مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
136 | العبرة من كثرة الوفيات | د. عثمان صالح تروري عضو الاتحاد في مالي | 19/04/1445هـ الموافق 03/ 11/ 2023م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” العبرة من كثرة الوفيات “
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، أشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، وقيُّوم السماوات والأراضين، ومالك يوم الدين، الذي لا فوز إلا في طاعته، ولا عِزَّ إلا في التذلل لعظمته، لا حياة إلا في رضاه، ولا نعيم إلا في قُرْبِه، ولا صلاح ولا فلاح إلا في الإخلاص له وتوحيد حبه، لا إله إلا هو سبحانه وبحمده، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، أشرف من وطئ الحصى بنعله، أرسله الله رحمة للعالمين، وإمامًا للمتقين، وحجَّة على الخلائق أجمعين. بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وجاهد في الله حق الجهاد وقمع أهل الزيغ والفساد فتح الله به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا. صلوات الله وسلامه عليه، وعلى أهل بيته الطيبين، وأصحابه المنتخبين، وخلفائه الراشدين، وأزواجه الطاهرات؛ أمهات المؤمنين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
أحبتي في الله أوصيكم جميعًا ونفسي بتقوى الله حق التقوى، وأن نستمسك من الإسلام بالعروة الوثقى , ولنعلم أن أقدامنا على النار لا تقوى، وأن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرَنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنأخذ حِذرنا ، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني. ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ فلنقدِّم لأنفسنا أعمالا تبيض وجوهنا يوم نلقى الله , ﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ* إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا ﴾ ﴿ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا ﴾
أيها المسلمون : لقد كثرت الوفيات في هذه الأيام في ديارنا، وكدنا نسمع من النعي ما لا نسمعه من أنباء القران والعقيقة وأغلب أسباب هذه الوفيات رهيبة، من حادثة مرور وموت فجاءة، أو مرض يوم ويومين مما لا ينتظر فيه الموت غالبا، وتتقابل الجموع في المقابر بعشرات الأموات في الفترة الواحدة…..
قال تعالى: ﴿ كل نفس ذائقة الموت ﴾ آل عمران: 185، هذه هي الحقيقة الأبدية والقاعدة الكلية التي ليس فيها استثناء، فالموت باب سيدخله الجميع ويشربون كأسه، ولم يجعل الله سبحانه وتعالى لأحدٍ الخلد في الدنيا، ولكنّه أجلٌ مكتوب، وعمرٌ محسوب، وهذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فالعاقل من التمس نعيماً لا موت فيه.
﴿ وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ ق:19 فالموت لحظة عويصة تتربص لكل منا,لحظة يطرق فيها ملك الملك بابنا أأذنا له أم لم نأذن فيدخل ولا يبالي فلا رجعة له ولا رجوع لمن ذهب به،ولا حول ولا قوة إلا بالله.!!
أيها المؤمنون: إن ما نعايشه الآن من كثرة الوفيات وتفشي الموت الفجائي لمن أمارات الساعة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة)، رواه الطبراني وحسّنه الألباني.
وكل موت موت لكن موت الفجاءة قد يفوت العبد بعض الأمور، قد لا تتاح له الفرصة في أن يُلقّن الشهادة ، وقد لا يكون مستعدّاً للقاء الله، بخلاف من تقدّمت له الدلائل وساق الله تعالى له من الشواهد على قرب مفارقته للدنيا، فاستعدّ للقاء خالقه ومولاه، وقد لا يترك وصية ، وقد تكون حقوق العباد متراكمة عليه، وقد يغلق باب التوبة دونه ……. و أُثر عن عبد الله بن مسعود وعائشة رضي الله عنهما قولهم : “هو أَسَف على الفاجر، وراحة للمؤمن“
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وفي سنة رسوله الكريم , ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والهدي المستقيم , قلت ما قلت والله تعالى أسأل العفو والعافية والمغفرة , فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو العفو التواب الرحيم .
الخطبة الثانية
1/ إدراك حقيقة الدنيا وقطع تعلق القلوب بها: فالدنيا إما نعمة زائلة، أو بلية نازلة، أو منية قاضية، “يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار” غافر: 39 .(( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ))
2/ اليقين أن آجالنا إذا جاءت فلا راد لها قال تعالى ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ﴾ الأنعام 61 قال تعالى ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ يونس 49
3/ محاسبة النفس فيما بيننا وبين الله وما بيننا وبين خلق الله : قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ الحشر:18 ، قال عمر الفاروق : أيها الناس حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعما لكم قبل أن توزن عليكم وتهيئوا للعرض الأكبر ﴿ يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافيه ﴾ ، وقال الفضيل بن عياض: ( من حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه وحضر عن السؤال جوابه وحسن منقلبه ومآبه ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته وأكيس الناس من دان نفسه وحاسبها وعاتبها وعمل لما بعد الموت واشتغل بعيوبه وإصلاحها )
5/ تجديد التوبة إلى الله، قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ الزمر 53 – 54
6/ تقوى الله والاستسلام لله قال تعالى:﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ آل عمران 102
7/ الإكثار من العمل قال تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ المنافقون 10)
8/ الحرص على الأعمال التي ثبت أن ما من قام بها في يوم ومات فيه دخل الجنة، ومن ذلك :
– ما روي عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ حِينَ يُمْسِى اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ وَأَبُوءُ بِذَنْبِى فَاغْفِرْ لِى إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ. فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ لَيْلَتِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ » أبو داود وصححه الألباني.
– وما روي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ)) النسائي وصححه الألباني.
هذا وصلوا ـ رحمكم الله ـ، على خير البرية، وأفضل البشرية، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين…..
أضف تعليقاً