مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
106 | عيد الفطر 1444هــ | الشيخ صلاح البدير– خطيب المسجد النبوي | 01/10/1444هـ الموافق 21/04/2023م | الأمانة العامة |
الموضوع: “ خطبة عيد الفظر 1444هــ “
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا…
الحمد لله الذي أنزلَنا ربيعَ فضلِه الخصيب، وأحلَّنا في ربوة كرمه الرحيب، وأكرَمَنا بالعيش المغدِق الناعم الرطيب، وجعَل الأعياد مربحًا للعبد التوَّاب الأوَّاب الثوَّاب المنيب، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، إليه أدعو وإليه أنيب، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، ذو النَّسَب النسيب والحَسَب الحسيب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، صلاة ننال بها أجزلَ الأجر وأعظم النصيب.
أما بعد: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله فإن الأمس مَثَل واليوم عَمَل، وغدا أَمَل، ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ الْمُزَّمِّلِ: 20
أيها المسلمون: لقد أظلَّكم عيدُ الفطر السعيد، الذي شامت بروقُه، وعلاكم شروقُه، ها هو العيد وقد نثَر في أرجائكم عبقَه الفوَّاح، ونشَر فيكم ضياءه الوضَّاح، وانبلج بأريجه نورُ الصباح، عيد أزهر بالمسرَّة والأفراح، وأسفَر بنسائم السَّكِينة والانشراح، عيد احلولى زمانُه ومكانُه، واعلولى محلُّه وميدانه، واعذوذب اسمُه وعنوانُه، فهنيئًا لكم يوم العيد السعيد، هنيئا لكم يوم الفطر المجيد.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: طوبى لكم يوم أكملتُم عدةَ شهركم، وأخرجتُم زكاةَ فطركم، وجلجلتُم بالتكبير لربكم، والتكبيرُ أبلغُ لفظ في معاني التعظيم، فعَظِّموا خالِقَكم حقَّ عظمته، وخافوا من بأسه ونقمته، ولا تغفلوا عن شكر فضله ونعمته، وانقادوا لأمره ونهيه، ولا تعارضوهما بترخُّصٍ جافٍ أو تشديد غالٍ أو علة تُوهِن صدقَ الانقياد، وعظِّموه ونزِّهوه، عما يقول ويفعل عَبَدةُ الأوثانِ والمشركون، ولا تخففوا صحائفكم بالبدع والمحدَثات، ولا تُفسِدوا دينَكم بالذهاب إلى السحرة والكهان، والدجالين والمشعوِذِينَ الذين يدَّعون علمَ المغيَّبات، وكَشْف المضمَرات، ولا تخدشوا إيمانَكم بتعليق الخيوط والحروز، والتمائم وسائر المعلَّقات، التي لا تجلب مالًا، ولا تدفع وبالًا، ولا تحمي عيالًا، ولا تُحبِطوا أعمالَكم بعبادة الرِّمم البالية، والعظام النَّخِرة، ولا تطوفوا بقبر، ولا تذبحوا عند قبر، ولا تستغيثوا بقبر كما يفعله عباد القبور والأوثان، ومن صان عقيدتَه وتوحيدَه لربه فقد استشعر معنى التكبير، وقام بواجب التعظيم للرب العظيم.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: إذا أشرَق العيدُ تهلَّلت الوجوهُ فرحًا وأشرقت، وتلألأت واستهلت، واستبشرت واستنارت، والفَرَح بالعيد سُنَّة المسلمين، وشعيرة من شعائر الدين، شرع في العيد إشهار السرور والأفراح، لا إشهار الحزن والنُّوَاح، ولا تذكُّر الأوجاع ونَكْث الجراح.
لا حزن يعلو فرحةً شُرعت # في يوم عيد ويوم العيد أفراح
فأعلِنوا الأفراحَ وأظهِروها، وانشروا السعادةَ وعمموها، وبدِّدوا غيمةَ الأحزان، وروِّحُوا الأبدانَ، وأدخلوا السرورَ على الأهل والأقارب والجيران، وانفحوا بالمال نفحًا، وابسطوا اليدينِ إعطاءً ومَنْحًا، ووسِّعوا على العيال وأسعِدوا الأطفالَ، وجودوا بالتبسُّم وبَسْط الوجه، عن عمر بن الخطاب t قال: سئل رسول الله ﷺ: “أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إدخالُكَ السرورَ على مؤمن، أشبعتَ جوعتَه، أو كسوتَ عورتَه، أو قضيتَ له حاجةً” (رواه الطبراني في الأوسط).
فطوبى لكل منَّاح فيَّاح، ولكل رؤوف عطَّاف، يحنو على الفقراء والمساكين، ويُدخِل الفرحَ في قلوب اليتامى والمحرومين والمنكوبين، ويُشفِق على الأيامى والأرامل والمقطوعين، ويحدُب على الضعفاء والمكروبينَ، ويواسي المستضعفينَ والمشردينَ، وإدخال السرور على الوالدين وبرهما وإزالة ما يحزنهما ألزم وأوجب.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: عاد العيد لتعود جداول الحب وسواقيه، وتفيض مسايل الوُدِّ ومجاريه، فتطهر القلوب من أوضار الحقد والشحناء، وتغسلها من أدران الكراهية والبغضاء، عاد العيد لتنتشل نفحتُه كلَّ كئيب، وتسلِّي فرحتُه كلَّ مكلوم، وتواسِي بهجتُه كلَّ مهموم، جاء العيد ليغسل وجوهًا ارتسم الحزنُ على قسماتها، وخيَّم الأسى في ساحتها، وتسلَّل اليأسُ إلى باحتها، اللهف لا يرد فَوَاتًا، والتحسُّر لا يُحيي مواتًا.
فلستُ بمدركٍ ما فات مني # بِلَهْفَ ولا بليتَ ولا لو انِّي
فاستثِمروا العيد في علاج القلوب الكسيرة، ومداواة النفوس الحسيرة، وزورا المرضى والزَّمْنى والمكلومين، وأَعِيدُوا البسمةَ لمن فقدها، والفرحة لمن أضاعها.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: التهنئة بالعيد تزيد المودةَ وتوثِّق المحبةَ، والمصافحة تفتح جسورَ التعارف والألفة، فاجعلوا تصافُحَ الكفوف عنوان صفاء القلوب وسلامة الصدور، واصفحوا عمن زلَّ وأخطأ، واعفوا عمَّن ظلَم وأساء، وجُودوا بالمودة وبوحوا بالمحبة، وعبِّقوا عيدَكم برائحة العفو الزكية الذكية، وأعلِنُوا العفو وأظهِرُوه حتى يفوح عبيرُه ويطيب نميرُه، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيُعرِض هذا ويُعرِض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام، وأيُّ عيد للقلوب المتهاجرة، وأي بهجة للنفوس المتناحرة، وأي فرح للأيدي المتشاجرة، العيد مَيدانٌ للسلام والتآلُف، عيد تتآلَف فيه القلوبُ وتجتمع فيه الكلمةُ ويلتئم فيه الصدعُ، ويَخْزى فيه الشيطانُ، لا عيد لنفوس يقودها الكبرُ والغرورُ والظلمُ، ولا عيد لمن اغتسل غسل العيد ولم يغتسل من أدران الشحناء والبغضاء والعداوات، ولا عيد لمن لبس ثيابَ الأعياد على أدران الأحقاد.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورا.
الخطبة الثانية:
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الحمد لله على سوابق نعمائه، وسوالف آلائه، أحمده أبلغَ الحمد وأكملَه وأتمَّه وأشملَه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، صلاةً متضاعِفةً دائمةً إلى يوم الدين.
أما بعد فيا إخوة الإسلام: احذروا ركوب المعاصي، والانبعاث فيها والعَبَّ منها، والتساهل في خرق سياج الآداب، والتعدي على حمى الشريعة والدين، وتباعَدُوا عن المحرَّمات، واحذروا مقاربتها ومباشرتها، ولا تخالِطوا أسبابَها ودواعِيَها، شكرًا لله منكم على سوابغ إحسانه، وعظيم امتنانه، وأحسِنُوا جوارَ النِّعَم، تحفظوا النِّعَمَ الموجودة، وتجلبوا النعمَ المفقودةَ، وتستديموا عطاءَ الله وكرمَه وجودَه، فما أدبرت نعمةٌ بعدما أقبلت، ولا رُفِعت مِنَّة بعدما نزلت، ولا سُلِبَتْ كرامةٌ بعدما مُنِحَتْ إلا لعطايا لم تُشكَرْ، أو لخطايا تُظْهَر وتُشْهَر، والنعم إذا شُكِرَتْ قرَّت، وإذا كُفِرَتْ فرَّت، فادلفوا إلى باب التوبة والإنابة، واقطعوا حبائلَ التسويف، وامحوا سوابقَ العصيان بلواحق الإحسان، وحافِظُوا على الصلوات الخمس المفروضة حيث ينادَى بهن، ولا تتخلفوا عن الجماعة إلا مِنْ عُذرٍ، وأدوا زكاة أموالكم، وبادِرُوا بالحج ما استعطتُم، وصِلُوا مَنْ قطَعَكم، وأعطُوا مَنْ حَرَمَكُمْ، واعفوا عمَّن ظلَمَكم، فليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمُه وصَلَها، ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، ولا تتعاملوا بصفقات الربا الخاسرة، وزياداته الظالمة، ومضاعَفاته الفاحشة، واحذروا جحدَ الحقوق، والتلاعب بأثمان السلع، والغش والنش والتطفيف في المكاييل والموازين، واحذروا أموال اليتامى والأوقاف والوصايا، لا تأكلوها ظلما وعدوانا، وأحسِنوا إلى نسائكم، وزوجاتكم، وأبنائكم، وبناتكم، وقوموا بالنفقة الشرعية اللازمة، وعاملوهم باللطف والعطف والمحبة والشفقة والرحمة، وصونوا ألسنتكم، واحفظوا فروجكم، وطهِّروا قلوبَكم من الغل والحقد والحسد والكراهية والبغضاء، وإياكم ومجالسَ الفسوق والفجور، واحذروا الخصومات والمشاحَنات، واقبلوا المعذرة، وأَقِيلُوا العثرةَ، ولا تقاطَعُوا، ولا تدابَرُوا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عبادَ الله إخوانا.
أيها المسلمون: هذا يوم التسامُح والتصافُح والتصالُح، فتراحموا وتلاحموا، وتسامحوا، وتصافحوا وتصالحوا حتى يكون فرحكم أفراحًا، وعيدكم أعيادًا.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: إن ضيفَكم قد رحَل، ورمضان قد أفَل، ولا منتهى من صالح العمل، فلا تغلقوا مصحفًا، ولا تمنعوا رغيفًا، ولا تحرموا لهيفًا، ولا تقطعوا إحسانًا، ولا تهجروا صيامًا، ولا تتركوا قيامًا، فما أحسنَ الإحسانَ يتبعه الإحسانُ، وما أقبح العصيانَ بعد الإحسانِ، ومَنْ صام رمضانَ ثم أتبَعَه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر، ومن لم يُخرِجْ زكاةَ الفطر فليبادِرْ إلى إخراجها فورًا، ومن أتى منكم من طريق فليرجع من طريق أخرى إن تيسَّر له ذلك؛ اقتداءً بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
بشراكم يا من قمتُم وصمتُم، بشراكم يا من تصدقتُم واجتهدتُم، فقد ذهَب التعبُ، وزال النَّصَبُ، وثبَت الأجرُ إن شاء الله -تعالى-، تقبَّل اللهُ صيامكم وقيامَكم، وأعاد اللهُ عليكم هذه الأيامَ المباركةَ أعوامًا عديدةً وأزمنةً مديدةً، ونحن في صحة وعافية وحياة سعيدة، اللهم تقبَّل مساعينا وزكِّها، وارفع درجاتنا وأَعْلِهَا، اللهم أعطِنا من الآمال منتهاها، ومن الخيرات أقصاها، اللهم تقبَّلْ صيامَنا وقيامَنا ودعاءنا يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، وأدم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها وعِزَّها واستقرارَها وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
أضف تعليقاً