مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
22 خطبة 22 البحث عن طريق للفلاح والنجاة د. عثمان صالح تروري ـــ عضو الاتحاد في مالي 07/04 /1443هـ  الموافق 12 /10 /2021م الأمانة العامة

 

الموضوع: ” البحث عن طريق للفلاح والنجاة”

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله وأمينه على وحيه، ومبلِّغُ الناس شرعه، وصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين      أما بعد:

فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله وأن نقدم لأنفسنا أعمالاً صالحة مباركة تبيض وجوهنا يوم نلقاه  عز وجل  ]  يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ  إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ  [ الشعراء (88-89)   ]يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ[  آل عمران (30) عباد الله: إن الإنسان يعيش في فترات تتلاطم فيها أمواج الفتن, وتتراكم فيها براكين الهموم, وينتهز الشيطان فيها الفرصة للاستيلاء على النفوس الضعيفة, وعندئذ فما أحوج المسلم إلى البحث عن طريق للفلاح والنجاة, ومن طرق فلاح المسلم وسعادته في تلك اللحظات الانشغال بنفسه وبمحاسبته وحملها على ما يُرضي الله تعالى، وإبعادها عما يُغضِب المولى – عز وجل -، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18].

يقولُ ابنُ كثيرٍ – رحمه الله – في تفسيرِ قولِه تعالى : { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [  الحشر (18) : (( أي حاسبوا أنفسَكم قبل أن تحاسبوا وانظروا ماذا ادخرتُم لأنفسِـكم من الأعمالِ الصالحةِ ليومِ معادِكم وعرضِـكم على ربِكم ، واعلموا أنه عالمٌ بجميعِ أعمالِكم وأحوالِكم ، لا تخفى عليهِ منكم خافيه )) انتهى كلامه رحمه الله .

قال عمر الفاروق : أيها الناس حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعما لكم قبل أن توزن عليكم وتهيئوا للعرض الأكبر ]  يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [ الحاقة (18) وقال الفضيل بن عياض: ( من حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه وحضر عن السؤال جوابه وحسن منقلبه ومآبه ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته وأكيس الناس من دان نفسه وحاسبها وعاتبها وعمل لما بعد الموت واشتغل بعيوبه وإصلاحها )

أيها المسلمون: إذا ثقلت علينا موازين الهموم والغموم في الدنيا فلنعلم أن هناك موازين أخرى يجب علينا تثقيلها بما ينجينا, فليحاسب كل منا نفسه في شأن وضع تلك الموازين, قال الله تعالى ]وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ[ الأنبياء (47)

عباد الله : العاقل من لا يترك نفسه لمشاكل الدنيا وينشغل بثقل موازين الهموم, بل يحاسب فيها نفسه كما يحاسب الشريك شريكه في شئون الدنيا لأن منتهى تلك المحاسبة سعادة إلى الأبد قال ميمون بن مهران: ( لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه ) .

ومن فوائد محاسبة النفس يا عباد الله أنها تعرِّف الإنسان بنعمة الله عليه فيشكرها، ويستخدمها في طاعة الله ويحذر من التعرض لأسباب زوالها قال تعالى  ]وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ[ [إبراهيم:7].

ومن فوائد محاسبة النفس يا عباد الله أنها تذكر الإنسان وتبعث فيه الاستعداد للقاء الله – عز وجل – الذي سوف يكون بين يديه للحساب , فهاهو الأحنف بن قيس : كان يجيء بالمصباح فيضع أصبعة ثم يقول : حس يا حنيف ما حملك على ما فعلت يوم كذا ويوم كذا ألك قدرة على النار ) 

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[  الحشر (18)

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وأسأله أن يعيننا على محاسبة أنفسنا قبل اللقاء به تعالى 

الخطبة الثانية

الحمد لله العلي الكريم، وأشهد أن لا إله إلا الله رب العرش العظيم، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالخير العميم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم   أما بعد:

فقد روى البخاري في صحيحه عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا))

أيها المؤمنون: إن وطننا اليوم هي السفينة التي ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بها المثل، فوطننا هو دولتنا وأرضنا التي اختارها لنا لنعيش عليها ونستظل بسمائها، ومن واجب كل منا اتجاهها السعي لضمان الحياة الطيبة فيها وانتشار الأمن والاستقرار، فعلى كل منا مسئوليته نحو نجاة سفينة الوطن الجامعة.

وما تمر به الدولة في هذه الآونة من اضطرابات وقلاقل أمنية واقتصادية واجتماعية وتدهور خلقي وقيمي في جميع الطبقات لأمر يتطلب منا جميعا الوقوف وخاصة الرعاة الذين شاء الله أن يأخذوا بزمام الأمور، فليكونوا جادين باتخاذ الوسائل اللازمة لنجاة السفينة، فالبدار البدار قبل فوات الأوان، اللهم احفظ دولتنا واحفظ لها أمنها واستقرارها، وول أمرها خيارها، وخذ بأيد سفهاء ها، ولا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا، وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *