مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
178 | أركان الإسلام | الشيخ أحمد علوان الشهيمي | 12/02/1446هـ الموافق 16/08/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” أركان الإسلام ”
إنَّ الحمدَ لله، نَحمَدُهُ سبحانه ونستعينُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصبحه، ومَن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد ﷺ، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وكلًّ ضلالة في النار.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ النساء 1﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران 102
عباد الله، ما قام بناء إلا بأركانه، فإن اختل أحد هذه الأركان تهاوى البناء وتداعى، وقوة البناء وضَعفه من قوة أركانه ومتانتها، وكذلك يكون الضعف، ففي صحيح البخاري قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : (بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ).
الإسلام هو الدين وأركانه خمس بها يقوم، وعليها يكون بناؤه، فمن حقَّقها على ما أمر الله به ورسوله، قام دينه، وصح إيمانه، فإن أخلَّ بشيءٍ منها تهاوى دينه، ولهذا كان كفار قريش لعلمهم بمعنى (لا إله إلا الله)، ما رَضُوا أن يقولوها؛ لأنها تلزمهم بإخلاص الدين لله وحده؛ قال تعالى على لسانهم: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ ص 5.
وشهادة أن محمدًا رسول الله تقتضي تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن تكون عبادة الله تباعًا لما جاء به من عند ربه، ففي صحيح مسلم أن رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، فلا تصح العبادة إلا بهذين الشرطين الإخلاص والمتابعة.
إنَّ الشهادتين يدخل بها المرء الإسلام، وهي مفتاح الجنة؛ قال رسول الله ﷺ: (من كان آخرُ كلامهِ لا إله إلا اللهُ دخل الجنة)؛ رواه أبو داود.
أما عمود الدين الذي عليه يقوم، فقَالَ ﷺ: (َأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ)؛ رواه النسائي
فهي أظهر أركانه وأكثرها تَكرارًا في اليوم والليلة، فهي الصلاة، وإقامتها أن تكون كاملة الشروط والأركان والواجبات، لا يختل منها شيء كما أقامها رسول الله ﷺ القائل: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) رواه البخاري.
وأن يؤديها حيث ينادى بها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ أَعْمَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الصَّلَاةِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ قَالَ لَهُ: (أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَجِبْ) النسائي
وحذَّر الله عباده من التهاون في أدائها: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ الماعون 4-5
وفي صحيح مسلم قال رَسُولَ اللهِ ﷺ: (تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا)، كحال من يضع المنبه على وقت العمل ليقوم وقد مضى وقت الصلاة، وقد: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ النساء 3، وفي صحيح مسلم قال النَّبِيَّ ﷺ: (إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ).
والركن الثالث: حق الله في المال أن تؤديه لمستحقيه بالمقدار المخصص لكل صِنفٍ في وقته : ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ الأنعام 14.
أما الرابع: فهو الصيام لله؛ كما في “صحيح البخاري” من الحديث القدسي قَالَ اللَّهُ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ).
والركن الخامس: هو حج بيت الله الحرام، واستجابةً لنداء أبينا إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ الحج 27. ويكون على مَن له استطاعة؛ لقوله تعالى: ﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ آل عمران 97
فإن مرَّ على العبد وقت الحج وهو عنده الاستطاعة، وجَب عليه الحج، وأَثِمَ على تفريطه، فلا يعلم ما يحدث له بعد ذلك من موانع أو صوارف تَمنعه من الحج.
قلت ما سمعت وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، هادي عباده للطريق القويم والصراط المستقيم، وصلِّ اللهم وسلم على خير الخلق أجمعين وقائدهم على الصراط المستقيم.
أما بعد:
أيها المؤمنون، هذه أركان الإسلام الخمسة التي بُنيَ عليها الدين، فمن أقامها صلح دينه، فلا ينبغي لعاقلٍ أن يفرطَ في شيء منها، ويحرص كل الحرص على تعلُّمها وتعليمها لمن وكَّله الله أمره: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)، وأن يقيموها كما أمر الله بها ورسوله؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ العنكبوت 69
وصلوا وسلموا على نبيكم فقد أمركم بذلك ربكم في محكم تنزيله وقال سبحانه:
)إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ الأحزاب 56
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته وكل من سلك مسلكه واهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين …
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطن باطلا وارزقنا اجتنابه …………………..والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليقاً