مشروع خطب الجمعة في إفريقيا | ||||
رقم الخطبة | عنوان الخطبة | معد الخطبة | تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة | المراجعة والنشر |
177 | التشاؤم بشهر صفر | د. عثمان صالح تروري ـــ عضو الاتحاد في مالي | 05/02/1446هـ الموافق 08/08/2024م | الأمانة العامة |
الموضوع: ” التشاؤم بشهر صفر ”
الحمد لله الذي لا إله غيره، ولا رب سواه، أحمده سبحانه، من توكل عليه كفاه، ومن لاذ بجنابه حفظه وحماه، وسدده وتولاه، ومن تعلق بغيره فليس له من دونه ولي يتولاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، هو الملك الكبير، السميع البصير، الحكيم الخبير، له ملك السماوات والأرض وما بينهما، وهو علي كل شيء قدير.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه الله رحمة للعالمين، وإماماً للمتقين، فثبت به قواعد الملة الحنيفية، وأقام به الدين، وهدم به معالم الوثنية وعقائد الجاهلية ومناهج المغضوب عليهم والضالين، وحرر به الإنسانية من رق العبودية للطواغيت من الكهنة والعرافين، والسحرة والمنجمين، وترك الأمة على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك إلى يوم الدين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الصالحين بالهدى والدين إلى يوم يبعثون.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واغتبطوا بفضله ورحمته سبحانه واشكروه، إذ أكرمكم بدين الإسلام الذي أكمله وارتضاه، وأتم به النعمة على من له هداه، وجعله الدين الخالد إلى يوم يلقاه، فلا يقبل من أحد ديناً سواه )وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[ آل عمران 85
أيها المسلمون: إن أساس دين الإسلام أن يسلم المرء وجهه لله، وأن يتحرر من رق العبودية لمن سواه، قال تعالى: )وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[ لقمان 22، وقال تعالى: )وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا[ النساء 125، وقال تعالى: )بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ[ البقرة 112
وإسلام الوجه لله هو إخلاص القصد لوجهه، وإفراده وحده بعبادته، اعترافاً بربوبيته وإلهيته وكماله في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فلا ند له ولا سمي له ولا كفء له ولا شريك له في ألوهيته وعبادته، كما أنه لا شريك له في ربوبيته وكماله في ذاته وأفعاله وصفاته.
أيها المسلمون: إن الاعتقاد الصحيح يفرض على المرء أن يكون مقبلاً على ربه، متوجهاً إليه، مؤمناً به، متوكلاً عليه، مخلصاً له في العبادة رغبة ورهبة إجلالاً له، ورجاء له ومحبة، وخوفاً منه ورهبة…
أيها المسلمون: إن من لازم الإخلاص لله تعالى وصدق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتجنب المرء كل ما يؤثر في اعتقاده أو ينافي إيمانه، ومن ذلك: التشاؤم والتطير بالحوادث والكائنات، وهو مـحرم مخل بالتوحيد، قال صلى الله عليه وسلم: (لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَةَ، وَلاَ صَفَرَ) أخرجه الشيخان
وقال عليه الصلاة والسلام: (الطِّيَرَةُ شِرْك، الطِّيرة شركٌ، الطيرة شِرْكٌ).أخرجه أبو داود وصححه الحاكم، وقال في حديث عبد الله بن عـمـــرو:
(مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ) رواه أحمد وصححه الألباني
أيها المؤمنون: إنما جعل التطير شركاً لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعاً أو يدفع ضرراً؛ فكأنهم أشركوه مع الله ـ تعالى ـ وهذا الاعتقاد منافٍ لـقـولـه تعالى: )وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ[ يونس 107
فالله هو النافع الضار، وهذه الكائنات خلق مثل بني آدم، ولا تدل على المخبَّأ من الأمور بوجه.
أيها المسلمون: إن التشاؤم من خصال الجاهلية، ومن فاسد عقائد أهل الشرك والوثنية، والإنسان إذا فتح على نفسه باب التشاؤم فإنه تضيق عليه الدنيا، ويصـير يتخيل كل شيء أنه شؤم، حتى إنه يوجد أناس إذا أصبح وخرج من بيته ثم قابله رجل ليس له إلا عين واحدة تشاءم، وقال: اليوم يوم سوء وأغلق دكانه، ولم يبع ولـم يشتَرِ… ـ والـعـيـاذ بالله.
بارك الله لي ولكم في الوحيين، ووفقني وإياكم لسلوك هدي سيد الثقلين، أقول ………………
الخطبة الثانية:
الحمد لله المتفرد بتدبير الأمور، والصلاة والسلام على خير من حرر القلوب والأجسام من الشرور
أيها المؤمنون: اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واحذروا غضب الجبار، فإنَّ أجسادكم على حرّ النار لا تقوى، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[ آل عمرا ن 102
عباد الله ها نحن في شهر من أشهر الله تعالى، وهو شهر صفر، وإن هذا الشهر مما يتشاءم به بعض الناس، فإن ذلكم من الخرافة والبدع، فيسمونه بما لم يسمه الله به ورسوله، ويمتنعون فيه عن كثير من أعمال الخير، فلا ينكحون فيه، ولا يسافرون فيه، ولا ينتقلون إلى بيوتهم الجديدة فيه، ولا يبدءون فيه أمورهم الهامة … معتقدين أنه شهر سوء وأن ما أنشئ فيه من الأعمال يمحق خيره، فهذا كله من الضلال في الاعتقاد، وقد سبق لنا بيان حكم التشاؤم بالكائنات، فليس لشهر صفر ملك شر ولا خير، فإلى الله وحده يرجع الأمر كله، فاعبدوه واشكروه، ولا تحرموا ما أحله لكم، ولا تتركوا أنكحتكم في هذا الشهر متشائمين به، فمن فعل ذلك فقد ردته الطيرة عن حاجته، وقد سبق لنا في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ).
فالشهور كلها شهور الله، وقد يتفاضل بعضها على بعض رحمة من الله لعباده لرفع دراجاتهم كتفاضل شهر رمضان، ولكن ليس من بينها شهر شؤم، فاتقوا الله ربكم واعملوا صالحا، واعلموا أن الأيام والشهور خزائن لأعمالكم و شهداء لكم أو عليكم يوم الوقوف بين يدي رب العالمين، فخيرها ما عمرتموه بالطاعة، وشرها ما اقترفتم فيه المعاصي.
وتوكلوا على الله ربكم يكفكم، )وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ…[ الطلاق 3، )…وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ[ المجادلة 10.
وصلوا وسلموا على نبيكم فقد أمركم بذلك ربكم في محكم تنزيله وقال سبحانه:
)إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ الأحزاب 56
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته وكل من سلك مسلكه واهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين …
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطن باطلا وارزقنا اجتنابه …………………..والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليقاً