مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم الخطبة عنوان الخطبة معد الخطبة تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
     182 مظاهر محبة الرسول  ﷺ مكتب الأمانة العامة 09 /03/1446هـ  الموافق 13/09/2024م الأمانة العامة

 

الموضوع: ” مظاهر محبة  النبي ﷺ ”

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، المبعوث بالدين القويم، والصراط المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين. وإماما للمتقين. فظهر نور الفرقان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

عباد الله: إن محبة الرسول ﷺ تعتبر ركنا أصيلا من أركان الإيمان، يتوقف على وجوده وجود الإيمان لقول ﷺ  الذي أخرجه البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه  قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}.
فلما  كثر المدعون لمحبته ﷺ   طلب الله البينة من المحبين قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ آل عمرن  (31)  ولهذه المحبة ” مظاهر وآثار  على السلوك” وإن كان الحب من أعمال القلوب إلا أنه لا بد وأن يظهر آثاره على الجوارح قولاً وفعلاً. ولما كان الحب أمرا يمكن أن يستتر وراء الدعاوي والمزاعم ويقع في الاشتباه، كان لا بد من التميز بين الصادق فيه وبين الدعيّ الكاذب، يعني من مسلكا صحيحا ومن انحرف عن مسلك الصواب.

أيها المسلمون: لطالما استغلت دعوى الحب لله ولرسول ﷺ أو حب الصالين لتسويغ ألوان من البدع وضروب من الغلو وجعلها مقبولة لدى الناس بدعوة المزعومة. كان لزاما علينا التعرف على علامات ومظاهر محته ﷺ لذا نذكر بعضاً من أهمها:

  1. طاعة الرسول واتباعه:

إن أقوى شاهد على صدق الحب هو موافقة المحب لمحبوبه، وبدون يصير الحب دعوى كاذبة. وأكبر دليل على صدق الحب لرسول الله ﷺ هو طاعته واتباعه، كما جعل الله سبحانه وتعالى دليلاَ على حبه في قوله: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ آل عمران  (31) فتبين من هذا أن الاتباع هو عظم شاهد صدق المحبة بل هو من أجل ثمارها.
فلما كثر المدعون طلب اله منهم البينة لأن البينة على من ادعى. القياس هو أن من يقتدي به ويعمل بأوامره ويتجنب نواهيه من السنة، ويتأدب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه، فأعلم أنه هو المحب الصادق. وأما من يدعي المحبة وهو لا يتمثل بأوامره وسننه فهو كاذب في محبته.
كما قال الشاعر في عجز البيت : إن المحب للمحب مطيع.

  1. تعظيم النبي وتوقيره والأدب معه:

تعظيم النبي هو ما يقتضيه مقام النبوة والرسالة من مال الأدب وتمام التوقير، فعلى قدر المعرفة يكون التعظيم. فالتعظيم بالقلب يكون بالاعتقاد وباللسان يكون بالثناء عليه بما هو أهله، بما أثنى به عليه ربه أو مما أثني به على نفسه، ومنه الصلاة والسلام عليه، كما يشمل الأدب في الخطاب معه والحديث عنه صلى الله عليه وسلم. وأما تعظيمه بالجوار فيشمل العمل بطاعته وتجريد متابعته وموافقته في حب ما يحبه، والسعي في إظهار دينه، ونصرة شريعته، والذب عنه وصون حرمته.
عباد الله أين نحن من هذه النقطة في محبته.

وعليه يكون أساس التعظيم للرسول وقاعدته التي يبنى عليها هو: تصديقه فيما أخبر ، وطاعته فيما أمر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وعبادة بما شرع. ومن ترك هذه القاعدة يكون بين على إحدى الطرفين: الجفاء أو التفريط في حقوقه ﷺ.

مثال الجفاء في حقه: كالطعن في صدقه أو أمانته وعدالته،  كما فعل ذو الخويصرة روي البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ: { بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ, وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا , أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ , وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اعْدِلْ، فَقَالَ: وَيْحَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ , لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ “، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لَيَّ فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ , وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ , يَقْرءُونَ الْقُرْآنَ لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُمْ , يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ…..} الحديث صحيح البخاري

ومثل الجفاء في عدم التأدب في الحديث والكلام: هو ما يفعله بعض الشعراء عند مدح الحكام والعلماء والوجهاء بصفات الرسول ﷺ الخاصة به، كقول المعري مثلا:

لولا انقطاع الوحي بعد محمد ** قلنا محمد عن أبيه بديل
هو مثله في الفضل إلا أنه   ** لم يأته  برسالة جبريل

سبحان الله من يكون مثل الرسول في الفضل ؟!!!!

 وفي المقابل عدم الغلو فيه: الغلو في النبي ﷺ ورفعه فوق مرتبته التي  وضعه الله عليها، وذلك كاعتقاد أنه يعلم الغيب مطلقا او إن وجوده سابق لهذا العالم وأن من نوره خلق الكون كله إلى غير ذلك من الاعتقادات الباطلة التي لم ترد في الكتاب ولا السنة،

قال تعالى ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الأعراف (157)

ومن الجفاء في حقه رفع الصوت عند قبره ، وكذلك رفع آراء بعض البشر ومذاهبهم على أقواله وسنته صلى الله عليه وسلم.

  1. و من علامات حبه : كثرة تذكره وتمني رؤيته والشوق إلى لقائه، السبب إلى ذلك معرفته حق المعرفة. إن من أحب شيئا أكثر من ذكره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: { مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا، نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ } صحيح مسلم
  2. ومنه محبة قرابته وآل بيته وأزواجه. أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: { قَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: ” أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ” فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ}

عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ أَبُوبَكْرٍ: {ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ} . الذين ينتسبون إليه حقيقة.

  1. ومن مظاهر محبته محبة سنته والداعين إليها: من الصاحبة ومن أتى بعدهم على منهاجهم إلى يومنا هذا وتوليهم والدفاع عنهم ومعرفة قدرهم. قال تعالى  ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ الحشر (10)

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ……

 

الخطبة الثانية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبة وسلم

عباد الله بعد معرفتنا هذه العلامات لحبه أصبح لدينا الميزان نفرق به بين المحبة الحقيقية والمزيفة.

عباد الله و ثمرات المحبة: تعني الأثار التي يبقيها المحبة.

فمن أعظمها وجود حلاة الإيمان في القلب:  عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: { ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ كمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ، وَأَنْ يُحِبَّ الرَّجُلَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ} معجم الأوسط

ومنها يجعلك تكثر الصلاة والسلام عليه.
وفي الآخرة المرؤ مع  من أحب : أخرج البخاري بسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: { أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ: مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا» قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاَةٍ وَلاَ صَوْمٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»}

قال تعالى : ﴿  قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ التوبة (24)

اللهم إنا نسألك حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبًّا يُبَلِّغُنِا حُبَّكَ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن واهدنا إلى صراطك المستقيم وارحمنا يا أرحم الراحمين.

اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الواهب.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *