الموضوع: ” كيفية حساب الزكاة ومصارفها ومسائل متعلقة بها

الحمد لله رب العالمين، فرض الزكاة على الموسرين من المؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يدخل الجنة من كان في ماله حق للسائلين والمحرومين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلى الناس أجمعين، صلى اله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته  وكل من اقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد :

فاتقوا الله تعالى ربكم، وأخلصوا العمل لله تسعدوا، ولا تستجيبوا للشيطان في وعد ولا في وعيد )يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا[ النساء 120

أيها المسلمون: إذا حصر المسلم أو المسلمة جميع أمواله ووجد أنه ملك النصاب وحال عليها الحول فإن إخراج الزكاة يكون على النحو التالي:

 

أولا : في الثروة الحيوانية :

1 / في البقر: إذا ملك المسلم ثلاثين بقرة إلى تسع وثلاثين وجب عليه فيها عجل تبيع (ما تم له سنة)، وإذا ملك أربعين إلى تسع وخمسين وجب عليه فيها مُسِنَة (ما تم له سنتان )، وإذا ملك ستين إلى تسع وستين وجب عليه فيها عجلان تبيعان، وإذا ملك سبعين إلى تسع وسبعين وجب عليه فيها مسنة وتبيع، ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة، وهكذا مهما بلغت، وهذا جدول يوضح كيفية زكاة البقر.‏

العدد من وإلى الواجب
30 – 39 عجل تبيع
40 – 59 مسنة
60 – 69 تبيعان

 

 

 

2 / الغنم:‏ إذا ملك المسلم أربعين رأساً من الغنم إلى مائة وعشرين وجب عليه فيها شاة، فإذا زادت واحدة إلى مائتين ففيها شاتان، فإذا زادت واحدة إلى ثلاثمائة وتسع وتسعين ففيها ثلاث شياه، فإذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه، إلى أربعمائة وتسع وتسعين ففيها خمس شياه، ثم في كل مائة شاة وهكذا مهما بلغت:‏

العدد من وإلى الواجب
40 – 120 ‎‎ شاة
121 – 200 ‎ شاتان
201 – 399 ‎ ثلاث شياه
400 – 499 ‎ أربع شياه
500 – 599 ‎ خمس شياه

 

ثانيا: الذهب والفضة : إذا بلغ الذهب 85 غراما فما فوقها قسمها صاحبه على عشرة ثم على أربعة، أو قسمه على أربعين، فالحاصل هو زكاته، فمثلا من عنده 100 غرامات لو قسمها على ما سلف كان الناتج 2.5، فهذا زكاته.

أما الفضة فلو بلغ 595 غراما قسمها مثل الذهب، فمثلا من كان عنده 1000 غراما من الفضة لو قسمها كما سبق كان الناتج 25غراما، فهذا زكاته.

 

 

ثالثا: ما في حكم الذهب والفضة : وهي :

1 / العملات الورقية: فنصابها مثل نصاب الذهب أو الفضة، وحسابه مثل حسابهما، فمثلا: من كان عنده واحد مليون من فرنك سيفا وقسمها على عشرة ثم على أربعة أو على أربعين فالحاصل 25000 فرنك سيفا فهذا زكاته.

 

2/  عروض التجارة: وهي البضائع التي جهزت وعرضت للبيع، فنصابها مثل نصاب الذهب أو الفضة، وحسابها مثل حساب أحدهما: فمثلا من حاسب بضائعه ووجد أنها بلغت النصاب قسمها على عشرة ثم على أربعة أو على أربعين فالحاصل هو زكاته إن شاء أخرجه من البضاعة وإن شاء أخرجه من المال النقدي .

 

 

رابعا: الثروة الزراعية : فهي عند حصادها فإذا بلغت 675 كلغرام، قسمها على عشرة، فمثلا من حصل على 1000 كلغرام وقسمها على عشرة فالحاصل هو 100 كلغرام فهذا زكاته.

 

 

أيها المسلمون هناك مسائل مهمة متعلقة بأحكام الزكاة: نختار منها ما يلي :

ــ هل يجوز إخراج زكاة الحلي من العملة ؟  نعم يجوز، لاشتراك الكل في الثمنية.

ــ هل تخرج زكاة عروض التجارة بالسعر الذي اشتراه به أو بالسعر الذي يبيع به ؟ بالسعر الذي يبيع به لا بسعر الشراء.

ــ كيف تخرج زكاة الدين ؟  الدين نوعان : أ ــ ما يرجى تحصيله، هذا يجب حسابه في الزكاة وإخراجها منه .

ب ــ ما لا يرجى تحصيله، فهذا لا يحسب، ويزكي منه سنة واحدة إذا قبضه على الراجح من أقوال العلماء.

ــ كيف تخرج زكاة العقار ؟  لا تجب الزكاة في العقار إلا ما كان جاهزا للبيع، فحكمه حكم عروض التجارة،  يقوم ويزكى بقيمته في اليوم، أما إذا كان  جاهزا للإيجار فزكاته من مال الإيجار إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، وإذا كان للإسكان فلا زكاة فيه.

ــ هل القول بأن الموظف يخرج الزكاة من راتبه شهريا قول صحيح ؟ ليس صحيحا على الراجح، وإنما يخرجها مما ادخره من راتبه وبلغ النصاب وحال عليه الحول.

ــ ما حكم من ملك النصاب وأخر إخراج الزكاة حتى تلف ماله أو سرق؟  الزكاة في ذمته، وهي دين الله عليه.

ــ هل يجوز نقل الزكاة إلى بلد آخر لأجل الأقرباء والمحتاجين ؟  نعم يجوز على الراجح من أقوال العلماء، مع مراعاة نصيب فقراء البلد الذي هو فيه.

ــ هل يجوز صرف الزكاة مساعدة لشخص على الزواج ؟  نعم يجوز إذا كان صاحبه فقيرا أو مسكينا.

ــ هل يشترط إخبار المعطى له بأن المال المعطى زكاة ؟ لا يشترط إخباره بها، بل كره بعض المالكية إخباره وهو ظاهر قول الإمام أحمد وكذا الشافعية، قال النووي (إذا دفع المالك أو غيره الزكاة إلى المستحق ولم يقل هي زكاة ولا تكلم بشيء أصلا : أجزأه، ووقع زكاة هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور …) المجموع 6 / 233.

 

 

أيها المؤمنون: هذا يتم حساب الزكاة، وهكذا تخرج…، فعليكم به، وصلوا وسلموا على النذير والبشير وآله وصحبه وسلم.

 

 

 

الخطبة الثانية:

أيها المؤمنون : اعلموا – رحمكم الله – أن الزكاة شرعت لتحقيق مصالح يكمن فيها إسعاد المجتمع المسلم بأسره، ونظرا إلى أن الله خالقنا هو أعلم بأحوال العباد من أنفسهم، فإنه قد تكرم بتحديد وجوه صرف الزكاة في محكم تنزيله، فقال سبحانه: )إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[ التوبة 60

 

فقد حصرها في ثمانية أبواب لا تاسعة لها، وبيانها فيما يلي:

1 – 2 : الفقراء والمساكين :   وهما صنفان متداخلان، وقد ذكر العلماء تعريفات كثيرة لهما ومن خلالها يمكن تحديد المراد بهما بما يلي : أن المستحق للزكاة باسم الفقر أو المسكنة هو أحد الاثنين الآتيين : – من لا مال له ولا كسب أصلا، – من له مال أو كسب لا يقع موقعا من كفايته وكفاية من يعوله.

فيعطى هذان الصنفان من الزكاة ما يغنيهما وما فيه كفايتهما كما ثبت ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال (إذا أعطيتم فأغنوا).

3 : العاملون عليها : ويراد بهم الذين يعملون في جهاز إدارة الأموال الزكوية، من جباة، وكتاب، وحراس …

وليس الذين يعملون معك في جمع أموالك.  فيعطى للعامل على الزكاة ما يقابل عمله وينزه يده من أموال المسلمين.

4 : المؤلفة قلوبهم : وهم الذين يراد تأليف قلوبهم بالاستمالة إلى الإسلام أو التثبيت عليه .. وقد اختلف العلماء في دخول الكفار فيهم، والراجح لدينا عدم دخولهم فيهم.

5 : وفي الرقاب: ويراد به عون المكاتب المسلم على سداد مال مكاتِبه ليصبح حرا، أو شراء الرقيق المسلم بمال الزكاة وإطلاق سراحه من الرق، وهذا الباب وسيلة من الوسائل التي اتخذها الإسلام للقضاء على الرق.

6 : الغارمون : وهم المسلمون الذين تحملوا الديون وتعذر أداؤها فأصبحوا ملزمين بهذه الديون، وهم صنفان:

  • الغارم لنفسه: وهو من تحمل الدين لمصلحة نفسه، ويشترط في دفع الزكاة له شرطان:

أ ــ أن يكون قد استدان في طاعة أو أمر مباح.     ب ــ أن يكون في حاجة إلى ما يقضي به دينه.

  • الغارم لغيره: وهو من تحمل حمالة مشروعة في إصلاح ذات البين وعجز عن سداها، وقد رأى بعض العلماء أن هذا الصنف يعطى وإن لم يكن عاجزا. ويعطى للغارمين بصنفيهم ما يقضون به ديونهم.

7 : في سبيل الله: ويراد به الغزو وما فيه المصالح الشرعية العامة التي هي ملاك أمر الدين والدولة، ومن ذلك: خدمة العلم الشرعي والعلماء، وإعداد الدعاة، وكفالتهم …

8 : ابن سبيل: ويراد به المسافر المسلم المنقطع، ويشترط في دفع الزكاة إليه: أن يكون سفره غير معصية، وأن يكون محتاجا. ويعطى من الزكاة ما يوصله مقصده.

فهذه هي وجوه صرف الزكاة، ولا يعطى للكافر شيء من الزكاة وإن كان قريبا، ولا للوالدين وإن علو، ولا للأولاد، ولا من الزوج لزوجته، ولكن يعطى الأقرباء الآخرين المسلين إذا كانوا من جملة هذه الأصناف الثمانية.

أيها المؤمنون: فإن الأموال التي معكم هي لله تعالى، وهي فضل منه ونعمة عليكم، وإن الزكاة حق الله تعالى، ألا فأحسنوا في أدائها، واعلموا أنكم مسئولون أمام الله تعالى عن كل قرش من تلكم الأموال، وليس لكم فيها إلا ما أكلتم، وما لبستم، وما تصدقتم به والصدقة خير وأبقى.

اللهم أكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضل عمن سواك يالكريم و يالرزاق، وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأزوجه أمهات المؤمنين، وارض عن صحابته الكرام، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العامين.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *