مشروع خطب الجمعة في إفريقيا |
||||
رقم الخطبة |
عنوان الخطبة |
معد الخطبة |
تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة |
المراجعة والنشر |
243 |
خطورة الزنا وسبل الوقاية منه |
د. علي وفا علي |
02/05/1447هـ الموافق 24/10/2025م |
الأمانة العامة |
الموضوع: ” مخاطر الزنا وسُبُل الوقاية منه”
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وخاتم النبيين، سيدنا محمد بن عبدالله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الأكرمين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد:
عبادا الله: فاتقوا الله واعلموا أن الإسلام دين العفة والطهر والنقاء، والعزة والقوة؛ ولذا حرم الله تعالى الفواحش ما ظهر منها وما بطن؛ لأن الفواحش مصدر الضعف والهلاك والذل والهوان؛ فقال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ الأعراف: 33. وأشد أنواع الفواحش وأخطرها : الزنا، تلك الجريمة المنكرة والفاحشة المدمرة التي تؤدي إلى الهلاك والهوان، والفقر والمرض، وغضب الله تعالى ومقته؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات – أي: المهلكات – وذكر منها الزنا) .
عباد الله إن للزنا خطورة وعقوبته: علينا معرفتها فهي جريمة عظيمة تعدل القتل في الشناعة وسوء المصير، فالزاني المحصَن إذا ثبت زناه استُبيح دمه، فكان مثله في الحكم عليه مثل المرتد ومثل قاتل النفس؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة))، أيها المسلمون ليس هناك أكبر من هذه الجرائم الثلاث؛ لذلك كان الفاعل لواحدة منها مستباح الدم.
ولخطورة الزنا جاء مقرونًا في القرآن الكريم بالشرك والقتل، ووعد الله فاعله بمضاعفة العذاب عليه إلا أن يتوب من جرمه؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ﴾ الفرقان: 68 – 70
ولقد اقترن حال الزاني بحال المشرك في كتاب الله؛ قال الله تعالى: ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ النور: 3.، وليس هذا عجيبًا؛ لأن آثار الزنا وعواقبه وخيمة جدًّا على الفرد والجماعة، وعلى الزاني والزانية، وعلى زوجها وأهلها وولدها، وما ينتج عن السفاح من حمل، فهو جناية عليه وعلى المجتمع بأسره، فكم دمر الزنا بيوتًا وهدم مجتمعات! وكم أذلَّ من أناس! وكم أدخل على أناس من ليس منهم! وكم أخذ من الميراث من ليس له حق فيه! حتى قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: “لا أعلم بعد القتل ذنبًا أعظم من الزنا”؛ ومن ثَمَّ لا يجتمع الزنا والإيمان؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن …))؛ متفق عليه.
ومن العقوبة أيضًا أن يذوق الزاني ذلَّ تلك المعصية في أهله؛ لأنه دَيْنٌ لا بد من أدائه؛ فقد جاء في الحديث الذي رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بَرُّوا آباءكم تبرَّكم أبناؤكم، وعفُّوا تعفَّ نساؤكم)) ، فيا من يحاول الوقوع في الزنا، أو وقع فيه ولم يتب، كن على يقين وثقة بأن ساعة القصاص قريبة، وأن الديان موجود، فكما تدين تدان، وبالكيل الذي تكيل به لغيرك تكتال لنفسك، فالجزاء من جنس العمل ولو بعد حين
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه ومن اقتفى أثرهم.
عباد الله بعد أن عرفنا خطورة الزنا وعقوبته، علينا أن معرفة سبل الوقاية منها، إن الذي يمنع وقوع هذه الجريمة، ويضيِّق دائرتها هو ما أمر به الإسلام من أحكام وآداب وعقائد وأخلاق؛ وقد قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ الإسراء: 32. والمعنى: ابتعدوا عن أسباب الزنا، وعن المواضع التي يُحتمل فيها الوقوع في الزنا لِتَقُوا أنفسكم من شره وسوء مصيره.
ومن أسباب الوقاية من الزنا
. 1 قوة الإيمان بالله تعالى وتذكر الآخرة؛ لذا وجب على العبد ليعصم نفسه من الفواحش أن يقويَ إيمانه بالله، وأن يتقيَه ويخشاه ويحسن مراقبته لله سبحانه، ويستحضر هيبة الله وعظمته، ويتذكر وعيده وعذابه لمن خالف أمره وارتكب ما نهاه عنه، فإذا ملأت مخافة الله سبحانه قلب العبد، كان مبتعدًا عن نواهيه أشد البعد؛ يقول سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ ﴾ الأعراف: 201، 202.، وقد ضرب الله لنا مثلًا بيوسفَ عليه السلام الذي تواجدت حوله دواعي الجريمة، ولكنه استعصم بالله، و﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ يوسف: 23.
. 2 التزام النساء بالملابس السابغة المحتشمة التي هي كرامةٌ لهنَّ وحماية من الأذى؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾ الأحزاب: 59.
-
3. أدب غض البصر، وكف العيون الخائنة من البحث عن العورات؛ قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ النور: 30، 31، فغضُّ البصر والسمع عما يثير الغرائز والشهوات من أغانٍ ماجنة، وأفلام عاهرة، وصور عارية – نجاةٌ للعبد وراحة لقلبه وعقله؛ لأن مدَّ البصر والسمع للشهوات هي الخطوات الأولى التي يقود بها الشيطان أولياءه للوقوع في الزنا.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، ويصدِّق ذلك أو يكذِّبه الفَرْجُ))؛ مسند أحمد.
. 4 عدم الخلوة بين الرجل والمرأة غير ذات المَحْرَمِ طهارة لقلوبهم وقلوبهن؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ الأحزاب: 53. وفي الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم محذِّرًا: ((ولا يخلونَّ رجلٌ بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما))؛ مسند أحمد.
وأخطر الخلوة تكون من الأقرباء؛ لأن دخولهم على البيت معتادٌ من غير نكير، فكان الخطر منهم أكبر والفتنة أمكن؛ لذا قال صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت))؛ متفق عليه، والحمو: هو قريب الزوج.
. 5 المباعدة بين مجالس الرجال ومجالس النساء حتى في المساجد دور العبادة، فللرجال أماكنهم وللنساء أماكنهن.
. 6 منع الاختلاط المحرم في أماكن التعليم والعمل وكل مجال يقود إلى الفتنة.
. 7 تيسير سبل الزواج؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ النور: 32، والتزام العفاف لمن لا يقدر على تكاليف النكاح؛ قال تعالى: ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ النور: 33، فمن عفَّ عن الحرام خوفًا من الله تعالى، أغناه الله تعالى ورزقه الحلال، فمن ترك شيئًا لله، عوَّضه الله خيرًا منه.
. 8 التزام الاستئذان والاستئناس؛ حتى لا تقع عين المسلم على عورات أو تلتقيَ بمفاتن.
. 9 تجنب الحديث عن الفواحش وأصحابها؛ لأن كثرة أخبارها تدعو النفوس إلى التهاون بها واستسهالها، ولا تزال تتكرر حتى تصير متداولة مألوفة غير مستنكرة؛ وقد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ النور: 19.
10 . تجنب أصدقاء السوء الذين يزينون الحرام، ويتكلمون في الحرام، ويستسهلون الحرام، ويدلون عليه، فكم من صالح وصالحة من أسرة طيبة فسد وفسدت حياته بسبب صديق أو صديقة فاسدة! فصديق السوء ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ﴾ الحشر: 16.
















































أضف تعليقاً