مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
32

التحذير من الشرك بالله

د. عثمان صالح تروري ـــ عضو الاتحاد في مالي 18 /06 /1443هـ  الموافق 21/01 /2022م الأمانة العامة

 

الموضوع: ” التحذير من الشرك بالله

الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه، ولا يشركوا به شيئاً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله إلى الناس كافة فأشاد صرح التوحيد وأعلى مناره، وطمس الشرك ومحا آثاره، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

 

 

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى وأطيعوه وأنيبوا إليه وأسلموا له، واحذروا من الشرك فإن الشرك محبطٌ للأعمال مفسدٌ للأحوال، وأهله أشنع وأشر وأذل مَن على وجه الأرض، قال تعالى: ]قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا… [ الأنعام 151

 

أخي في الله بعد أن علمت التوحيد وفضله فاعلم أن التوحيد لا يصفو إلا بالتخلي والابتعاد عن الشرك بالله أو مع الله، والشرك معصية لا يكاد أحد منا يسلم منها – إلا من رحمه الله -، وهو من المعاصي التي يقترفها كثير ممن ينتسبون إلى الإسلام بطريقة أو بأخرى، إما في الاعتقاد أو في القول أو في العمل …، فما هو الشرك ؟ وما مخاطره ؟

 

فالشرك أيها المؤمنون: هو اتخاذ العبد من دون الله ندا يسويه برب العالمين ويصرف له أعمال القلب واللسان والجوارح أو شيئا من أعمالها التي لا تصرف إلا لله وحده، فيحبه كحب الله، ويخشاه كخشية الله، ويلتجئ إليه، ويدعوه، ويرجوه، ويتوكل عليه، ويعتقد فيه ما لا يعتقد إلا في الله، ويتقرب إليه بأنواع القربات في معصية الله، ويتبعه على غير مرضاة الله …

 

والشرك أعظم ما عصي به الله على وجه المعمورة، وأكبر كبائر الذنوب عند الله وأبغضها إليه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات: وذَكَرَ أولها وأكثرها وأشنعها، وهو: الشرك بالله عز وجل) والموبقات: هي المهلكات.رواه البخاري

 

وهو أعظم ما يظلم به العبد نفسه، ولم يرسل الله رسولا ولا أنزل كتابا إلا بعدما ظهر الشرك في أعمال العباد، قال الله تعالى ]كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ…[ البقرة 213، وقال أيضا: ]وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا…[ يونس 19.

 

يقول ابن عباس رضي الله عنه (كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم على الإسلام)

عباد الله: إنه لحقيق أن يكون الشرك على ما وصفناه به آنفا لما فيها من مخاطر، ومن ذلكم ما يلي:

ــ أن الشرك يمنع مغفرة الله للعبد، قال الله تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ… [ النساء 48

ــ الشرك محبط للعمل الصالح مهما كثرت قال تعالى: ]وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر 65

ـ الشرك يحتم خلود العبد في النار وحرمانه من الجنة إذا مات عليه قال الله تعالى: ]إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [ المائدة 72. وفي صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ لَقِيَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ) وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ) رواه البخاري.

ــ الشرك مسقط لقرابة النسب بين الأقرباء، وطامس للأبوة والبنوة بين الأب وابنه، ولقد خاطب الله نبيه نوحا عليه السلام في شأن ابنه فقال: ] إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [هود 46. لم ليس من أهله مع أنه من صلبه !؟ لأنه أشرك بالله.

ــ الشرك مانع لدعاء المسلم لصاحبه ولو كان ذا قربى، قال الله تعالى: ]مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [ التوبة 113.

ــ الشرك مورث للخوف ومفقد للأمن ومعرض صاحبه لرق العباد: ]الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام 82

 

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ]وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان 13

قلت قولي هذا وأسأل الله أن ينجني وإياكم من الشرك وما قرب إليه من قول أو عمل.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين

عباد الله: ولقد صور الله في القرآن الكريم المشرك وعمله بأشنع الصور وأبشعها، فقال سبحانه: ]… فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ @ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [الحج 30-31، فيا لها من مثل سيئ، ويا لها من صورة بشيعة، ولذا وذاك فقد كان الأنبياء والرسل يستعيذون بالله من الشرك وأهله، فهذا خليل الله إبراهيم عليه السلام يقول:

]… وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ [إبراهيم 35، وذاك سيد الأولين وإمام المتقين يقول عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك لما أعلم وأستغفرك لما لا أعلم) .

فاتقوا الله -عباد الله- وحققوا توحيده قولاً وعملاً واعتقاداً، واحذروا الشرك أكبره وأصغره؛ تُقْبَلُ أعمالُكم، وتُغفَر زلاتكم، وتصلح أحوالكم في الدّارين.

 

عباد الله: صلوا وسلموا على محمد بن عبد الله أكمل الخلق توحيداً كما أمركم الله بذلك بقوله: ]إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً[ الأحزاب 56 اللهم صلِّ على محمد وآله وصحبه، اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، و عمر، و عثمان، و علي، وسائر الصحابة والتابعين، اللهم ارضَ عنا معهم برحتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم طهر قلوبنا من الكفر والشرك والنفاق، وطهر ألسنتنا من الشرك والغيبة والنميمة، وطهر جوارحنا من الشرك والفسوق والعصيان، وآتنا اللهم في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار …

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *