مشروع خطب الجمعة في إفريقيا

رقم

عنوان الخطبة

معد الخطبة

التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة

المراجعة والنشر

239

نصائح عند استئناف الدراسة

د. عثمان صالح تروري – عضو الاتحاد في مالي

03 /04/1447هـ  الموافق 26/09/2025م

الأمانة العامة

الموضوع: ” نصائح عند استئناف الدراسة “

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه ولن يضر الله شيئا.

 

أما بعد:

فوصية مني لكم ولنفسي يا لها من وصية، وهي تقوى الله تعالى في السر والعلن قال تعالى ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا﴾ النساء 131.

 

أيها الأحبة في الله: إن طلب العلم من أشرف الأعمال وقد دل على ذلك نصوص الكتاب والسنة فعن قيس بن كثير قال: قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء رضي الله عنه وهو بدمشق فقال ما أقدمك يا أخي ؟ فقال : حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله ﷺ، قال: أما جئت لحاجة ؟! قال: لا، قال: أما قدمت لتجارة ؟! قال: لا.

قال: ما جئت إلا في طلب هذا الحديث، قال: فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) أخرجه الترمذي (2682) .

وقال الإمام الأوزاعي – رحمه الله-:(( الناس عندنا هم أهل العلم ومن سواهم فلا شيء)) وقال سفيان الثوري-رحمه الله-:(من أراد الدنيا فعليه بطلب العلم)).

 

أيها المؤمنون: العلم بالتعلم والتعلم بالتعليم، والتعلم هو طلب العلم بسلوك طرق الحصول عليه، ومن أكبر وسائل الحصول على العلم إرسال الأولاد إلى المدارس، ولقد استأنفت المدارس دراستها في مستهل هذا الأسبوع فهنيئا للأولياء الذين أرسلوا أولادهم إلى المدارس، ومرحبا بالأولاد في مدارسهم، والله أسأل أن يعلمهم علما نافعا ويبارك فيهم وفي جهودهم.

 

عباد الله: إن العملية التعليمية تدور بين عدة أطراف أقواها المدرسون والتلاميذ، وإليهما أقدم النصائح التالية:

أولا: المدرسون

1/ كونوا مخلصين في أعمالكم، فإن الإخلاص سر نجاح العمل وسبب التوفيق في المهام، وبذل العلم النافع عبادة جليلة وهو من الصدقة الجارية التي ينتفع بها العبد بعد الممات، ومن شروط قبول العبادة إخلاص النية فيها، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ، أن رسول الله ﷺ قال: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ : مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) قال العلماء معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه كان سببها.

 

2/ عليكم أن تشعروا بثقل الأمانة وعظم المسئولية، إنها أمانةُ تربيّةِ النّشء ومسئولية بناء أجيال! هذا النشء الذين هم اليوم صغار وغَدًا سيكونون كبارا، وهم اليوم طلاَّب وغدًا معلِّمون وخبراء ومهندِسون وأطبّاء وأهل عِلمٍ وفضل، وهم الذين سَينزلون في ميادينِ العَمل وسيصيرون حكاما وقادة في المستقبل، روى مالك في الموطأ عن ابن عمر عن رسول الله ﷺ قال: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ: الإمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أهْلِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأةُ رَاعِيَةٌ في بيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ في مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).

 

3/ كونوا قدوة لمن يتعلمون منكم ومعلمين بأخلاقكم قبل معارفكم، فالمعلم مؤدب ومرب يستفيد الطلاب من لحظه قبل لفظه، لذا كان المعلم الأول للأمة قدوة لهم، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ الأحزاب 21.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على أفضل من تعلم وعلم

ثانيا: أما التلاميذ فأوصيهم بما يلي:

1/ كونوا جادين واحرصوا على التفوق والإتقان من أول السنة إلى آخرها، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال (إِنَّ الله يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ) الطبراني في الأوسط ( 897 ) وأبو يعلى في مسنده ( 4386 ).

 

2/ احفظوا أوقاتكم وأحسنوا تنظيمها واستغلوها بما ينفعكم، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) رواه البخاري.

 

3/ كونوا محبين للعلم واصبروا له، فإن حب العلم دافع للجد في طلبه وميسر لسبل تحصيله، قال تعالى:(( وقل رب زدني علما )) ﴿.. يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ المجادلة 11.

 

اللهم اجعل هذا العام الدراسي عام علم ومعرفة، وتوفيق وتفوق، وازدهار وتفوق، وبركة ونجاح يا رب العالمين.

ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، فإن من صل عليه مرة واحدة صل الله بها عشرا.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.

اللهم أكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبحبك وحب رسولك عن حب من سواكما.

وأذقنا حلاوة الإيمان بطاعتك وطاعة رسولك صلى الله عليه وسلم.

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، يارب العالمين.

وصل الله وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *