مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم | عنوان الخطبة | معد الخطبة | التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
30 | تقوى الله | د. أحمد عبد الله بُولي ـــ عضو الاتحاد في مالي | 04 /06 /1443هـ الموافق 07/01 /2022م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” تقوى الله ”
الحمد لله الذي أعدّ السعادة الأبدية لعباده المتقين نشهد أن لا إله إلا هو إله الأولين والآخرين، ونصلي ونسلّم على إمام المتقين محمد وعلى آله الأتقياء وصحبه المتقين، ومن تبع نهج التقوى إلى يوم ينفع المتقين تقواهم.
عباد الله:
أوصيكم وإياي بتقوى الله عزّ وجلّ في المخبر والمظهر، ولنعلم أن التقوى هي وصيّة الله للأولين والآخرين، فقد قال سبحانه في محكم تنزيله: [وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا] النساء 131
ولنعلَمْ أن التقوى وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأمته جمعاء، فقد قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم أوصني، فقال له عليه الصلاة والسلام:
(عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ جِمَاعُ كُلِّ خَيْرٍ…) أخرجه الإمام أحمد. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يبعث أميرا على سرية إلا أوصاه بالتقوى.
ولنعلم أن التقوى وصية السلف الصالح كذلك، فهذا أبوبكر رضي الله عنه يقول في خطبته:
أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله وأن تثنوا عليه بما هو أهله.
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى ابنه عبد الله: أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله، فإن من اتقاه وقاه.
واستعمل علي رضي الله عنه على سرية رجلاً فقال له : أوصيك بتقوى الله عز وجل الذي لا بد لك من لقائه وهو يملك الدنيا والآخرة.
ولكن ما هي التقوى ؟
يجيب على هذا السؤال خرّيج جامعةٍ محمد صلى الله عليه وسلم الصحابيّ الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، قال: هل أخذت طريقا ذا شوك، قال السائل: نعم، قال: فكيف صنعت ؟
قال: إذا رأيت شوكا عزلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه، قال: ذاك التقوى.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: التقوى أن يطاع الله فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر.
وإليكم أهمَّ سمات المتقين :
- إقامة الشعائر التعبدية كالصلاة والصيام وغيرهما بإقامة ظاهرها كإتمام وتدبّر ما يقوله ويفعله، وهذا العنصر الأخير هو الفارق بينهم وبين غيرهم.
- الإنفاق في سبيل الله بنفس مطمئنّة لا تخاف الفقر.
- الصبر والمصابرة، قال تعالى عنهم: [وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ] البقرة 177
الخلق الحسن الذي يصل إلى درجة ضبط العواطف، وتحمّل سيّئات الآخرين، فهم كاظمون لغيظهم عافون عن الناس.
ومن سماتهم أنهم رجّاعون توّابون لما يبدر عنهم من أخطاء، فسرعان ما يستغفرون ربهم مبتعدين عن الكبر والعُجب أو التهاون بالصغائر.
قال تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ] الأعراف 101
ثمرات التقوى في العاجل والآجل :
أيها الأخ المسلم فإن التقوى بهذا المعنى يضفي على صاحبها آثارا عظيمةً في الدنيا والآخرة وعلى المجتمع ، ودونكم غيضًا من فيض:
- التقوى سبب لتيسير أمور الإنسان ، قال سبحانه: [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا @ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ…] الطلاق 2 ـ 3
وقال تعالى: ]وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[ الطلاق 4، وإن في قصة عوف بن مالك الأشجعي لعبرةً للمعتبرين .
قال أكثر المفسرين فيما ذكر الثعلبي إن هذه الآية نزلت في عوف بن مالك الأشجعي روى الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس قال: جاء عوف بن مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إن ابني أسره العدو وجزعت الأم، فما تأمرني فقال صلى الله عليه وسلم: (اتق الله واصبر وآمرك وإياها أن تستكثرا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله) فعاد إلى بيته وقال لامرأته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالت نِعْمَ ما أمرنا به فجعلا يقولان، فغفل العدو عن ابنه فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه، وهي أربعة آلاف شاة؛ فنزلت الآية. تفسير القرطبي ج18 ص160
- التقوى سبب لفتح البركات من السماء والأرض وحصول الأرزاق على الفرد: المتقي، والمجتمع المتقي، يقول الله تعالى: [وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ…] الأعراف 96
- التقوى سبب لنيل ولاية الله، فقد قال تعالى: ]إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ…[ الأنفال 34
الله أكبر، والعاقبة للمتقين. أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ولي المتقين، والصلاة والسلام على إمام المتقين.
عباد الله:
اعلموا أن ثمرات التقوى كثيرة ، ومنها علاوةً على ما سبق:
- التقوى عامل قويّ لعدم الخوف من كيد الكائدين وضرر الكافرين، وحسد الحاسدين، قال تعالى: [وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا] آل عمران 120
- التقوى سبب لنيل العلم وحصول بركته، فقد قال الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ] الأنفال 29
- أهل التقوى تحصل لهم البشرى والاطمئنان في الحياة سواء أكان بالرؤيا الصالحة أو بمحبة الناس لهم، والثناء عليهم، ثم يحفظهم الله في ذريتهم من بعد مماتهم، قال سبحانه: [أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ @ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ @ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ] يونس 62-64
عباد الله :
فسقياً لإيماننا وتزوّداً من التقوى علينا أن نكثر من الصيام في هذا الشهر شهر شعبان، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله)، وفي رواية (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا) متفق عليه.
ألا وصلّوا وسلّموا على الرسول التقي وعلى آله وصحبه وسلّم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليقاً