مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
36

الأمور المستحدثة في شهر رجب

د. عثمان صالح تروري ـــ عضو الاتحاد في مالي 10 /07 /1443هـ  الموافق 11/02 /2022م الأمانة العامة

 

الموضوع: ” الأمور المستحدثة في شهر رجب

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، أمرنا بإتباع رسوله وسلوك سبيله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، حثنا على اتباع هديه وسنته، وحذرنا من كل ما يخالف هديه وطريقته، فلا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، تركها على المحجة البيضاء، لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يحيد عنها إلا ضال، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تمسك بسنته ولزم هديه إلى يوم الدين.                   أمّا بعد:

 

 

فأوصيكم – أيّها الناس – ونفسي بتقوى الله – عزَّ وجلَّ -؛ إذ بها المعتَصَم وإليها الملتزَم، فما خاب من عمِل بها، ولا حار من لامَست شغافَ قلبه، بها النّجاة وفيها الحياة، ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ القمر54-55

 

أيها المؤمنون: اعلموا أن للدين أصلين عظيمين لا يقوم إلا بهما، أولهما سلامة القصد بإخلاص النية لله تعالى في القول والعمل، والآخر تجريد المتابعة للنبي r والتأسي به في كل صغيرة وكبيرة من أمور الدين، قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ 21 سورة الأحزاب.

يقول الإمام الطبري رحمه الله: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾: أن تتأسوا به وتكونوا معه حيث كان، ولا تتخلَّفوا عنه ﴿لِمَنْ كانَ يَرْجُو اللَّهَ﴾ يقول: فإن من يرجو ثواب الله ورحمته في الآخرة لا يرغب بنفسه، ولكنه تكون له به أُسوة في أن يكون معه حيث يكون هو.

 

والتأسي بالنبي r دليل محبة الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ آل عمران 31، وهو شرط قبول الطاعة مهما كان حالها، ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب 71، قال ابن قدامة رحمه الله: (وفي اتباع السنة بركة موافقة الشرع، ورضى الرب سبحانه وتعالى ورفع الدرجات، وراحة القلب، ودعة البدن، وترغيم الشيطان، وسلوك الصراط المستقيم) ذم الموسوسين صـ41.

 

وقال ابن حبان رحمه الله (…والمتعلقون بها – السنة – هم أهل السعادة في الآجل والمغبوطون بين الأنام في العاجل) مقدمة صحيح ابن حبان– الإحسان (1/102) .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة)  رواه الحاكم موقوفا وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

 

أيها المؤمنون: دخلنا بفضل الله وبرحمته في شهر رجب، وهو شهر فاضل، لكن يجب علينا لزوم غرز النبي r والبعد عن البدع والمحدثات فيه، ومن البدع المحدثة في شهر رجب ما يلي:

1/ تبادل رسائل التهنئة عبر وسائل التواصل: بدخول شهر رجب وذكر عبادات مخصوصة باسم الفوائد.

2/ صيام شهر رجب كله: لأن الحديث المذكور في ذلك حديث باطل وهو حديث: (صوم أول يوم من رجب كفارة ثلاث سنين، والثاني كفارة سنتين، ثم كلّ يوم شهراً) انظر:كتاب فيض القدير للمناوي 4 / 210 طبعة المكتبة التجارية الكبرى لعام 1356هـ.
3/ صلاة الرّغائب: وردت صفتها في حديث موضوع عن أنس عن النبي r أنه قال: (ما من أحد يصوم يوم الخميس (أول خميس من رجب) ثم يصلي فيما بين العشاء والعتمة يعني ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة و ﴿إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ) ثلاث مرات، و ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ اثنتي عشرة مرة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، فإذا فرغ من صلاته صلى عليّ سبعين، فيقول في سجوده سبعين مرة: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) ثم يرفع رأسه ويقول سبعين مرة: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت العزيز الأعظم ، ثم يسجد الثانية فيقول مثل ما قال في السجدة الأولى ، ثم يسأل الله (تعالى) حاجته، فإنها تقضى) .. قال رسول الله r : (والذي نفسي بيده، ما من عبد ولا أَمَة صلى هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر، وعدد الرمل، ووزن الجبال، وورق الأشجار، ويشفع يوم القيامة في سبعمئة من أهل بيته ممن قد استوجب النار) إحياء علوم الدين / تبيين العجب.

 

قال الإمام النووي رحمه الله في فتاواه: (هي بدعة قبيحة منكرة أشد إنكار، مشتملة على منكرات، فيتعين تركها والإعراض عنها، وإنكارها على فاعلها) فتاوى النووي 57  . وقال ابن النحاس رحمه الله : (وهي بدعة، الحديث الوارد فيها موضوع باتفاق المحدثين) تنبيه الغافلين 496. وقال ابن تيمية: (وأما صلاة الرّغائب: فلا أصل لها، بل هي محدثة، فلا تستحب، لا جماعة ولا فرادى؛ فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي r نهى أن تخص ليلة الجمعة بقيام أو يوم الجمعة بصيام، والأثر الذي ذكر فيها كذب موضوع باتفاق العلماء، ولم يذكره أحد من السلف والأئمة أصلاً) الفتاوى.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله ولي الصالحين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

4/ الاحتفال بالليلة السابعة والعشرين من رجب بالزعم أن الإسراء والمعراج وقع فيها: يقول ابن رجب (لم يقم دليل معلوم لا على شهرها، ولا على عشرها، ولا على عينها، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة، ليس فيها ما يقطع به) لطائف المعارف 233. وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري الخلاف في شهره أنه قيل فيه إنه: رجب وقيل: ربيع الآخر، وقيل رمضان، وقيل شوال.

ولو فرضنا على أنه ثبت تعيين ليلة الإسراء والمعراج لَما شرع لأحد تخصيصها بشيء؛ لأنه لم يثبت عن النبي r ولا عن أحد من صحابته أو التابعين لهم بإحسان أنهم جعلوا لليلة الإسراء مزية عن غيرها، فضلاً عن أن يقيموا احتفالاً بذكراها.

5/ تخصيصه بالذبح: لا بأس في الذبح في رجب كبقية شهور السنة، وأما تخصيصه أو تخصيص يوم فيه بالذبح فلم يصح ذلك في هدي النبي r ويزيد فعله قبحا ما يحوم حوله من اعتقادات وخرافات باطلة … وقد روى ابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي r قال: (لا فرعة ولا عتيرة)، قال هشام في حديثه والفرعة أول النتاج والعتيرة الشاة يذبحها أهل البيت في رجب. ( صحيح ) الإرواء 1180، الصحيح 2520 – 2521 ابن ماجه.

 

أيها المؤمنون: عليكم بلزوم السنة ففيه تمام السلامة، وجِماع الكرامة، فمن لَزِمها عُصم، ومن خالفها وولّى وجهه نحو البدع والمحدثات خسِرَ ونَدِم، ومن تمسك بالسنّة ساد، وللبركة والسعادة نال واستزاد، ورجاؤنا عند الله أن يميتنا على سنّة نبينا r، ويحشرنا في ملّته وتحت لوائه r.

 

وأكثروا من الصلاة والسلام عليه، فمن يصل عليه مرة يصل الله بها عشرا، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما بارك على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم وفقنا لطاعتك وطاعة نبيك، وثبتنا على هديه، اللّهم إنا نشهدك أننا أحببنا نبيك وآثرنا هديه على هدي كل من سواه، اللهم فأحبنا، واسقنا من حوض نبيك، واجمعنا معه في أعالي جناتك الفردوس مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، دعوانا فيها سبحانك الله وتحينا فيها السلام وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

 

لمتابعة مختارات من خطب الجمعة لاتحاد علماء إفريقيا اضغط على الرابط التالي:

https://cutt.ly/sYb3iJS

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *