مشروع خطب الجمعة في إفريقيا
رقم عنوان الخطبة معد الخطبة التاريخ المقترح لإلقاء الخطبة المراجعة والنشر
154 كيف نستقبل رمضان؟ د. عثمان صالح تروري  ـــ عضو الاتحاد في مالي 27 /08 /1445هـ  الموافق 08/03 /2024م الأمانة العامة

 

الموضوع: ” كيف نستقبل رمضان؟”

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، امتنَّ على عباده المؤمنين فهداهم للإسلام، وأتاح لهم أوقات الفضائل ومواسم العبادة ليتزودوا من الأعمال الصالحة، ويتوبوا إلى ربهم من الأعمال السيئة، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل المخلوقات، صلاة ربي وسلامه الأتمان الأكملان عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم تطاير صحف المؤمنين بالحسنات .

أما بعد : فاتقوا الله -رحمكم الله- وبادروا آجالكم بأعمالكم، واستعدوا للرحيل فقد جد بكم، فربكم لم يخلقكم عبثاً، ولم يترككم سدىً، وتزودوا من دنياكم ما تحرزون به أنفسكم غداً، فرحم الله عبداً اتقى ربه، ونصح نفسه، وقدم توبته، وغلب شهوته، وباع دنياه لآخرته فربح بهما فإن لكم موعداً لن تُخلَفوه، وموقفاً بين يدي ربكم لا بد أن تقفوه، ولسوف تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، ثم توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون   ]فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى [  النازعات  37- 40

 

أيها المؤمنون: إنكم في الجمعة الأخيرة من شهر شعبان، ولنا اليوم سبع وقفات تتمة لوقفات استقبال شهر رمضان المبارك، وذلك كالآتية:

الوقفة الأولى/ التخطيط الجيد للاستفادة من رمضان، لأنه موسم الطاعات صياما وتفطيرا وقياما وصدقة واعتكافا وعمرة وذكرا وقراءة وبرا للوالدين وصلة للأرحام …موسم يتضاعف فيه الحسنات، فعلى العاقل أن يخطط لنفسه فيه حتى يغتنمه فإنه فرصة لا تتكرر في العام إلا مرة فاستغلوها بما يرضي الله عنكم قبل أن ترحل أو ترحلوا (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ) آل عمران.

الوقفة الثانية/العزيمة الصادقة وتهيئة الوسائل اللازمة لتنفيذ الخطة، قال صلى الله عليه وسلم ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) الحديث .البخاري، و عن أبي كبشة عمرو بن سعدٍ الأنماريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله :(( إنما الدّنيا لأربعة نفَر: عبدٍ رزقه الله مالاً وعلمًا، فهو يتّقي اللهَ ويصِل فيه رَحِمه ويَعلَم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبدٍ رَزَقه الله علمًا ولم يرزُقه مالاً، فهو صادِق النية يقول: لو أنَّ لي مالاً لعمِلتُ بعمَل فلان، فهو نيّته فأجرهما سواء، وعبدٍ رزَقَه الله مالا ولم يرزقه عِلمًا، فهو يخبِط في ماله بغيرِ عِلم، لا يتّقي فيه ربَّه ولا يصِل فيه رحِمه ولا يعلَم لله فيه حقًّا، فهذا بأخبَثِ المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علمًا، فهو يقول: لو أنَّ لي مالاً لعمِلت فيه بعمل فلان، فهو نيّتُه فوِزرُهما سواء)) رواه الترمذي وقال: “حديث حسن صحيح وحسنه الألباني .

الوقفة الثالثة/ التفقه في أحكام الصيام، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ وَلَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُون)) رواه البخاري.

الوقفة الرابعة/ إخلاص النية وتجديدها وتجريدها من الشوائب قبل الإقبال على الطاعات، ]وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ  [ البينة 05.  وعن أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَالَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ) رواه النسائي، قال الألباني حسن صحيح. ويقول ابن المبارك: ((رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية))

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا))

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه الغفور الرحيم.

 

الخطة الثانية

الحمد لله على نعمائه، والشكر له على امتنانه، والصلاة والسلام على أفضل رسله

الوقفة الخامسة/الحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأعمال وهو أيضا شرط في قبول العمل، قال تعالى:  ]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [ الأحزاب 21

)) وقال صلى الله عليه وسلم:(( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ )) رواه البخاري

الوقفة السادسة/عدم تقديم رمضان  بصيام يوم أو يومين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ ) البخاري رقم ( 1781 ).  وعَنْ صِلَةَ بن زفر قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَمَّارٍ رضي الله عنه فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ فَقَالَ كُلُوا فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ قَالَ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عَمَّارٌ مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)). رواه النسائي.

الوقفة السابعة/بدء الصيام بثبوت الشهر بالرؤية أو بالإتمام لما رواه البخاري عن مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ ) البخاري رقم ( 1786 )

ويثبت الشهر على الراجح في قول جمهور العلماء برؤية مسلم واحد عدل ذكر -وفي شهادة المرأة قولان- فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنها قَالَ: تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ ) رواه أبوداد في باب شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان، وصححه الألباني، وكذا الدار مي في سننه.

وأما اختلاف المطالع فهو ثابت حسا وعقلا، وقد بات موضع خلاف بين العلماء سلفا وخلفا ولكل أدلته، وقد عرضت هذه المسألة على اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية، فأفاد بثبوت الخلاف بين العلماء وأن هذا الأمر متروك لولاة الأمور فما اختاروه من المذهبين فعلى الرعية طاعتهم، لما في ذلك من حفاظ على وحدة الأمة في البلد وتجنب الفرقة في صفوف المسلمين.

فاتقوا الله عباد الله , وارغبوا إليه , وأحسنوا تضييف ضيفه الكريم إليكم , وجدوا في طلب مرضاته  , ولا يعترينكم فتور ولا ملل في سبيل ذلك , استفرغوا الوسع في طلب جناته والنجاة من عذابه , ووليكن همكم أن تسمعوا الخطاب الرباني :(اليوم أحل عليكم رضاي فلا اسخط عليكم أبداً). وصلوا وسلموا على النذير البشير , صاحب الوجه الأنور , والجبين الأزهر, وعلى زوجاته أمهات المؤمنين وصحابته.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *