مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
35

حق الكبير في الإسلام  

د. سعيد محمد بابا سيلا ـــ عضو الاتحاد في مالي 03 /07 /1443هـ  الموافق 04/02 /2022م الأمانة العامة

 

الموضوع: ” حق الكبير في الإسلام 

الحمد لله الذي مقلب الليل والنهار؛ يقدّر ما يشاء وهو الواحد القهار؛ والصلاة والسلام على النبي المختار؛ وعلى آله السادة الأطهار، وأصحابه البررة الأخيار؛ وأتباعهم إلى يوم يقوم الناس لرب العباد.

أما بعد: عباد الله؛ الإسلام دين يدعو إلى مكارم الأخلاق وينهى عن مساوئها؛ وقد بعث e ليتمم صالح الأخلاق؛ كما أخبر هو e بنفسه؛ ومن الأخلاق الكريمة التي دعا إليها الإسلام احترام الكبير وتوقيره؛ ومن فضل الله تعالى أن هذا الخلق الفاضل منتشر في هذا المجتمع؛ لكنّ ما نعانيه الآن من تدهور الأخلاق يجعل المرء يخشى إن ننتبه أن يضيع هذا الخلق منا؛ وهو من صميم ديننا.

 

إخوة الإسلام هناك نصوص ومواقف في حياة النبي e تبين أهمية هذا الخلق؛ ومنها:

1- عن أنس ابن مالك t يقول جاء شيخ يريد النبي e  فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له فقال النبي e: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا)، رواه الترمذي وصححه الألباني

2- عن أبي موسى الأشعري t قال: قال رسول الله e: (إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ: إكْرَامَ ذِي الشيْبَةِ المُسْلِم، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ والجافي عنه، واِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِطِ). رواه أبوداود، وحسنه الألباني

3-  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ: (يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ) رواه البخاري

4- عنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ t قَالَ: انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ فَتَفَرَّقَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَمَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ r فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ كَبِّرْ كَبِّرْ ( وزاد في رواية ” يريد السنّ” وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا) متفق عليه .

5- قصة موسى مع بنتي الرجل الصالح، وكيف أشفق عليها عندما قالا: ]وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ[ القصص 23

 

عباد الله: هذا التوقير والاحترام  يتأكد فيما يلي:

عند المخاطبة بلين الكلام معهم وحسن الاستماع

عند الكلام؛ إعطاؤهم الألوية في الكلام

عند الخدمة؛ بخدمتهم ورعايتهم وإيثارهم في المجالس، وطوابير الانتظار.

مؤانستهم؛ وعدم تركهم للوحدة

الاستشارة  في الأمور وتقدير آرائهم

وأخيرا تربية الأولاد على احترام الكبير؛ وهذا الذي يكاد يضيع في مجتمعنا وهو مكمن الخطر.

بارك الله في أعمارنا وأعمار كبارنا؛ وجعلها  في طاعته سبحانه وتعالى.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله؛ وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

إخوة الإسلام: هذا حق الكبير علينا؛ ومن حقه علينا أيضا النصح، ويكون من الصغير للكبير أيضا؛ فنقول: أيها الشيخ الكبير، لقد تعبت في هذه الحياة كثيرا حتى احدودب منك الظهر وتقاربت الخطى وضعف البصر وتساقطت الأسنان، أليس من حق نفسك عليك أن تريحها بقيّة عمرك من أعباء هذه الحياة ومشاكلها، وتقنع بما أعطاك مولاك وجمعته أثناء شبابك، وتتّجه إلى راحة بدنِك بالإقبال على الطاعات والتزوّد من عمل الصالحات من قراءة للقرآن وصدقة وصيام وتبكير إلى صلاة الجمعة والجماعات؟! واعلم أن ذلك مما يكفّر الله به الخطيئات ويرفع به الدرجات، يقول الرسول r: (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟) قالوا: بلى يا رسول الله، قال:

(قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ) صحيح مسلم.

 

إن مما يؤسف له أن بعض مَن في هذا السنّ بدل أن يتجهوا إلى العبادة يصرفون ما بقي من حياتهم في أمور لا فائدة منها كلعبة النرد والورق والشطرنج؛ نسأل الله العافية؛ وعن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّ رَجُلًا قال: يا رسولَ اللَّهِ، أىُّ النّاسِ خَيرٌ؟ قال: (مَن طالَ عُمُرُه وحَسُنَ عَمَلُه). قيلَ: فأَىُّ النّاسِ شَرٌّ؟ قال: (مَن طالَ عُمُرُه وساءَ عَمَلُه) أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني.

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: (أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً) رواه البخاري.

 

 

عباد الله! على الإنسان أن يحرص على الإكثار من طاعة الله تبارك وتعالى خاصة في آخر عمره، وأن يكثر من الاستغفار والحمد، كما قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد: ]إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)[ سورة النصر، فكان  بعد نزول هذه الآية يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: (سُبحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمدِكَ، اللُّهُمَّ اغفِرْ لِي) كما روت ذلك عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ حيث إنه  علم أن نزول هذه السورة علامة على قرب أجله.

 

اللهم اختم بالصالحات أعمالنا، وقنّعنا بما أعطيتنا، واجعلنا هداة مهتدين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وصلوا على البشير النذير محمد r.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد،

اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَمِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ.

 

 

لمتابعة مختارات من خطب الجمعة لاتحاد علماء إفريقيا اضغط على الرابط

https://cutt.ly/sYb3iJS

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *