مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم الخطبة عنوان الخطبة معد الخطبة تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
84

الدعاء فضله وآدابه

د. أحمد عبد الله بُولي عضو الاتحاد في مالي 01/05/1444هـ  الموافق 25/11/2022م الأمانة العامة

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي لا يستغني عنه أحد من خلقه وهو الغني الحميد ، نشهد أن لا إله إلا هو محب الداعين ، والصلاة والسلام على خير من دعا ربه وتضرّع وعلى آله وصحبه أولي اليقين في ربهم ، ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين .

أما بعد :

اعلموا ـ إخوة الإيمان ـ أن ربّنا حثّنا على أن ندعوه ونتوجّه إليه بجميع طلباتنا ورغباتنا ، قال سبحانه  وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ غافر 60  وقال جل وعلا ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ الأعراف 55 وقال تعالى وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ  البقرة 186 وقال سبحانه قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى  الإسراء 110  وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الدعاء هو العبادة} رواه الترمذي

عباد الله فإن كان الإنسان يسخط ويفرّ من مُكثر الطلبات فإن الله يسخط من المعرض عن دعائه وتارك التضرّع إليه .

 

ودونكم آدابا عشرة في الدعاء:

1 ـ الإخلاص في الدعاء بأن يدعو الله وحده ولا يشرك به شيئا .

2 ـ استهلال الدعاء بذكر الله والثناء عليه وحمده ثم الصلاة والسلام على رسوله ثم اختتام الدعاء بحمده والصلاة على رسوله . فعن فضالة بن عبيد الأنصاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي، لم يحمد الله ولم يمجد هو لم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وانصرف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عجِل هذا، فدعا هو قال له ولغيره : { إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه واعلموا أن الله عز وجل لا يستجيب دعاء من قلب غافل وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء} أخرجه ابن حبان في صحيحه وابن خزيمة

3 ـ حضور القلب أثناء الدعاء ، فقد ورد في الحديث

4 ـ الإيقان بالإجابة والجزم بالدعاء ، لحديث { ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل }   ولقوله صلى الله عليه وسلم { لا يقل أحدكم إذا دعا اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له} متفق عليه

5 ـ تكرار الدعاء والإلحاح فيه.  فقد ورد في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثا وإذا سأل سأل ثلاثا. أخرجه مسلم

6 ـ خلوّ الدعاء من العدوان ، لقوله سبحانه   ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ الأعراف 55

وعن أبي نعامة أن عبدالله بن مغفل سمع ابنه يقول : اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال : أي بني سل الله الجنة وعذ به من النار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { سيكون قوم يعتدون في الدعاء أخرجه الحاكم في مستدركه   قال العلامة القرطبي في تفسيره { والاعتداء في الدعاء على وجوه : منها أن يدعوا لإنسان في أن تكون له منزلة نبي، أو يدعو في محال ونحو هذا من الشطط ومنها أن يدعو طالبا معصية وغير ذلك} تفسير القرطبي ج7 ص199 .

7 ـ عدم الجهر بالدعاء ، قال القرطبي في جامعه في تفسير قوله تعالى     إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا

: المستحب من الدعاء الإخفاء وهذه الآية نص في ذلك لأنه سبحانه أثنى بذلك على زكريا}  قال الحسن بن أبي الحسن : لقد أدركنا أقواما ما كان على الأرض عمل يقدرون على أن يكون سرا فيكون جهرا أبدا، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء فلا يسمع لهم صوت، إن هو إلا الهمس بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله تعالى يقول :  ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً   } وذكر عبدا صالحا رضي فعله فقال:  إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإن كم لا تدعون أصم ولا غائبا إنه معكم إنه سميع قريب تبارك اسمه وتعالى جدّه } متفق عليه

8 ـ استقبال القبلة عند الدعاء ، فعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{ أتى الموقف بعرفة واستقبل القبلة ولم يزل يدعو حتى غربت الشمس } أخرجه مسلم

9 ـ اجتناب الحرام ، فقد ورد في الحديث الصحيح { إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، قال تعالى [ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا . ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمدّ يده إلى السماء يا ربّ يا ربّ ، ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذّي بحرام فأنى يستجاب لذلك } أخرجه مسلم

10 ـ عدم استعجال إجابة الدعاء ، فقد ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال يستجاب لأحدكم مالم يعجل يقول ( دعوت فلم يستجب لي)  متفق عليه

قال أبو حامد الغزالي : وقال بعضهم إني أسأل الله عز وجل منذ عشرين سنة حاجة وما أجابني، وأنا أرجوا لإجابة، سألت الله تعالى أن يوفقني لترك مالا يعنيني} إحياء علوم الدين ج1 ص307

إخوة الإيمان : إذا سأل أحدكم ربه مسألة فتعرف الإجابة فليقل { الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات} ومن أبطأ عنه من ذلك فليقل{{  الحمد لله على ك لحال}  أصله في المستدرك وعند البيهقي

 

أوقات يجاب فيها الدعاء:

1 ـ  يوم عرفة من السنة ورمضان من الأشهر والجمعة من الأسبوع

2 ـ  السحر من كل يوم ، قال سبحانه   وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ الذاريات 18

فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: { من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له }  متفق عليه

3 ـ الدعاء وقت السجود ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء} متفق عليه

4 ـ وقت ما بين الأذان والإقامة ، فقد ورد في الحديث {الدعاء ما بين الأذان والإقامة لا يرد }أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وصححه الحاكم  ـ الدعاء بعد الصيام ، لحديث { الصائم لا ترد دعوته } أخرجه ابن ماجه والترمذي

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين .

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي لا يتعاظم على جوده كثرة الداعين. والصلاة والسلام على خير من أجيبت دعوته .

إخوة الإيمان : إن الدعاء كله خير، ولا يخسر الداعي المخلص إذا دعا ربه الكريم الجواد . فقد ورد في الحديث { إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفرا } أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرطهما ، وصححه الألباني .

وفي حديث آخر { إن العبد لا يخطئه من الدعاء إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدخر له في الآخرة ، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها }. أخرجه البخاري في الأدب المفرد

ولنعلم أن الدعاء بظهر الغيب مستحب مستجاب ، فقد ثبت الحديث عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ،عند رأسه ملَك موكّل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به : آمين ولك بمثل } أخرجه مسلم في الذكر والدعاء

هذا ، وإن نفع الدعاء يتعدّى إلى الأموات . عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال : { إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له} أخرجه مسلم في صحيحه

عباد الله : اعلموا أن أكثر دعاء رسولنا صلى الله عليه وسلم هو ما رواه أنس رضي الله عنه قال : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) متفق عليه  فإنه دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة .

اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *