مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم الخطبة عنوان الخطبة معد الخطبة تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
77 حقوق النبي ﷺ على أمته والاحتفال بالمولد في الميزان د. عثمان صالح تروري عضو الاتحاد في مالي 11/03/1444هـ  الموافق 07/10/2022م الأمانة العامة

 

الموضوع : “حقوق النبي ﷺ على أمته والاحتفال بالمولد في الميزان

 

الحمد لله رب العالمين وحده ،  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عبده وابن عبده وابن أَمَتِه، ومَنْ لا غنى به طرفة عين عن فضله ورحمته، ولا مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بعفوه ومغفرته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خِيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، جعل الله الذُّل والصَّغار على من خالف أمره، وسدَّ إلى الجنة كل الطرق، فلم يفتحها لأحد إلا من طريقه، صلوات الله وسلامه على خاتم رسله، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره، واستمسك بهديه وسنته. أما بعد :

فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى ربكم , واستمسكوا بعروته الوثقى , واعلموا أن لا نجاة ولا فلاح لعبد إلا به ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ آل عمران 102  ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ آل عمران85

أيها المؤمنون : اعلموا أن أعظم منة وأكبر نعمة منَّ الله على عباده أن بعث فيهم الرسل مبشرين ومنذرين, وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه, وكان من أعظمهم قدراً وأبلغهم أثراً وأعمهم رسالةً محمدٌ -ﷺ- الذي بعثه الله تعالى لهداية الخلق أجمعين, وختم به النبيين.

ولقد جعل الله تعالى لهذا الرسول الكريم حقوقا على أمته جمعها العلماء في ثمانية أمور كالآتية :

أولًا: الإيمان الصادق به ﷺ ، وتصديقه فيما أتى به: قال تعالى: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ  سورة التغابن 8. وقَالَ ﷺ : [أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ] رواه مسلم.
ثانيًا: وجوب طاعته ﷺ ، والحذر من معصيته: فإذا وجب الإيمان به وتصديقه فيما جاء به وجبت طاعته؛ لأن ذلك مما أتى به, قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ  سورة الأنفال 20  . وعَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ  قَالَ: [مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ]رواه البخاري ومسلم. وعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ  قَالَ: [ كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى] قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ: [مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى] رواه البخاري.
ثالثًا: اتباعه ﷺ ، واتخاذه قدوة في جميع الأمور، والاقتداء بهديه: قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ سورة آل عمران31. قال ﷺ : [مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي] رواه البخاري ومسلم.

رابعًا: محبته ﷺ  أكثر من الأهل والولد، والوالد، والناس أجمعين: عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ : [لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ] رواه البخاري ومسلم.

خامسًا: احترامه، وتوقيره، ونصرته: كما قال تعالى: ﴿ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا سورة الفتح 9  وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ سورة الحجرات1. وقال تعالى: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا…  سورة النور 63. وحرمة النبي ﷺ  بعد موته, وتوقيره لازم كحال حياته وذلك عند ذكر حديثه, وسنته, وسماع اسمه وسيرته, وتعلم سنته, والدعوة إليها, ونصرتها.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )).بارك الله ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله على نعمائه, والصلاة والسلام على أفضل رسله
سادسًا:الصلاة عليه ﷺ : قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا سورة الأحزاب 56. وقال ﷺ : [مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا] رواه مسلم.
سابعًا: وجوب التحاكم إليه، والرضي بحكمه ﷺ : قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً سورة النساء59.
ثامنًا: إنزاله مكانته ﷺ  بلا غلو ولا تقصير: فهو عبد لله ورسوله, وهو أفضل الأنبياء والمرسلين, وهو سيد الأولين والآخرين, وهو صاحب المقام المحمود، والحوض المورود, ولكنه مع ذلك بشر لا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله كما قال تعالى: ﴿ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ سورة الأنعام50.

أيها المؤمنون: اعلموا أنه ليس من حق النبي صلى عليه وسلم على أمته إقامة الاحتفال بمولده في يوم معين من السنة, وهو أمر لم يشرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، ولم يفعله أصحابه من بعده بل ولا أهل القرون المفضلة.

فما ظنك بعمل لم يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بفعله، ولا حث عليه ولا رغب فيه، وهو المشهود له بأنه ما ترك أمر خير إلا وحث الأمة عليه ورغبهم فيه.

وما ظنك بعمل لم يفعله سلف الأمة، “ولو كان خيرًا محضًا، أو راجحًا لكانوا رضوان الله عليهم أحق منا به، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعطشا له منا، وهم على الخير أحرص” اقتضاء الصراط المستقيم (ص 295).

وما أحسن أن يستشهد المرء هنا بقول الإمام مالك رحمه الله تعالى : “قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تم هذا الأمر واستكمل فإنما ينبغي أن نتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نتبع الرأي”.

فأي عمل في الدين يذكر له وقت بداية غير عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالدليل فاعلم أنه ليس من الدين بشيء.

ألا وصلوا وسلموا على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك المجاهدين, اللهم إنا نسألك إيمانا صادقا , وقلوبا خاشعة , وألسنة ذاكرة , وتوبة قبل الممات , وراحة بعد الممات , وتبوءا في جناتك الفردوس , يا أرحم الراحمين , ويا أكرم الأكرمين ………

, وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين , ولك الحمد اللهم أولا  وآخرا .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *