷺ- حتى جعلوا لمن يأتي بهما أو بأحدهما ديته مئة من الإبل، ولكن الله كان معهما يحفظهما بعنايته، ويرعاهما برعايته، حتى إن قريشا ليقفون على باب الغار فلا يرونهما.
قال أبو بكر -رضي الله عنه-: قلت للنبي -ﷺ- ونحن في الغار لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا؟ فقال: “لا تحزن إن الله معنا، ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما”[البخاري (3453) مسلم (2381) الترمذي (3096) أحمد (1/4)].
حتى إذا سكن الطلب عنهما قليلا، خرجا من الغار بعد ثلاث ليال، متجهين إلى المدينة على طريق الساحل، فلحقهما سراقة بن مالك المدلجي على فرس له، فالتفت أبو بكر، فقال: يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا؟ فقال النبي -ﷺ-: “لا تحزن إن الله معنا“[البخاري (3419) مسلم (2009) ، أحمد (1/3)].
فدنا سراقة منهما حتى إذا سمع قراءة رسول الله -ﷺ- غاصت يدا فرسه في الأرض، حتى مس بطنها الأرض، وكانت أرضا صلبة، فنزل سراقة وزجرها فنهضت، فلما أخرجت يديها صار لأثرهما عثان ساطع في السماء مثل الدخان، قال: فوقع في نفسي أن سيظهر أمر رسول الله -ﷺ-، فناديتهم بالأمان، فوقف رسول الله -ﷺ- ومن معه، فركبت فرسي حتى جئتهم وأخبرتهم بما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، وقال للنبي -ﷺ-: إنك تمر على إبلي وغنمي بمكان كذا فخذ منها حاجتك، فقال: لا حاجة لي في ذلك، وقال: أخف عنا فرجع سراقة، وجعل لا يلقى أحدا من الطلب إلا رده، وقال: كفيتم هذه الجهة
فسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، رجل ينطلق على فرسه طالبا للنبي -ﷺ- وصاحبه، ليظفر بهما، فيفخر بتسليمهما إلى أعدائهما من الكفار، فلم ينقلب حتى عاد ناصرا معينا مدافعا، يعرض عليهما الزاد والمتاع، وما يريدان من إبله وغنمه، ويرد عن جهتهما كل من أقبل نحوها، وهكذا، كل من كان الله معه فلن يضره أحد، وتكون العاقبة له.
ولما سمع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار بخروج رسول الله -ﷺ- إليهم، كانوا يخرجون صباح كل يوم إلى الحرة، ينتظرون قدوم رسول الله -ﷺ- وصحبه، حتى يطردهم حر الشمس، فلما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله -ﷺ- وتعالى النهار، واشتد الحر، رجعوا إلى بيوتهم، وإذا رجل من اليهود على أطم من آطام المدينة ينظر لحاجة به، فأبصر رسول الله -ﷺ- وأصحابه مقبلين يزول بهم السراب، فلم يملك أن نادى بأعلى صوته: يا معشر العرب، هذا جدكم، يعني هذا حظكم وعزكم الذي تنتظرون، فهب المسلمون للقاء رسول الله -ﷺ-، معهم السلاح، تعظيما وإجلالا لرسول الله -ﷺ-، وإيذانا باستعدادهم للجهاد، والدفاع دونه رضي الله عنهم، فتلقوه ﷺ بظاهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين، ونزل في بني عمرو بن عوف في قباء، وأقام فيهم بضع ليال، وأسس المسجد، ثم ارتحل إلى المدينة والناس معه آخرون يتلقونه في الطرقات، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: خرج الناس حين قدمنا المدينة في الطرق، وعلى البيوت والغلمان والخدم، يقولون: الله أكبر، جاء رسول الله: الله أكبر، جاء محمد.
وقال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: “إني لأسعى بين الغلمان وأنا يومئذ غلام، والناس يقولون جاء محمد، جاء محمد”.
هكذا يردد الناس هذه الكلمات فرحا بمقدم رسول الله -ﷺ- الذي هو أحب الناس إليهم.
فيا له من مقدم ملأ القلوب فرحا وسرورا، وملأ الآفاق بهجة ونورا.
فقدم رسول الله -ﷺ- المدينة، وكل قبيلة من الأنصار تنازع الأخرى زمام ناقته النزول: “عندنا يا رسول الله، في العدد والعدة والمنعة”.
ورسول الله -ﷺ- يقول: “دعوها فإنها مأمورة، وإنما أنزل حيث أنزلني الله -عز وجل-“.
فلما انتهت به إلى مكان مسجده بركت، فلم ينزل عنها رسول الله -ﷺ- حتى وثبت ورسول الله -ﷺ- قد أطلق لها الزمام، فسارت غير بعيد، ثم التفتت خلفها فعادت إلى مكانها الأول فبركت، فقال النبي -ﷺ-: “هذا إن شاء الله المنزل”.
وكان هذا المكان لغلامين يتيمين، فدعاهما رسول الله -ﷺ-، فساومهما ليشتريه منهما، فيتخذه مسجدا، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما، وقال: “أي بيوتنا أقرب؟” قال أبو أيوب: أنا يا رسول الله هذه داري وهذا بابي، قال: “فانطلق فهيئ لنا مقيلا” ففعل، ثم جاء فقال: “قوما على بركة الله”.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
الخطبة الثانية
ثم جاء عبد الله بن سلام، وكان حبرا من أحبار اليهود، فقال: أشهد أنك رسول الله، وأنك جئت بحق، وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني أسلمت، فإنهم إن علموا به قالوا في ما ليس في، فأرسل النبي -ﷺ- إلى اليهود فأتوا إليه، فقال النبي -ﷺ-: “يا معشر يهود ويلكم اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقا، وأني جئتكم بحق” قالوا: ما نعلم ذلك، قال: “فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟” فقالوا: سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا، قال: “أرأيتم إن أسلم؟” قالوا: حاش لله ما كان ليسلم، فأعاد فأعادوا.
وكان عبد الله بن سلام قد اختبأ لينظر ما يقولون، فقال النبي -ﷺ-: “يا ابن سلام اخرج عليهم” فخرج، فقال: يا معشر اليهود، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق، فقالوا له: كذبت، فأخرجهم النبي -ﷺ-، فقال عبد الله للنبي -ﷺ-: “ألم أخبرك يا رسول الله أنهم قوم بهت، أهل غدر، وكذب وفجور”[البخاري (3694) أحمد (4/176)].
هذه -أيها المسلمون- هجرة رسول الله -ﷺ- خرج من بلدة ليقيم دعوة الله، ويصلح بها عباد الله.
فاتقوا الله -عباد الله-، واهجروا المعاصي، لتقوموا بإحدى الهجرتين، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ومن اتقى وأحسن كان الله معه:
﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ [النحل: 128].
هذا وصلوا وسلموا على خير البرية محمد بن عبد الله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم
اللهم أصلِح أحوال المسلمين، اللهم أصلِح أحوال المسلمين، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، واجمعهم على الحق والهدى، اللهم احقِن دماءهم، وآمِن روعاتهم، وسُدَّ خُلَّتهم، وأطعِم جائعَهم. نستغفِرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيُّوم ونتوبُ إليه.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
17 | أصناف الزكاة ومصارفها | د. عثمان صالح تروري ـــ عضو الاتحاد في مالي | 12/01/1446هـ الموافق19/07/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع:“ أصناف الزكاة ومصارفها “
الحمد لله الملك الوهاب الرحيم الرحمن التواب خلق الناس كلهم من تراب وهيأهم لما يكلفون بما أعطاهم من العقول والألباب وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له بلا شك ولا ارتياب وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أنزل عليه الكتاب تبصرة وذكرى لأولي الألباب صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآب وسلم تسليما. أما بعد:
فيا أيها الناس: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله -رحمكم الله- حيثما كنتم، فهو سبحانه يعلم ما أخفيتم وما أعلنتم، وزكوا نفوسكم بالتوبة وطهروها، وأيقظوها من سِنَة الغفلة وذكّروها أن لكم موعداً لن تُخلَفوه، وموقفاً بين يدي ربكم لا بد أن تقفوه، ولسوف تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، ثم توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. ]يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران 30
أيها المؤمنون: لقد شرع الله الزكاة على عباده، وجعلها ركنا من أركان الإسلام، وقرينة للصلاة عماد الدين ]وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ[ البقرة 43 وجعلها مربطا من مرابط الأخوة في الله، قال تعالى: ]فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [التوبة 11، وهي وصية الأنبياء قال تعالى:
]وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا[ مريم 54-55
وإن في منع الزكاة أو عدم صرفها على غير وجهها المشروع لمفاسد طامة، مفاسد دنيوية وأخروية، فردية وجماعية، ومن ذلكم:
* أنه ممحق لبركة المال: وملحق بصاحبه وسمة النفاق والفسوق، وهو معرض صاحبَه للوعيد في المحشر وفي النار، قال تعالى ]وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [ التوبة 34-35
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r (مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ ثُمَّ تَلَا لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ الْآيَةَ) البخاري.
لقد فرض الله الزكاة في أموال مخصوصة، وبيان ذلك كالتالي:
أولا : في الثروة الحيوانية :
1 / في البقر: إذا ملك المسلم ثلاثين بقرة إلى تسع وثلاثين وجب عليه فيها عجل تبيع (ما تم له سنة)، وإذا ملك أربعين إلى تسع وخمسين وجب عليه فيها مُسِنَة (ما تم له سنتان)، وإذا ملك ستين إلى تسع وستين وجب عليه فيها عجلان تبيعان، وإذا ملك سبعين إلى تسع وسبعين وجب عليه فيها مسنة وتبيع، ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة، وهكذا مهما بلغت، وهذا جدول يوضح كيفية زكاة البقر.
العدد من وإلى | الواجب |
30 – 39 | عجل تبيع |
40 – 59 | مسنة |
60 – 69 | تبيعان |
2 / الغنم: إذا ملك المسلم أربعين رأساً من الغنم إلى مائة وعشرين وجب عليه فيها شاة، فإذا زادت واحدة إلى مائتين ففيها شاتان، فإذا زادت واحدة إلى ثلاثمائة وتسع وتسعين ففيها ثلاث شياه، فإذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه، إلى أربعمائة وتسع وتسعين ففيها خمس شياه، ثم في كل مائة شاة وهكذا مهما بلغت:
العدد من وإلى | الواجب |
40 – 120 | شاة |
121 – 200 | شاتان |
201 – 399 | ثلاث شياه |
400 – 499 | أربع شياه |
500 – 599 | خمس شياه |
ثانيا: الذهب والفضة: إذا بلغ الذهب 85 غراما فما فوقها قسمها صاحبه على عشرة ثم على أربعة، أو قسمه على أربعين، فالحاصل هو زكاته، فمثلا من عنده 100 غرامات لو قسمها على ما سلف كان الناتج 2.5 ، فهذا زكاته.
أما الفضة فلو بلغ 595 غراما قسمها مثل الذهب، فمثلا من كان عنده 1000 غراما من الفضة لو قسمها كما سبق كان الناتج 25غراما، فهذا زكاته.
ثالثا: ما في حكم الذهب والفضة : وهي :
1 / العملات الورقية، فنصابها مثل نصاب الذهب أو الفضة، وفي عملة سيفا يقدر النصاب ب3.315.000 فرنك سيفا تقريبا بقيمة الذهب، من كان عنده هذه القيمة وما فوقها يقسمها على عشرة ثم على أربعة أو على أربعين فالحاصل هو الواجب. أما عن قيمة الفضة يقدر النصاب ب 327.250 فرنك سيفا تقريبا، يمكن التأكد من يوم إخراج الزكاة
2/ عروض التجارة: وهي البضائع التي جهزت وعرضت للبيع، فنصابها مثل نصاب الذهب أو الفضة، وحسابها مثل حساب أحدهما: فمثلا من حاسب بضائعه ووجد أنها بلغت النصاب قسمها على عشرة ثم على أربعة أو على أربعين فالحاصل هو زكاته إن شاء أخرجه من البضاعة وإن شاء أخرجه من المال النقدي.
رابعا: الثروة الزراعية: فهي عند حصادها فإذا بلغت 675 كلغرام، قسمها على عشرة، فمثلا من حصل على 1000 كلغرام وقسمها على عشرة فالحاصل هو 100 كلغرام فهذا زكاته.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله على المصطفى
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله، وراقبوه في سركم وعلنكم، وأخرجوا حقوق الله رازقِكم من أموالكم من قبل أن يأتي يوم يحاسبكم فيه ربكم وما منكم إلا ويكلمه بدون ترجمان.
أيها المؤمنون: اعلموا – رحمكم الله – أن الزكاة شرعت لتحقيق مصالح يكمن فيها إسعاد المجتمع المسلم بأسره، ونظرا إلى أن الله خالقنا هو أعلم بأحوال العباد من أنفسهم، فإنه قد تكرم بتحديد وجوه صرف الزكاة في محكم تنزيله، فقال سبحانه ]إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [ التوبة 60
فقد حصرها في ثمانية أبواب لا تاسعة لها، وبيانها فيما يلي:
1 – 2: الفقراء والمساكين: وهما صنفان متداخلان، وقد ذكر العلماء تعريفات كثيرة لهما ومن خلالها يمكن تحديد المراد بهما بما يلي: أن المستحق للزكاة باسم الفقر أو المسكنة هو أحد الاثنين الآتيين: – من لا مال له ولا كسب أصلا، – من له مال أو كسب لا يقع موقعا من كفايته وكفاية من يعوله. فيعطى هذان الصنفان من الزكاة ما يغنيهما وما فيه كفايتهما كما ثبت ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ( إذا أعطيتم فأغنوا ).
3: العاملون عليها: ويراد بهم الذين يعملون في جهاز إدارة الأموال الزكوية، من جباة، وكتاب، وحراس ….. وليس الذين يعملون معك في جمع أموالك. فيعطى للعامل على الزكاة ما يقابل عمله وينزه يده من أموال المسلمين.
4: المؤلفة قلوبهم: وهم الذين يراد تأليف قلوبهم بالاستمالة إلى الإسلام أو التثبيت عليه .. وقد اختلف العلماء في دخول الكفار فيهم، والراجح لدينا عدم دخولهم فيهم.
5: وفي الرقاب: ويراد به عون المكاتب المسلم على سداد مال مكاتِبه ليصبح حرا، أو شراء الرقيق المسلم بمال الزكاة وإطلاق سراحه من الرق، وهذا الباب وسيلة من الوسائل التي اتخذها الإسلام للقضاء على الرق.
6: الغارمون: وهم المسلمون الذين تحملوا الديون وتعذر أداؤها فأصبحوا ملزمين بهذه الديون، وهم صنفان:
الغارم لنفسه: وهو من تحمل الدين لمصلحة نفسه، ويشترط في دفع الزكاة له شرطان: 1ــ أن يكون قد استدان في طاعة أو أمر مباح. 2ــ أن يكون في حاجة إلى ما يقضي به دينه.
- الغارم لغيره: وهو من تحمل حمالة مشروعة في إصلاح ذات البين وعجز عن سداها، وقد رأى بعض العلماء أن هذا الصنف يعطى وإن لم يكن عاجزا.
ويعطى للغارمين بصنفيهم ما يقضون به ديونهم.
مسألة: هل يجوز قضاء دين الغارم الميت بالزكاة ؟
للعلماء في ذلك قولان كما ذكر النووي، ولكن الراجح عندنا الجواز لعموم لفظ الغارم الوارد في الآية، ولصياغة التعبير حيث عبر الله تعالى ب ( في ) في شأن الغارمين ( في الرقاب ) وما قبلها عبر فيها ب ( اللام ) وهي تفيد الملكية. ولقوله صلى الله عليه وسلم ( أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا ضَياعا فإلي وعلي)
7: في سبيل الله: ويراد به الغزو وما فيه المصالح الشرعية العامة التي هي ملاك أمر الدين والدولة، ومن ذلك: خدمة العلم الشرعي والعلماء، وإعداد الدعاة، وكفالتهم
8: ابن سبيل: ويراد به المسافر المسلم المنقطع، ويشترط في دفع الزكاة إليه: أن يكون سفره غير معصية، وأن يكون محتاجا. ويعطى من الزكاة ما يوصله مقصده.
فهذه هي وجوه صرف الزكاة، ولا يعطى للكافر شيء من الزكاة وإن كان قريبا، ولا للوالدين وإن علو، ولا للأولاد، ولا من الزوج لزوجته، ولكن يعطى الأقرباء الآخرين المسلين إذا كانوا من جملة هذه الأصناف الثمانية.
فاتقوا أيها المؤمنون، وأخرجوا حقوق الله من أموال الله الذي جعلكم أمناء مستخلفين عليها، ]وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال 28
وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله صلاة وسلاما أتمين أكملين ما زكى مزك ونال رضا ربه، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة وعن سائر صحابته. اللهم أكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضك عمن سواك، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.