مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
153

الستر فطرة والحجاب فريضة

د. خالد بن حسن المالكي 20 /08 /1445هـ  الموافق 01/03 /2024م الأمانة العامة

 

الموضوع: ” الستر فطرة والحجاب فريضة 

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران 102.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ النساء 1.

 ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا  *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب70  ، 71. 

 

أما بعد:

فالسترُ فِطْرَةٌ، والحجاب فريضة، فرض الله تعالى الحجاب لحكمة عظيمة، وفوائدَ جسيمةٍ، الحجاب عبادة فيها السعادة، وراحة تُنسِي كل راحة.

فرض الله تعالى الحجاب؛ ليستر المرأة عن الأجانب، ليحميها من ذئاب البشر؛ أعداء العفاف والطهر، ليحفظها من أعين الماكرين الخائنين، ويرفعها عن مستنقعات العار، وأوحال الرذيلة

 

حجب الله تعالى المرأة عن الرجال الأجانب؛ كي تبقى دُرَّةً غالية، وجوهرةً مصونة، لا تعبث بها يد السارق، ولا تَطُولها عين الغادر

حجب الله تعالى المرأة عن الرجال الأجانب؛ لتبقى عزيزةً نظيفة، عفيفةً شريفة، يتمناها التقي، ويخشاها الشقيُّ.

إن الأتقياء الأنقياء الشرفاء لَيفتخرون بكل فتاة محجبة، ويعتزون بحجابها، ويحرصون على أن تكون زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم كذلك

فالحجاب عزة ووقار، وفخر للرجل والمرأة معًا، ولم يكن يومًا منقصةً أو ذلًّا، فالله تعالى أعزَّ المرأة بالحجاب، وصانها بالخِمار، وحفظها بالغطاء.

 

أحبتي الكرام:

تأملوا – رحمكم الله وغفر لكم – كيف بدأ الله تعالى بزوجات وبنات النبي ؛ بدأ سبحانه بالعفيفات الطاهرات، الصالحات الزاهدات، أمرَهُنَّ سبحانه بالحجاب والجلباب، ونهاهن عن التكشُّف والتبرج، وهن أمهات المؤمنين، وسيدات نساء أهل الجنة، ومن أُمِرْنَ بالتحجب والتستر عنهم؟ هم صحابة رسول الله ؛ أصحاب القلوب الطاهرة، والنفوس العفيفة؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ الأحزاب 59. قال ابن عباس رضي الله عنهما: “أمر الله نساء المسلمين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب”، فإذا كان هذا الأمر متوجهًا ابتداء لصفوة الصفوة من قرون هذه الأمة، فما ظنُّكِ – أختي الكريمة – بزمان أصبح كثيرٌ من أهله يقضون ساعاتٍ طوالًا أمام قنوات الفساد والدمار، تشبعت قلوبهم بحب الشهوات والمنكرات، والذي نفسي بيده، إن الأمر بالحجاب لَيشتد ويغلظ في أزمنة الفتن، وضعف الإيمان، وإن مسؤوليتكِ – أختي الكريمة – أمام الله تعالى عظيمة؛ لأنكِ – في الحقيقة – موضع فتنة؛ قال النبي (ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء)،  وقال النبي : (المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) أي: تطلع إليها الشيطان، فزيَّنها للناس، ورفع البصر إليها؛ ليُغويَها أو يغوي بها غيرها، فيُوقِع أحدهما أو كليهما في الفتنة، فالحرب ضدكِ – أختي الكريمة – تدور، أنتِ الهدف والغاية؛ لأن صلاحك صلاح الأمة، وفسادكِ فسادها.


أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه؛

أما بعد:

فيا معاشر الكرام:

يجب على المرأة ستر بدنها كله أمام الرجل الأجنبي، بما في ذلك الوجه والكفان، وحُكِيَ اتفاق المسلمين على ذلك، لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره؛ قال الجويني: “اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج والسفور، وترك التنقُّب”، وأقره الرافعي والنووي، وقال ابن رسلان والسهارنفوري الحنفي: “اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفُسَّاق، وكثرة الفساد وظهوره”، وللأسف، كثير من النساء اليوم لا يلتزمن بالحجاب الشرعي، وبعض من يلتزم منهن بتغطية الوجه، يتساهلن في كشف الكفَّينِ والساعدين، وما حول العينين.

 

تذكّري – يا أختاه – أن الحجاب عبادة وليس بعادة، أمركِ الله تعالى بالتعبد به، وليس لأحدٍ كائنًا من كان تغيير أحكام الله تعالى، ولا خيار للمسلمة في هذا الأمر؛ قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ الأحزاب 36.

 

أختاه، يا من نطق فمكِ  ب (لا إله إلا الله)، وأيقن قلبكِ بها، وعمِلت جوارحكِ بمقتضاها أكملي دينكِ بحجابكِ، ولا تنظري لحثالة البشر، وأتباعهم، فما يُمْلُون عليكِ إلا ذنوبًا وعارًا، تتلطخين بها في دنياكِ وأخراكِ، وهنا نذكركِ أخيتي بشروط الحجاب الشرعي:

أولًا:  أن يكون ساترًا لجميع البدن.

 ثانيًا: أن يكون فضفاضًا، لا شفافًا، ولا معطرًا، ولا واصفًا.

 ثالثًا: ألَّا يكون به ما يزينه من الفصوص، والكريستالات، وغير ذلك مما يجعله لبس زينة، واحتسبي الأجر – يا أختاه – عند الله تعالى، كلما أردتِ لُبْسَ العباءة الساترة؛ قال تعالى:  ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ النساء 69، 70.

يا أختاه نناشدكِ أن تحافظي على ما أُمِرْتِ به من الحجاب؛ وتلتزمي قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ النور 31

وقوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ الأحزاب 33.

فبادري – أختي الكريمة – بالتمسك بالشريعة الغرَّاء، قبل أن يكون يومٌ لا دينار فيه ولا درهم، وإنما هي الحسنات والسيئات، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا، وترحمنا.


اللهم احفظنا واسترنا، رجالًا ونساء، أحياء وأمواتًا، اللهم أحينا على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتوفَّنا على مِلَّتِه، وأعِذْنا من مضلات الفتن.

اللهم وفِّق أولي الأمر منا لكل طاعة وبر وإحسان، وجنِّبهم كل معصية وطغيان وكفران.

يا رب ولِّ على المسلمين خيارهم، واصرف عنهم شرارهم.

﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَوَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الصافات: 180 – 182

 

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *