مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم الخطبة عنوان الخطبة معد الخطبة تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
176 ثمار التوحيد وعواقب الشرك د. محمد أحمد لوح ـــ عضو الاتحاد في السنغال 27/02/1446هـ  الموافق 02/08/2024م الأمانة العامة

 

الموضوع:” ثمار التوحيد وعواقب الشرك”

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد لا إله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

 أما بعد:

فأوصيكم ونفسي أيها المؤمنون بتقوى الله في السر والعلن، وتقوى الله أمر عظيم لأن حقيقته أن تطيع أمر الله عز وجل في جميع أحوالك على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله عز وجل في جميع أحوالك وجميع تقلباتك تخشى عقاب الله على علم وعلى نور من الله عز وجل.

 


أيها الإخوة المؤمنون إن قلب المؤمن لا يصلح إلا بتعظيم الله عز وجل، لا يصلح ولا يثبت على الإيمان ولا يستقيم على ذلك إلا بتحقيق التوحيد لله عز وجل، فكلما قوي العبد في الإخلاص لله وفي توحيده لربه وفي تحقيقه الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله- كلما قوي في تحقيق ذلك- ثبت على الإيمان، وقوي على مغالبة الشيطان، وكان قيامه في عقد الإيمان قياماً قوياً صحيحاً.


أمر الله عز وجل عباده بتحقيق التوحيد له وبإخلاص الدين له فقال: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾  الزُّمر 11 وقال عز وجل: ﴿أَلَا للهِ الدِّينُ الخَالِصُ﴾ الزُّمر 3. وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ التوبة 31 وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ البيِّنة 5   

وهذا الأصل العظيم عليه قامت السموات والأرض ومن أجله خلق الجن والإنس: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ الذاريات 56.

وهذا الأمر العظيم من أجله بعثت الرسل ومن أجله خلقت الجنة وخلقت النار، ومن أجله قام الجهاد ورفعت ألويته، ومن أجله حاق بالذين كفروا سوء ما عملوا، ومن أجله نصر الله المؤمنين، لهذا وجب على المؤمنين أن يسعوا سعياً جاداً في تحقيق الإخلاص لله، في تحقيق التوحيد لله عز وجل بأن تكون عبادتهم لله عز وجل وحده دون ما سواه فطاعة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم تبع لطاعة الله عز وجل: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾ النساء 80.

أيها المؤمنون: إن العبد المؤمن إذا حقق التوحيد فإنه يحصل على فضل عظيم من الله في الدنيا وفي الآخرة، لهذا بين الله عز وجل لعباده المؤمنين فضل تحقيق التوحيد وأنه أعظم ما يتقرب العبد به إلى ربه عز وجل، ومن فضل التوحيد أنك بقدر تحقيقك للتوحيد وإخلاصك لله وبعدك عن الشرك الظاهر والباطن بقدر ذلك يكون لك الأمن وتكون لك الهداية اسمع قول الحق جل جلاله ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ الأنعام 82، لما نزلت هذه الآية شق ذلك على الصحابة وقالوا: يا رسول الله أينا لا يظلم نفسه؟ فقال: (ليس الذي تذهبون إليه، الظلم الشرك ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح ﴿لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ لقمان 13 (رواه الشيخان)، فهذه الآية فيها وعد من الله عز وجل بأن المحققين للتوحيد المبتعدين عن الشرك بأنواعه لهم الأمن في الدنيا والآخرة، ولهم الهداية في الدنيا والآخرة ، وهذه من ثمرات التوحيد؛ لهذا ترى المؤمن الموحد أكثر الناس أمناً في الدنيا وأكثر الناس أمناً يوم القيامة ألم تسمع قول الله عز وجل في المؤمنين﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾  الأنبياء 103، نعم المؤمن المسدَّد إذا خاف الناسُ في الدنيا فإنه لا يخاف لأن في قلبه من الإخلاص لله والتوحيد ما يجعله في أمن وأمان، وكذلك إذا خاف الناسُ يوم القيامة من النار إذا برزت الجحيم فإنه لا يخاف ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ﴾ الأنبياء 101 – 102، نعم أيها المؤمنون هذا الأمر العظيم يجب علينا أن نفقهه وأن نسعى في تحقيقه ألا وهو إخلاص الدين لله وهذا بعض فضله في هذه الآية، أن أهل التوحيد الخالص لهم الاهتداء، والهداية مراتب وأهلها فيها درجات ولهذا كان أعظم الناس هداية الأنبياء والمرسلون لأنهم حققوا الإخلاص والتوحيد لله عز وجل.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين والمؤمنات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:

فأيها المؤمن: كذلك إذا حققت الإخلاص في قولك وعملك وابتعدت عن الشرك في أقوالك وأعمالك فإن لك فضلا عظيماً وهو أنك تغفر لك الذنوب التي هي فيما بينك وبين الله عز وجل، جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (قال الله عز وجل: عبدي إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا – يعني بملء الأرض خطايا – ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً أتيتك بقرابها مغفرة) متفق عليه، فالموحد يغفر له ذنبه، وبتحقيق (لا إله إلا الله ) تكون لك يوم القيامة بطاقة إذا وضعت في كفة الحسنات طاشت سجلات السيئات، لثقل هذه الكلمة لكن لمن حققها وعمل بمعناها وتيقن بذلك وعمل بمقتضاها، وابتعد عن الشرك كله فإن نور لا إله إلا الله لا يعدله شيء، يحرق الشهوات ويحرق الشبهات في الدنيا وكذلك يحرق أثر الشهوات وأثر الشبهات في الآخرة حين توضع الموازين وحين يلقى الناس حسابهم.

 

كذلك أهل الإخلاص في الدنيا يمن الله عليهم بأنه يصرف عنهم السوء والفحشاء ألم تسمع إلى قول الله في حق يوسف عليه السلام ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ﴾ يوسف 24 (في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب: مخلِصين) يعني: الذين أخلصوا أعمالهم وأقوالهم وحققوا التوحيد لله فيصرف عنهم السوء والفحشاء.

 

 وكذلك من فضل التوحيد على أهله أن الناس إذا أصابتهم المصائب وحلت بهم العقوبات فإن أهل الإخلاص وأهل التوحيد هم أهل النجاة قال عز وجل: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ العَذَابِ الهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ فصِّلت 17- 18، فإذا أصاب الناس ما أصابهم فإن أهل التوحيد هم أهل النجاة.
إذا علمت أيها المؤمن بعض فضل التوحيد فاعلم أن الله عز وجل لا يغفر لمن أشرك به ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ النساء 48  ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾  النساء 116، وإذا لم يرض الله عز وجل إلا التوحيد ولا يغفر الشرك فإن عقاب أهل الشرك عظيم، بل إن عقابهم الخزي في الدنيا وعذاب النار في الآخرة ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ الحج 31، وقال عز وجل ﴿وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ المائدة 72.

 

أيها الإخوة المؤمنون: إذا تبين لنا أن حق الله هو توحيده وأن فضل التوحيد عظيم وأن عقاب الشرك عظيم فإننا بحاجة دائمة إلى تعلم التوحيد وإلى الخوف من الشرك فإن التوحيد والإخلاص لا يدرك بدون علم، وإذا كان الله عز وجل أمر نبيه بالعلم بالتوحيد فنحن مأمورون من باب أولى اسمع قول الله جل جلاله ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ﴾  محمد 19  فالعلم بالتوحيد أمره عظيم ولهذا لا يسوغ لنا أن يقول القائل منا فهمنا التوحيد وفهمنا أنواعه دون أن يكرر ذلك و دون أن يراجع ذلك بين الحين والآخر، ودون أن يطلع على كلام أهل العلم فيه؛ لأن هذا ليس من باب الترف العلمي بل هو باب حق الله جل جلاله فإذا تعلمناه وكررناه فإنما ذلك لأهميته، ولكونه حق الله عز وجل على العبيد .

 

اللهم جنِّبنا الشرك بجميع أنواعه، وارزُقنا التوحيد الخالص، وأمِتْنا عليه، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *