مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم الخطبة عنوان الخطبة معد الخطبة تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
89 حذار من احتفال بأعياد النصارى د. عثمان صالح تروري – عضو الاتحاد في مالي 29/05/1444هـ  الموافق 23/12/2022م الأمانة العامة

 

الخطبة الأولى

الحمد لله ذي العظمة والكبرياء والسلطان، أحمده سبحانه وأشكره نزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل لمن ابتغى غير الإسلام دينا الخسران، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله نهى أمته  عن الكفر والتبعية وأمرهم بالتوطين والإيمان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما اتصل الزمان.

أما بعد:

فاتقوا الله أيها المؤمنون واعتصموا به وتمسكوا بالإسلام يعزكم الله به ويقبل منكم ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ آل عمران 85

أيها الأحبة في الله : اعلموا أن العز كل العز في الإسلام وأهله ، وأن الذل كل الذل في الكفر وأهله ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ المنافقون 8، وإن الإسلام ليعلو ولا يعلى عليه ﴿… وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ التوبة 40

ولا يكمل إيمان عبد، ولا يتم إسلامه إذا لم ير الإسلام مصدر عزه ومجده ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ فصلت 33، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ النساء 125

 

وإن هذا الإسلام له نواقض لا يمكن الجمع بينه وبينها كما لا يمكن الجمع بين الماء والنار ، ومن أكبر نواقض الإسلام موالاة غير المسلمين وتبعيتهم ، وخاصة أهل الكتاب الذين لم تسلم ديار المسلمين من عدائهم ومكرهم عشية دهر قال الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ المائدة 57، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ المائدة 51 وبين أن موالاة المسلم لأهل الكتاب دليل على مرض قلبه ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ المائدة 52

 

أيها المؤمنون : إن من يلفت نظره خاطفا في المسلمين اليوم ليرى فيهم عيانا بيانا انسلاخهم عن دينهم ، وتبعيتهم لأهل الكفر قلبا وقالبا ، ولا غرو في ذلك ؛ لأن النبي ﷺ الصادق المصدوق قد أخبرنا أن ذلك سيكون من بلايا آخر الزمان فعن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ (لَتَتَّبِعُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بَاعًا بِبَاعٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وَشِبْرًا بِشِبْرٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ فِيهِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، قَالَ : فَمَنْ إذَنْ) رواه ابن ماجه وقال فيه الألباني  ( حسن صحيح )

 

وإن من أكبر مظاهر موالاة كثير من المسلمين لأهل الكتاب ما نشاهده الآن في بلاد المسلمين من حركات واستعدادات للاحتفال بعيد ميلاد المسيح – عليه السلام – وعيد رأس السنة الميلادية ، فواجهاتُ المتاجر والمقاهي والفنادق مزينة بالرسوم التي ترمز إلى ميـلاد المسيح وحلـول السنةِ الجديدةِ .. والمصورون بلباس ـ البَابَّاهُمْ نْوِّيلْ ـ يجوبون الشوارعَ ويقفون في الساحات والحدائق ليأخذَ الناسُ لهم ولأطفالهم صـوراً تذكارية بالمناسبةِ.

 

وباعة الزهور والورود يتنافسون في عرض أقصى ما يستطيعون من أصناف بضاعتهم التي يتسابق الناس إلى شرائها بالغة من الثمن ما بلغت.

والإعداد قائم على قدم وساق في كلِّ جهة ومكان لإحياءِ الحفلات الصاخبةِ التي تقامُ في البيـوت والفنادق بمناسبة ليلة الميلاد، وليلةِ رأس العام الجديد…… ، يتأهب بعض الناس للسفر إلى بلاد الغرب لاستقبال هذه الاحتفالات …وإن هذه الظاهرة لدى المسلمين ظاهرة محرمة وقد تؤدي الكفر، والأدلة على ذلك وافرة في الكتاب والسنة، ومنها ما يلي :

إن الاحتفال بعيد الميلاد 25 ديسمبر وعيد رأس السنة 31 له ارتباط بعقيدة النصارى ، وهو زعمهم أن لله ولدا ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ۞ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ۞ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ۞ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ۞ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ۞ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ۞ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ مريم: 88 – 94 .
فمن شارك النصارى في هذا فقد أقر لهم دينهم وعقيدتهم الباطلة ….. – قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ الفرقان:72.
وقد ورد في تفسير ( الزور) عن كثير من جهابذة المفسرين مثل مجاهد والربيع بن أنس والضحاك أنه ( أعياد المشركين ) وقال عمرو بن مرة في تفسيره : (لا يمالئون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم).

  • عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله ﷺ المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما. فقال : ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله ﷺ: (إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر) رواه أبو داود وصححه الألباني.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يا أيها آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين … )

قلت ما أصغيتم إليه والله تعالى أسأل لي ولكم الثبات والتوفيق والعفو والمغفرة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله خلق النفوسَ فألهمها فجورَها وتقواها، أرشدها إلى هداها وحذَّرها من رداها، أحمده سبحانه وأشكره شكرَ من عرف نعمَه فرعاها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رضيتُ به ربًا وإلهًا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله أرفع الخلق قدرًا وأعظمهم جاهاً، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم تأوي كل نفس مأواها .

ومن الأدلة على تحريم مشاركة المسلمين للنصارى في أعيادهم :

ــ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (بُعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي، وجُعل الذلُّ والصغار على من خالف أمري، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم) رواه أحمد في مسنده وأبو داود في سننه وحسنه الحافظ ابن حجر وصححه الحافظ العراقي ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم”، وفي الحديث الآخر: (ليس منا من تشبه بغيرنا) رواه الترمذي . وقد تكاثر عن رسول الله  ﷺ قوله: ((خالفوا المشركين))، ((خالفوا المجوس))، ((خالفوا اليهود))، ((خالفوا أهل الكتاب))، و((من تشبه بقوم حُشر معهم)).

ـــ نقلَ الفقيه المغربيُّ ابنُ الحاج في كتابه المدخل، عن علماء المذهب المالكي أنه: “لا يَحِلُّ للمسلمينَ أن يبيعوا للنصارى شيئاً من مصلحةِ عيدِهمْ، لا لحْماً ولا إداماً ولا ثوباً… ولا يعانون على شيءٍ من دينهم. لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك. وهو قولُ مالكٍ وغيرهِ، لم أعلمْ أحداً اختلفَ في ذلكَ” .

ـــ وزد على هذه الأدلة كلها ما يرتكب في هذه الاحتفالات من أنواع الفجور من : تكسح الخمر ، والرقصات الماجنة ، والزنا ، وإيذاء الجيران …… وكل أنواع الإباحية في ساعة الصفر ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

عباد الله : فكيف يرضى المسلم أن يشاركهم في أعيادهم وهو يقرأ في كتاب الله عز وجل قول الله تعالى: ﴿مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مّنْ خَيْرٍ مّن رَّبّكُمْ﴾ البقرة:150.

كيف يفرح المسلم بعيد الكفار وهو يقـرأ في القـرآن قـول الباري جل وعز: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ إِيمَـٰنِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ البقرة:109.

كيف يجامل المسلم على حساب عقيدته ويشارك النصارى في شعائر كفرهم وهو يقرأ قول الله سبحانه: ﴿وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء﴾ النساء:89.

وما نراه في بلادنا من الاحتفالات الماجنة بأعياد النصارى كلها من فعلنا وفعل أولادنا ، بلد 90% من سكانه مسلمون ويسهر جميع أهاليه في ليالي أعياد النصارى ، وينتشر فيها جميع أنواع الفجور …. فأين الآباء ، وأين الأولياء ، وأين التربية ، وأين الوقاية  ﴿يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم …. ﴾ أين المسئولية وأين الرعاية ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) ، أين الغيرة على العقيدة وعلى الأعراض … فهل هذا الأب الذي لا يمنع أولاده من الاحتفال برأس السنة الميلادية، أو يشاركهم فيه، اتخذ لنفسه وقاية من النار؟

( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء …….. )

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطن باطلا وارزقنا اجتنابه …………………..والحمد لله رب العالمين .

 

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *