مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
185 حفظ اللسان د. أحمد عبد الله بُولي ـــ عضو الاتحاد في مالي 01 /04 /1446هـ الموافق 04 /10 /2024م الأمانة العامة
الموضوع: ” حــفــــظ اللــســان ”
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان نشهد أن لا إله إلا هو إله الأولين والآخرين الذي منّ على البشرية بالإفصاح عما يخالج الجنان بآلة اللسان.
ونشهد أن محمدا خير مخلوق تكلم بالكلام الحسن عبدُه ورسولُه ، وعلى آله وصحبه الذين حفظوا ألسنتهم ففازوا بسعادة الدارين .
أما بعد :
عباد الله أوصيكم وإياي بتقوى الله عز وجل في السر والعلن .
ولنعلم أن من أكبر أسباب الخسران في العاجل والآجل إطلاق اللسان وتمهيد السبيل له ليرتاع حيث شاء وكيف شاء وبما شاء . ولنذكر قولَه تعالى ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ (سورة ق 17 ـ 18)
وقولَه تعالى ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ (الانشقاق 10 ـ 12)
وقد اختلف العلماء هل يكتب الملك كل شيء من الكلام أو يكتب ما فيه ثواب وعقاب فقط ، وبالأول قال الحسن البصري وقتادة ، وبالثاني قال ابن عباس رحمهم الله ، قال ابن كثير :
{{ وظاهر الآية العموم }} ( تفسير ابن كثير ج4 ص 225) وقد ورد أن معاذا رضي الله عنه سأل الرسول عن عمل يدخل الجنة ويباعد من النار فقال عليه الصلاة والسلام : لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسّره الله عليه : تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة
وتصوم رمضان وتحج البيت …. ثم قال في آخر الحديث: ألا أخبرك بملاك ذلك كله : قلت بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسانه وقال : كُفَّ عليك هذا ، قلت : يارسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك ،
{{ وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم }} (رواه الترمذي وأحمد في مسنده)
ولنسمع هذا الحديث لنزداد معرفة بخطورة اللسان ، فقد ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي يقول :{{ إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقى لها بالا يرفعه الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقى لها بالا يهوي بها في جهنم }} (رواه الشيخان) ؛ ولهذا وذاك قال عليه الصلاة والسلام ناصحاً أمته :
{{ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت }} (متفق عليه).
دونكم آفاتِ الكلام :
الآفة الأولى : الغيبة ، قال سبحانه : ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ (الحجرات 12) .
الآفة الثانية : الكذب والنميمة ، قال عليه الصلاة والسلام {{ إياكم والكذب فإن الكذب
يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار }} (رواه أبو داود) . وفي حديث صحيح : {{ لا يدخل الجنة قتّات }} وهو النمّام (رواه مسلم )
الآفة الثالثة : السبّ والبذاءة ، وفي الحديث المستدرك على الشيخين :
{{ ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء }} (أخرجه الحاكم في المستدرك)
الآفة الرابعة : اللعن ، فعن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء ، فتغلق أبواب السماء دونها ، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق الأبواب دونها ، ثم يأخذ يمينا وشمالا ، فإذا لم تجد مساغا رجعت على الذي لُعن إن كان أهلا لذلك ، وإلا رجعت إلى قائلها }} (رواه أبو داود) وقد ثبت أن الرسول في بعض أسفاره أمر بعزل ناقةٍ لعنها صاحبها فقال {{ لا تصاحبنا ناقة عليها اللعنة }} (أخرجه مسلم) .
الآفة الخامسة : السخرية والاستهزاء ، قال سبحانه :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (الحجرات 11)
الآفة السادسة : الكلام فيما لا يعنيك ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :
{{ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه }} (رواه الترمذي وحسّنه) وقيل للقمان الحكيم : ما بلغ من حكمتك ؟ قال : لا أسأل عمّا كفيته ، ولا أتكلم بما لا يعنيني .
الخطبة الثانية *
الحمد لله الذي جعل الكلماتِ الحسنةَ زينةً للألسنة .
والصلاة والسلام على من ربّى أصحابه على الكلام الزكيّ الطيّب .
إخوة الإيمان :
لقد كان لنا في رسول الله أسوة حسنة ، فقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه : خدمت رسول الله عشر سنين ، لا والله ما سبّني قط ، وما قال لي أفّ قط ، ولا قال لي لشيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم أفعله ألا فعلته ؟}} (أخرجه الشيخان) .
قال ابن مسعود : ما شيء أحوج إلى طول سجن من لساني .
قال أبو الدرداء : أنصف أذنيك من فيك فإنما جُعلت لك أذنان وفم واحد لتسمع
أكثر مما تتكلم به .
وقال مخلد بن الحسين : ما تكلمت منذ خمسين سنة بكلمة أريد أن أعتذر منها .
وذكر عن الإمام أحمد بن حنبل أنه كان يئنّ في مرضه فبلغه عن طاوس اليماني أنه
قال : يكتب الملك كل شيء حتى الأنين ، فلم يئنَّ الإمام حتّى مات رحمه الله .
هؤلاء هم الأصفياء البررة عرفوا خطورة اللسان وبوائقه فحفظوا ألسنتهم وصانوها ففازوا بالدارين.
ألا وصلوا وسلموا على البشير النذير.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
مشاركة كثير من أعضاء اللجنة المحلية للاتحاد في بلد المقر في حفل تخرج الدفعة السادسة لمركز الفردوس للدراسات القرآنية باماكو-مالي
شارك كثير من أعضاء اتحاد علماء إفريقيا في بلد المقر في حفل تخرج الدفعة السادسة المسماة المزيد…
مشاركة كثير من أعضاء اللجنة المحلية للاتحاد في بلد المقر في حفل تخرج الدفعة السادسة لمركز الفردوس للدراسات القرآنية باماكو-مالي
شارك كثير من أعضاء اتحاد علماء إفريقيا في بلد المقر في حفل تخرج الدفعة السادسة المسماة ” دفعة الشيخ سليمان كوليبالي” -رحمه الله – تحت شرف معالي وزير الشؤون الدينية الدكتور محمد عمر كوني ، و برعاية الحاج سمبا جيغي والحاجة بنتا داف وذلك يوم الأحد 29-09-2024م. ومنهم:
– الدكتور محامدو كوني وزير الشؤون الدينية والعبادة بدولة مالي.
– سعادة الأمين العام الدكتور سعيد محمد بابا سيلا
– المدير التنفيذي الدكتور عمر بامبا
الشيخ إبراهيم كونتاو مساعد الأمين العام للشؤون المالية ومدير منظمة الفاروق، ونائب الأول للمجلس الاسلامي الاعلى في مالي.
– الدكتور عثمان صالح تراوري مؤسس والمدير العام لمركز الفردوس للدراسات القرآنية، عضو لجنة الإعلام والعلاقات العامة في مكتب إدارة الاتحاد، ورئيس قسم الدراسات الاسلامية واللغة العربية بجامعة الساحل رئيس اتحاد حلقات القرآنية في مالي، ومؤسس مركز الفردوس للدراسات القرآنية.
– مساعد الأمين العام للشؤون القانونية الدكتور أحمد بولي
– مقرر اللجنة المحلية الدكتور محمود كوما.
ومن اللجنة المحلية في بلد المقر الاتحاد علماء إفريقيا الدكتور اسماعيل دوكوري، الشيخ محمد ماحي سيسي، والشيخ أحمد سيسي (أبو حزم)، الدكتور محمد البشير مودي سيلا وغيرهم من الأعضاء لا يتسع المجال لذكرهم كلهم.
وبلغ عدد خريجي هذه الدفعة السادسة ثلاثين خريجا من حفظة كامل القرآن الكريم. وسبعة عشر من المرحلة الاعدائية من حفظة كتاب الله العزيز.
وشارك كذلك البعثة الازهرية الموجودة في باماكو، وعدد كبير من أساتذة وطلاب وخريجي جامعة الساحل، وجامعات أخرى العمومية والخاصة وكبار الشخصيات والأئمة والدعاة والخطباء من العاصمة وغيرها.
وإليكم بعض اللقطات من الفعالية مع خالص الشكر والتقدير وتحيات مكتب الأمانة العامة لاتحاد علماء إفريقيا / قسم الإعلام والمعلوماتية
وإليكم بعض اللقطات
https://t.me/africanulama
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
183 صفة صلاة النبي د. عثمان صالح تروري ـــ عضو الاتحاد في مالي 16 /03 /1446هـ الموافق 20 /09 /2024م الأمانة العامة
الموضوع: ” صفة صلاة النبي ”
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد:
فأوصيكم أيها المؤمنون بتقوى الله وطاعته، فلا سعادة إلا لمن اتقى، ولا شقاوة إلا لمن عصى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
أيها المؤمنون: إذا أكمل المصلي جميع الشروط فليتجنب دخول الصلاة عند مدافعة أحد الأخبثين أو عند حضور الطعام وهو جائع لما ورد في ذلك من النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويستقبل بقلبه إلى الله موقنا أنه يناجيه، ثم يكبر تكبيرة الإحرام قائلاً: الله أكبر، غير ممدودة عن المد المعلوم ولا مططة، ناظرًا ببصره إلى محل السجود، رافعًا كفيه عند التكبير حذو منكبيه أو إلى حيال أذنيه، تكون الأصابع مبسوطة غير متفرقة عن بعضها، مستقبلاً براحة الكفين القبلة، وهكذا في كل رفع لليدين. ثم يضع يديه على صدره، اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، أو يقبض بيمينه على شماله لثبوت ذلك في السنة عن النبي ، ومن السنة أن يقرأ دعاء الاستفتاح وهو: (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ). وإن شاء قال بدلاً من ذلك: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ). وإن أتى بغيرهما من الاستفتاحات الثابتة عن النبي فلا بأس، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة؛ لأن ذلك أكمل في الاتباع. ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ويقرأ سورة الفاتحة لقوله : (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِمَامٍ وَغَيْرِ إِمَامٍ)، ويقول بعدها: آمين، جهرًا في الصلاة الجهرية، وسرًّا في الصلاة السرية، ثم يقرأ ما تيسر له من القرآن، (وإن كان لا يعرف الفاتحة قال : سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ).
ثم يركع مكبرًا رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه، جاعلاً رأسه حيال ظهره، واضعًا يديه على ركبتيه، مفرِّقًا أصابعه، ويطمئن في ركوعه ويقول: (سبحان ربي العظيم)، والأفضل أن يكررها ثلاثًا أو أكثر، ويستحب أن يقول مع ذلك: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي).
ثم يرفع رأسه من الركوع رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً: (سمع الله لمن حمده) إن كان إمامًا أو منفردًا، ويقول حال قيامه: (ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد). أما إن كان مأمومًا فإنه يقول عند الرفع: (ربنا ولك الحمد…) إلى آخر ما تقدم، وإن زاد كل واحد منهم ـ أي: الإمام والمأموم والمنفرد ـ على ذلك: (أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) فهو حسنٌ لثبوت ذلك عن النبي وإن شاء اعتدل بيديه وإن شاء وضع يديه على صدره لخلاف فيه بين العلماء، وأيهما فعل فذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يسجد مكبّرًا واضعًا ركبتيه قبل يديه إذا تيسّر له ذلك، فإن شقّ عليه قدّم يديه قبل ركبتيه، مستقبلاً بأصابع يديه ورجليه القبلة، ضامًّا أصابع يديه مادًّا لها، ويكون على أعضائه السبعة: الجبهة مع الأنف واليدين والركبتين وبطون أصابع الرجلين، ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويرفع ذراعيه عن الأرض لقول النبي : (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)، ويقول في السجود: (سبحان ربي الأعلى)، ويُسنّ أن يقول ذلك ثلاثًا أو أكثر، ويستحبّ أن يقول مع ذلك: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، ويكثر من الدعاء لقول النبي : (أما الركوع فعظّموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فَقَمِنٌ أن يستجاب لكم)، ويسأل الله من خير الدنيا والآخرة، سواء كانت الصلاة فرضًا أو نفلاً.
ثم يرفع رأسه مكبرًا، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، ويضع يديه على فخذيه وركبتيه، ويقول: (ربي اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني). ويطمئن في هذا الجلوس، ثم يسجد السجدة الثانية مكبرًا، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى.
ثم يرفع رأسه مكبرًا، ويجلس جلسة خفيفة وتسمى جلسة الاستراحة وهي مستحبة، وإن تركها فلا حرج عليه إن شاء الله، وليس فيها ذكر ولا دعاء، ثم ينهض قائمًا إلى الركعة الثانية معتمدًا على ركبتيه إن تيسر له ذلك، وإن شقّ عليه اعتمد على الأرض بوضع يديه عليها، وبهذا يكون قد أتم ركعة واحدة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
الخطبة الثانية:
الحمد ولي الصالحين، والصلاة والسلام على أفضل المصلين…
إذا قام إلى الركعة الثانية يقرأ الفاتحة وما تيسّر له من القرآن بعد الفاتحة، ثم يفعل كما فعل في الركعة الأولى.
و إذا كانت الصلاة ثنائية ـ أي: ركعتين ـ كصلاة الفجر والجمعة والعيد جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصبًا رجله اليمني مفترشًا رجله اليسرى، واضعًا يده اليمنى على فخذه اليمنى، قابضًا أصابعه كلها إلا السبابة فيشير بها إلى التوحيد، وإن قبض الخنصر والبنصر من يده وحلّق إبهامها مع الوسطى وأشار بالسبابة فحسنٌ، لثبوت الصفتين عن النبي، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة، ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وركبته، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس وهو: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)، ثم يقول: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)، ويستعيذ بالله من أربع فيقول: (اللَّهُمَّ إِنى أَعوذُ بكَ مِن عَذابِ جَهَنَّمَ، ومِن عَذابِ القَبرِ، ومِن فِتنَةِ المَحيا والمَماتِ، ومِن فِتنَةِ المَسيحِ الدَّجّالِ)، ثم يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة، فإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس، سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة لعموم قول النبي في حديث ابن مسعود لما علّمه التشهد: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو) ، وفي لفظ آخر: (ثم ليختر من المسألة ما شاء). وهذا يعمّ جميع ما ينفع العبد في الدنيا والآخرة.
ثم يسلم، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة وجوه للسلام هي: الأول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عن يمينه. السلام عليكم ورحمة الله عن يساره الثاني: مثله دون قوله (وبركاته) الثالث: السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه. السلام عليكم عن يساره الرابع: يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل به إلى يمينه قليلا
عن يمينه وشماله قائلاً: (السلام عليكم ورحمة الله، السلام عيكم ورحمة الله)، وإن زاد كلمة: (وبركاته) فلا بأس، لورود ذلك عن النبي .
وإن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء يقرأ التشهد المذكور آنفًا مع الصلاة على النبي من غير الدعاء الأخير، ثم ينهض قائمًا معتمدًا على ركبتيه، رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً: الله أكبر، ويضعهما ـ أي: يديه ـ على صدره كما تقدم، ويقرأ الفاتحة فقط، وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر زيادة عن الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس، لثبوت ما يدلّ على ذلك عن النبي من حديث أبي سعيد.
ففي الجلوس بعد الثالثة من المغرب وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء يجلس كجلسته في الثانية من حيث الصفة، وأحيانًا يتورّك أي: يعتمد على ورْكِه أي: فخذه الأيسر، مخرجًا قدمه اليسرى من تحت قدمه اليمنى وجهة القدم، يتشهد كما تقدم في الصلاة الثنائية، يقرأ التشهد مع الصلاة على النبي ، ثم يسلّم عن يمينه وعن شماله. وبهذا يكون قد أتم الصلاة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
اللهم تقبل منا صلاتنا، واجعلنا من الذين يؤدونها على أكمل وجهها، وأورثنا الفردوس بها يا رب العالمين … وصلى الله على نبينا محمد وسلم، والحمد لله رب العالمين.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
184 سجود السهو قسم المشاريع – في الاتحاد 23 /03 /1446هـ الموافق 27 /09 /2024م الأمانة العامة
الموضوع: ” سجود السهو ”
الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وتفقهوا في دينكم، واعرفوا حدود ما أنزل الله على رسوله، فإنه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
واعلموا: أن من أهم ما يجب عليكم معرفته أحكام الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام وعمود الدين. عباد الله:
ومن أكثر ما يقع الخلل فيه سجود السهو في الصلاة حيث كان يجهله كثير من المصلين.
فسجود السهو له أحكام ومواضع وأسباب: ينبغي لكل مسلم معرفتها، حتى يكون على بصيرة من أمره إذا وقع له ذلك.
أولا: حكم سجود السهو: واجب عند الحنابلة والحنفية وقول عند المالكية لحديث ابن مسعود : “(صلى النبي ﷺ الظهر خمسا، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذلك؟ قالوا: صليت خمسا، فسجد سجدتين بعدما سلم) “البخاري(392) مسلم (572) وفي رواية عند مسلم: (إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين).
ثانيا: مواضع: عندنا في المذهب “المالكي” ننظر إلى السبب ليتم تحديد موضع السجود؛ إن كان نقصا السجود يكون قبلي وإن كان زيادة كان السجود بعد السلام وإن كان هما معا كان قبليا، وأما الشك، فإذا شك المصلي كم صلى ثلاثا أم أربعا، ولم يترجح عنده شيء، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، وهو الأقل، فليتم ما عليه، ثم يسجد سجدتين بعد السلام في المشهور.
تنبيه: السجود عند الشافعية قبل مطلقا، وعند الحنيفة بعد مطلقا، وعند أحمد: حيث ورد الحديث.
ثالثا: الأسباب: فأسباب سجود السهو إجمالا ثلاثة: الزيادة، والنقص، والشك.
وهناك السنن الثماني التي يسجد لها، يجمعها: سينان شينان جيمان كذا تاءان عد السنن الثماني.
سينان: ( السر والسورة)
شينان: ( تشهد الأول والتشهد الأخير )
جيمان: ( الجهر، والجلوس)
التاءان: ( التحميدتان والتكبيرتان )
حكم، من سها عن السجود السهو عن ثلاث سنن وفات التدارك بطلت الصلاة، على المشهور وقيل إن كان قبليا، أما من نسي البعدي سجده متى ذكره ولو بعد شهر.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
الخطبة الثانية:
الحمد ولي الصالحين، والصلاة والسلام على أفضل المصلين…
أيها الناس: إن كثيرا من المصلين ينكرون سجود السهو بعد السلام، ويستغربونه، وذلك لأنهم يجهلون هذا الحكم الشرعي الذي يرى بعض العلماء أن ما كان من سجود السهو قبل السلام فهو واجب قبل السلام، وما كان بعده فواجب أن يكون بعده، وسبب جهلهم عدم تعلمهم لذلك، وعدم العمل به من أئمة المساجد وأئمة المساجد منهم من لا يدري بذلك، ويحسب أن سجود السهو قبل السلام في كل حال، ومنهم من يدري، ولكن لا يعمل يقول أخشى من التشويش، وهذا ليس بعذر في ترك ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، بل الحق الذي يكون به براءة الذمة ونشر السنة أن يسجد بعد السلام إذا كان موضع السجود بعد السلام حتى يعرف الناس ذلك، ويفهموه، ويعملوا به، ويزول عنهم التشويش، ويكون لفاعله أجر من أحيا سنة.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغُرِّ الميامين
وارضَ اللهم عن الأئمة المهديين، ومن سار على نهجهم واتبع سنتهم يا رب العالمين
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
182 | مظاهر محبة النبي ﷺ | مكتب الأمانة العامة | 09 /03/1446هـ الموافق 13/09/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” مظاهر محبة النبي ﷺ ”
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، المبعوث بالدين القويم، والصراط المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين. وإماما للمتقين. فظهر نور الفرقان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
عباد الله: إن محبة الرسول ﷺ تعتبر ركنا أصيلا من أركان الإيمان، يتوقف على وجوده وجود الإيمان لقول ﷺ الذي أخرجه البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}.
فلما كثر المدعون لمحبته ﷺ طلب الله البينة من المحبين قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ آل عمرن (31) ولهذه المحبة ” مظاهر وآثار على السلوك” وإن كان الحب من أعمال القلوب إلا أنه لا بد وأن يظهر آثاره على الجوارح قولاً وفعلاً. ولما كان الحب أمرا يمكن أن يستتر وراء الدعاوي والمزاعم ويقع في الاشتباه، كان لا بد من التميز بين الصادق فيه وبين الدعيّ الكاذب، يعني من مسلكا صحيحا ومن انحرف عن مسلك الصواب.
أيها المسلمون: لطالما استغلت دعوى الحب لله ولرسول ﷺ أو حب الصالين لتسويغ ألوان من البدع وضروب من الغلو وجعلها مقبولة لدى الناس بدعوة المزعومة. كان لزاما علينا التعرف على علامات ومظاهر محته ﷺ لذا نذكر بعضاً من أهمها:
- طاعة الرسول ﷺ واتباعه:
إن أقوى شاهد على صدق الحب هو موافقة المحب لمحبوبه، وبدون يصير الحب دعوى كاذبة. وأكبر دليل على صدق الحب لرسول الله ﷺ هو طاعته واتباعه، كما جعل الله سبحانه وتعالى دليلاَ على حبه في قوله: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ آل عمران (31) فتبين من هذا أن الاتباع هو عظم شاهد صدق المحبة بل هو من أجل ثمارها.
فلما كثر المدعون طلب اله منهم البينة لأن البينة على من ادعى. القياس هو أن من يقتدي به ويعمل بأوامره ويتجنب نواهيه من السنة، ويتأدب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه، فأعلم أنه هو المحب الصادق. وأما من يدعي المحبة وهو لا يتمثل بأوامره وسننه فهو كاذب في محبته.
كما قال الشاعر في عجز البيت : إن المحب للمحب مطيع.
- تعظيم النبي وتوقيره والأدب معه:
تعظيم النبي هو ما يقتضيه مقام النبوة والرسالة من مال الأدب وتمام التوقير، فعلى قدر المعرفة يكون التعظيم. فالتعظيم بالقلب يكون بالاعتقاد وباللسان يكون بالثناء عليه بما هو أهله، بما أثنى به عليه ربه أو مما أثني به على نفسه، ومنه الصلاة والسلام عليه، كما يشمل الأدب في الخطاب معه والحديث عنه صلى الله عليه وسلم. وأما تعظيمه بالجوار فيشمل العمل بطاعته وتجريد متابعته وموافقته في حب ما يحبه، والسعي في إظهار دينه، ونصرة شريعته، والذب عنه وصون حرمته.
عباد الله أين نحن من هذه النقطة في محبته.
وعليه يكون أساس التعظيم للرسول وقاعدته التي يبنى عليها هو: تصديقه فيما أخبر ، وطاعته فيما أمر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وعبادة بما شرع. ومن ترك هذه القاعدة يكون بين على إحدى الطرفين: الجفاء أو التفريط في حقوقه ﷺ.
مثال الجفاء في حقه: كالطعن في صدقه أو أمانته وعدالته، كما فعل ذو الخويصرة روي البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ: { بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ, وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا , أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ , وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اعْدِلْ، فَقَالَ: وَيْحَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ , لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ “، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لَيَّ فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ , وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ , يَقْرءُونَ الْقُرْآنَ لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُمْ , يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ…..} الحديث صحيح البخاري
ومثل الجفاء في عدم التأدب في الحديث والكلام: هو ما يفعله بعض الشعراء عند مدح الحكام والعلماء والوجهاء بصفات الرسول ﷺ الخاصة به، كقول المعري مثلا:
لولا انقطاع الوحي بعد محمد ** قلنا محمد عن أبيه بديل
هو مثله في الفضل إلا أنه ** لم يأته برسالة جبريل
سبحان الله من يكون مثل الرسول في الفضل ؟!!!!
وفي المقابل عدم الغلو فيه: الغلو في النبي ﷺ ورفعه فوق مرتبته التي وضعه الله عليها، وذلك كاعتقاد أنه يعلم الغيب مطلقا او إن وجوده سابق لهذا العالم وأن من نوره خلق الكون كله إلى غير ذلك من الاعتقادات الباطلة التي لم ترد في الكتاب ولا السنة،
قال تعالى ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الأعراف (157)
ومن الجفاء في حقه رفع الصوت عند قبره ، وكذلك رفع آراء بعض البشر ومذاهبهم على أقواله وسنته صلى الله عليه وسلم.
- و من علامات حبه ﷺ: كثرة تذكره وتمني رؤيته والشوق إلى لقائه، السبب إلى ذلك معرفته حق المعرفة. إن من أحب شيئا أكثر من ذكره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: { مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا، نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ } صحيح مسلم
- ومنه محبة قرابته وآل بيته وأزواجه. أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: { قَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: ” أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ” فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ}
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ أَبُوبَكْرٍ: {ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ} . الذين ينتسبون إليه حقيقة.
- ومن مظاهر محبته محبة سنته والداعين إليها: من الصاحبة ومن أتى بعدهم على منهاجهم إلى يومنا هذا وتوليهم والدفاع عنهم ومعرفة قدرهم. قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ الحشر (10)
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ……
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبة وسلم
عباد الله بعد معرفتنا هذه العلامات لحبه أصبح لدينا الميزان نفرق به بين المحبة الحقيقية والمزيفة.
عباد الله و ثمرات المحبة: تعني الأثار التي يبقيها المحبة.
فمن أعظمها وجود حلاة الإيمان في القلب: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: { ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ كمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ، وَأَنْ يُحِبَّ الرَّجُلَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ} معجم الأوسط
ومنها يجعلك تكثر الصلاة والسلام عليه.
وفي الآخرة المرؤ مع من أحب : أخرج البخاري بسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: { أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ: مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا» قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاَةٍ وَلاَ صَوْمٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»}
قال تعالى : ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ التوبة (24)
اللهم إنا نسألك حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبًّا يُبَلِّغُنِا حُبَّكَ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن واهدنا إلى صراطك المستقيم وارحمنا يا أرحم الراحمين.
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الواهب.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
181 | صفة الصلاة النبي ﷺ | مكتب الأمانة العامة | 03/03/1446هـ الموافق 06/09/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” صفة الصلاة النبي ﷺ ”
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه بلغ الرسالة وأدّ الأمنة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم.
أما بعد:
لبيان المنهَج الوضَّاح الذي كانَ عليه سلَفُنا الصالحُ – رحمهم الله – يجب أن نتعلم ديننا بالأدلةـ، ومما يجهله كثير من العامة الصلاة وما يتعلق بها، عليه بدأنا سلسلة في فقه الصلاة ، فقدمنا خطبة بعنوان: شروط صحة الصلاة، وهذه الخطبة الثانية بعنوان:
صفة صلاة النبي ﷺ صلاة الرسول ﷺ هي أعدل صلاة، وأكمل صلاة -عليه الصلاة والسلام- فيقول: صلوا كما رأيتموني أصلي كان يصلي صلاة فيها الطمأنينة، وفيها الركود، والخشوع، عليه الصلاة والسلام:
عباد الله لا بد للمصلي من أن ينوي الصلاة التي قام إليها وتعيينها بقلبه، كفرض الظهر أو العصر، أو سنتهما مثلاً، وهو ركن. وأما التلفظ بها بلسانه فبدعة مخالفة للسنة، ولم يقل بها أحد من متبوعي المقلدين من الأئمة.
2- ثم يكبر تكبيرة الإحرام بقوله:” الله أكبر” ويرفع يديه مع التكبير أو قبله، أو بعده، كل ذلك ثابت في السنة.
ثم يستفتح قبل القراءة، والأغلب يستفتح بقوله: اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، هكذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سأله عن سكوته بعد التكبير؛ فقال: إنه يقول هذا الدعاء، في صلاة الفريضة، وهكذا النوافل، وإن استفتح بالحديث الآخر: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك فحسن، كله طيب.
3- ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقرأ الحمد، الفاتحة يقرؤها قراءة مرتلة ومطمئنة، يعطي الحروف حقها، فإذا قال: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] قال: آمين، في الجهرية، يجهر كالمغرب والعشاء والفجر والجمعة، وفي السر يسرها بينه وبين نفسه،
4- ثم يقرأ ما تيسر من السور، أو الآيات، كان يطول في الفجر، يقرأ من طوال المفصل، وفي المغرب تارة بالطوال، فقد قرأ بالطور في المغرب، وقد قرأ بالأعراف في الركعتين في بعض الأحيان، وقرأ بالمرسلات في المغرب، والغالب يقرأ بالقصار، قصار المفصل، مثل: إِذَا زُلْزِلَتِ وَالْعَادِيَاتِ وإِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وما أشبه ذلك: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا فالمؤمن يفعل كما فعل النبي ﷺ تارة يطول، وتارة يقرأ بالقصار في المغرب.
وفي العشاء والظهر والعصر بالأوساط، يقرأ بالأوساط مثل: لَمْ يَكُنِ، مثل: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى، وأشباه ذلك، في العشاء، وفي الظهر وفي العصر، وتكون الظهر أطول بعض الشيء من العصر، هذه سنته، عليه الصلاة والسلام.
- 5 ثم يركع و يطمئن ولا يعجل، ويسبط ظهره ولا يصوب ولا يشخص رأسه، ويأتي بالتسبيح: (سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم) خمس مرات، سبع مرات، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) في الركوع، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) ويركد يضع يديه على ركبتيه، يسوي رأسه مع ظهره معتدلًا مطمئنًا،
6- ثم يرفع رأسه قائلًا: (سمع الله لمن حمده) إذا كان إمامًا، أو منفردًا، وإن كان مأمومًا يرفع يقول: (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا لك الحمد) ثم يكمل: (حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد) وربما زاد -عليه الصلاة والسلام- بعد هذا: «أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» يعني: يطول في هذا الركن يعتدل، ويطمئن.
الخطبة الثانية
7- ثم يسجد، ويعتدل في السجود على أعضائه السبعة: أطراف قدميه وركبتيه وكفيه ووجهه، يجعل جبهته وأنفه على الأرض، ويعتدل، يرفع بطنه عن فخذيه، يجافي عضديه عن جنبيه، يرفع ذراعيه عن الأرض يعتمد على كفيه، يطمئن ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ويكررها خمسًا، أو سبعًا، أو عشرًا، ويقول: (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني) (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره) (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) .
يدعو في السجود، كان النبي ﷺ يدعو في السجود، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم يعني: حري أن يستجاب لكم، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء.
فالسنة أن يطمئن في السجود، ويكثر من الدعاء في السجود مع قوله: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، خمس مرات، سبع مرات، في الركوع: سبحان ربي العظيم، في السجود: سبحان ربي الأعلى، مع الدعاء مع قوله: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) لا يعجل.
ثم يجلس بين السجدتين، ويطمئن، ويركد، ولا يعجل، يقول: (رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني واجبرني وارزقني وعافني).
بين السجدتين يطمئن، ويجلس على رجله اليسرى، يفرشها، ويجلس عليها، وينصب اليمنى إذا استطاع ذلك،
ثم يسجد الثانية مثل الأولى، يطمئن فيها، ويقول فيها مثلما قال في الأولى، هكذا صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي آخرها
8- بعد الثنتين يجلس للتحيات يقرأ: التحيات إلى قوله: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ َلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.) ثم ينهض إلى الثالثة، وإن صلى على النبي ﷺ فهو أفضل، النبي ﷺ ربما نهض، وربما صلى على النبي ﷺ ثم نهض إلى الثالثة.
ثم يقرأ في الثالثة الحمد فقط، هكذا روى أبو قتادة الأنصاري عن النبي ﷺ: أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة في الظهر والعصر بفاتحة الكتاب في الثالثة والرابعة، وهكذا في الثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء بالفاتحة، وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر بعض الشيء زيادة بعض الأحيان؛ فلا بأس؛ لحديث أبي سعيد الوارد في ذلك. لكن الأفضل والأكثر يكون الفاتحة وحدها، لكن إن زاد في بعض الأحيان في الثالثة والرابعة من الظهر بعض الآيات، أو بعض السور؛ فلا بأس؛ لأنه ورد في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد ما يدل على أنه ربما زاد في الثالثة والرابعة من الظهر بعد الفاتحة، بعض الشيء، عليه الصلاة والسلام.
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . اللهم صل على محمد وآله وصحبه والتابعين لهم يإحسان إلى يوم الدين.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
180 | شروط الصلاة | مكتب الأمانة العامة | 25/02/1446هـ الموافق 30/08/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” شروط الصلاة ”
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه بلغ الرسالة وأدّ الأمنة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم.
أما بعد:
عباد الله: لتصحيحِ المسارِ، وإبراز المعالِم الحقَّة وتجلِيَة الشِّعار، وبيان المنهَج الوضَّاح الذي كانَ عليه سلَفُنا الصالحُ – رحمهم الله – يجب أن نتعلم ديننا بالأدلةـ، ومما يجهله كثير من العامة شروط صحة الصلاة، وهي:
1 ـ طهارة الخبث و الحدث الأكبر والأصغر: لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ المائدة 06
وقال ابن عرفة: من شروط الصلاة رفع الحدثين أو التيمم وطهارة الخبث في ثوبه وبدنه ومكانه
2ـ ستر العورة: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ الأعراف 31
ومنه حديث استئذان أبوبكر وعمر ثم لما اسئذن عثمان ستر فخذه e
وهي من الرجل ما بين السرة إلى الركبة فإن لم يجد إلا إزارا اتزر به أو ثوبا واسعا التحف به.
والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها والساتر الحصيف لا الشاف ومن لم يجد إلا حريرا أو نجسا صلى به.
3ـ الإسلام: بناء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وهو المشهور فتجب الصلاة على الكافر ولا تصح منه بالإجماع لفقد الإسلام. وقيل إنه شرط في الوجوب والصحة وإذا أسلم الكافر والمرتد لم يجب عليهما قضاء ما خرج وقته من الصلوات في حال الكفر ويجب عليهما أن يصليا ما أسلما في وقته.
4 ـ دخول وقت الصلاة: فلا تجب الصلاة قبل الوقت إجماعا ولا تصح أيضا لقوله تعالى:
﴿ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ النساء103
ومنه حديث عمر أن أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَقُولُ (نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ نزل ….) الحديث المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم
عباد الله بما أن دخول الوقت شرط من صحة الصلاة شرط فإن تأخيرها يعتبر إثما عظيما، ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ مريم 59
5ـ من شروط الصلاة استقبال القبلة (الكعبة) مع الأمن و القدرة: والقدرة ليخرج المريض والمجاهد والمربوط ومن تحت الهدم وقولنا: والذكر ليخرج الناسي وقال ابن عرفة: واستقباله الكعبة فرض في الفرض إلا لعجز قتال أو مرض أو ربط أو هدم أو خوف لصوص أو سباع انتهى. ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ البقرة (150)
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: ” (( صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ eإِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ: ﴿ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 150]، فَنَزَلَتْ بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَحَدَّثَهُمْ بِالْحَدِيثِ فَوَلَّوْا وُجُوهَهُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ)) قال ابن بشير في باب صلاة المريض: فإن عجز عن استقبال القبلة بنفسه حول إليها فإن عجز عن تحويله سقط حكم الاستقبال.
6ـ العقل فلا تجب على مجنون: ولا تصح صلاة المجنون ولا السكران. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ النساء 43
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبة وسلم.
عباد الله إن من شروط صحة الصلاة
وأما شروط الوجوب دون الصحة فاثنان.
1ـ البلوغ: فلا تجب على من لم يبلغ لكن تصح منه الصلاة ويؤمر بها بالسبع ويضرب عليها عشرا كما جاء في السنة: عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال قَال : رَسُولُ اللَّهِ e: (مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ و هم أبناءُ سبعِ سِنِينَ ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عشرِ سِنِينَ ، وفَرِّقُوا بينهم في المضاجعِ). صحيحه الألباني
- 2. عدم الإكراه فلا تجب على من أكره على تركها لكن تصح منه إن فعلها وإن لم يصلها وجب عليه قضاؤها عند زوال الإكراه.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغُرِّ الميامين، ومن سار على نهجهم واتبعهم يا رب العالمين، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
179 | مكانة الصلاة في الإسلام | الشيخ صلاح بن محمد البدير | 24/02/1446هـ الموافق 23/08/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” مكانة الصلاة في الإسلام ”
إنَّ الحمدَ لله، نَحمَدُهُ سبحانه ونستعينُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصبحه، ومَن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
إن تقوى الله أفضل مكتسب، وطاعته أعلى نسب، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ آل عمران102.
ولقد أنعم الله عليكم بنعم سابغة، وآلاء بالغة، نعم ترفلون في أعطافها، ومنن أسبلت عليكم جلابيبها، وإن أعظم نعمة، وأكبر منّة: نعمة الإسلام والإيمان، يقول تبارك وتعالى: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ الحجرات17،
فاحمدوا الله كثيرا على ما أولاكم وأعطاكم، وما إليه هداكم، حيث جعلكم من خير أمة أخرجت للناس، وهداكم لمعالم هذا الدين الذي ليس به التباس، ألا وأن من أظهر معالمه، وأعظم شعائره، وأنفع ذخائره: الصلاة، ثانية أركان الإسلام، ودعائمه العظام، هي بعد الشهادتين آكد مفروض، وأجل طاعة، وأرجى بضاعة، من حفظها حفظ دينه، ومن أضاعها فهو لما سواها أضيع، يقول النبي ﷺ: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة).
جعلها الله قرة للعيون، ومفزعا للمحزون؛ فكان رسول الله ﷺ إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، ويقول عليه الصلاة والسلام: (وجعلت قرة عيني في الصلاة، وكان ينادي: “يا بلال أرحنا بالصلاة”.
إن الصلاة هي أكبر وسائل حفظ الأمن، والقضاء على الجريمة، وأنجع وسائل التربية على العفة والفضيلة: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ العنكبوت 45.
وهي سر النجاح، وأصل الفلاح، وأول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله فإن صلحت فقد أفلح، وإن فسدت فقد خاب وخسر.
والمحافظة عليها عنوان الصدق والإيمان، والتهاون بها علامة الخذلان والخسران، طريقها معلوم، وسبيلها مرسوم، “من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة”.
ومن حافظ على هذه الصلوات الخمس ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وعلم أنهن حق من عند الله وجبت له الجنة نفحات ورحمات وهبات وبركات؛ بها تكفر السيئات، وترفع الدرجات، وتضاعف الحسنات، يقول رسول الهدى ﷺ : (أرأيتم لو أن نهرا باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) متفق عليه.
إن من أكبر الكبائر وأبين الجرائر: ترك الصلاة تعمدا، وإخراجها عن وقتها كسلا وتهاونا، يقول النبي ﷺ: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) رواه أحمد. وقال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة) رواه مسلم، وقال النبي ﷺ: (من ترك الصلاة لقي الله وهو عليه غضبان) رواه البزار، ويقول رسول الله ﷺ محذرا ومنذرا: (لا تتركن صلاة متعمدا فمن فعل ذلك فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله) رواه الطبراني.
إن التفريط في أمر الصلاة من أعظم أسباب البلاء والشقاء ضنك دنيوي وعذاب برزخي وعقاب أخروي، يقول جل وعلا: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ مريم 59.
أيها المسلم: كيف تهون عليك وأنت تقرأ الوعيد الشديد في قوله جل وعلا: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ الماعون 4-5.
كيف تتصف بصفة من صفات المنافقين الذين قال الله عنهم: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ النساء 142
والصلاة عبادة عظمى لا تسقط عن مكلف بحال ولو في حال الفزع والقتال، ولو في حال المرض والإعياء ما عدا الحائض والنفساء، يقول تبارك وتعال: ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ * فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ البقرة 238 – 239.
قلت ما سمعت وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، هادي عباده للطريق القويم والصراط المستقيم، وصلِّ اللهم وسلم على خير الخلق أجمعين وقائدهم على الصراط المستقيم.
أما بعد:
أيها المسلمون: جاءت الأدلة الشرعية الصحيحة الصريحة ساطعة ناصعة متكاثرة على وجوب صلاة الجماعة على الرجال حضرا وسفرا، يقول جل وعلا: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ البقرة 43، ويقول تبارك وتعالى لنبيه وهو في ساحة القتال: ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ﴾ النساء 102.
ويقول عبد الله بن مسعود -رَضي الله عنه: (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى بها يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) رواه مسلم.
لقد اشتد غضب رسول الله ﷺ على المتخلفين عن جماعة المسلمين، فقال عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا يصلى بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) متفق عليه، يقول أبو هريرة -رَضي الله عنه: (لأن تمتلىء أذنا ابن آدم رصاصا مذابا خير له من أن يسمع النداء ولا يجيب)، وقال ﷺ: (من سمع المنادي بالصلاة فلم يمنعه من اتباعه عذر لم تقبل منه الصلاة التي صلى، قيل: وما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض) رواه أبو داود وغيره.
يا من يأتي المساجد في فتور وكسل ويقضي وقتا قليلا على ملل: أما علمت أن المساجد بيوت الله وأحب البقاع إليه جل في علاه، يقول النبي ﷺ: (المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة) رواه الطبراني، وقال عليه الصلاة والسلام: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم، ورجل قلبه معلق بالمساجد) متفق عليه.
فيا من يتوانى ويتثاقل ويتساهل ويتشاغل: لقد فاتك الخير الكثير، والأجر الوفير، يقول النبي -صلى الله عليه وسلمَ: (من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح) متفق عليه.
ومن تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته أحداها تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة، وإن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله -نعوذ بالله من الخذلان والخسران: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ النور 36 – 38.
اتقوا الله في أبنائكم قرة عيونكم فإنهم أمانة في أعناقكم، مروهم بالمحافظة على الصلوات، وحضور الجمع والجماعات، رغبوهم ورهبوهم وشجعوهم بالحوافز والجوائز، نشئوهم على حب الآخرة، وكونوا لهم قدوة صالحة: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ طـه 132، يقول رسول الله ﷺ: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين) أخرجه أحمد.
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم فقد أمركم بذلك ربكم في محكم تنزيله وقال سبحانه:
)إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ الأحزاب 56
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته وكل من سلك مسلكه واهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين …
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطن باطلا وارزقنا اجتنابه …………………..والحمد لله رب العالمين.
مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
178 | أركان الإسلام | الشيخ أحمد علوان الشهيمي | 12/02/1446هـ الموافق 16/08/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” أركان الإسلام ”
إنَّ الحمدَ لله، نَحمَدُهُ سبحانه ونستعينُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصبحه، ومَن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد ﷺ، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وكلًّ ضلالة في النار.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ النساء 1﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران 102
عباد الله، ما قام بناء إلا بأركانه، فإن اختل أحد هذه الأركان تهاوى البناء وتداعى، وقوة البناء وضَعفه من قوة أركانه ومتانتها، وكذلك يكون الضعف، ففي صحيح البخاري قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : (بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ).
الإسلام هو الدين وأركانه خمس بها يقوم، وعليها يكون بناؤه، فمن حقَّقها على ما أمر الله به ورسوله، قام دينه، وصح إيمانه، فإن أخلَّ بشيءٍ منها تهاوى دينه، ولهذا كان كفار قريش لعلمهم بمعنى (لا إله إلا الله)، ما رَضُوا أن يقولوها؛ لأنها تلزمهم بإخلاص الدين لله وحده؛ قال تعالى على لسانهم: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ ص 5.
وشهادة أن محمدًا رسول الله تقتضي تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن تكون عبادة الله تباعًا لما جاء به من عند ربه، ففي صحيح مسلم أن رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، فلا تصح العبادة إلا بهذين الشرطين الإخلاص والمتابعة.
إنَّ الشهادتين يدخل بها المرء الإسلام، وهي مفتاح الجنة؛ قال رسول الله ﷺ: (من كان آخرُ كلامهِ لا إله إلا اللهُ دخل الجنة)؛ رواه أبو داود.
أما عمود الدين الذي عليه يقوم، فقَالَ ﷺ: (َأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ)؛ رواه النسائي
فهي أظهر أركانه وأكثرها تَكرارًا في اليوم والليلة، فهي الصلاة، وإقامتها أن تكون كاملة الشروط والأركان والواجبات، لا يختل منها شيء كما أقامها رسول الله ﷺ القائل: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) رواه البخاري.
وأن يؤديها حيث ينادى بها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ أَعْمَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الصَّلَاةِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ قَالَ لَهُ: (أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَجِبْ) النسائي
وحذَّر الله عباده من التهاون في أدائها: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ الماعون 4-5
وفي صحيح مسلم قال رَسُولَ اللهِ ﷺ: (تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا)، كحال من يضع المنبه على وقت العمل ليقوم وقد مضى وقت الصلاة، وقد: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ النساء 3، وفي صحيح مسلم قال النَّبِيَّ ﷺ: (إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ).
والركن الثالث: حق الله في المال أن تؤديه لمستحقيه بالمقدار المخصص لكل صِنفٍ في وقته : ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ الأنعام 14.
أما الرابع: فهو الصيام لله؛ كما في “صحيح البخاري” من الحديث القدسي قَالَ اللَّهُ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ).
والركن الخامس: هو حج بيت الله الحرام، واستجابةً لنداء أبينا إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ الحج 27. ويكون على مَن له استطاعة؛ لقوله تعالى: ﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ آل عمران 97
فإن مرَّ على العبد وقت الحج وهو عنده الاستطاعة، وجَب عليه الحج، وأَثِمَ على تفريطه، فلا يعلم ما يحدث له بعد ذلك من موانع أو صوارف تَمنعه من الحج.
قلت ما سمعت وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، هادي عباده للطريق القويم والصراط المستقيم، وصلِّ اللهم وسلم على خير الخلق أجمعين وقائدهم على الصراط المستقيم.
أما بعد:
أيها المؤمنون، هذه أركان الإسلام الخمسة التي بُنيَ عليها الدين، فمن أقامها صلح دينه، فلا ينبغي لعاقلٍ أن يفرطَ في شيء منها، ويحرص كل الحرص على تعلُّمها وتعليمها لمن وكَّله الله أمره: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)، وأن يقيموها كما أمر الله بها ورسوله؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ العنكبوت 69
وصلوا وسلموا على نبيكم فقد أمركم بذلك ربكم في محكم تنزيله وقال سبحانه:
)إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ الأحزاب 56
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته وكل من سلك مسلكه واهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين …
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطن باطلا وارزقنا اجتنابه …………………..والحمد لله رب العالمين.