بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد .
فهذا بحث بعنوان : جهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية والإسلامية , مع التركيز على غرب إفريقيا , والهدف منه إبراز جهود العلماء الأفارقة في مجال العلوم الشرعية واللغوية وغيرهما إما تأليفا أو تدريسا وبدأته بعلماء إمبراطورية سنغي الإسلامية في عهد أميرها أسكيا الحاج محمد تورى , إلى هذا العصر , ولم أتناول علماء الدول التي سبقت إمبراطورية سنغي , مثل دولة مالي الإسلامية ودولة غانا الإسلامية , لأن انتاجات علمائهما العلمية لم تصلنا.
وذكرت نبذة عن بعض مشاهير العلماء , ثم ذكرت جوانب من مساهمتهم في العلوم الشرعية واللغوية و غيرها , ونشاطهم في مجال التدريس والتأليف بصورة موجزة , ولم أقصد استقصاء كل علماء غرب إفريقيا , وإنما قصدي إشارة إلى جهود بعضهم ليكون ذلك حافزا للباحثين الأفارقة في نفض الغبار عن تراث العربي الإسلامي الإفريقي الذي تزخر به مكتبات غرب إفريقيا , العامة والخاصة .
وقد قسمته إلى فصلين :
الفصل الأول : دخول الثقافة العربية والإسلامية الإفريقية الغربية .
الفصل الثاني : جهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية والإسلامية
والله من وراء القصد
الفصل الأول : دخول الثقافة العربية الإسلامية إلى الإفريقية الغربية
لعله من الصعب أن نحدد متى بدأ الإسلام ينتشر في غرب إفريقيا ، وإن كانت بعض المصادر تذكر أن تجارا من شمال إفريقيا و المغرب ومصر كانوا يترددون على الأسواق الرئيسية في غرب إفريقيا ، وذلك في العقود الأخيرة للقرن السابع الميلادي ، الموافق القرن الأول الهجري , ومن الطبيعي أن ينقل هؤلاء التجار الإسلام وثقافته إلى المنطقة , وأما شرق إفريقيا وبخاصة الحبشة وما جاورها من البلدان مثل : جيبوتي والصومال فقد عرفوا الإسلام في وقت مبكر من تاريخه , وذلك بسبب هجرة بعض الصحابة إليها هربا من أذي مشركي مكة قبل هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة .
ولا نستطيع الجزم أن المنطقة كلها اعتنقت الإسلام بسبب تلك الهجرة , لكن الثابت أن ملك الحبشة في تلك الفترة قد أسلم بدليل إيوائه للمسلمين الذين هاجروا إلى بلاده , ورفضه تسليمهم لكفار مكة , وصلاته صلى الله عليه وسلم عليه صلاة الغائب لما توفي , وقال صلى الله عليه وسلم :” مات اليوم رجل صالح , فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة ” [1].
لما نتصفح أقوال المؤرخين الذين دونوا تاريخ غرب إفريقيا قديما وحديثا , نجد أنهم لم يتفقوا على تحديد دقيق لتاريخ دخول الإسلام إلى غرب إفريقيا , وكذلك لم يتفقوا على أسماء الرجال الأوائل الذين قاموا بهذا العمل الجليل ، ويمكن حصر أقوالهم في ثلاثة أقوال:
1 – أن الإسلام قد دخل إلى المنطقة في وقت مبكر من تاريخه على يد التابعي الجليل عقبة بن نافع الفهري – رضي الله عنه- عام 46هـ الموافق 666م وذلك حين توغل في الصحراء الكبرى بعد فتحه لمنطقة فزان – في ليبيا- تابع فتوحاته الإسلامية نحو الجنوب حتى وصل إلى منطقة كوار (Kawar) الواقعة في الطرف الشمال الشرقي لجمهورية النيجر، فحارب أهلها وأدخلهم في الإسلام ، ثم رجع إلى غدامس[2] ومنها إلى تونس حيث أسس مدينة القيروان .
فكان هذا أول وصول شعاع الإسلام ونوره إلى المنطقة , هذا قول ابن عبد الحكم المتوفى 257هـ في كتابه فتوح مصر والمغرب , ويعتبر من المؤرخين الأوائل الذين حددوا تاريخ دخول الإسلام في غرب إفريقيا.
2 – يرى البعض أن الإسلام دخل إلى غرب إفريقيا عن طريق التجار حيث كانت للعرب علاقات تجارية مع سكان السودان الغربي قبل ظهور الإسلام ، واستقرت بعض القبائل العربية في المنطقة – وبخاصة المنطقة الصحراوية – وكان لهذا الاستقرار إسهام فعّال في نشر الإسلام – فيما بعد- إذ كانوا هم الوسطاء في حركة التجارة بين بلاد غرب إفريقيا والبلاد الأخرى وبخاصة بلدان شمال إفريقيا ، وكانت لهذه الإقامة والتجارة أثر في نشر الإسلام بين سكان المنطقة[3].
3 ـ يرى بعض المؤرخين للمنطقة أن الإسلام دخل إلى السودان الغربي من المغرب على أيدي المرابطين عام 460هـ الموافق 1076م بعد إسقاطهم لمملكة غانة شبه الوثنية.
السودان الغربي.[4] لكن لا يصح هذا الرأي لأن الإسلام كان منتشر في المنطقة قبل فتح المرابطين .
ومما يؤيد وجود الإسلام في المنطقة قبل فتح المرابطين ما ذكره البكري[5] عن عاصمة غانا (كموبي صالح) حيث قال : “ومدينة غانة مدينتان سهليتان أحدهما المدينة التي يسكنها المسلمون وهي مدينة كبيرة وفيها اثنا عشر مسجداً، أحدها يجمعون فيه، ولها الأئمة والمؤذنون والراتبون ، وفيها فقهاء وحملة علم … وفي مدينة الملك مسجد يصلي فيه من يفد عليه من المسلمين على مقربة من مجلس حكم الملك..” “فأهل التكرور اليوم مسلمون … أسلموا على يدي وارجابي بن رابيس الذي أسلم وأقام عندهم شرائع الإسلام , وحملهم عليها … وتوفي وارجابي سنة 432هـ”. وهذا مما يدل على قدم الإسلام في السودان الغربي قبل فتح المرابطين. ويمكن الجمع بين هذه الآراء بأن الإسلام كان موجوداً في المنطقة قبل غزو المرابطين لمملكة غانا، وذلك بعد فتح عقبة بن نافع لبعض أجزاء المنطقة , وكذلك عن طريق التجار الذين يفدون إلى المنطقة للتجارة والدعوة في نفس الوقت ، ولكن لم يزدهر الإسلام ويقوم له دولة تحكمها حكام مسلمين إلا بعد غزو المرابطين ، الذين أسهموا إسهاما فعالا في نشر الإسلام , وقاموا بدور منقطع النظير في دفع حركة المد الإسلامي إلى مساحات واسعة في السودان الغربي.
وفي مطلع القرن السادس عشر الميلادي مد أسكيا محمد توري إمبراطور سنغي سلطانه على كل المنطقة المحيطة بحوض النيجر حيث بسط نفوذه إلى بلاد الفلاني في الجنوب ، وشمالا حتى بلاد الطوارق ، ووصل إلى إمارات الهوسا في الشرق .
وفي القرن التاسع عشر الميلادي قامت خلافة صكتو الإسلامية في المنطقة , و شملت بعض أجزاء دول غرب إفريقيا مثل : نيجريا والكمرون ـ شمالها ـ والنيجر وشرق بوركينا فاسو. وكذلك دولة الحاج عمر الفوتي التي امتدت من غينيا غربا إلي سيغو في مالي شرقا , وغيرها من الدول الإسلامية التي قامت في المنطقة , مما يدل علي أصالة الثقافة العربية الإسلامية في دول الإفريقيا , وبخاصة الغربية .
وكذلك كان للحج دور كبير في نقل اللغة العربية والثقافة الإسلامية إلى القارة ، وذلك عن طريق جلب الكتب من الحجاز إلى السودان الغربي ، وكان بعض الحجاج يبقون في الحجاز بعد الحج للدراسة ، وتحصيل المعرفة والعلم ، ثم يرجعون إلى بلدانهم لنشر العلم الذي حصلوا عليه في الحجاز ، وكان بعض الأمراء والملوك لما يحجون ينقلون إلى بلدانهم علماء لتعليم الإسلام واللغة العربية ، ويجلبون معهم كتبا في الفنون الإسلامية والعربية .
قد أصبحت اللغة العربية لغة الدين والثقافة ، والحياة الإدارية في غرب إفريقيا منذ أن رسخ قدم الإسلام فيها ، وأصبحت الثقافة الإسلامية هي السائدة في المجتمع , وبخاصة في عصور الإمبراطوريات الإسلامية مثل إمبراطورية مالي وسنغي ، وكانم برنو , والدولة الإمامية في فوتا تورو , والدولة الإمامية في فوتا جلو , والخلافة العثمانية في سكتو , ودولة أحمد لبو الإسلامية في ماسنا , ودولة الحاج عمر الفوتي .
وأصبح الحرف العربي هو الحرف الذي يكتب به أشهر اللغات الإفريقية ، مثل: الهوسا والفلانية والسوا حلية والولفية .
وأصبحت المنطقة بسبب الإسلام ولغته عظيمة الحضارة والتقدم ” وسرعان ما شكل الإسلام عادات السكان وطور أحوالهم حتى صار مستوى التفكير والثقافة يقارن بنظائره أو يفوقه في الدول المعاصرة لها في تلك الفترة في أوربا “. [6]
إن »الناظر في الثقافة العربية الإسلامية في غرب إفريقيا يجد أن خير مقاييس لها هي: عدد العلماء ، وعدد الطلاب وتنوع أماكن التعليم ، وحركة التمدن , والكتب الواردة والمكتبات الخاصة ودرجة اتساع التأليف«[7]وفيما يخص عدد العلماء يذكر السعدي صاحب تاريخ السودان أنه عندما أسلم سلطان جني كان بها 4200 عالما[8] , قد يظن البعض بأن في العدد مبالغة ، ولكن لو نظرنا إلى قرى متلاصقة بجني نجدها سبعة آلاف وسبع وسبعون قرية. وعليه ففي كل قريتين عالم واحد – بمعنى معلم الصبيان القرآن- وهذا هو الوجود الكثيف للعلماء في المدن والقرى ساعد على نشر القراءة والكتابة اللتين أضحى لها دلالة دينية مرتبطة بقراءة القرآن وكتابته مما ييسر تخريج أعداد كبيرة ممن يتلقون هذا النهج من التعليم[9]، ثم لا يستغرب أن يُخَرج هذا العدد من العلماء عدد من التلاميذ ، وأحصى بعضهم عدد تلاميذ في كتَاب واحد في تنبكتو فوجدهم مائة وثلاثة وعشرون تلميذا , وفيها حوالي مائة وخمسون كتّابا. هذا في تنبكتو وحدها فما بالك بباقي المدن مثل : غاو وأغاديس ، وكانو ، مما يدل على إقبال شعبها على العلم وازدهار الثقافة الإسلامية فيها , وكان للعلماء مكتبات عامرة , بمصادر العلوم الشرعية واللغوية .
وكذلك كان لبعض الملوك مكتبات عامرة بمصادر العلوم الشرعية واللغوية والتاريخية , قد بلغ من اهتمام سلاطينها بالعلم وشراء الكتب أن سلطان أسكيا داود اشترى نسخة من القاموس المحيط بثمانين مثقالا ، ولديه نساخ ينسخون له الكتب ، و شيخ يدرسه كتب الفقه مثل رسالة ابن أبي زيد القيرواني.[10] .
الفصل الثاني :جهود العلماء الأفارقة في نشر الثقافة العربية والإسلامية (غرب إفريقيا )
قد رفع الإسلام مكانة العلم والعلماء وخصهم الله تعالى بخشيته من بين سائر عباده وقال تعالى: ]إنما يخشى الله من عباده العلماء[[11] وجعلهم النبي صلى الله عليه وسلم ورثة الأنبياء فقال صلى الله عليه وسلم: “العلماء ورثة الأنبياء ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر”[12].
ولا يقتصر مهام العلماء على التدريس في المدارس والمساجد بل يمتد ليشمل جميع أنشطة الحياة لأنهم قدوة المجتمع ، مما يتحتم عليهم أن يكونوا في مقدمة المشاركين في الأنشطة العلمية والثقافية والاجتماعية والسياسية , والتصدي للمصائب التي تحل بالأمة إما باللسان أو بالقلم أو بالسنان .
قد كان لعلماء غرب إفريقيا مساهمات فعالة , وجهود بارزة في دفع عجلة التقدم والتطور العلمي ونشر الثقافة العربية الإسلامية في المنطقة , وذلك من خلال التعليم والتأليف وخدمة المجتمع وألفوا في فنون عدة مثل : الفقه والتاريخ والعقيدة والنحو والصرف وغيرها من العلوم الشرعية واللغوية , وعقدوا حلقات التدريس في المدن والقرى , وأنشئوا مراكز علمية لتعليم شعوبهم , ورحل طلاب العلم إلى حلقاتهم لتلقي العلم .
وكانت للممالك والعواصم والمراكز العلمية التي ذاع صيتها في غرب إفريقيا مثل :ـ تمبكتو, وجنى , أغاديس ,وكنو, وكتشنا , الفضل العظيم في نشر الثقافة العربية الإسلامية في المنطقة ووصلت الثقافة العربية الإسلامية إلى ذروة ازدهارها في القرنين الخامس والسادس عشر الميلاديين ، وذلك في عهد إمبراطورية سنغي الإسلامية , التي اشتهرت بكثرة علمائها وإنتاجاتهم العلمية التي ساهمت مساهمة فعالة في نشر الثقافة الإسلامية في غرب القارة وخارجها , وقد حفلت مدينة تمبكتو – العاصمة الثقافية لإمبراطورية سنغي – بالعديد من مشاهير العلماء الذين ألفوا في شتى الفنون الدينية واللغوية والتاريخية .
ومن علماء غرب إفريقيا الذين طارت شهرتهم في أنحاء العالم الإسلامي في عصرهم الشيخ : محمد بن محمود بن أبي بكر التنبوكتي المعروف ببغيوغو(bagayogou)
وهو من علماء غرب إفريقيا الذين طارت شهرتهم في أنحاء العالم الإسلامي في عصره , وقد يكون هو أول من حاز على لقب شيخ الإسلام في المنطقة , ووصفه تلميذه أحمد بابا بقوله : ” كان طويل الروح في التعليم لا يأنف من مبتدئ ولا من بليد , أفنى فيه عمره مع تشبثه بحوائج العامة , وأمور القضاء “[13] درس بغيوغو علوم العربية والفقه على أبيه القاضي محمود ثم رحل للمشرق وحضر مجالس العلم بمصر حيث تتلمذ على أشهر العلماء من أمثال : الناصر اللقاني , ومحمد البكري , وبعد الحج رجع إلى السودان الغربي وتفرغ للعلم وطلابه , وتوفي سنة 1593م , وقال عنه أحمد بابا ” كان طويل الروح في التعليم لا يأنف من مبتدئ ولا من بليد , أفنى فيه عمره مع تشبثه بحوائج العامة وأمور القضاء “[14] ويضيف أحمد بابا في ترجمته “لقد صارفي آخرة الحال شيخ وقته في الفنون لا نظير له لازمته أكثر من عشر سنين , فقرأت عليه بلفظي مختصر خليل وابن الحاجب قراءة بحث وتحقيق 000 وختمت عليه الموطأ قراءة تفهم , وحضرته كثيرا في المنتقي والمدونة بشرح المحلى ثلاث مرات وألفية العراقي في علم الحديث مع شرحها ” وختم الترجمة بقوله :” وهو شيخي وأستاذي ما انتفعت بأحد انتفاعي به وبكتبه “[15] كان بغيوغو إلى جانب دروسه مؤلفا ومحشيا على أمهات كتب الفقه والحديث , وحرر عدة فتاوى , وقد جمع تلميذ أحمد بابا مؤلفاته في مجموع مستقل , وكان بغيوغو في مدينة تنبكتو يوم نكبة العلماء * ولكن لم يمسه ضرر من الجيش المغربي , وتوفي سنة 1593م بمدينة تنبكتو.
ومن أشهر علماء السودان الغربي الشيخ / أحمد بابا بن أحمد بن عمر التمبكتي , ولد عام 1556م في مدينة تنبكتو، ولم يحظ عالم في تمبكتو أو في السودان الغربي بمثل سعة علمه وشهرته ، وكان عالما موسوعيا ، مؤرخا عالم الشريعة ، كما كان من المتبحرين في اللغة العربية وآدابها , وبارع في كل فن من فنون العلم , ويذكر مترجموه أنه ألف ما يزيد على أربعين كتابا , وقد درًس في دولة سنغي وخارجها ، وذلك في جامع الشرفاء بمدينة مراكش المغربية , لما نفاه إليها الجيش المغربي ـ الذي أسقط دولة سنغي عام 1595م ـ ودرّس في الجامع الذكور مختصر خليل الذي ختمه عشر مرات , ثم تسهيل ابن مالك , وصحيح البخاري , وصحيح مسلم , والشفا للقاضي عياض , وموطأ مالك , وحضر دروسه مئات من طلاب العلم في مراكش ومن خارجها , ويقول أحمد بابا إنه بسبب ذلك فقد اشتهر اسمي في البلاد من سوس الأقصى إلى الجزائر وعنابة وإلى ما وراءهما , وكان السنوات التي أمضاها في المغرب حافلة بالعمل العلمي سواء على مستوى التدريس أو التأليف , وتتلمذ عليه طلاب أصبحوا من مشاهير المغرب مثل : الركراكى مفتي فاس , والقاضي أبي القاسم بن أبي نعيم الغساني , وأبي العباس أحمد بن القاضي صاحب جذوة الاقتباس , وذاعت شهرته حتى أصبح الحكام وأصحاب القضايا يتوجهون إليه بفتاواهم , وقد أخذ عنه وانتفع به المقرئ صاحب نفح الطيب وغيرهم , ورجع أحمد بابا إلى مدينته تنبكتو عام 1606م بعد غيبة دامت عشر سنوات في المنفي بالمغرب , وبعد رجوعه تفرغ للتدريس والتأليف إلى أن توفي في عام 1627م[16].
من أشهر مؤلفاته : نيل الابتهاج بتطريز الديباج وهو كتاب ذيل به كتاب ابن فرحون المالكي الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب ، وله شرح على مختصر خليل ، وكفاية المحتاج لمعرفة من ليس بالديباج , ومعراج الصعود وغيرها من الكتب النافعة .
ومن العلماء الذين ساهموا في نشر الثقافة العربية الإسلامية في السودان الغربي في عهد إمبراطورية سنغي المؤرخ المشهور الشيخ محمود بن كعت الكر مني , صاحب كتاب تاريخ الفتاش ، وهو كتاب يؤرخ لدولة سنغي والدول التي قبلها مثل دولة مالي ويعتبر كتابه مصدرا هاما , في تتبع التطور الحضاري والثقافي والاقتصادي للمنطقة في تلك الفترة , وكان المؤلف من وزراء الحاج أسكيا محمد تورى ، ومن الذين صاحبوه في رحلته الحجية المشهورة , ولد الشيخ محمود كعت عام 1548م في غوما غرب منطقة غاو(gao) وتلقي العلم على علماء تنبكتو, وبرع في الأدب والفقه معا , تقلد منصب القضاء , وتوفي عام 1593م [17]
ومنهم الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السعدي صاحب تاريخ السودان , ولد في بداية العهد المغربي عام1596م وقد درس على علماء تنبكتو وغيرها , ويعتبر كتابه تاريخ السودان من المصادر المهمة لتاريخ المنطقة السياسية والثقافية والاجتماعية , في عهد دولة سنغي , وما بعدها أي عهد الباشاوات , حيث أرخ لدولة سنغي الإسلامية من نشأتها إلى ما بعد سقوطها.
الشيخ العاقب بن عبد الله الأنسمني الأغدسي : قد امتدت دولة سنغي في أوج اتساعها من تنبكتو غربا إلى منطقة آير(Air) في شمال النيجر شرقا ، ومن أشهر مدن آير في تلك الفترة مدينة أغاديس وتيغدا (Tigedda) وقد أسهمتا في ازدهار الثقافة العربية الإسلامية في منطقة آير وخارجها إسهاما بارزا ، وذلك بكثرة علمائها ، وإنتاجا تهم العلمية .
وقد بدأت النهضة العلمية في آير بمجيء الشيخ عبد الكريم المعيلي إليها عام 1479م وافتتاحه مدرسة قرآنية للصغار ، وأخرى للكبار لتعليم علوم الدين والعربية في تيغدا ، وبقي فيها فترة قبل مواصلة رحلته إلى كنو وكتشنا ، قد تتلمذ على يديه كثيرون ، ومن أشهر طلابه الذين برزوا وساهموا في نشر الثقافة العربية الإسلامية : الشيخ العاقب بن عبد الله الأنسمني الأغدسي ، وقد ترجم له الشيخ أحمد بابا التمبكتي في نيل الابتهاج فقال : “فقيه نبيه زكي الفهم حاد الذهن وقاد الخاطر مشتغل بالعلم في لسانه حدة ، له تعاليق من أحسنها تعليقه على قول خليل ” وخصصت نية الحالف “.[18] و اختصر الشيخ أحمد بابا هذا التعليق وسماه ” تنبيه الواقف على تحرير وخصصت نية الحالف ” ، وله جزء بعنوان ” وجوب الجمعة بقرية أنوسامان “[19]، وألفه في الرد على الذين يرون أن قرية أنوماسان لا يصح إقامة الجمعة فيها لأن تعداد سكانها لا يسمح بذلك ، والشيخ يرى أنه يجب إقامة الجمعة فيها مع العدد الموجود في القرية . وقال الشيخ أحمد بابا :” فأرسلوه أي الكتاب إلى علماء مصر فصوبوه “[20] أي صوبوا الشيخ العاقب فيما ذهب إليه في جواز إقامة الجمعة في قرية أنو سامان.
ومن إنتاجا ته العلمية أيضا : الجواب المحدود عن أسئلة القاضي محمود ، وله أيضا أجوبة الفقير عن أسئلة الأمير ، وقد أجاب فيها عن أسئلة السلطان الحاج أسكيا محمد , وهذه المعلومات القليلة عن شخص العاقب تشهد له بالمكانة التي كانت له لدى العلماء ورجال السياسة في عصره .
ومن علماء آير الذين ساهموا مساهمة فعالة في نشر الثقافة العربية والإسلامية تدريسا وتأليفا في تلك الفترة الشيخ شمس الدين النجيب بن محمد التيغداواي ، وقال أحمد بابا التمبكتي عنه :” أحد شيوخ العصر ، معه فقه وصلاح ، شرح مختصر خليل بشرحين : كبير في أربعة أسفار ، وصغير في سفرين “[21] وله تعليق على كتاب المعجزات الكبرى للإمام السيوطي ، وشرح العشرينيات للفازازي ، وله أيضا الطريقة المثلى إلى الوسيلة العظمى .
ومن العلماء الأفارقة الذين لهم إسهامات في الثقافة العربية الإسلامية : الشيخ أحمد فورتو البر نوي مؤرخ بلاط سلطان برنو ، وكان معاصرا للسلطان إدريس ألوما سلطان إمبراطور البرنو من عام 1570-1603م ، وكان الشيخ أحمد فرتو حافظ سره وإمامه في الصلاة ، وله كتاب في تاريخ البرنو ، وكتاب آخر في حروب سلطان إدريس ألوما وسيرته ، ويعتبر الكتابان مصدران مهمان لتاريخ إمبراطورية كانم برنو في القرن السادس عشر الميلادي ، وقد ترجم الكتابان إلى اللغة الإنجليزية من طرف رتشمون بالمر R.M.PALMER ونشر عام 1926م .[22]
ومن أشهر علماء السودان الغربي في القرن الثامن عشر الميلادي على الصعيد العالمي الشيخ محمد الكشناوي المتوفى بالقاهرة عام 1742م ، وقد اشتهر هذا العالم عند علماء الشرق بفضل السيرة التي كتبها عنه عبد الرحمن الجبرتي في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار وقال : ” وحج سنة 1142/1729 وجاور مكة وابتدأ هناك بتأليف الدر المنظوم وخلاصة السر المكتوم في علم الطلاسم والنجوم ، وهو كتاب حافل .
ومن كتبه : بهجة الرفاق وإيضاح اللبس والإغلاق في علم الحروف والأوفاق ، وله منظومة في علم المنطق سماها منح القدوس ، وشرحها شرحا عظيما سماها ” إزالة العبوس عن وجه منح القدوس ” ومنها – أي مؤلفاته – بلوغ الأرب من كلام العرب في علم النحو ، وله غير ذلك ” . وقد تلقى حسن الجبرتي علوما مختلفة من محمد الكشناوي ، وفي ترجمة ابنه للشيخ محمد الكشناوي تعكس لنا جليا مكانة هذا العالم الجليل .[23]
الشيخ عثمان بن فودي ، نجد أن إسهام العلماء الأفارقة في الثقافة العربية والإسلامية قد بلغ ذروته من حيث الـتأليف والتدريس ، في القرن التاسع عشر الميلادي في شمال نيجيريا والدول المجاورة لها , وذلك في عهد الخلافة الصكتية (1804ـ 1903م ) التي اسسها الشيخ عثمان بن محمد بن فوديو.
ولد الشيخ عثمان بن فوديو”يوم الأحد في أواخر صفر سنة ألف ومائة وثمانية وستين من الهجرة”[24] الموافق ديسمبر 1754م في قرية مرتا (Maratta) في أرض غوبر(Gobir) وتوفي في عام 1817م .
بدأ تعليمه على يدي والده الشيخ محمد بن عثمان ، فقرأ عليه القرآن الكريم ، ومبادئ العلوم الشرعية واللغوية ، كما أخذها عن والدته (حواء) ، ثم أخذ في تحصيل العلوم الأساسية المعهودة في تعليم النشء المسلم ، فدرس النحو و علوم اللغة على يدي الشيخ عبد الرحمن بن أحمد ، ثم درس الأدب وفنونه على يدي الشيخ عثمان المعروف ببندر الكبوي ، وقرأ مختصر خليل , وغيره من كتب الفقه المالكي على عمه المعروف ببندور ، ودرس التفسير على يدي خاله الشيخ أحمد بن محمد الأمين ، وصحيح البخاري على الشيخ محمد بن راج وأجازه الشيخ محمد جميع مرويا ته ، ثم رحل لطلب العلم إلى مدينة –أغاديس (Agades) (في شمال جمهورية النيجر)ـ للدراسة على الشيخ جبريل بن عمرـ ومكث عنده سنة يدرس الحديث وعلومه ، ثم رجع إلى أهله لسفر الشيخ جبريل بن عمر إلى الحج ، ولم يستطع الشيخ عثمان السفر معه , لأن أباه لم يأذن له في المسير إلى الحج[25].
قد جدد الشيخ عثمان معالم الإسلام وأحيا ما اندثر منها بسنانه وقلمه وتعتبر دولته من أكثر الدولة الإسلامية في السودان الغربي الإنتاج العلمي , وذلك لتفرغ المؤسس للعلم والعبادة لقد أولى الشيخ عثمان بن فوديو العلم كل الاهتمام ، وازدهر العلم في دولته كل الازدهار ، لأن الشيخ آمن أن العلم والإيمان لا يفترقان , وأن الإيمان بغير علم ، قد لا نبالغ إن قلنا إنه لم تزدهر في الدول الإسلامية التي سبقتها مثلما ازدهر فيها ، ودليل ذلك إنتاجاتها الأدبية والدينية ، التي مازالت تدرس في بعض الحلقات العلمية في السودان الغربي [26]، وتمايزت باهتمام مؤسسيها وخلفائها بالعلم ، بل إن أغلبهم من العلماء الفطاحل بعكس اللاتي قبلها ، و اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة ، واهتم بها الشعب اهتماما كبيراً ، لأنها لغة الدين ولا يفهم الدين فهما صحيحا بدونها ، فتعلموها وأتقنوها غاية الإتقان حتى ظهر منهم من إذا خطب حسبته عربيا قحا[27]، و كثرت المدارس القرآنية للصغار، والحلقات العلمية للكبار ، بحيث يصعب جدا معرفة عددها ، لأنها لم تكن تابعة لأي نظام رسمي كي يحصيها ولكننا نستطيع أن تصور كثرتها بكثرة العلماء والفقهاء الذين عاشوا في ذلك الوقت ، كان يفتحون العلماء أبواب بيوتهم على مصارعها للتدريس واستقبال طلاب العلم ، وعقدوا الحلقات في المساجد لإلقاء الدروس في العلوم الدينية والتربية واللغوية .
ولا شك أن الثقافة العربية الإسلامية قد تطورت تطوراً كبيراً في تلك الفترة وكثر التأليف فيها[28]، وكان عصرهم عصر نهضة ثقافية أدبية واسعة وهو بمثابة العصر الذهبي للغة العربية وآدابها في المنطقة.
بعد تبحر الشيخ عثمان في العلوم الدينية واللغوية والتربية جلس للعلم وطلابه ، فكان يدرس الطلاب ويعظ الناس – العوام – ويرشدهم إلى الإسلام الصحيح ، ونبذ العادات السيئة المخالفة للإسلام الصحيح ، وجعل ينتقل من قرية لأخرى مع أخيه الشيخ عبد الله بن فوديو للإرشاد ، يقول الشيخ عبد الله بهذا الصدد: “أقمنا مع الشيخ نعينه على تبليغ الدين نسير لذلك شرقا وغربا يدعو الناس إلى دين الله بوعظه وقصائده العجمية ويهدم العوائد المخالفة للشرع … إلى أن سرنا معه إلى بلاد كبي(kibbe) فدعاهم إلى إصلاح الإيمان والإسلام والإحسان ، وترك العوائد الناقضة لها فتاب كثير منهم”[29].
وجاهد الذين عارضوا الدعوة , فلما استتب الأمن ، وانتشر الإسلام الصحيح , رجع إلى هدفه الذي فرغ نفسه له ، وهو العلم والعبادة والذكر , وتفرغ الشيخ للعبادة والعلم في مدينة سفاوا (Sifawa) واعتزل السياسة وأمور الحكم ، لأنها ليست من أهدافه الأساسية ، بل اضطر إلى ذلك.
وله كذلك مساهمة في مجال التأليف وقد تصل إلى مائة مؤلف ، ما بين كتاب ومقالة ، ومن أشهرها :
1ــ احياء السنة وإخماد البدعة , طبع 1962م في القاهرة
2ـ تمييز أهل السنة
3ـ توقيف المسلمين على حكم مذاهب المجتهدين الذين كانوا من أهل السنة الموفقين
4ـ سَوق الأمة إلى اتباع السنة
5ـ اتباع السنة وترك البدعة
6ـ وثيقة الإخوان لتبيين دليل وجوب اتباع الكتاب والسنة والاجماع , طبع في كانو 1998م
7ـ أسانيد الفقير المعترف بالعجز والتقصير في بعض ما أخذ بالقراءة أو بالإجازة
ومن علماء السودان الغربي المشهورين في مجال التأليف : علامة السودان ، أوعربي السودان ، أو نادرة السودان الشيخ عبد الله بن فوديو شقيق الشيخ عثمان بن فوديو ، له مساهمات عدة في التأليف , في المجال الشرعي والأدبي واللغوي والتاريخي ومنها : ضياء التأويل في معاني التنزيل وهو كتاب في تفسير القرآن الكريم ، وله أيضا : مفتاح التفسير وهي منظومة تزيد على سبعمائة بيت نظم فيها علوم القرآن من كتابي الإتقان في علوم القرآن والنقاية للسيوطي، وله في مجال النحو : البحر المحيط وهو منظومة في أربعة آلاف وأربعمائة بيت ، نظم فيها جمع الجوامع وهمع الهوامع للسيوطي ، وفي الصرف له : الحصن الرصين وهو منظومة في ألف بيت ، وله ديوان شعري مشهور وهو تزيين الورقات لما لي من الأبيات .
وكذلك الشيخ محمد بلو بن عثمان بن فوديو له مؤلفات عدة ، ومن أشهرها إنفاق الميسور في تاريخ بلاد التكرور ، الذي يعتبر من المراجع الأساسية لتاريخ الجهاد العثماني وأهم علماء تلك الفترة وما قبلها .
ومن الذين ساهموا في الثقافة العربية الإسلامية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي الشيخ عمر بن سعيد تال الفوتي ( ت 1865م ) وقد ولد الشيخ عمر تال في قرية حلوا ر بالقرب من بودور (PODOR) على الحدود السنغالية الموريتانية في عام 1797م ودرس اللغة العربية وعلوم الدين عند والده ، فحفظ القرآن الكريم ، ودرس صحيح مسلم وصحيح البخاري ، ثم ترك حلوا ر لطلب العلم في فوتاتورو ثم فوتاجالو ، وفي عام 1826م قام الحاج عمر برحلة إلى بيت الله الحرام ومر في طريقه إلى الحج بمدينة (حمد الله ) عاصمة دولة ماسينا الإسلامية ثم واصل إلى سكتو عاصمة دولة عثمان بن فوديو وقضى فيها سبعة أشهر ثم غادرها إلى فزان في ليبيا, ثم مصر ثم أخيرا وصل إلى مكة المكرمة عام 1828م ، وقد مكث عند عودته من الحج في القاهرة بعض الوقت للدراسة في جامع الأزهر ، وفي طريق عودته عرج على برنو ومكث فيها مدة للتدريس ، ثم ذهب إلى سكتو ، ثم إلى ماسينا بعد وفاة خليفة سكتو محمد بلو عام 1838م ومكث فيها فترة , وغادرها بعد سوء التفاهم مع حكامها , وأخيرا استقر في منطقة فوتاجلو , وقد لعب الشيخ عمر بن سعيد الفوتي دورا هاما في نشر الطريقة التجانية في السودان الغربي , واستطاع بعد عودته إلى فوتاجالو أن يقيم دولة إسلامية مترامية الأطراف ، تحكمها الشريعة الإسلامية ، ولغتها الرسمية اللغة العربية ، وللشيخ عمر بن سعيد تال الفوتي مؤلفات عدة ومن أشهرها كتاب الرماح حزب الرحيم في نحور حزب الرحيم ، ويعتبرمرجعا مهما لمريد ي الطريقة التجانية ، وله أيضا منظومة في إصلاح ذات البين ومنظومة سفينة السعادة ، وغير ذلك من الكتب , وجلها في الدعوة وتهذيب الأخلاق .
ومنهم – أي العلماء – الشيخ أحمد حمد لبو الماسني ، مؤسسة الدولة الإسلامية في ماسينا – مالي- وكان له جهود في نشر المدارس القرآنية في منطقة ماسينا وما جاورها حيث جعل تعليم القرآن الكريم واجبا إلزاميا على كل طفل بلغ السابعة من عمره ، وارتفع بسبب ذلك نسبة الحفاظ وعلماء الفقه واللغة العربية وآدابها بين مختلف طبقات المجتمع ، وكان للشيخ أحمد نفسه حلقة تفسير في المسجد الجامع بحمد الله ـ العاصمة ـ وتقدر بعض المصادر التاريخية عدد العلماء والفقهاء المشهورين في دولة ماسينا بنيف وثلاثمائة عالم , ولكن للأسف الشديد فإن إنتاجا تهم العلمية والأدبية قد اندثرت بفعل الحرب الأهلية التي نشبت بين حفيد أحمد لبو الشيخ أحمد أحمد أحمد لبو, والشيخ عمر الفوتي والبكائي الكنتي رحمه الله الجميع , آمين[30]
ومنهم الشيخ عبد القادر كن ( 1728-1810م) مؤسس الدولة الإمامية في حوض السنغال في القرن التاسع عشر الميلادي , وكان للشيخ عبد القادر كن دور كبير في إنعاش الثقافة الإسلامية ونشرها في منطقة فوتا تورو ” وكان أول عمل قام به لإصلاح و إنعاش الحركة الثقافية أن أقدم على بناء أربعين مسجدا جامعا في طول البلاد وعرضها , وعين في كل مسجد إماما راتبا , ويتولى القضاء في الوقت نفسه, و في كل مسجد حلقات لدراسة القرآن الكريم والدين واللغويات… ولقد شجع العلماء, وأولى العلم بالإهتمام”,[31] وتعهد بنمو الحركة الثقافية في منطقة فوتا تورو وما جاورها حتى وصل بلاد فوتا في عهده إلى مستوى انتزع قيادة الحركة الثقافية الإسلامية من حوض النيجر, و قد استمرت الدولة الإمامية في عطائها الثقافي حتى جاء الاستعمار الفرنسي في بدايات القرن العشرين وقضى عليها.
كذلك لعبت قبائل كنته العربية في صحراء مالي والنيجر دورا مهما في نشر الثقافة العربية الإسلامية في الصحراء وما جاورها , وذالك على يدي الشيخ سيدي المختار الكبير (1729-1811م) وذريته من بعده , و كان له دور في نشر الطريقة القادرية في الصحراء والبلدان المجاورة , وكانت خيام الشيخ المنتقلة في الصحراء قبلة طلاب العلم يتوافدون عليها من جميع أنحاء الصحراء لينهلوا من معينه الذي لا ينضب , وللشيخ سيدي المختار الكبير إنتاجيات علمية كثيرة في الفنون الشرعية واللغوية , حتى قال البعض إنه ألف من الكتب عددا ما يساوي سني حياته أربعة وثمانون سنة , في حين ينسب له آخرون 312 مؤلفا.
ومن مؤلفاته: تفسير البسملة ,هداية الطالب, فتح الورود في شرح المقصود والممدود لابن مالك , وغير ذالك من المؤلفات , وهو عالم متضلع في اللغة العربية وآدابها , وفي العلوم الشرعية .[32]
ومنهم الشيخ المحدث الحافظ صالح بن محمد الفلاني , وهو من العلماء الأفارقة الدين اشتهروا في خارج القارة لأن مساهماتهم الثقافية كانت في خارج القارة , وقد ولد الشيخ صالح الفلاني بإقليم فوتاجلو- غينيا كناكري – عام 1166 هـ ونشأ بها, و أخد العلم من علمائها , ثم ارتحل لطلب العلم وعمره اثنا عشر عاما , فدخل مدينة تمبكتو ومكث فيها سنة , ثم ارتحل إلى الصحراء فمكث عند عالم الصحراء في وقته الشيخ محمد بن سنة ست سنوات , ثم ارتحل إلى المغرب ودخل مراكش ومكث بها ستة أشهر, ثم ارتحل إلى تونس وأخذ من علمائها , ثم ارتحل إلى مصر وبقي فيها مدة يدرس على شيخ من شيوخها يسمى الشيخ علي الصعيدي أبو الحسن , و كذالك درس عند الشيخ الحافظ مرتضى الزبيدي صاحب تاج العروس , ثم ارتحل إلى المدينة المنورة التي استقر فيها بعد أداء فريضة الحج إلى وفاته عام 1218 هـ, وعقد الشيخ صالح حلقة علمية في المسجد النبوي الشريف و توافد عليه طلاب العلم . وبخاصة طلاب الحديث النبوي وعلومه , وحصل على شهرة في عصره حتى عده بعض العلماء من مجددي القرن الثالث عشر الهجري[33]. و قل أن تخلو بلدة من بلاد الإسلام في وقته إلا وله فيها عدة من الطلاب , وبخاصة من لهم الاعتناء بعلم الحديث , ومن أشهر تلاميذ في الهند- باكستان- الشيخ محمد عابد السندي , وفي مصر الشيخ علي بن عبد البر الوناني , وفي بلاد شنقيط الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الشنقيطي , وفي الشام أحمد بن عبد اللطيف, وفي تركيا الشيخ محمد الكردي, و غيرهم.[34]ـ
ومن أهم مؤلفاته: إيقاظ همم أولى الأبصار[35]، وهو كتاب في ذم التقليد والتعصب للمذاهب الفقهية السائد في عصره , ومن كتبه المشهورة عند المحدثين :” الثمار اليانع في رفع طرق المسلسلات والمسانيد والأجزاء والجوامع وذكر طرق التصوف وما لها من الطوابع” واختصره في قطف الثمار, وله أيضا الأحاديث القدسية , وكل كتبة مطبوعة ومتداولة بين التخصصين في الحديث وعلومه.
ومن العلماء الذين قاموا بنشر الإسلام والثقافة العربية في شمال جمهورية غانا في القرن التاسع عشر الميلادي السلطان محمد باباتو الذي ولد في قرية أدونغد (INDONGA ) في جمهورية النيجر ، وبعد دراسته في قريته هاجر إلى شمال غانا للتجارة ، وكانت هناك جماعات من قبيلته ( زبرما ) قد هاجرت قبله إلى تلك المنطقة لنفس الغرض ، وقد تمكنت هذه الجماعة من فرض سيطرتها ونفوذها على المنطقة بالدعوة والجهاد ، وفي عام 1880م قتل زعيم زبرما المجاهد لنشر الإسلام الشيخ ألفا غزاري في إحدى المعارك ، وخلفه محمد باباتو الذي واصل ما بدأه سلفه ، وانضم إليه جماعات من قبائل الفلاني والهوسا المتواجدة في المنطقة ، وقد شهدت مناطق شمال غانا في عهد محمد باباتو تشييد المساجد والمدارس الإسلامية ، واستقدم الفقهاء والعلماء من شمال نيجيريا ومالي الذين ساهموا في نشر الثقافة الإسلامية والعربية في شمال غانا [36] ومنها انتشر إلى بعض الدول المجاورة مثل شمال توغو وجنوب بوركينا فاسو . وقد تغلبت قوات بريطانيا الغازية والفرنسية على محمد باباتو في عام 1890م وقسموا دولته بين توغو وغانا وبوركينافاسو.
إن من العلماء الذين ساهموا في نشر الثقافة الإسلامية بمؤلفاتهم في غرب إفريقيا عامة وجمهورية غانا بخاصة الشيخ عمر بن أبي بكر المشهور ألفا عمرناكركي (نسبة إلى مدينة كيتي كراتشى في شمال غانا) ولد بمدينة كانو, في عام 1850م كان والده يزاول تجارة حبوب كولا(غورو) متنقلا بين نيجريا وغانا, واستقر ابنه عمر في غانا حيث نشأ وترعرع , وتعلم , ويعبر من أعظم العقول الأدبية التي ظهرت في منطقة غرب إفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر,وبداية القرن العشرين , ناهزت مؤلفاته بين الشعر والنثر مائة مطبوعة ومخطوطة , وجلها في مكتبة معهد الدراسات الإفريقية بجامعة ليغون أكر غانا ,[37] ومن مؤلفاته تربيع قصيدة البردة للبوصيري , وكتاب بحق رب الورى التي يعاتب فيها أحد علماء عصره بسبب خلاف نشب بينهما حول مسألة فقهية ,وله كتاب في تعليم الإنشاء , وتاريخ غنجا ـ اسم قبيلة في شمال غانا ـ وله قصائد كثيرة في جل الأغراض الشعرية ,ومنها قصيدته في رثاء بعض أصدقائه [38] يسمى صالح بن محمد وجعلها في ثمانية وخمسين بيتا كعدد حروف الجنة بحساب الجمل تفاؤلا أن يسكن الله المرثي فسيح جنته العالية واختار لها قافية الباء تفاؤلا أن يفتح الله له باب الرحمة واستهلها بقوله :
هل وابل أم دمع أجفاني سكب أم هل غراب البين يا قلبي نعب
أو دجلة أو طنجة أو نيلها سيحون أو جيحون في خدي رتب
أم هل خيال أحبة قد زارنا أم هل فؤادي اشتاق ثمت وانتحب[39]
وختمها بالدعاء للميت , وله قصيدة أخرى بعنوان : تنبيه الإخوان في ذكرى الأحزان نظمها في حوالي 1892م عندما اندلعت الحرب الأهلية في شمال غانا تقع في حوالي ثلاث مائة بيت واستهلها بقوله :
الحمد لله الذي توحدا في ملكه أموره ووكده
ليس له مساعد في حكمه ولا له مشاور في أمره
يصرف الدهر كيفما شاء # ويحكم السرور والإساءة[40]
وتوفي الشيخ عمر بن أبي بكر في يوم 30/6/ 1934م بعد حياة حافلة بإنجازات أدبية مثمرة .
ومنهم الشيخ عبد الرحمن الإفريقي ، ذلك الإفريقي المشهور في بلاد الحجاز المجهول في موطنه الأصلي – جمهورية مالي – وقد ولد الشيخ عبد الرحمن في قرية ففا (FAFA) الواقعة في جزيرة في نهر النيجر بدولة مالي ( ولقد كان من حكمة الله أن وهب لهذا الفتى حظا غير قليل من الذكاء استرعى انتباه الفرنسي المسئول عن مقاطعته – مقاطعة غاو GAO – وكان ذلك يوم مر هذا بقريته (ففا ) وأقبل على كتابها الأهلي الوحيد يتفقد تلاميذه ، ويراقب ما بأيديهم من الكراريس خشبية ، عسى أن يكون فيها ما ليس في مصلحة الاستعمار ، وجعل يوجه إلى الصغار بعض الأسئلة بلغتهم السونغوية ، فتأتيه الأجوبة معبرة عن مستوياتهم المختلفة حتى جاء دور عبد الرحمن ، فإذا أجوبته فوق مستوى غلام في الثانية عشر.. مما أثار إعجاب المسئول ” [41] وكان هذا سببا في نقل عبد الرحمن إلى المدارس العصرية الفرنسية في مدينة غاو ، حيث واصل دراسته فيها بتفوق إلى أن نال الشهادة الثانوية باللغة الفرنسية ، فعين مدرسا للغة الفرنسية في المدرسة التي تخرج منها ، ثم عين بعد ثلاث سنوات في مصلحة الأنواء الجوية ، وتدرج في السلم الوظيفي حتى وصل إلى رتبة مساعد المدير ، ثم سمحت له سلطات الاستعمار بالسفر لأداء الحج ، وبعد الحج عزم على البقاء في مكة المكرمة لطلب العلم الشرعي الذي كان يجهله تقريبا ، وبعد أربع سنوات من الدراسة في الحرم المكي أراد الرجوع إلى بلده ولكن ( لقد شاء الله أن يجمعه في فندق بأحد المسافرين الذي غير رأيه عن السفر حين اكتشف عبد الرحمن قلة معلوماته الدينية ، فحزم أمتعته إلى المدينة المنورة “[42] حيث التحق بمدرسة دار الحديث ، مع مواصلة الدراسة على علماء الحرم النبوي من أمثال الشيخ ألفا هاشم الفلاني وغيره من علماء الحرم ن ولما تخرج من مدرسة دار الحديث عين أستاذا فيها ، ومدرسا في المسجد النبوي الشريف حيث وفد عليه طلاب العلم من كل أنحاء المعمورة لطلب العلم ، وقد ظل في تدريسه إلى أن وافه الأجل المحتوم في المدينة المنورة ، وقد تخرج على يديه طلاب ساهموا في نشر الثقافة الإسلامية والعربية في بلدانهم ومن أشهر طلابه الشيخ عمر بن محمد فلاته – رحمه الله تعالى- الذي تولى التدريس في مكانه بالحرم النبوي الشريف ، وكان الأمين العام للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وعميد كلية الحديث فيها ، والشيخ حامد بكر المدرس في الحرم النبوي رحمه الله ، والشيخ محمد الثاني إمام الحرم النبوي وغيرهم . ومن مؤلفاته : الأنوار الرحمانية في الرد على التجانية .
ومن العلماء الأفارقة الذين لهم مساهمة فعالة في الثقافة العربية الإسلامية في غرب إفريقيا ووسطها الشيخ محمود بن عمر باه مؤسس المدارس العربية النظامية في غرب إفريقيا ، وبخاصة مدارس الفلاح ، وقد ولد الشيخ محمود باه في بلدة جوول(JOWOL) في جنوب موريتانيا عام 1906م ، وبعد حفظه لكتاب الله تعالى لازم الشيخ عبد الرحمن ألتركزي ، وأخذ عنه علوم التجويد والقراءات وعلوم القرآن وفي عام 1928م غادر منطقته بقصد الحج ، ولما وصل الأراضي المقدسة التحق بمدرسة الفلاح حتى حصل على الشهادة الابتدائية ثم التحق بمدرسة الصولتية وكان إلى جانب دراسته في المدرسة المذكورة يلازم دروس الحرم النبوي ، وبعد دراسة أربع سنوات تخرج من المدرسة الصولتية عام 1940م ، وما أن تخرج حتى عاد إلى بلاده فوتاتورو ، وكان أول عمل قام به بعد رجوعه هو افتتاح مدرسة عربية نظامية في قريته باسم مدرسة الفلاح ، وذلك عام 1941م ، ثم افتتح المدرسة الثانية في مدينة كاي (KAYE) بجمهورية مالي عام 1943م باسم مدرسة الفلاح، وقد قام الشيخ الحاج محمود باه بزيارات متعددة لمختلف مناطق الغرب الإفريقي يلقي المحاضرات ، ويفتح المدارس ، وقد افتتح حوالي 77 مدرسة عربية في غرب إفريقيا[43]
وفي جمهورية الكمرون في وسط إفريقيا ، وبنى مساجد كثيرة بلغت 89 مسجدا، وفي عام 1951م تخرج الدفعة الأولى من مدرسة الفلاح في كاي ، وكان عددهم خمسين تلميذا , وتم انتخاب تسعة عشر منهم للدراسة بالأزهر الشريف ، تحت سرية تامة خوفا من سلطات الاستعمار التي كانت تضايقه كثيرا بسبب نشاطاته الثقافية ، ولما علمت سلطات الاستعمار بسفر الطلاب أشاعت مع المتحالفين معها من بعض الشيوخ التقليديين الذين يخافون على مناصبهم الاجتماعية ، أشاعوا أنه نقل البعثة إلى القاهرة لا للتعليم ، وإما قام ببيعهم بالشرق عبيدا ، ولم يجد الشيخ بدا للدفاع عن نفسه ، وتفنيد الإشاعات إلا أبياتا جادت بها قريحته فقال :
يا عام شعث فخذ ذا الشعر مغتبطا من الفلاح وأبناء لها غرر
قمنا مع المجد والإيثار نستبق للنصر والنشر والمولى لنا وزر
لأمة المصطفى المختار من مضر علم الشريعة في الآفاق ينتشر
إلى أن قال :
محمود قد باع من أبنائنا نفر مليء الدنانير ملء الكف ينهمر
وحاشى لله ما هذا بشيمته يا فاسق القوم يا غدار يا غدر .1
والشيخ محمود باه يعد من كبار علماء إفريقيا الغربية في القرن الماضي ، وقد توفي في عام 1978 رحمه الله تعالى .
وقد ترك محمود طلابا قاموا بنشر الإسلام وثقافته العربية في المنطقة ومن أشهرهم الأستاذ أبو بكر باه الكاتب المعروف في موريتانيا ومن مؤلفات أبي بكرباه : صور من كفاح المسلمين في إفريقيا الغربية ، الحاج عمر الفوتي حياته وجهاده ، وله أيضا محمود رائد الثقافة العربية في إفريقيا الغربية .[44]
ومن علماء حوض السنغال المساهمين في الثقافة العربية الإسلامية , الشيخ موسى كمرا ( 1863–1945م) وقد ألف الشيخ موسى كمرا في معظم العلوم والفنون المتعارف عليها في الغرب الإفريقي وبخاصة تاريخ المنطقة , ومن مؤلفاته التاريخية : زهور البساتين في تاريخ السودانيين ـ مخطوط ـ [45]، وكتاب أشهى العلوم وأطيب الخبر في سيرة الحاج عمر. وهو مطبوع في معهد الدراسات الإفريقية بجامعة محمد الخامس با المغرب عام 2001م بتحقيق خديم محمد إمباكي وأحمد شكري .
ومنهم الشيخ الحاج محمد مرحبا عالم بوركينافاسو في زمانه وكاتبها المشهور ، ولد الشيخ مرحبا 1314هـ تعلم القرآن الكريم والعلوم الإسلامية على يد والده ، ثم تنقل لطلب العلم من بلد إلى بلد آخر وارتحل إلى غانا حيث عاش عدة سنوات ، واشتغل بالتأليف والتدريس ، ثم سافر إلى النيجر حيث التقى برئيس مجلس النواب في النيجر آنذاك السيد بوبو هما ، وأهدى له عدة مخطوطات من مؤلفاته , وهي الآن في معهد البحوث في العلوم الإنسانية في جامعة نيامي ، وقد ألف الشيخ في عدة فنون منها التاريخ والنحو والصرف والتفسير والأدب ، وقد بلغت مؤلفاته أربعة وعشرين كتابا منها : أساس التواريخ المنقولة من كتب أهل العلم ، الفتوحات الإسلامية في إفريقيا وتاريخ ملوك موشي وأحوالهم ، و مجموعة من الأعمال الأدبية والدينية ، وكتاب فتح الجنان المنان بجمع تاريخ بلاد السودان , ومثلثات اللغة [46] . وهو مبرز في اللغة العربية وآدابها , وتاريخ المنطقة , وقد توفي الشيخ محمد مرحبا عام 1980م بمدينة بوبو جولا سو رحمه الله تعالى .
ومنهم الشيخ آدم الإلوري الذي يعتبر بحق من أكثر الأفارقة مساهمة في الثقافة العربية الإسلامية بكثرة مؤلفاته وشهرتها ، ولد الشيخ آدم الإلوري عام 1917م ببلدة وسا ، وتلقى العلم على يد أبيه وختم القرآن ، ودرس مبادىء الفقه المالكي على يديه ، ثم رحل لطلب العلم فدرس على الشيخ صالح بن محمد الأول والشيخ عمر بن أحمد الأبهجي ، والشيخ آدم نماج الكنوي ، وسافر إلى مصر فالتحق بالأزهر ، ولكن الظروف لم تسمح له بطول المكث ، فرجع إلى بلاده وتفرغ للتدريس والدعوة إلى الله والتأليف منذ عام 1946م ، وقد قام الشيخ بعدة أعمال في مجال نشر الثقافة الإسلامية والعربية في نيجيريا وما جاورها من البلدان , ومن ذلك بناؤه مركز التعليم العربي الإسلامي بأغيغي (AGEGE) في لاغوس (LAGOS) عام 1954م[47] الذي تخرج منه ما يزيد على عشرة آلاف طالبا ، وأما مؤلفاته فهي كثيرة منها مقالات ومنظومات وقصائد ومقررات دراسية ، ومن أشهر مؤلفاته : كتابه الإسلام في نيجيريا وعثمان بن فودي ، وهو من أوائل ما ألف من تاريخ المنطقة في العصر الحديث ، ومنها في مجال الأدب : مصباح الدراسات الأدبية في ديار النيجيرية ، وهو أول كتاب في المنطقة يحاول تحديد العصور الأدبية في نيجيريا . وقد توفي الشيخ في عام 1992م
ومنهم الشيخ سعد عمر تورى المؤسس لمدارس سبيل الفلاح الإسلامية سيغو (SEGOU) بجمهورية مالي ن ولد الشيخ يعد عام 1909م في قرية قريبة من مدينة سيغو ، ودرس على أبيه القرآن الكريم ، ثم طلب العلم عند علماء بلاده من أمثال الشيخ محمد الأمين تيام ، وكذلك درس في المدارس الفرنسية لمدة أربع سنوات ، ودرس النحو والصرف عند الشيخ أحمد المدني ، وقد ألف الشيخ سعد تورى مؤلفات عدة ومن أشهرها على المستوى العالمي :
المبادىء الصرفية في جزأين .
الدروس النحوية في ثلاثة أجزاء .
وهي من الكتب المقررة في أغلب المدارس بغرب إفريقيا ، وقد نالت قبولا عند الدارسين . وتوفي في يوم 1/7/1997م رحمه الله تعالى .
ومن مشاهير الأفارقة في مجال الثقافة العربية الإسلامية في القرن الماضي الشيخ الدكتور الوزير جنيد محمد البخاري ، ولد عام 1906 بمدينة سكتو ، وبدأ تعليمه بقراءة القرآن الكريم عند الشيخ عبد القادربن أبو بكر ، وبعد ختم القرآن الكريم درس عليه مبادىء الفقه المالكي كالأخضر والعشماوي ،
ثم انتقل بعد ذلك ع الشيخ يحيى بن خليل ، وقرأ عليه قصائد العشرينيات ومقامات الحريري , وملحة الإعراب وغيرها من الكتب اللغوية . وقد اشتهر الشيخ بكونه المرجع الرئيسي في تاريخ الخلافة السكتية ، وقد درس في مدرسة العلوم الشرعية بسكتو ، ثم عين مستشارا لأمور الشريعة في مجلس الأمير ، وفي عام 1948م عين وزيرا لأمير سكتوه ،المنصب الذي بقي فيه إلى وفاته عام 1997م ، وقد ترك مؤلفات عدة ومن أشهرها : ضبط الملتقط من الأخبار المتفرقة ، وتبلغ أبيات هذه القصيدة ستمائة وسبعة وثمانين بيتا ، تناول فيها أغراضا مختلفة من الشعر في المدح والرثاء والوصف وغيره .[48]
ومن خلال هذا الاستعراض السريع لإسهامات علماء الأفارقة في الثقافة العربية والإسلامية نلاحظ ما لعلماء الأفارقة من إنتاجات علمية جديرة بالدراسة والنشر ، ولكن وللأسف الشديد نرى قلة الاهتمام بهم في بلدانهم فضلا عن خارجها إلا القليل منهم ، ثم أنه لم نقصد الاستقصاء من خلال بحثنا وإنما هدفنا الإشارة إلى بعضهم بصورة موجزة جدا وقد
تركنا كثيرين ولعل هذه الدراسة قد تكون حافزا للباحثين الأفارقة وغيرهم لاهتمام بعلماء الأفارقة وإنتاجا تهم العلمية – وبخاصة غرب إفريقيا ـ والله المستعان .
فهرس المصادر والمراجع
أولا : المطبوعات
أحمد بابا التمبكتي ، نيل الابتهاج بتطريز الديباج ، بهامش الديباج
المذهب ، دار الكتب العلمية ، بلا تاريخ
إيسيسكو ، الحضارة الإسلامية في النيجر ، طبع 1994م.
سليمان موسى (دكتور ) ، الحضارة الإسلامية في نيجيريا ، ط ا،2000م
بدون ذكر مكان الطباعة .
عبد الباقي شعيب أغاكا ( دكتور ) ، الأدب الإسلامي في ديوان الإلوري ،
ط2، 2003م بدون ذكر مكان الطباعة .
عبد الحي عبد الكبير الكتاني ، فهرس الفهارس ، دار الغرب الإسلامي ،
بيروت .
6ـ عبد القادر زبادية , مملكة سونغاي في عهد الاسقيين , الشركة الوطنية للنشر والتوزيع , الجزائر 1971م
7ـ عثمان بريما باري ، جذور الحضارة الإسلامية في الغرب الإفريقي ، ط1،
2001م ، دار الأمين ، القاهرة .
7- عمر باه (دكتور ) ، الثقافة العربية الإسلامية في الغرب الإفريقي ،
ط1،1993م ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، لبنان .
مارتي بول ، كنتة الشرقيون ، طبعة دمشق بلا تاريخ .
محمد بن أبي بكر الولاتي ، فتح الشكور في أعيان بلاد التكرور ، ط1، عام 1991م ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، لبنان .
10ـ محمد الغربي , بداية الحكم المغربي في السودان الغربي , وزارة الثقافة والإعلام , العراق , 1982م
11ـ محمد المجذوب ، مفكرون وعلماء عرفتهم ، دار الاعتصام ، القاهرة .
12 الهادي المبروك الدالي (دكتور) ,ا لقبائل الفلانية , دراسة وثائقية , 2003م طرابلس , ليبيا
ثانيا : الدوريات:
1- مجلة جامعة أم الدرمان ، العدد الثاني ، عام 1969م .
[1] ـ انظر : صحيح البخاري حديث رقم 3877 , كتاب مناقب الأنصار , ط 2 , 1999م دار السلام , الرياض
[2] – ابن عبد الحكم: عبد الرحمن بن عبد الله بن الحكم ، فتوح مصر والمغرب بتحقيق علي محمد عمر، ط95، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة ، ص222 و 223 بتصرف
[3] – مهدي رزق الله أحمد ، حركة التجارة والإسلام والتعليم الإسلامي في غرب إفريقية ، ط1، 1998م، مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية والبحوث ، الرياض ، ص70.
[4] – عصمت عبد اللطيف دندتش ، دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقيا ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت، 1988م ، ص112
[5] – أبو عبيد البكري ، المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب ، دار الكتاب الإسلامي ، القاهرة ، ص175
[6]ـ إبراهيم طرخان ، الإسلام واللغة العربية في السودان الغربي والأوسط ، مجلة أم الدرمان ، العدد الثاني عام 1968م ص1
1 – عز الدين عمر موسى ، دراسات إسلامية غرب إفريقيا ، دار الغرب الإسلامي , بيروت ، ط 2، 2003 ص: 113
[8] – السعدي ، تاريخ السودان ، ص: 12.
[9] – عز الدين عمر موسى ، المصدر السابق ، ص: 117، بتصرف.
[10] – المصدر السابق ، ص: 94
[11] – سورة فاطر، الآية: 28
[12] – أخرجه البخاري في كتاب العلم ، باب العلم قبل القول والعمل تعليقا ، صحيح البخاري ، ط2، 1999، مكتبة دار السلام، ص16
[13] انظر, نيل الابتهاج بهامش الديباج المذهب ، ص 217، دار الكتب العلمية , بيروت.
[14] ـ د. محمد الغربي , بداية الحكم المغربي في السودان الغربي , وزارة الثقافة والإعلام العراق 1982ص540
[15] ـ انظر , احمد بابا , المصدر السابق , ص 217
[16] ـ انظر , فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور للولاتي , دار الغرب الإسلامي , ط1991م ص36ـ
[17] ـ د. محمد الغربي , ص540
[18] ـ انظر احمد بابا , المصدر السابق , ص 217
[19]ـ وهي قرية تقع بقرب من مدينة تيغدا في شمالي غرب مدينة أغاديس .بجمهورية النيجر
[20] ـ – أحمد بابا ، نيل الابتهاج ص218
[21] ـ أحمد بابا ، المصدر السابق ص 348
[22] ـالحضارة الإسلامية في النيجر , من منشورات الإيسسكو عام 1994 ص105
[23] نظر تاريخ الجبرتي ص160
[24] – الشيخ الوزير جنيد ، ضبط الملتقطات ، مخطوطة في مكتبة الباحث ، ص16، وقد اختلف في تاريخ ولادته على أقوال وكذلك مكان الولادة ، والذي أثبتناه هو المشهور.
[25] – الوزير جنيد المصدر السابق، ص17. وهذا يفند القائلين بأن الشيخ عثمان قد ذهب إلى الحج , وتأثر بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب , ثم رجع ودعا إليها في السودان الغربي , والصحيح أنه تـأثر بشيخه جبريل بن عمر الذي حج وجاور , وبعد رجوعه , قام بالدعوة إلى العقيدة الصحيحة في المنطقة , ومن تلاميذه الشيخ عثمان بن فوديو.
[26] ـ بل هناك مساجد في غرب إفريقيا ونيجيريا بالأخص ، ما زال خطباؤها يخطبون يوم الجمعة بخطب الشيخ عثمان
[27] – الشيخ آدم الإلوري ، الإسلام في نيجيريا والشيخ عثمان بن فوديو الفلاني ، ط2، 1978، ص144 بتصرف
[28] – أحمد سعيد غلادننشي ، حركة اللغة العربية وآدابها في نيجيريا ، طبعة دار المعارف ، ص88
[29] – المصدر السابق ، ص8
[30] ـ عثمان بريما باري ، جذور الحضارة الإسلامية في الغرب الإسلامي ، ط1،2001م،ص118
[31] ـ عمر باه ، الثقافة العربية والإسلامية في الغرب الإفريقي ،ط1، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ص139
[32]ـ- بول مارتي, من عرب مالي والنيجر كنته الشرقيون, تعريب محمد محمود ولد دادا, طبع بدمشق ,بدون تاريخ, ص53
[33] ـ-الشيخ عبد الحي بن عبد الكريم الكتاني, فهرس الفهارس,2/901, دار الغرب الإسلامي, بيروت بلا تاريخ.
[34] ـ- المصدر السابق,2/902
[35] ـ اسم الكتاب كاملا هو : إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار وتحذيرهم عن الابتداع في القرى والأمصار ومن تقليد المذاهب مع الحمية والعصبية بين فقهاء الأمصار ” وقد طبع الكتاب أكثر من مرة ، الطبعة الأولى 1354 بمصر ، والطبعة الثانية بباكستان 1395، والثالثة بالطائف عام 1397، ثم اختصره الشيخ سليم الهلالي وطبع بالمكتبة الإسلامية بالأردن .
[36] ـ عثمان بريما باري ، المصدر السابق ، ص 36
[37] ـ عثمان بارى , المصدر السابق ص 146 ـ 147 بتصرف
[38] ـ وهي مخطوطة رقم 76, في مكتبة معهد الدراسات الإفريقية بجامعة ليغون أكرا
[39]ـ المخطوطة ورقة 2
[40] ـ المصدر السابق ص 153
[41] ـ محمد المجذوب , علماء ومفكرون عرفتهم , دار الاعتصام , القاهرة 1/63
[42] ـ الصدر السابق 1/65
[43] ـ عمر باه ، المصدر السابق ، ص505بتصرف
[44] ـ عمر باه ، المصدر السابق ص510
[45] ـ طبع في مؤسسة البابطين
[46] ـ الهادي المبروك الدالي ، قبائل الفلان دراسة وثائقية ، ط1، 2003، ليبيا ،ص 102.
[47] ـ ـ عبد الباقي شعيب أغاكا ، الأدب الإسلامي في ديوان الإلوري ، ط2،2003،ص14بتصرف
[48] ـ سليمان موسى ، الحضارة الإسلامية في نيجيريا ، ص31, بتصرف
أضف تعليقاً