مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم الخطبة عنوان الخطبة معد الخطبة تاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
137 الدعاء: فضائل وآداب وأحكام د. علي بن عبد الرحمن الحذيفي خطيب الحرم المكي 26/04/1445هـ  الموافق 10/11/2023م الأمانة العامة

الموضوع: “  الدعاء .. فضائل وآداب وأحكام

 

الحمد لله، الحمد لله ربِّ الأرض والسماء، سميع الدعاء، يبدأُ بالنِّعم والآلاء، ويكشِفُ السوءَ والبلاء، أحمدُ ربي وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوثُ بالشريعة التامَّة الغرَّاء، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه السابقين إلى كل عملٍ مبرور، وسعيٍ مشكور.  أما بعد:

فاتقوا الله حقَّ تقواه؛ فمن تمسَّك بالتقوى جمع الله له الخيرَ في دُنياه وأُخراه، ومن جانبَ التقوى شقِيَ في عواقِب أموره وإن أقبلَت عليه دُنياه.

 

أيها المسلمون: لقد قدَّر الله أسبابَ كل خيرٍ وسعادةٍ في الدنيا والآخرة، وقدَّر أسبابَ كل شرٍّ في الدارَين، فمن أخذ بأسباب الخير والفلاح، ضمِنَ الله له صلاحَ دُنياه، وكان له في الآخرة أحسن العاقِبة مُخلَّدًا في جنات النعيم، فائزًا برِضوان الربِّ الرحيم،

ومن عمِل بأسباب الشرِّ، حصدَ جزاءَ عمله شرًّا في حياته وبعد مماته، قال الله تعالى: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ النساء: 123

ألا وإن من أسباب الصلاح والإصلاح والفلاح، وتتابُع الخيرات، وصرف النوازِل والعقوبات، ورفع المصائِب الواقعة و الكُرُبات : الدعاءَ بإخلاصٍ، وحضور قلبٍ، وإلحاح، فالربُّ – جل وعلا – يُحبُّ الدعاء ويأمر به.

والدعاءُ ينفع مما نزل ومما لم ينزِل، قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾  غافر: 60 .

والدعاءُ هو العبادة، كما في حديث النُّعمان بن بشيرٍ – رضي الله عنه -، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «الدعاءُ هو العبادة»؛ رواه أبو داود والترمذي، وقال: “حديثٌ حسنٌ صحيح”.

 

ولمنافِع الدعاء العظيمة شرعَه الله في العبادات المفروضة وجوبًا أو استِحبابًا، رحمةً من ربِّنا – سبحانه -، وتكرُّمًا وتفضُّلاً لنعمل بهذا السبب الذي علَّمَنا الله إياه، ولو لم يُعلِّمنا الدعاءَ لم نهتَدِ إليه بعقولنا،  فلله الحمدُ حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا فيه، كما يُحبُّ ربُّنا ويرضَى.

وتشتدُّ الحاجةُ إلى الدعاء دائمًا خاصَّةً في هذا العصر، مع تظاهُر الفتن وكثرتها، ونزول الكُرُبات بالمُسلمين، وظهور الفِرَق المُبتدِعة التي تُفرِّقُ صفَّ المُسلمين، وتستحلُّ الدماءَ والأموالَ المعصومة، وتجفُوا العلمَ وأهلَه، وتُفتِي بالجهل والضلال.

 

ولقد أثنَى الله على الذين يدعُونه، ويتضرَّعون إليه – عز وجل – إذا نزلَت بهم الخُطوب والشدائِد، قال الله تعالى عن أبوَيْ البشر – عليهما الصلاة والسلام -:  ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾   الأعراف: 23

وقال تعالى:   ﴿ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ  *  أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾   البقرة: 155- 157 ، وقال – عز وجل – عن يونس – عليه السلام -: ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾  الأنبياء: 87

وعن سعد بن أبي وقَّاصٍ – رضي الله عنه – قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «دعوةُ ذي النُّون إذ دعاه وهو في بطن الحُوت، لم يدْعُ بها رجلٌ مُسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجابَ الله له»؛ رواه أحمد والترمذي والحاكم، وقال: “صحيحُ الإسناد”.

ولما دعا النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – ثقيفًا إلى الإسلام، ردُّوا عليه دعوتَه، ورمَوه بالحجارة حتى أدمَت عقِبَيْه، فدعا ربَّه قائلاً: «اللهم أشكُو إليك ضعفَ قوَّتي، وقلَّةَ حيلَتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين….. لك العُتبَى حتى ترضَى، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلا بك».

فبالدعاء تُستقبلُ الشدائدُ والكُرُبات إذا لم يقدِر البشرُ على دفعها، عن ثوبان، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «لا يرُدُّ القدَرَ إلا الدعاء، ولا يزيدُ في العُمر إلا البرُّ، وإن الرجلَ ليُحرَم الرزقَ بالذنبِ يُصيبُه»؛ رواه ابن حبان في “صحيحه” والحاكم، وقال: “صحيحُ الإسناد”.

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم -:«إن الله تعالى يقول: أنا عند ظنِّ عبدِي بي، وأنا معه إذا دعاني» رواه البخاري ومسلم.

وكفَى بهذا ثوابًا وفضلاً أن يكون الله مع الداعي.

كما ذمَّ الله الذين يترُكون الدعاءَ عند نزول العقوبات، وتظاهُر الفتن والكُرُبات، قال الله تعالى:  ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ المؤمنون: 76 ،

وتركُ الدعاء في الكُرُبات إصرارٌ على الذنوب، واستِخفافٌ ببطشِ الله الشديد،

والدعاءُ سببٌ عظيمٌ لنزول الخيرات والبركات، ودفع الشرِّ أو رفعه عن الداعي.

والداعي أقوى الأسباب للخروج من الشرِّ الذي وقع، والمكروه الذي حجلَّ، قال الله تعالى:  ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ الأنبياء: 83-  84، وقال – سبحانه -: ﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾  الأنعام: 63

والمُسلمُ عليه أن يرغبَ إلى الله في إصلاح شأنه كلِّه، وأن يرفعَ إلى ربِّه حوائِجَه كلَّها، ويسألَه كلَّ شيءٍ، وأعظمُ مطلوبٍ الجنة والنجاة من النار، قال الله تعالى في الحديث القُدسيِّ: «يا عبادي! كلُّكم ضالٌّ إلا من هديتُه، فاستَهدوني أهدِكم، يا عبادي! كلُّكم جائعٌ إلا من أطعمتُه، فاستَطعِموني أُطعِمكُم، يا عبادي! كلُّكم عارٍ إلا من كسَوتُه، فاستَكسُوني أكسُكم، يا عبادي! إنكظ تُخطِئون بالليل والنهار، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعًا، فاستغفِروني أغفِر لكم»؛ رواه مسلم من حديث أبي ذرٍّ – رضي الله عنه -.

وكم دعوةٍ غيَّرَت مجرَى التاريخ من شرٍّ إلى خير، ومن حسنٍ إلى أحسن، قال الله تعالى عن أبينا إبراهيم – عليه الصلاة والسلام -: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾  البقرة: 129

ودُعاءُ النبي محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – سيِّد البشر وأصحابِه في بدرٍ، كان نصرًا للإسلام إلى الأبَد، وخِذلانًا للكفر إلى الأبَد، قال الله

ودعا النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – وألحَّ في الدعاء ببدرٍ حتى سقطَ رداؤُه، فالتَزَمه أبو بكرٍ من وراءِه – رضي الله عنه -، وقال: كفَى مُناشدتُك ربَّك يا رسول الله، فإن الله مُنجِزٌ لك ما وعدَك، فقال: «أبشِر يا أبا بكر، هذا جبريلُ – عليه السلام – يزَعُ الملائكة، على ثناياه النَّقْع».

ولم تُقاتل الملائكةُ مع نبيٍّ قبلَه، خُصَّ بذلك لكمال فضلِه – عليه الصلاة والسلام -، وقوَّة يقينه وتوكُّله على الله، وإخلاصِ أصحابِه – رضي الله تعالى عنهم -.

والدعاءُ بنصر الحقِّ ودحضِ الباطل نُصحٌ لله ولكتابه ولرسولِه ولأئمة المُسلمين وعامَّتهم، فلا يزهَدُ في الدعاء ولا يهجُرُه إلا من أضاعَ حظَّ نفسِه في الدنيا والآخرة، وأضاعَ ما يجبُ عليه للإسلام والمُسلمين،

ولو تتبَّعنا آثارَ الدعاء وبركاته وخيراته ونتائجَه العجيبة الطيبة، لطال السَّرْدُ، وحسبُنا ما أشرنا إليه.

وللدعاءِ شُروطٌ وآداب؛ فمن شروط الدعاء: أكلُ الحلال، ولُبس الحلال، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لسعد بن أبي وقَّاص: «يا سعد! أطِب مطعمَك تُستجَب دعوتُك».

ومن شروطه: التمسُّك بالسنَّة، والاستِجابةُ لله تعالى بفعلِ أوامره واجتِناب نواهِيه، فمن استجابَ لله استجابَ الله له، قال الله تعالى:  ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾    البقرة: 186،

وأما المظلُوم فيُستجابُ له ولو كان كافرًا أو مُبتدِعًا.

ومن شرط الدعاء: الإخلاصُ وحُضور القلب، والإلحاحُ على الله، وصِدقُ الالتجاء إلى الربِّ تعالى، قال – سبحانه  -: ﴿  فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾  غافر: 14 .

وفي الحديث: «لا يقبلُ الله الدعاءَ من قلبٍ ساهٍ لاهٍ غافلٍ».

ومن شروطه: ألا يدعُو بإثمٍ ولا قطيعة رحِم، وألا يعتدِيَ في الدعاء.

ومن أسباب إجابة الدعاء: الثناءُ على الله تعالى بأسمائِه الحُسنى وصفاته العُلى، والصلاةُ على النبي – عليه الصلاة والسلام -، وفي الحديث: أن رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – سمِع رجلاً يقول: اللهم إني أسألُك بأني أشهدُ أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلِد ولم يُولَد، ولم يكُن له كُفُوًا أحد، فقال: «لقد سألتَ اللهَ بالاسمِ الأعظَم الذي إذا سُئِل به أعطَى، وإذا دُعِيَ به أجاب»؛ رواه أبو داود والترمذي، وقال: “حديثٌ حسن”، وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث بُريدَة – رضي الله عنه -.

وفي حديثٍ آخر: «إن الدعاءَ مُعلَّقٌ بين السماء والأرض حتى يُصلَّى على النبي – صلى الله عليه وسلم -».

ومن آداب الدعاء وشروط قبوله: ألا يستعجِل الإجابة، بل يصبِرُ ويُداوِمُ على الدعاء، ففي الحديث: «يُستجابُ لأحدكم ما لم يعجَل، يقول: دعوتُ فلم يُستجَب لي»؛ رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.

 

وعلى المُسلم أن يتحرَّى أوقاتَ الإجابة، قيل لرسولِ الله – صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الدعاء أسمَع؟، قال: «جوفُ الليل الآخر، ودُبُر الصلوات المكتوبات»؛ رواه الترمذي، وقال: “حديثٌ حسن”، من حديث أبي أُمامة – رضي الله عنه -.

وبين الأذان والإقامة لا يُردُّ الدعاء، وفي الحديث: «أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِد، فأكثِروا الدعاءَ»؛ رواه مسلم من حديث أبي هريرة.

وعند رؤية الكعبة، وعند نزول الغيث، وعند الاضطرار، وبعد خَتم القرآن، وبعد الصدقة.

أُمِرنا بالعمل بمثل عمل الأنبياء والرسول ، وبمحبَّتهم والاقتِداء بهم، ونُهينَا عن دعائِهم،  والغائبُ والموتَى لا يستجيبُ أحدٌ منهم الدعاء؛ لأن الدعاءَ لا يقدِرُ على إجابته إلا الله – عز وجل -، قال – سبحانه -:  ﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾

وفي الحديث: «من ماتَ وهو يدعُو من دون الله نِدًّا دخل النار»؛ رواه البخاري من حديث ابن مسعودٍ – رضي الله عنه -.

أيها المسلم:  هذا كتابُ الله تعالى، وأحاديثُ رسولِه – صلى الله عليه وسلم – تُبيِّنُ لك أن الدعاءَ هو العبادة، وأنه يختصُّ بالله – عز وجل -، وهو حقُّه على العباد، لا يُصرَفُ إلا لله؛ فمن أشركَ مع الله أحدًا في الدعاء فهو مُشرِكٌ شِركًا أكبر.

ولا يُقلِّد أحدٌ أحدًا في الضلال والشرك، فما وقعَ الشركُ والكفرُ في بني آدم إلا بالتقليد، واتباع الضالِّين المُشرِكين،

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، وبهديِ سيِّد المرسلين وقوله القويم، أقولُ قولي هذا وأستغفِرُ الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله الرحمن الرحيم، العزيز الحكيم، له الأسماءُ الحُسنى والصفاتُ العُلى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له العليُّ الأعلى، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المُجتبَى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبِه الأتقِياء.  أما بعد:

فاتَّقُوا الله تعالى يُصلِح لكم الأعمال، ويجعَلكم من الفائزين في الحال والمآل.

عباد الله: كُونوا إلى الله راغِبين، ولدُعائِه مُداوِمين، فما خابَ من دعاه، ولا حُرِم من رَجاه، وكلُّ إنسانٍ له حاجاتٌ مُتجدِّدة، ومطالِبُ في كل وقتٍ مُتعدِّدة، فليسأَل كلُّ أحدٍ ربَّه ما يعلمُه خيرًا له، وليستعِذ بالله مما يعلمُه شرًّا.

وأعظمُ سُؤلٍ هو رِضوانُ الله والجنة، وأعظمُ ما يُستعاذُ منه هو النار.

وليُلِحَّ المُسلمُ على ربِّه في المطلَبِ الذي يهمُّه، فالله غنيٌّ حميدٌ كريم، جوادٌ عظيمٌ قادِر، قال الله تعالى في الحديث القُدسيِّ: «يا عبادي! لو أن أولَكم وآخرَكم، وإنسَكم وجنَّكم، قاموا في صعيدٍ واحدٍ، فسأَلوني فأعطيتُ كلَّ واحدٍ منهم مسألتَه ما نقصَ ذلك مما عندي إلا كما ينقُصُ المِخيَطُ إذا أُدخِلَ البحر»؛ رواه مسلم من حديث أبي ذرٍّ – رضي الله عنه -.

وفي الحديث: «من لم يسأل اللهَ يغضَب عليه».

ويُستحبُّ للمُسلم أن يتخيَّر جوامِع الدعاء الوارِد عن النبي – صلى الله عليه وسلم -؛ كقوله تعالى:  ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾   البقرة: 201، وكان النبي يدعُو بها كثيرًا.

ومثلُ: اللهم إني أسألُك الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عمل، وأعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل.

عباد الله:  ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ ، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا»

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *