مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
86 | أوقات الصلوات | د. عثمان صالح تروري – عضو الاتحاد في مالي | 15/05/1444هـ الموافق 09/12/2022م | الأمانة العامة |
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين جعل الصلاة عماد الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلى الناس أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد :
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله وطاعته، والتمسك بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، إذ بهما تنال السعادة في الدارين قال تعالى (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)) النور.
أيها المسلمون إن للصلاة مكانة عظيمة وقدرا كبيرا عند الله تعالى، لذلك أمر سبحانه وتعالى بإقامتها في كثير من آيات الكتاب العزيز، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يدل على أهميتها، وعظم شأنها في الدين، فهي أعظم الأعمال البدنية، قال تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) العنكبوت: ٤٥ قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) البقرة: ٤٣ قال تعالى: ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) البقرة: ٤٥ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « الْعَهْدُ الَّذِى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ » رواه ابن ماجه وصححه الألباني. وعَنْ أَبِى سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ » رواه مسلم.
فهي أول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ، قَالَ : قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، قَالَ فَجَلَسْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقُلْتُ : إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَحَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ )) رواه الترمذي وصححه الألباني.
عباد الله ولن تصلح هذه الصلاة إلا بتوفر شروطها، وأركانها وفق ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإن من أعظم شروط الصلاة دخول وقتها، قال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) النساء: ١٠٣ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) رواه البخاري.
أيها المسلمون إن صحة الصلاة ترتبط بفعلها في وقتها، فلا تصح قبل دخول وقتها، وقد أوجب الشرع كل صلاة في وقت محدود أوله وآخره، ولم يفرضها قبل ذلك الوقت، بل إنها لتبطل إذا أديت قبل ذلك، وقد نقل على ذلك إجماعَ الأمة الإسلامية كل من ابن رشد، وابن قدامة، وابن عبد البر، وابن حزم، والنووي، وابن تيمية، وغيرهم من أهل العلم فالمسألة خطيرة، مما يدل على خطورة الأمر.
يقول الإمام ابن حزم: (فإن الله قد حد أوقات الصلاة، على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل لكل وقت صلاة منها أولا، ليس ما قبله وقتا لتأديتها، وآخرا ليس ما بعده وقتا لتأديتها، وهذا ما لا خلاف فيه من أحد من الأمة). وقال ابن عبد البر: وقت الصلاة من فرائضها، وإنها لا تجزئ قبل وقتها، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء).
وقال العلامة ابن عثيمين: (الصلاة قبل وقتها لا تجزئ، حتى ولو كانت قبل الوقت بدقيقة واحدة، فلو كبر الإنسان للإحرام قبل الوقت، فإنها لا تصح الصلاة، لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} أي مؤقتة محددة فلا تصح الصلاة قبل وقتها، ويجب إعادة تلك الصلاة التي صليت قبل وقتها.
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: (إذا صليتها قبل الوقت فهي باطلة، ولا تسقط عن ذمتك، فإذا صليت الظهر قبل الزوال، أو المغرب قبل غروب الشمس، أو الفجر قبل طلوع الفجر، فالصلاة باطلة، عليك أن تعيدها، ولا تبرأ الذمة إلا بإعادتها، ولا يجوز لك أن تصلي قبل الوقت أبدًا، بل أنت آثم وعليك التوبة من ذلك.
عباد الله هذه هي صلاتكم، وإنها هي الركن الأول من أركان الإسلام بعد الشهادتين، فتجب معرفتها ، ومعرفة شروطها، لينبني فعلها على العلم واليقين، لا على الظن والحدس، فهي حجة الله على عباده، فيجب فيها الائتمار بأمر الله تعالى فيها، وتحقيق شروطها وأركانها، لتقع عند الله بمكان القبول والرضى، عن أبي قتادة بن ربعي أخبره أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال قال الله عز و جل افترضت على أمتك خمس صلوات وعهدت عندي عهدا أنه من حافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي)) رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم، التواب الكريم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي فرض الفرائض، وحد الحدود، وشرع الشرائع، وقال عز من قائل: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) النساء: ١٣ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد نبينا محمدا عبد الله ورسوله، ما من خير إلا دل الأمة عليه، وما من شر إلا حذرها منه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأهل بيته، وكل من سلك مسلكه إلى يوم الدين.
أيها المسلمون .. إن من حدود الله تعالى التي حدها لعباده على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم المحافظة على الصلوات في أوقاتها المحددة، ولقد لوحظ اليوم ـ مع الأسف الشديد ـ تهاون كبير في تحصيل بعض شروط الصلاة، وفعلها على الوجه الذي يرضي الله تعالى، وإن في ذلك من الخطر والهلاك ما لا يعلمه إلا الله، فحافظوا عليها بشروطها وأركانها، لتكون لكم عهدا عند الله، يضمن لكم به الجنة، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واعلموا يا عباد الله أن الله جعل لكل صلاة وقتا، له بدايته ونهايته، فيجب الالتزام بأمر الله تعالى في ذلك، وإن دخول أول وقت صلاة الصبح يكون ببزوغ الفجر الثاني الصادق، وأما دخول أول وقت الظهر فيكون بزوال الشمس عن كبد السماء، أما أول وقت صلاة العصر فيدخل بصيرورة ظل كل شيء مثله، بعد الظل الذي زالت عليه الشمس عند جمهور العلماء، وأما المغرب فيكون دخول أوله بغيبوبة قرص الشمس كاملا، و وقت صلاة العشاء يدخل بغيبوبة الشفق الأحمر.فعن أَبي بَكْرِ بْنُ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا – قَالَ – فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ وَالنَّاسُ لاَ يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالأَمْسِ ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ فَقَالَ « الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ ». رواه مسلم.
أيها المسلمون … لقد تحققت لجنة من أعضاء رابطة الدعاة في مالي يوم الأحد 26 من جمادى الأولى 1442بعد استطلاعها أول وقت دخول وقتي صلاة المغرب والعشاء تحققت من أن الفترة الزمنية الفاصلة بين صلاة المغرب والعشاء تقدر بحوالي خمس وخمسين دقيقة، إلى ساعة كاملة، في جميع فصول السنة، في بماكو وضواحيها، وذلك أخذا بالاحتياط في الدين، فاحرصوا يا عباد الله على الصلاة في أوقاتها، لترضوا بذلك ربكم وخالقكم.
عباد الله:إن الله أمركم بعمل , فبدأ بنفسه , وثنى بالملائكة فقال سبحانه (( إن الله ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا )) فصل الله على محمد وعلى آل محمد …………. وارض الله عن خلفائه الأربعة وعن أزواجه أمهات المؤمنين , وعن سائر صحابته أجمعين , وعنا معهم بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين , اللهم أعز الإسلام , وأذل الشرك والمشركين ………… والحمد لله رب العالمين .
أضف تعليقاً