واقع التّطوير المهني المستمر للمعلّمين بالمدارس العربية في بوركينا فاسو

 

إنّ واقع التّطوير المهني، ونمو أداء المعلّمين بالمدارس العربية في بوركينا فاسو لا يختلف عن الكثير من دول غرب أفريقيا في اعتمادها على الخبرات السّابقة لدى معلّميها، على الرّغم من التّطورات الحديثة في مجالات التّربية، وما يتبع ذلك من تغيرات في المجالات التّدريسية، وظهور طرق حديثة في التّدريس، فإنّه ما يزال ينظر إلى المعلّم أنّه ناقل للمعرفة.

وتبعاً لتغير دور المدرسة، ومواكبة عصر التّحدي، فإنّ دور المعلّم لا بد له من التغيّير من النّمط التّقليدي إلى الابتكار والإبداع، لأنّ دوره الذي كان كمصدر للمعلومات والمعارف، لم يعد ممكناً في ظل الانفجار المعرفي، وسرعة تغير المعلومات والمعارف، فالمطلوب من معلّم اليوم أن يتحول من مصدر المعلومة والمعرفة إلى ميسر ومرشد أو موجه لعملية التّعليم التي تقوم في الأساس على الطّلاب (الجوفي،2009م).

لذلك أصبحت الحاجة ماسة إلى تنمية المعلّم البوركينابي بالمدارس العربية على الأدوار الجديدة التي تجعله قادراً على اكتساب طرائق تدريس حديثة، واستخدام التّقنيات الحديثة في التّعليم.

يتضح من خلال ما سبق أنّ المعلّم هو العصب الحيوي في العملية التّعلمية؛ ولذا تغيرت النّظرة إلى المعلّم في الوقت الحالي، بحيث أصبح المحك الأساس في تنميته يستند إلى قدرته على القيام بمسؤولياته الجديدة لتحقيق الأهداف التّربوية بجوانبها وأبعادها المختلفة في ظل ظروف العصر (قحوان،1432 ه).

ولتحقيق الأهداف التّربوية المنشودة، وتعزيز دور المدرسة في تربية الأجيال وتعليمها، فقد تمّ إنشاء بعض المراكز الجامعية والكليات التّربوية التي تقدم برامج إعداد المعلّمين، وتعتني بتنميتهم مهنياً في بوركينا فاسو، ومنها:

  1. المركز الجامعي للتّخصصات المتعددة ببوركينا فاسو:

    وهو أحد المراكز الجامعية الأهلية في بوركينا فاسو، أنشئ بترخيص رقم (2004-288/MESSRS/CAB) بتاريخ 13/12/2004م، من وزارة التّعليم الثّانوي والتّعليم العالي والبحث العلمي، ويضم المركز كلية العلوم التّربوية التي تهدف إلى إعداد المعلّمين إعداداً تربوياً، وتأهليهم لممارسة مهنة التّدريس، والقدرة على البحث العلمي (موسى،2013م).

  2. كلية الفرقان للدّراسات الإسلامية والتّربوية

    أسست عام 2010م تحت إشراف جمعية الفرقان الإسلامية في مدينة بوبو جولاسو، وتهدف إلى توفير البرامج التّربوية لطلابها؛ ممّا تؤهلهم للقيام بالتّدريس في مراحل التّعليم العام، ومدة الدّراسة فيها أربع سنوات.

    إنّ هذه الخطوة تحتاج إلى الدّعم، كما أنّها في حاجة إلى تطوير برامجها في الإعداد التّربوي لمواكبة متطلبات العصر؛ ممّا يهدف إلى تجويد معلومات المعلّمين وإثرائها بالمدارس العربية في بوركينا فاسو، وتنمية مهاراتهم، واتجاهاتهم المرتبطة بمهنة التّدريس؛ لتحقيق جودة شاملة في تلك المدارس.

ومن خلال الاطلاع على أدبيات ندوة التّعليم العربي في غرب أفريقيا – بما فيها بوركينا فاسو – التي نظمتها رابطة العالم الإسلاميّ في نيامي (النّيجر) عام 1430هـ، وجدت أنّ هناك نقاط ضعف ذات علاقة بالمعلّم، أهمّها: قصور برامج الإعداد المهني، وضعف كفايات المعلّمين في طرق التّدريس والتّقويم، وغيرها من الكفايات المهنية ذات الصّلة بموضوع التّعلم والتّعليم (محمد الأمين،1430هـ)؛ ممّا يعزو الكاتب إلى القول: إنّ غياب هذا النّوع من الإعداد المستمر يجعل مهنة التّدريس تسير بصورة عشوائية ارتجالية، لا تحقق النّتائج المطلوبة، ولا تساعد على التّقويم السّليم.

ويمكن إجمال بعض المشكلات التي تعوّق النّمو المهني المستدام لمعلّمي المرحلة الثّانوية بالمدارس العربية في بوركينا فاسو فيما يلي:
قلة البرامج التّدريبية، وجمود وضع المعلّم لسنوات كثيرة خلال الخدمة بدون أي تنمية مهنية، بالرّغم من أنّ تنمية المعلّمين مهنياً لا تتوقف عند الحصول على الشّهادة الجامعية؛ ما دامت التّربية متطورة ومتجددة، وكذلك ندرة الوسائل التّعليمية، والتّقنيات الحديثة في المدارس، كما أنّ المعلّمين غير ملّمين بمواصفات العملية التّعليمية في المراحل التي يقومون بتدريسها، وكيفية التّعامل معها، ومع ما تتطلبه من تأهيل خاص، بالإضافة إلى نقص وعي المعلّمين بأهداف هذه المراحل الدّراسية، فضلاً عن قلة الدّافعية لديهم لتطوير أنفسهم مهنياً.

ويتضح من استقراء الواقع والنّظر إلى المعلّمين بالمدارس العربية في بوركينا فاسو، أنّ أغلبهم لم يؤهل تأهيلاً تربوباً ممّا يمكنه من ممارسة مهنة التّدريس؛ لذا فإنّ التّطوير المهني المستمر لهؤلاء المعلّمين يعدّ مشروعاً مستقبلياً يجب أن يحظى باهتمام ودعم مديري المدارس العربية في بوركينا فاسو، وينبغي أن تسخر في سبيل تحقيقه جميع الإمكانيات المناسبة.

المراجع:
1. الجوفي، عبد السلام. (2009م). التّعليم استثمار ووسيلة المجتمعات للتّطوير والتّغيير. مجلة التّربية. العدد (29).ص46. صنعاء.
2. قحوان، محمد قاسم. (2012م). التّنمية المهنية لمعلّمي التّعليم الثّانوي العام في ضوء معايير الجودة الشّاملة. عمان: دار غيداء
3. محمد الأمين، عبد المهيمن. ( جمادى الأولى 1430هـ ). معلّم التّربية الإسلامية في غرب أفريقيا وتحديات المستقبل. بحث مقدم في ندوة ” التّعليم وتطوره في غرب أفريقيا “. رابطة العالم الإسلامي: النّيجر
4. موسى، نابالوم. (2013م). تاريخ التربية والتّعليم في بوركينا فاسو. واغادوغو: التّجارة للنشر والطّباعة.

سيسي أحاندو

سيسي أحاندو

طالب الدّكتوراه في ماليزيا. مهتم بالسّياسات التّربوية والتّعليمية في غرب أفريقيا

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *