مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
183

صفة صلاة النبي صلى_الله_عليه_وسلم_الجزء_الثاني

د. عثمان صالح تروري ـــ عضو الاتحاد في مالي 16 /03 /1446هـ الموافق 20 /09 /2024م الأمانة العامة

 

الموضوع: ” صفة صلاة النبي ”

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين

 

أما بعد:

فأوصيكم أيها المؤمنون بتقوى الله وطاعته، فلا سعادة إلا لمن اتقى، ولا شقاوة إلا لمن عصى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ 

 

أيها المؤمنون: إذا أكمل المصلي جميع الشروط فليتجنب دخول الصلاة عند مدافعة أحد الأخبثين أو عند حضور الطعام وهو جائع لما ورد في ذلك من النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويستقبل بقلبه إلى الله موقنا أنه يناجيه، ثم يكبر تكبيرة الإحرام قائلاً: الله أكبر، غير ممدودة عن المد المعلوم ولا مططة، ناظرًا ببصره إلى محل السجود، رافعًا كفيه عند التكبير حذو منكبيه أو إلى حيال أذنيه، تكون الأصابع مبسوطة غير متفرقة عن بعضها، مستقبلاً براحة الكفين القبلة، وهكذا في كل رفع لليدين. ثم يضع يديه على صدره، اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، أو يقبض بيمينه على شماله لثبوت ذلك في السنة عن النبي ، ومن السنة أن يقرأ دعاء الاستفتاح وهو: (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ). وإن شاء قال بدلاً من ذلك: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ). وإن أتى بغيرهما من الاستفتاحات الثابتة عن النبي فلا بأس، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة؛ لأن ذلك أكمل في الاتباع. ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ويقرأ سورة الفاتحة لقوله : (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِمَامٍ وَغَيْرِ إِمَامٍ)، ويقول بعدها: آمين، جهرًا في الصلاة الجهرية، وسرًّا في الصلاة السرية، ثم يقرأ ما تيسر له من القرآن، (وإن كان لا يعرف الفاتحة قال : سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ).

 

ثم يركع مكبرًا رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه، جاعلاً رأسه حيال ظهره، واضعًا يديه على ركبتيه، مفرِّقًا أصابعه، ويطمئن في ركوعه ويقول: (سبحان ربي العظيم)، والأفضل أن يكررها ثلاثًا أو أكثر، ويستحب أن يقول مع ذلك: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي).

 

ثم يرفع رأسه من الركوع رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً: (سمع الله لمن حمده) إن كان إمامًا أو منفردًا، ويقول حال قيامه: (ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد). أما إن كان مأمومًا فإنه يقول عند الرفع: (ربنا ولك الحمد…) إلى آخر ما تقدم، وإن زاد كل واحد منهم ـ أي: الإمام والمأموم والمنفرد ـ على ذلك: (أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) فهو حسنٌ لثبوت ذلك عن النبي  وإن شاء اعتدل بيديه وإن شاء وضع يديه على صدره لخلاف فيه بين العلماء، وأيهما فعل فذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ثم يسجد مكبّرًا واضعًا ركبتيه قبل يديه إذا تيسّر له ذلك، فإن شقّ عليه قدّم يديه قبل ركبتيه، مستقبلاً بأصابع يديه ورجليه القبلة، ضامًّا أصابع يديه مادًّا لها، ويكون على أعضائه السبعة: الجبهة مع الأنف واليدين والركبتين وبطون أصابع الرجلين، ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويرفع ذراعيه عن الأرض لقول النبي : (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)، ويقول في السجود: (سبحان ربي الأعلى)، ويُسنّ أن يقول ذلك ثلاثًا أو أكثر، ويستحبّ أن يقول مع ذلك: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، ويكثر من الدعاء لقول النبي : (أما الركوع فعظّموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فَقَمِنٌ أن يستجاب لكم)، ويسأل الله من خير الدنيا والآخرة، سواء كانت الصلاة فرضًا أو نفلاً.

 

ثم يرفع رأسه مكبرًا، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، ويضع يديه على فخذيه وركبتيه، ويقول: (ربي اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني). ويطمئن في هذا الجلوس، ثم يسجد السجدة الثانية مكبرًا، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى.

 

ثم يرفع رأسه مكبرًا، ويجلس جلسة خفيفة وتسمى جلسة الاستراحة وهي مستحبة، وإن تركها فلا حرج عليه إن شاء الله، وليس فيها ذكر ولا دعاء، ثم ينهض قائمًا إلى الركعة الثانية معتمدًا على ركبتيه إن تيسر له ذلك، وإن شقّ عليه اعتمد على الأرض بوضع يديه عليها، وبهذا يكون قد أتم ركعة واحدة.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ  الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد ولي الصالحين، والصلاة والسلام على أفضل المصلين…

إذا قام إلى الركعة الثانية يقرأ الفاتحة وما تيسّر له من القرآن بعد الفاتحة، ثم يفعل كما فعل في الركعة الأولى.

 

و إذا كانت الصلاة ثنائية ـ أي: ركعتين ـ كصلاة الفجر والجمعة والعيد جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصبًا رجله اليمني مفترشًا رجله اليسرى، واضعًا يده اليمنى على فخذه اليمنى، قابضًا أصابعه كلها إلا السبابة فيشير بها إلى التوحيد، وإن قبض الخنصر والبنصر من يده وحلّق إبهامها مع الوسطى وأشار بالسبابة فحسنٌ، لثبوت الصفتين عن النبي، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة، ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وركبته، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس وهو: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)، ثم يقول: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)، ويستعيذ بالله من أربع فيقول: (اللَّهُمَّ إِنى أَعوذُ بكَ مِن عَذابِ جَهَنَّمَ، ومِن عَذابِ القَبرِ، ومِن فِتنَةِ المَحيا والمَماتِ، ومِن فِتنَةِ المَسيحِ الدَّجّالِ)، ثم يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة، فإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس، سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة لعموم قول النبي في حديث ابن مسعود لما علّمه التشهد: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو) ، وفي لفظ آخر: (ثم ليختر من المسألة ما شاء). وهذا يعمّ جميع ما ينفع العبد في الدنيا والآخرة.

 

ثم يسلم، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة وجوه للسلام هي: الأول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عن يمينه. السلام عليكم ورحمة الله عن يساره الثاني: مثله دون قوله (وبركاته) الثالث: السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه. السلام عليكم عن يساره الرابع: يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل به إلى يمينه قليلا

عن يمينه وشماله قائلاً: (السلام عليكم ورحمة الله، السلام عيكم ورحمة الله)، وإن زاد كلمة: (وبركاته) فلا بأس، لورود ذلك عن النبي .

 

وإن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء يقرأ التشهد المذكور آنفًا مع الصلاة على النبي  من غير الدعاء الأخير، ثم ينهض قائمًا معتمدًا على ركبتيه، رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً: الله أكبر، ويضعهما ـ أي: يديه ـ على صدره كما تقدم، ويقرأ الفاتحة فقط، وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر زيادة عن الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس، لثبوت ما يدلّ على ذلك عن النبي  من حديث أبي سعيد.

 

ففي الجلوس بعد الثالثة من المغرب وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء يجلس كجلسته في الثانية من حيث الصفة، وأحيانًا يتورّك أي: يعتمد على ورْكِه أي: فخذه الأيسر، مخرجًا قدمه اليسرى من تحت قدمه اليمنى وجهة القدم، يتشهد كما تقدم في الصلاة الثنائية، يقرأ التشهد مع الصلاة على النبي ، ثم يسلّم عن يمينه وعن شماله. وبهذا يكون قد أتم الصلاة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

اللهم تقبل منا صلاتنا، واجعلنا من الذين يؤدونها على أكمل وجهها، وأورثنا الفردوس بها يا رب العالمين … وصلى الله على نبينا محمد وسلم، والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *